هل الكلام بين المخطوبين يبطل الصيام

هل الكلام بين المخطوبين يبطل الصيام؟ وما حكم صيام من تكلم مع خطيبته في رمضان، فالله -سبحانه وتعالى- خلق الناس وجعلهم شعوبًا وقبائل، وجعل لكلٍّ عبدٍ منهم زوجًا يسكن إليها، وقد سنّ الله -سبحانه وتعالى- الزواج لحكمةٍ بالغةٍ منه، ولكنّ هذا الزواج تمّ ضبطه بضوابط وأحكام شرعية متكاملة ليكون رابطةً مقدسة، وفي رمضان تحديدًا على المسلم أن يراعي الأحكام الشرعية بينه وبين مخطوبته وبينه وبين زوجته، ومن خلال موقع المرجع سيتم بيان حكم الكلام بين الخاطبين أثناء الصيام.

حكم مكالمة الخطيبة أثناء الصيام

لا يجوز للخاطب أن يكلّ خطيبته بغير حاجة وضرورة فهي أجنبيةٌ عنه ما لم يعقد عليها سواءً في صيام، وفي غير صيام، وقد ذكر الشيخ ابن باز -رحمه الله- في هذه المسألة قال: “لا نعلم حرجاً في الكلام بين الخاطب والمخطوبة إذا كان كلاماً بريئاً لا يجر إلى شر، وإنما يقصد منه التعرف منه عليها، ومنها عليه لا بأس في هذا، تسأله عن حاله وعن أعماله وعن ديانته ونحو ذلك، وهو يسألها عن مثل ذلك لقصد التوثق من الإقدام على هذا النكاح فلا حرج في هذا، أما إن كان القصد سوى ذلك من التمتع بصوته وصوتها أو المواعيد التي قد تجر إلى الفاحشة فهذا لا يجوز، فالواجب على الخاطب والمخطوبة أن يتحريا الشيء الذي لا بد منه في المخاطبة للتعرف فقط، أما ما يخشى منه الفتنة فالواجب اجتنابه”.[1]

شاهد أيضًا: مبطلات الصيام في رمضان بين الزوجين ابن باز

هل الكلام بين المخطوبين يبطل الصيام

لا يحل للخاطب أن يكلّم خطيبته لا أثناء الصيام ولا في غير صيام ما لم يعقد عليها، وذلك أنّها أجنبيّةٌ عنه، أما لو فعل أثناء صيامه فصيامه صحيح، فالخاطب أجنبي عن مخطوبته حتى يعقد عليها، فلا يحلّ له لا النظر إليها ولا لمسها، ولا الحديث معها إلا لحاجة، على أن يتمّ الحديث دون الخضوع في القول، أو التلفظ بكلام يأباه الشرع، فالخاطب كغيره من الرجال بالنسبة للمرأة بغير عقد، وقد ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنّه قال: “إنَّ اللهَ تعالى كتب على ابنِ آدمَ حظَّه من الزنا أدرك ذلك لا محالةَ، فزنا العينِ النظرُ، وزنا اللسانِ المنطقُ، والنفس تمنَّى وتشتهي، والفرج يُصَدِّقُ ذلك أو يُكذِّبُه”.[2] فالأفضل للمسلم أن لا يحادث مخطوبته أبدًا لا في رمضان ولا في غير رمضان حتى يتمّ العقد، ذلك أسلم له، وأبعد له عن الشبهات، ومن الجدير بالذكر أنه لو وقع حديث مجرد عن الشهوة، أو فيه شهوة أثناء الصيام فهو لا يبطل الصوم والله ورسوله أعلم.[3]

شاهد أيضًا: هل صوت المرأه يجرح الصيام

الكلام المجرد عن الشهوة بين الخطيبين لا يبطل الصيام

من المهم للمسلم أن يعلم أنّ الرجل لا يزال أجنبيًا عن خطيبته ما لم يعقد عليها، وهي قبل العقد كسائر الأجنبيات، فلا يحل له الكلام معها إلا لحاجة وضرورة قصوى، ولا يحلّ له النظر إليها ولا لمسها ولا مصافحتها ولا الحديث معها بالغزل وغيره، أما لو حدث وتكلم معها بضوابط شرعية فإنّ حديثه لا يبطل الصيام، ومن بين هذه الشروط أن يكون الكلام بلا خلوة، وأن يكون بموضوعٍ مباح، وأن تؤمن الفتنة منه فلا تتحرك شهوته به، وأن لا تخضع المرأة بالقول، وأن تكون الخطيبة بكامل الحجاب والحشمة، وأن يخاطبها من وراء الباب، وأن لا يزيد هذا عن قدر الحاجة، فلو تحققت هذه الشروط والضوابط جاز له الحديث معها ولا يفسد بذلك صيامه، ولو كان التجاوز في حال الصيام، فإنه يؤثر على الصائم بالنقص ويكون أسوأ ما يكون من الإثم لحصوله في زمنٍ فاضل والله ورسوله أعلم.[4]

شاهد أيضًا: حكم من جامع زوجته بعد الفجر في رمضان

الأفعال العاطفية بين الخاطبين هل يؤثر على الصوم؟

مع مسألة هل الكلام بين المخطوبين يبطل الصيام، فإنّ أهل العلم بينوا أنّه لا يجوز للخاطب بغير عقد أن يلمس خطيبته أو ينظر إليها بشهوة، أو أن يحدثها بأمور الحب ونحوه ما لم يعقد عليها فذلك محرم، وللصائم أن يتبادل مع زوجته التي عقد عليها كلمات الحب والحنان، ويباح له الأفعال العاطفية كالتقبيل والعناق ومسك اليد، بشرط أن يكون وتكون ممن يملك نفسه، ويضبط شهوته، فالنبي صلى الله عليه وسلم كان يقبل وهو صائم وكان يباشر وهو صائم، لكنّه كان عليه الصلاة والسلام أملك الناس لأربه، وقد ذكر الشيخ ابن باز رحمه الله قوله في هذه المسألة: “تقبيل الرجل امرأته ومداعبته لها ومباشرته لها بغير الجماع وهو صائم ، كل ذلك جائز ولا حرج فيه ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبِّل وهو صائم ويباشر وهو صائم . لكن إن خشي الوقوع فيما حرم الله عليه لكونه سريع الشهوة ، كره له ذلك ، فإن أمنى لزمه الإمساك والقضاء ولا كفارة عليه عند جمهور أهل العلم . أما المذي فلا يفسد به الصوم في أصح قولي العلماء ، لأن الأصل السلامة وعدم بطلان الصوم ، ولأنه يشق التحرز منه والله ولي التوفيق”.[5]

عبارات الحب والغزل هل تبطل الصيام

إنّ عبارات الحب والغزل لا تفسد الصيام ولا تبطله، وكلمات الحب بين الأزواج أو العاقدين، لا حرج فيها بل هي مستحبة في كلّ وقت وكل حين، ولكنّ كثير من أهل العلم من قالوا أنّ تركها أولى ذلك حتى لا يقع المسلم في المحظورات والمحذورات في صيامه،  فمن كان لا يأمن على نفسه من الوقوع بالمحظورات فالأولى له أن يترك هذه الأمور، والرجل لو غازل زوجته بعبارات الحب وغيرها جاز له ذلك لكم لو أمنى من غير قصد فلا يبطل صيامه والصوم لا يبطل بذلك في الصحيح في قول أهل العلم.[6]

إلى هنا نكون قد وصلنا لنهاية مقال هل الكلام بين المخطوبين يبطل الصيام، والذي بيّن عديد الأحكام الشرعية الهامة التي تبيّن علاقة الخاطب بخطيبته، وتبيّن حكم الصيام وصحته في حال وقع الحديث بينهما.

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *