حكم اتهام الزوج لزوجته بالزنا

حكم اتهام الزوج لزوجته بالزنا، من الأحكام الشرعية التي يجدر بالعبد المسلم معرفتها، فالحياة الزوجية لا بُد وأن تبنى على المودة والرحمة والمعاشرة بالمعروف وهذا مما حث عليه القرآن الكريم وسنة رسولنا الكريم، فالزواج الشرعي ما هو إلا سكن الزوج إلى زوجته وسكن الزوجة إلى زوجها بكل حب وود ورضا، ولا سيما وأن الزوج عليه أن يحافظ على زوجته ويبتعد عن كل ما يؤذيها، ولهذا سيتم التعرف في موقع المرجع على تعريف اللعان، وما حكم اتهام الزوج لزوجته بالزنا، وما أسباب اتهام الزوج لزوجته بالخيانة، وما حكم اتهام الزوجة بالزنا كذبًا، وما حكم شك الزوج في زوجته، وما حكم اتهام الزوجة لزوجها بالزنا في هذا المقال.

تعريف اللعان

جاء اللعان من اللعن ويقصد به في اللغة: الطرد والإبعاد، وأما في الاصطلاح الشرعي: فهو ما يكون بين الزوجين من الشهادات والأيمان المؤكدة في حالة معينة، وهو أن يرمي الزوج زوجته بالزنا، ولكن من غير بينة ودليل، مع إنكار الزوجة هذا الفعل، أو أنه يدعي الزوج أن ولد زوجته ليس منه وهي تنكر هذه الدعوى، حينها يلجآن إلى الملاعنة، وهذا بدليل قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُن لَّهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ ۙ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ*وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِن كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ*وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَن تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ ۙ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ*وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِن كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ}،[1] وبعد أن يتم اللعان بينهما تحصل الفرقة على التأبيد، ويدرأ عنها الحد وينتفي نسب الولد عنه.[2]

شاهد أيضًا: حكم خيانة الزوج لزوجته بالهاتف

حكم اتهام الزوج لزوجته بالزنا

لا يجوز أن يتهم الزوج زوجته بالزنا فهذا من الكبائر التي تؤدي إلى العذاب العظيم، بدليل قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ}،[3] حيث إنه إذا رمى الزوج زوجته بالزنا من غير بينة فإنها لها الحق في أن تطالبه بحد القذف عند القاضي الشرعي، وهذا ليجلد ثمانين جلدة؛ إلا أن تعفو وتصفح هذه الزوجة عن اتهام زوجها، ويتوب الله -عز وجل- عن هذا الزوج مع تركه لهذا الكلام والاتهام، إلا أن يثبت الزنا بأربعة شهود أو يلاعن أمام المحكمة، وإذا طلبت الزوجة الفرقة والطلاق فلها ذلك.[4]

شاهد أيضًا:  تفسير حلم الزنا في المنام لابن سيرين والنابلسي وابن شاهين

أسباب اتهام الزوج لزوجته بالخيانة

تتعدد أسباب اتهام الزوج لزوجته بالخيانة، والتي ينتج عنها إما استمرار الحياة مع وجود المشاكل، وإما الانفصال، ولهذا فإنه لا بد من بيان ومعرفة أسباب هذا الاتهام في النقاط الآتية:

  • تغير سلوك الزوجة وطريقة تعاملها مع زوجها.
  • تأثر الأزواج بقصص الخيانة الزوجية التي تكون وراء الإعلام والتلفاز.
  • أن تكون طيعة الزوج شكاكة؛ أي أنه يشك بزوجته من أدنى تصرف.
  • استمرار المشاحنات وسوء التفاهم بين الزوجين.
  • استمرار الزوجة بطلب الطلاق والانفصال دون مبرر.
  • أن يكون الزوج خائنًا؛ فإنه يشعر بخيانة من حوله بكل سهولة.

شاهد أيضًا: كيفية التعامل مع الزوجة الناشز

حكم اتهام الزوج لزوجته بالزنا كذبًا

بيّن العلماء أنه من يحرم على الزوج أن يتهم زوجته بالزنا كذبًا، فهذا من البهتان العظيم، حيث جاء في حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: “أتدرون ما الغيبة ؟ ذكرك أخاك بما يكره إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته وإن لم يكن فيه فقد بهته”،[5] وهذا مما لا يجوز بين الأشخاص فكيف بين الأزواج، ولهذا فعلى الزوج أن يتقي الله تعالى وليحذر من عقوبته جراء هذا الاتهام الباطل والكاذب، وهذا بدليل قول رسول الله: “ومن قال في مؤمن ما ليس فيه أسكنه الله ردغة الخبال حتى يخرج مما قال و ليس بخارج”؛[6] والردغة الخبال هي: عصارة أهل النار والعياذ بالله، ولا سيما أنه يحتاج إلى أن يحلف على هذا الاتهام؛ فإن كان كاذبًا فقد دخل باليمين الغموس الذي يلحقه بالكبائر التي مصيرها نار جهنم.[7]

حكم شك الزوج في زوجته

لا يجوز للزوج في أن يشك في زوجته، ولا يحق له أن يشك في أي تصرف أو فعل يصدر منها قد يسوء فهمه ويعرض شرفها وعرضها للإتهام،  حيث إن الواجب على الزوج أن يتقي الله سبحانه وتعالى في زوجته وأن يحافظ عليها ويبتعد عن ظن السوء؛ الذي يصل به إلى التجسس والقذف الذي نهت عنه الشريعة الإسلامية، حيث قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْم وَلا تَجَسَّسُوا}،[8] وقال أيضًا: {إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ}،[9] وقد ذكر الشيخ  السعدي في تفسيره:[10]

نهى الله تعالى عن كثير من الظن السوء بالمؤمنين ؛ فـ ( إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ) وذلك كالظن الخالي من الحقيقة ، والقرينة ، وكظن السوء الذي يقترن به كثير من الأقوال ، والأفعال المحرمة ، فإن بقاء ظن السوء بالقلب لا يقتصر صاحبه على مجرد ذلك ، بل لا يزال به حتى يقول ما لا ينبغي ، ويفعل ما لا ينبغي ، وفي ذلك أيضاً : إساءة الظن بالمسلم ، وبغضه ، وعداوته المأمور بخلاف ذلك منه، ( وَلا تَجَسَّسُوا ) أي : لا تفتشوا عن عورات المسلمين ، ولا تتبعوها ، واتركوا المسلم على حاله ، واستعملوا التغافل عن أحواله التي إذا فتشت : ظهر منها ما لا ينبغي.

فمن الجدير بالذكر أنه على الزوج أن يبتعد عن الشك المفضي إلى النزاع، وأن لا يقع تحت وساوس الشيطان التي من شأنها أن توقع العداوة بين الأزواج، فالحفاظ على الزوجة وصون عرضها وشرفها من مهام الزوج فلا يحق أن يكون هو المتسبب في ذلك، فالشريعة الإسلامية بينت ذلك من خلال قصة الصحابي الذي تعرَّض لإمرأته بأمارة ضعيفة؛ وكيف بيّن له رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سوء الاستسلام لوساوس الشيطان والنفس؛ وهذا بدليل حديثه فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : “يَا رَسُولَ اللَّهِ وُلِدَ لِي غُلَامٌ أَسْوَدُ فَقَالَ : ( هَلْ لَكَ مِنْ إِبِلٍ ) قَالَ : نَعَمْ ، قَالَ ( مَا أَلْوَانُهَا ) قَالَ : حُمْرٌ ، قَالَ ( هَلْ فِيهَا مِنْ أَوْرَقَ ) قَالَ : نَعَمْ ، قَالَ ( فَأَنَّى ذَلِكَ ) قَالَ : لَعَلَّهُ نَزَعَهُ عِرْقٌ قَالَ ( فَلَعَلَّ ابْنَكَ هَذَا نَزَعَهُ)”.[11]

حكم اتهام الزوجة لزوجها بالزنا

لا يجوز أن تتهم الزوجة زوجها بالزنا دون بينة وهي أن تاتي بأربعة شهود، فعندها تحد الزوجة حد القذف؛ بدليل قول الله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ}،[12] فهذه الآية اشتملت على الرجال والنساء على حد سواء، حيث ذكر القرطبي في تفسيرها:[13]

ذكر الله تعالى في الآية النساء من حيث هنّ أهم ، ورميهن بالفاحشة أشنع وأنكى للنفوس . وقذف الرجال داخل في حكم الآية بالمعنى ، وإجماع الأمة على ذلك،وقال المارودي: وإذا قذفت المرأة زوجها حُدَّت ولم تلاعن.

وونقول إن تأكدت الزوجة من زنا زوجها لكن من غير وجود الأربعة شهود؛ فعليها أن تقوم على نصحه وإرشاده وتذكيره بالله سبحانه وتعالى وعقاب ذلك، وإن استمر فلها أن تطلب الطلاق أو المخالعة، لما يترتب على الاستمرار من زيادة المسألة سوءًا.

وبهكذا نكون قد وصلنا إلى ختام مقال حكم اتهام الزوج لزوجته بالزنا، وبينا أنه من المحرم  شرعًا أن يقوم بذلك، ثم تعرفنا على مفهوم اللعان، وبينا أسباب اتهام الزوج لزوجته بالخيانة، وبينا حكم شك الزوج بزوجته واتهامها بالزنا كذبًا، وما حكم اتهام الزوجة لزوجها بالزنا.

المراجع

  1. سورة النور , الآيات 1-6
  2. www.islamweb.net , معنى اللعان وحكمه , 17/11/2021
  3. سورة النور , الآية 23
  4. binbaz.org.sa , ما حكم من يرمي زوجته بالزنا , 17/11/2021
  5. صحيح مسلم , مسلم، أبو هريرة، 2589، صحيح
  6. كشف النقاب , الألباني، 45، صحيح
  7. www.islamweb.net , حكم اتهام الزوج لزوجته بالزنا كذبًا , 17/11/2021
  8. سورة الحجرات , الآية 12
  9. سورة النور , الآية 23
  10. islamqa.info , كيف تتصرف مع زوجها الذي يشك بها , 17/11/2021
  11. صحيح البخاري , البخاري، أبو هريرة، 5305، صحيح
  12. سورة النور , الآية 4
  13. islamqa.info , إذا اتهمت زوجها بالزنا , 17/11/2021

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *