هل يجوز الوضوء بماء البحر

هل يجوز الوضوء بماء البحر نتساءل عندما نذهب إلى البحر في أوقات العطل هذا السؤال، ومع حاجة الإنسان للوضوء لكل صلاة قد يتبادر إلى ذهنه عن حكم الوضوء بماء البحر لسهولة الأمر، وكل حكم شرعي لا بُد له من إجابة في شريعتنا، ولذلك سيتم التعرف في موقع المرجع عن كيفية الوضوء بماء البحر، وهل يجوز الوضوء بماء البحر وما حكم الوضوء بماء البحر الميت تحديدًا وما إلى ذلك في هذا المقال.

هل يجوز الوضوء بماء البحر

أجاز العلماء الوضوء بماء البحر والاغتسال به، حيث ورد أن ماء البحر طهور؛ ويقصد به أنه طاهر في نفسه ومطهر لغيره، بدليل قول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- في حديث أبي هريرة: “هو الطَّهورُ ماؤُه، الحِلُّ مَيتتُه”،[1] والماء هنا مطلق فيدخل به ماء البحر، وعليه فإن كان الإنسان في بحر وأراد الوضوء جاز له ذلك ولا حرج عليه وكان الماء عذب أم لا، وأما عن كيفية الوضوء بماء البحر فهي في السطور التالية.[2]

شاهد أيضًا: هل الاستحمام يغني عن الوضوء

كيفية الوضوء بماء البحر

ذكرنا أن الوضوء بماء البحر جائز بإجماع العلماء، ويكون الوضوء به كما يتوضأ الإنسان في العادة، حيث يراعي الترتيب والموالاة، ويبدأ بيده اليمنى ثم يده اليسرى، ثم يمسح رأسه وأذنيه، ويحرك رجليه بنية الوضوء اليمنى ثم يحرك اليسرى، وبهذا يكون الإنسان قد توضأ للصلاة، وهذا من لطف الله -عزّ وجل- بأن لا يضيع العبد فروضه حتى في أي مكان كان وأي شكل، حيث قال تعالى: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا[3] وهذا لئلا يضيع العبد صلاته وينال الأجر والثواب.[4]

هل يجوز الوضوء بماء البحر الميت

إن الوضوء بماء البحر الميت جائز بإجماع بعض أهل العلم، حيث لا فرق بين الماء العذب والماء المالح في الوضوء، وبالحديث عن ماء البحر الميت وما أُشكل فيه فنقول: إن البحر الميت عُرف بين بعض الناس على أنه منطقة عذاب، ولا يجوز الانتفاع بما يخرج منه، وهذا يعود إلى ما ذكره بعض من أهل التفسير على أنه منطقة عذاب قوم لوط، وهذا مما جاء في شرع الله -عزّ وجل- عن النهي عن شرب العبد المسلم، وانتفاعه الشخصي بمياه من عذبهم الله تعالى، فقد ورد في الصحيحين عن ابن عمر –رضي الله عنهما- أنه قال: “إن النَّاسَ نَزَلُوا مع رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أَرْضَ ثَمُودَ، الحِجْرَ، فَاسْتَقَوْا مِن بئْرِهَا، واعْتَجَنُوا به، فأمَرَهُمْ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أَنْ يُهَرِيقُوا ما اسْتَقَوْا مِن بئْرِهَا، وأَنْ يَعْلِفُوا الإبِلَ العَجِينَ، وأَمَرَهُمْ أَنْ يَسْتَقُوا مِنَ البِئْرِ الَّتي كَانَتْ تَرِدُهَا النَّاقَةُ”.[5]

حيث قال ابن حجر في الفتح أيضًا: أن في الحديث كراهة ال استقاء من بيار ثمود ويلحق بها نظائرها من الآبار والعيون التي كانت لمن هلك بتعذيب الله تعالى على كفره، وأضاف النووي في شرح المهذب حيث قال: “استعمال ماء هذه الآبار المذكورة في طهارة، وغيرها مكروه أو حرام، إلا لضرورة، لأن هذه سنة صحيحة لا معارض لها.. فيمتنع استعمال آبار الحجر، إلا بئر الناقة، ولا يحكم بنجاستها، لأن الحديث لم يتعرض للنجاسة، والماء طهور بالأصالة”.

وعلى ذلك فإن الراجح أن منطقة العذاب التي ورد ذكرها وقد ثبتت بالدليل الشرعي فلا يشرب من مائها ولا يتوضأ بها، ولا ينتفع بشيء مما فيها في طعام الإنسان ونحو ذلك، ما لم يوجد ضرورة تقتضي استخدامها، وأما بالعودة إلى منطقة البحر الميت فنقول: إنه لم يقم دليل شرعي ثابتٌ على أنها منطقة عذاب قوم لوط ولا غيرهم، ولأن الأصل في الأشياء الإباحة ما لم يرد التحريم، فإن ماء البحر الميت كغيره من البحار والأماكن في الحكم الشرعي حتى يثبت دليل شرعي بتخصيصه بحكم خاص عن سائر البحار، وعليه، فإنه يجوز الانتفاع بما يخرج من البحر الميت من ملح ومما يجوز الانتفاع به وما إلى ذلك، من الجدير بالذكر أنه ليس لمجرد ذكر كتب التفسير أنها منطقة قوم لوط منطقة عذاب، فهذا قد لا يؤثر وحده في الحكم، لأن كتب التفسير لم تسند في ذلك إلى خبر صحيح عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- وإنما هي أقوال قد خلت من الدليل الشرعي، فإذا ذهب الإنسان إليه لمجرد الاستحمام فلا شيء.[6]

هل السباحة في ماء البحر تجزئ عن الوضوء

إن السباحة في الماء تكفي عن الوضوء إذا نوى فاعلها رفع الحدث، ووصل الماء إلى جميع أعضاء وضوئه، لأن الذي عليه أكثر أهل العلم بأنَّ الدلك ليس بواجب في الوضوء، وإنما يكفي وصول الماء إلى الجسد كاملًا، وهذا مما ذكره الإمام النووي في المجموع حيث قال: “في مذهبنا أن ذلك الأعضاء في الغسل في الوضوء سنة ليس بواجب، فلو أفاض الماء عليه فوصل به ولم يمسه بيديه أو انغمس في ماء كثير أو وقف تحت ميزاب أو تحت المطر ناويًا، فوصل شعره وبشره أجزأه وضوؤه وغسله”، وبه قال أكثر العلماء وعليه، فإن السباحة في الماء تجزئ عن الوضوء مع وجود نيته برفع الحدث والوضوء للصلاة، ويكون قد وصل الماء إلى جميع أعضاء وضوئه دون استثناء، وسواء كان ذلك عند دخول وقت الصلاة أو قبله أو بعده، فالحاصل أنَّ الوضوء يكون حين ننوي الصلاة المكتوبة.[7]

حكم الوضوء بماء المسبح

الوضوء بماء المسبح جائز؛ لكن مع الأخذ بتفصيلات المسألة، ولذلك بعد أن تعرفنا على حكم الوضوء بماء البحر، لا بُد إلى أن نتطرق إلى ماء المسبح حيث في المسألة تفصيل: فإن قلنا أن الماء إذا خالطه طاهر غيّر أحد أوصافه فهنا لا يجوز التطهر به وإن لم يسلبه اسم الماء، فإنه يفرق بينه وبين ماء البحر الذي ورد فيه النص: “بأن ماء البحر باق على أصل خلقته” حيث قال النووي: أنه احتج أصحابنا أي على الإباحة، بحديث: هو الطهور ماؤه.. وبحديث: الماء طهور، ولأنه لم يتغير عن أصل خلقته فأشبه غيره، ويمكن أن يفرق إن تغير ماء البحر كائن بما يتعذر حفظ الماء عنه، بخلاف المذكور في حكم الوضوء بماء المسبح، وعليه نذكر ما قاله النووي في شرحه لفوائد حديث: “هو الطهور ماؤه، الحل ميتته” كالآتي:

  • الفائدة الأولى: أنه أصل عظيم من أصول الطهارة، حيث ذكر صاحب كتاب الحاوي شيخ البخاري والشافعي الذي قال: هذا الحديث نصف علم الطهارة.
  • الفائدة الثانية: أن الطهور يقصد به: المطهر لنفسه وغيره.
  • الفائدة الثالثة: جواز الطهارة بماء البحر.
  • الفائدة الرابعة: أن الماء المتغير بما يتعذر صونه عنه طهور.

وعليه يتبين وجه الفرق بين ماء المسبح وبين ماء البحر، حيث إنَّه إذا تغير ماء البركة مثلًا بما يشق صون الماء عنه؛ كالطحالب وورق الشجر ومادة الكلور أو تغير بطول مكثه وعدم تجديده، فإنه طهور على قول جماهير أهل العلم.[8]

وهنا في ختام مقال حكم الوضوء بماء البحر نكون قد وصلنا لمعرفة حكم كل من الوضوء بماء البحر وكيفية الوضوء به، وحكم الوضوء بالماء المالح وماء المسابح، وبهذا يرى الإنسان أن الماء كله طاهر ما لم يختلط بشيء يغير أصله، ولهذا يجب على العبد أن يحافظ على وضوءه وصلاته في كل وقت وحين.

المراجع

  1. إرواء الغليل , الألباني، أبي هريرة، 9، صحيح
  2. islamway.net , ما حكم الوضوء بماء البحر , 15/08/2021
  3. سورة النساء , الآية 43
  4. binbaz.org.sa , كيفية وضوء من كان يسبح في البحر , 15/08/2021
  5. صحيح البخاري , الخاري، عبدالله بن عمر، 3379، صحيح
  6. islamweb.net , حكم الانتفاع بمنتجات البحر الميت , 15/08/2021
  7. islamweb.net , هل السباحة في الماء تكفي عن الوضوء , 15/08/2021
  8. islamweb.net , حكم الوضوء بماء المسبح المتغير طعمه بالكلور , 15/08/2021

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *