شرح قصيدة أبو العلاء المعري يرثي فقيها

شرح قصيدة أبو العلاء المعري يرثي فقيها هو ما سوف نتعرف عليه، حيثُ يعد الشاعر أبو العلاء المعري من أعظم الشعراء العرب، وقد اشتهرت له العديد من القصائد منها قصيدته في رثاء الفقيه، وسوف يقدم موقع المرجع تعريفًا حول أبي العلاء المعري، وسوف نتعرف على شرح قصيدة أبي العلاء المعري التي يرثي فيها فقيهًا وعلى خصائص شعر المعري وغير ذلك.

أبو العلاء المعري

الشاعر والفيلسوف العربي الشهير أبو العلاء المعري، هو شاعر من مدينة معرة النعمان في سوريا، تعود أصوله إلى أسرة بني سليمان، والتي تعود إلى قبيلة تنوخ، وكان جده أول قاض في مدينة المعرة، فقد المعري بصره وهو في الرابعة من عمره بسبب مرض الجدري، وراح يقرأ الشعر في سن الحادية عشرة من عمره، ثمَّ انتقل إلى حلب من أجل الدراسة، فدرس علوم الأدب واللغة والتفسير والحديث والفقه والشعر، وكان بعض أهله فقهاء وشعراء وقضاة، كما درس النحو على تلامذة ابن خالويه، وقد دلَّت أشعاره على أنَّه كان عالمًا بالمذاهب والأديان وعقائد الفرق والتاريخ وغير ذلك، فبدأ بنسج الشعر وهو ابن 11 سنة.[1]

اقرأ أيضًا: كلمات قصيدة قم للمعلم وفه التبجيلا كاد المعلم ان يكون رسولا احمد شوقي

شرح قصيدة أبو العلاء المعري يرثي فقيها

تعدُّ قصيدة أبي العلاء المعري التي يرثي فيها أحد أصدقائه وهو الفقيه الحنفي أبو حمزة، وهي قصيدة طويلة يعبر فيها المعري عن أفكاره حول الحياة والموت، ويرسم فلسفته حول ذلك بدقة وبأسلوبه المتميز في الشعر دون زخرفة مبالغ فيها ودون خيال لا يخدم النص، وفيما يأتي سيتم ذكر أبيات القصيدة مع الشرح على شكل مقاطع:

غَيْرُ مُجْدٍ في مِلّتي واعْتِقادي
نَوْحُ باكٍ ولا تَرَنّمُ شادِ
وشَبِيهٌ صَوْتُ النّعيّ إذا قِي
سَ بِصَوْتِ البَشيرِ في كلّ نادِ
أَبَكَتْ تِلْكُمُ الحَمَامَةُ أمْ غَنْ
نَت عَلى فَرْعِ غُصْنِها المَيّادِ
صَاحِ هَذِي قُبُورُنا تَمْلأ الرُّحْ
بَ فأينَ القُبُورُ مِنْ عَهدِ عادِ
خَفّفِ الوَطْء ما أظُنّ أدِيمَ ال
أرْضِ إلاّ مِنْ هَذِهِ الأجْسادِ
وقَبيحٌ بنَا وإنْ قَدُمَ العَهْ
دُ هَوَانُ الآبَاءِ والأجْدادِ
سِرْ إنِ اسْطَعتَ في الهَوَاءِ رُوَيداً
لا اخْتِيالاً عَلى رُفَاتِ العِبادِ
رُبّ لَحْدٍ قَدْ صَارَ لَحْداً مراراً
ضَاحِكٍ مِنْ تَزَاحُمِ الأضْدادِ
وَدَفِينٍ عَلى بَقايا دَفِينٍ
في طَويلِ الأزْمانِ وَالآباءِ

يبدأ الشاعر أبو العلاء المعري القصيدة في الإشارة إلى الدنيا دار فناء ولا ينفع فيها فرح ولا حزن ولا زهو ولا نحيب ولا سرور فكله مكتوب على الإنسان، والإنسان ليس خالدًا في هذه الدنيا، وتعدُ هذه المقدمة معبرة عن فلسفة المعري التي كان يؤمن بها،  ثم يتوجه إلى الحمائم بالخطاب طالبًا منها البكاء لرثاء صديقه، ثم يخاطب من يفاخرون بالدنيا قائلًا أنَّ كل شيء مصيره إلى الزوال ضاربًا أمثلة شهيرة على ذلك، ويطلب منهم الخشوع أمام الموت الذي شير على فكرة الفناء المؤكد.

فاسْألِ الفَرْقَدَينِ عَمّنْ أحَسّا
مِنْ قَبيلٍ وآنسا من بلادِ
كَمْ أقامَا على زَوالِ نَهارٍ
وَأنارا لِمُدْلِجٍ في سَوَادِ
تَعَبُ كُلّها الحَياةُ فَما أعْ
جَبُ إلاّ مِنْ راغبٍ في ازْديادِ
إنّ حُزْناً في ساعةِ المَوْتِ أضْعَا
فُ سُرُورٍ في ساعَةِ الميلادِ
خُلِقَ النّاسُ للبَقَاءِ فضَلّتْ
أُمّةٌ يَحْسَبُونَهُمْ للنّفادِ
إنّما يُنْقَلُونَ مِنْ دارِ أعْما
لٍ إلى دارِ شِقْوَةٍ أو رَشَادِ

ويشير في هذه الأبيات إلى أنَّ الحياة كلها مكان تعب وضنك وعذاب، فلا يجب أن يطلَب منهم البقاء، ويوازن الشاعر  بين مشاعر الإنسان عند الولادة وعند الموت، ويرى أخيرًا أن مشاعر الحزن عند فاجعة الموت أكبر من مشاعر الفرح عند حادثة الولادة، وهذه الفكرة تجسد أفكار القصيدة كلها، ويشير أخيرًا إلى الإنسان يجب أن يكون عمله صالحًا لأنه سوف ينتقل إلى دار البقاء في الآخر.

ضَجْعَةُ المَوْتِ رَقْدَةٌ يُستريحُ ال
جِسْمُ فيها والعَيشُ مِثلُ السّهادِ
أبَناتِ الهَديلِ أسْعِدْنَ أوْ عِدْ
نَ قَليلَ العَزاءِ بالإسْعَادِ
إيه للّهِ دَرّكُنّ فأنْتُنّ اللْ
لَوَاتي تُحْسِنّ حِفْظَ الوِدادِ
ما نَسيتُنّ هالِكاً في الأوانِ ال
خَالِ أوْدَى مِنْ قَبلِ هُلكِ إيادِ
بَيْدَ أنّي لا أرْتَضِي مَا فَعَلْتُنْ
نَ وأطْواقُكُنّ في الأجْيَادِ
فَتَسَلّبْنَ وَاسْتَعِرْنَ جَميعاً
منْ قَميصِ الدّجَى ثيابَ حِدادِ
ثُمّ غَرِّدْنَ في المَآتِمِ وانْدُبْ
نَ بِشَجْوٍ مَعَ الغَواني الخِرادِ
قَصَدَ الدهر من أبي حَمزَةَ الأوْ
وَابِ مَوْلى حِجىً وخِدن اقتصادِ
وفَقيهاً أفكارُهُ شِدْنَ للنّعْ
مانِ ما لم يَشِدْهُ شعرُ زِيادِ
فالعِراقيُّ بَعْدَهُ للحِجازِىْ
يِ قليلُ الخِلافِ سَهْلُ القِيادِ
وخَطيباً لو قامَ بَينَ وُحُوشٍ
عَلّمَ الضّارِياتِ بِرَّ النِّقَادِ
رَاوِياً للحَديثِ لم يُحْوِجِ المَعْ
رُوفَ مِنْ صِدْقِهِ إلى الأسْنادِ
أَنْفَقَ العُمرَ ناسِكاً يَطْلُبُ العِلْ
مَ بكَشْفٍ عَن أصْلِهِ وانْتِقادِ
مُستَقي الكَفّ مِنْ قَليبِ زُجاجٍ
بِغُرُوبِ اليَرَاعِ ماءَ مِدادِ
ذا بَنَانٍ لا تَلْمُسُ الذّهَبَ الأحْ
مَرَ زُهْداً في العَسجَدِ المُستَفادِ

وَدِّعا أيّها الحَفيّانِ ذاكَ الشْ
شَخْصَ إنّ الوَداعَ أيسَرُ زَادِ
واغْسِلاهُ بالدّمعِ إنْ كانَ طُهْراً
وادْفِناهُ بَيْنَ الحَشَى والفُؤادِ
واحْبُوَاهُ الأكْفانَ مِنْ وَرَقِ المُصْ
حَفِ كِبْراً عن أنْفَسِ الأبْرادِ

في هذه الأبيات ينتقل الشاعر إلى رثاء صديقه الفقيه، مشيرًا إلى أن الإنسان يستريح بالموت من تعب الحياة التي تزيده همًّا وتعبًا، ويذكر مناقب الفقيه مثل علمه الواسع وزهده وعبادته وغير ذلك، وكيف أنه قضى عمره في طلب العلم والتعليم، وأنه كان خطيبًا بليغًا وصادقًا، ويطلب من الذي يدفنه أن يكفنه بورق المصحف وذلك للتأكيد على ورعه وتقواه وصلاحه، ثمَّ يتابع في أبيات القصيدة في رثاء صديقه بشكل مفصل ذاكرًا الكثير عنه.

فَعَزيزٌ عَليّ خَلْطُ اللّيالي
رِمَّ أقدامِكُمْ بِرِمّ الهَوَادي
كُنتَ خِلّ الصِّبا فلَمّا أرادَ ال
بَينَ وَافَقْتَ رأيَهُ في المُرادِ
ورأيتَ الوَفاءَ للصّاحِبِ الأوْ
وَلِ مِنْ شيمَةِ الكَريمِ الجَوادِ
وَخَلَعْتَ الشّبابَ غَضّاً فَيا لَيْ
تَكَ أَبْلَيْتَهُ مَعَ الأنْدادِ
فاذْهَبا خير ذاهبَينِ حقيقَيْ
نِ بِسُقْيا رَوائِحٍ وَغَوَادِ
ومَراثٍ لَوْ أنّهُنّ دُمُوعٌ
لمَحَوْنَ السّطُورَ في الإنْشادِ
زُحَلٌ أشرَفُ الكَواكبِ داراً
مِنْ لِقاءِ الرّدَى على ميعادِ

ثمَ يذكر مكانة الفقيد بالنسبة إليه، وكيف كان خلًّا وصديقًا في الصبا والشباب، وهو صاحبه الوفي الذي غادر الدنيا في زهرة شبابه، ثمَّ يصف المعري حزنه الشديد على صديقه ويدعو له بالسقيا والرحمة على عادة الشعراء القدماء عند العرب.

شاهد أيضًا: ما اسم كاتب النشيد الوطني السعودي

خصائص شعر أبي العلاء المعري

كان أبو العلاء المعري من الشعراء الذي يمتلكون موهبة فريدة من نوعها في قدرته على التحكم بالمفردات والتراكيب وصياغة البيت الشعري وكأنه قاموس لغوي في اللغة العربية، وتميز شعر أبي العلاء المعري بالعديد من الخصائص أهمها:

  • الثقافة الواسعة التي ميزت شعر أبي العلاء عن غيره من الشعراء والتي تنم عن عبقريته ونبوغه.
  • تميز المعري بامتلاك شوارد اللغة العربية وتطويعها.
  • الإحاطة باللغة العربية والقدرة على التصرف فيها.
  • التميز بتراكيب خاصة به ويتميز ببنية لغوية ومتميزة.
  • وجود غريب اللغة  العربية من الألفاظ.
  • التعقيد في الأفكار والتشعب إلى درجة كبيرة تشير إلى فلسفة عظيمة عند المعري.
  • جزالة الأسلوب متانة السبك والتراكيب والسهولة والبيان.
  • الجمال الموسيقي الذي اهتمَّ به المعري في شعره.
  • وجود ظاهرة التصريع والتقطيع الموسيقي الذي يزيد موسيقى الشعر جمالًا.
  • قوة في الأسلوب وجمال في الجرس الموسيقي.

اقرأ أيضًا: قصيدة ابن الذيب الجديدة

الأفكار الرئيسة في قصيدة أبو العلاء المعري يرثي فقيها

فيما يأتي سيتم إدراج الأفكار الرئيسية التي تحتوي عليها قصيدة أبي العلاء المعري والتي يرثي فيها صديقه الفقيه، وهي كما يأتي:

  • عدم الفرق بين الموت والحياة طالما أن الفناء مصير الجميع.
  • لا داعي لاغترار الناس بالدنيا لأنها دار هلاك وليس دار خلود.
  • إن هلاك وفناء الأمم السابقة دليل على الهلاك المحتوم.
  • الحساب آت لا محالة في الآخرة ويجب على الإنسان أن يتجهز لذلك اليوم.
  • إن الموت في النهاية راحة من تعب الدنيا.

في نهاية مقال شرح قصيدة أبو العلاء المعري يرثي فقيها تعرفنا على نبذة مختصرة عن أبي العلاء المعري وعلى شرح قصيدة أبي العلاء المعري تأملات في الحياة والموت، كما تعرفنا على قصيدة رثاء أبي العلاء لصديقه الفقيه وما إلى هنالك.

المراجع

  1. wikiwand.com , أبو العلاء المعري , 30/09/2021

الزوار شاهدوا أيضاً

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *