طريقة التيمم الصحيحة

طريقة التيمم الصحيحة هو الموضوع الذي سيناقشه هذا المقال، فالإسلام دين يسرٍ وليس دين عسر، ودائمًا ما تسهّل أحكام الشريعة الإسلاميّة  على المسلمين وتهوّن عليهم شروط العبادة في حال السفر أو المرض أو المواقف الخاصّة التي بيّنها ووضحها الأئمة والعلماء في ضوء الكتاب الكريم والسنّة النبويّة الشريفة، ويهتم موقع المرجع عبر هذا المقال ببيان طريقة التيمم الصحيحة وما هو مفهوم التيمم في الإسلام وأحكامه.

مفهوم التيمم

قبل الخوض في ذكر طريقة التيمم الصحيحة لا بدّ من بيان مفهوم التيمم، فالتيمم في المصطلح اللغوي يعني القصد، أو قصد الصعيد الطيبّ، وقيل أنّه التعمّــد والتوخــي، وأمّا في المصطلح الشرعيّ فهو ما يكون من مسح اليدين والوجه بقصد استبــاحة الصلاة، وقد شرع الإسلام التيمم بدلًا عن الوضوء في حال المرض أو السفر أو انقطاع الماء لأداء الصلاة، ويتحقق التيمم بمسح الوجه واليدين بالتراب الطاهر، هو ما جاء في الكتاب وبيّنته سنّة الحبيب المصطفى صلّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلّم.[1]

شاهد أيضًا: طريقة الاغتسال من الجنابة

طريقة التيمم الصحيحة

اختلف أهل العلم والاختصاص في بعض تفاصيل طريقة التيمم الصحيحة، فالتيمم شرعًا وكما جاء في الكتاب والسّنة هو مسح الوجه واليدين بالتراب عوضًا عن الماء في حال عدم توفّره أو استحالة استخدامه، وقد انقسم علماء الأمة الإسلامية لبيان الطريقة الصحيحة للتيمم إلى قسمين:[2]

• المذهب الحنفي والشافعي: اتفقا على أنّه يضرب المتيمم بكفيه على التراب الطاهر ضربتان، ضربة عند مسح الوجه، وضربة عند مسح اليدين، وأنّ مسح اليدين يكون إلى المرفقين.
• أمّا المذهب المالكي والحنبليّ: فأوجب ضرب الكفّ بالتراب مرّة واحدة لوجه واليدين معًا، والواجب أيضًا مسح اليدين إلى الكوعين، وفي الزيادة عن ذلك كالمسح إلى المرفقين والزيادة على الضرب فهو سنّة في التيمم عند المالكية.

شاهد أيضًا: هل الحجامة تنقض الوضوء

طريقة التيمم بالحائط

التيمم بالحائط جائز، فالتيمم في الإسلام يعني أن يضرب المتطهّر كفّيه على التراب أو الطين الطّيّب الطاهر أو أي شيءٍ من جنسه، حيث يقول تعالى في كتابه الكريم: {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ}،[3] ويكون التيمم بالحائط إذا كان أصله من الطين أو عليه غبارٌ ورملٌ كطريقة التيمم بالتراب، حيث يضرب المسلم كفّيه على الحائط ويمسح وجهه ويديه.[4]

شاهد أيضًا: اي من العبارات التاليه ينطبق على تعريف الطهاره

الحكم الشرعي للتيمم

فالأحكام التشريعيّة الإسلاميّة دائمًا تراعي ظروف المسلم وأوضاعه الحرجة والخاصّة، ففي حال السفر قد ينقطع الماء، وفي حال المرض قد يعجز المريض عن الوضوء بالماء أو ملامسته أو يأتي له بضرر، وهذا يمنع المسلم من الطهارة وأداء الصلاة أو الغسل، ولذلك فقد شرع الإسلام التيمم في ظروفٍ خاصّة بينتها السنة النبوية ووردت بالقرآن الكريم، يقول تعالى في سورة المائدة: {وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا ۚ وَإِن كُنتُم مَّرْضَىٰ أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ ۚ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَٰكِن يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تشكرون}،[5] وهذا ما أجمع عليه علماء الأمّة الإسلاميّة في مشروعية التيمم بدل الغسل أو الوضوء في ظروفٍ خاصّة فقط بينتها السنة النبويّة والقرآن الكريم.[6]

شاهد أيضًا: الذنوب التي يُكفرها الوضوء والصلوات الخمس والجمعة هي صغائر

أدلة التيمم من الكتاب والسنة

بعد بيان مفهوم التيمم وطريقة التيمم الصحيحة، وما هو الحكم الشرعيّ للتيمم، نورد فيما يأتي الأدلة التي جاءت في الكتاب الكريم والسّنة النبويّة الشريفة التي تبيّن مشروعية التيمم:

• يقول تعالى في سورة النساء: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى حَتَّىٰ تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّىٰ تَغْتَسِلُوا ۚ وَإِن كُنتُم مَّرْضَىٰ أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غفورا}.[7]
• وجاء في الكتاب الكريم قوله تعالى: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ۚ وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا ۚ وَإِن كُنتُم مَّرْضَىٰ أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُو اصَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ ۚ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَٰكِن يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تشكرون}.[8]
• ويقول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: “جُعِلَتليَ الأرضُ مسجدًا وطَهورًا”.[9]
• عن أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- قال: “عن شَقيقٍ قال: كنتُ جالسًا مع أبي موسى، وعبدِ اللهِ، فقال أبو موسى: ألمْ تَسمَعْ لقَولِ عمَّارٍ؟ بَعَثَني رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في حاجةٍ فأجنَبتُ، فلمْ أجِدِ الماءَ، فتَمرَّغتُ في الصَّعيدِ كما تَمرَّغُ الدَّابَّةُ، ثُمَّ أتَيتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فذَكَرتُ ذلك له، فقال: إنَّما كان يَكفيكَ أنْ تَقولَ وضَربَ بيَدِه على الأرضِ، ثُمَّ مَسَحَ كلَّ واحدةٍ منهما بصاحِبتِها، ثُمَّ مَسَحَ بهما وَجهَه. لم يُجِزِ الأعمَشُ الكَفَّينِ“.[10]

شاهد أيضًا: المراد بالمكاره في قوله صلى الله عليه وسلم اسباغ الوضوء على المكاره

الحكمة من مشروعية التيمم

بعد الخوض في ذكر طريقة التيمم الصحيحة لا بدّ من ذكر الحكمة من مشروعية التيمم، حيث إنّ للعبادات أحكاماً مشروعة تعبدنا الله بها، ولكلٍ منها حكمه، سواء كانت ظاهرة للعبد أم مخفية، فيخفي الله الحكمة ليتحقق من المؤمن الانقياد والتسليم لأوامر الله -سبحانه وتعالى- سواء عرف تلك الحكمة أم لم يعرفها، مع اليقين بأن لكل شيء أمرنا الله -سبحانه وتعالى- به حكمة، فديننا الإسلامي يوفر للعبد جميع الفرص لتأدية العبادة في كل مكان وزمان، وهو دين التيسير، فحين لا يتوفر الماء، أو يعجز العبد عن استعماله، لا يجبر على إيجاده، إنما يتوجب عليه التيمم، سنوضح الحكمة من مشروعية  التيمم فيما يأتي:[11]

• شُرع التيمم عند عدم تواجد المياه، حتى لا يعتاد المسلم على ترك العبادات، فالنفس البشرية تميل للكسل، وترك الطاعات.
• التيسير والتسهيل على الأمة الإسلامية، ورحمة الله بهم، ومراعاة لحالهم.
• تحقيق الانقياد والخضوع لله -سبحانه وتعالى- وطاعة أوامره، والالتزام بأحكامه المشروعة.
• الحكمة من التيمم بالتراب، حيث أنّ التراب متوافر في كل مكان.

شاهد أيضًا: المراد باسباغ الوضوء زياده غسل الوضوء اكثر من ثلاث مرات

أشياء يجوز التيمم بها

يصح التيمم بكل ما على وجه الأرض، من تراب، أو طين، أو حجر، أو رمل، أو فخار، لقوله تعالى: {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا}، الصعيد من الصعود، وهو العلو، ويشترط أن يكون وجه الأرض الذي يُتيمم بها، أنّ يكوم طيبًا، أيّ ظاهرًا.[12]

شاهد أيضًا: طريقة الوضوء الصحيح للنساء الرجال

مكروهات التيمم

التيمم هو عبادة تقوم مقام الوضوء، وللتيمم مكروهات اختلف الفقهاء فيها، فتختلف المكروهات باختلاف المذهب:

• فعند الحنابلة يكره لديهم تكرار المسح أكثر من مرة، وتكرار الضرب أكثر من مرتين.
• أما الشافعية تُكره لديهم كثرة التراب، وتكرار المسح.
• والمالكية تكره لديهم الزيادة أكثر من مرة واحدة في المسح، وكثرة الكلام بغير ذكر الله تعالى.

شاهد أيضًا: قال الرسول عليه السلام الطهور شطر الايمان

مبطلات التيمم

بعد أن وضحنا مفهوم التيمم وبينّا حكمه، ومشروعيته، ومكروهاته، لا بدّ لنا أن نذكر ما هي مبطلات التيمم، فمن الأمور التي تبطل التيمم هي كالتالي:

• وجود الماء، لمن كان تيممه لعدم وجوده.
• يبطل التيمم في حال زوال العذر كالمرض.
• خروج شيء من أحد السبيلين البول أو الغائط.
• ذهاب العقل بالنوم، أو الجنون، أو الإغماء.

شاهد أيضًا: حكم استعمال الماء النجس

طريقة التيمم الصحيحة مقالٌ بيّن مفهوم التيمم وطريقته الصحيحة، وكذلك طريقة التيمم بالحائط، وبيّن الحكم الشرعي للتيمم، كما ذكر الأدلة التي جاءت في الكتاب والسنة عن التيمم ومشروعيته، وتحدّث عن الحكمة من مشروعية التيمم ومكروهاته ومبطلاته.