ما هي عمرة القضاء وفي أي سنة كانت؟

ما هي عمرة القضاء وفي أي سنة كانت؟ هو السّؤال الّذي سيجيب عنه هذا المقال، وهو واحدٌ من الأسئلة التي تتضمن الحديث ومناقشة أمر عبادةٍ من العبادات الّتي الصّالحة والّتي تحمل الأجر العظيم، وهي عبادةٌ قام بها رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- وهي عمرة القضاء، وعبر موقع المرجع سنتعرّف على معنى عمرة القضاء والعام الّذي كانت فيها، كما سنعرف أسبابها وأهدافها والدّروس المستفادة منها، وما الفرق بينها وبين العمرة العادية الّتي سنّها النّبي.

العمرة في الإسلام

إنّ العمرة كما عرّفها أهل العلم أنّها الزّيارة إلى بيت الله الحرام في أي ّوقتٍ من أوقات العام، وتكون هذه الزّيارة على وجهٍ مخصوصٍ وصفةٍ مخصوصةٍ نُقلت عن رسول الله بالتّواتر، وهي عبارةٌ عن القيام بأربعة مناسك وأركانٍ لا تصحّ إلّا بها، وهي الإحرام والتّلبية، والطّواف سبعة أشواطٍ حول الكعبة المشرّفة، ومن ثمّ السّعي بين الصّفا والمروة، وأخيرًا الحلق أو التّقصير، والعمرة هي من العبادات الّتي شرّعها الإسلام، وقد اختلف أهل العلم في حكمها الخاصّ فقال بعضهم أنّها سنّةٌ مؤكّدةٌ من قام به أخذ الأجر العظيم والخير الكثير المترتّب عليها، ومن تركها فلا حرج عليه ولا إثم بإذن الله تبارك وتعالى، وقال بعض أهل العلم أنّها واجبة، ولكنّ القول الأول هو الرّاجح وهو الأصح، وقد اختاره شيخ الإسلام ابن تيميّة رحمه الله تعالى، والله أعلم.[1]

ما هي عمرة القضاء

عمرة القضاء هي العمرة الّتي قام بها رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- وأصحابه بعد صلح الحديبية، وكانت هذه العمرة هي أوّل عمرةٍ لرسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- يدخل من أجلها مكّة المكرّمة بعد أن قام بصلح الحديبية مع المشركين من قريش، حيث كان قد عزم على الذّهاب إلى مكّة للقيام بمناسك العمرة، لكنّ قريشًا منعته وأصحابه من ذلك، وأقاموا معه اتّفاق الحديبيّة وكان من ضمن بنودها أن يقوم المسلمون مع رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- بالعمرة في العام المقبل، وأن يدخلوا مكّة بسلاح المسافر فقط، أي يحملون معهم سيوفهم وهي في أغمادها، والتزم المسلمون في العهد الّذي قطعوه، فليس من أخلاق الإسلام نقض العهد، ولمّا صار موعد العمرة خرج رسول الله ومعه ألفا صحابيّ جليل يريدون مكّة المكرّمة للاعتمار، وأخذوا معهم عدّة الحرب احتياطًا من غدر قريش، ولكن عند دخول مكّة ترك السّلام خارجها وترك معها بعض الصّحابة لحراستها، وقام المشركون في مكّة المكرّمة بإخلاء مكّة المكرّمة مدّة ثلاثة أيام، أقام فيها المسلمون في مكّة وأدّوا مناسك العمرة في سعادةٍ غامرة، وعادوا إلى المدينة وفي وجوههم الفرحة الّتي لم يسبق لها مثيلٌ بعد أنّ أدّوا واحدةً من أعظم العبادات وهي زيارة بيت الله الحرام.[2]

شاهد أيضًا: ميقات العمرة الزماني هو

في أي سنة كانت عمرة القضاء

قام المسلمون بأداء عمرة القضاء في أواخر العام السّابع للهجرة المباركة، حيث كان ذلك العام الّذي تلا عام الحديبية، بعد أن منع المشركون المسلمين من دخول مكّة المكرّمة لأداء مناسك العمرة، وقد ذُكر في حديث الحديبية قول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- على سهيل بن عمرو: عَلَى أَنْ تُخَلُّوا بَيْنَنَا وَبَيْنَ‏ ‏الْبَيْتِ،‏ ‏فَنَطُوفَ بِهِ، فقال سهيل بن عمرو: والله لا تَتَحَدَّثُ‏ العرب أنَّا أُخِذْنَا ضُغْطَةً، ولكنْ ذلك من العام المقبل. فكتب، فخرج رسول الله بعد صلح الحديبية بعامٍ واحدٍ لأداء مناسك العمرة في مكّة المكرّمة وكان ذلك في أواخر العام السّابع للهجرة.[2]

أسباب عمرة القضاء

إنّ أهمّ أسباب عمرة القضاء هو منع المشركين للمسلمين من دخول مكّة المكرّمة في العام السّادس للهجرة المباركة، وقد كانوا يذبون شوقًا لرؤية مكّة المكرّمة وطنهم الأم، وأن يؤدّوا الشّعائر العظيمة الّتي علّمتهم إيّاها الشّريعة الإسلاميّة الحنيفة، كما كان من أسبابها إظهار قوّة المسلمين وإعلانهم للجزيرة العربيّة والعالم أجمع بمدى قوة الإسلام، وأنّه لا يخالف عهدًا عاهد به، والله أعلم.[3]

شاهد أيضًا: طريقة العمرة بالتفصيل

أهداف عمرة القضاء

إنّ لعمرة القضاء أهدافٌ عظيمة تحقّقت، وكان من أهمّها أنّ تتحقّق رؤيا رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- بدخول مكّة المكرّمة، وأنّ هذه الرؤيا المحقّقة ودخول المسلمين مكّة المكرّمة هو بشارة خيرٍ لهم بالفتح الّذي سيكتبه الله تعالى ويجعله على أيديهم، فسيفتح المسلمون مكّة المكرّمة في القريب العاجل، وكان الدّليل على ذلك نزول قول الله جلّ وعلا: {لَّقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ ۖ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِن شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ ۖ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِن دُونِ ذَٰلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا}.[4]

سبب تسمية عمرة القضاء بهذا الاسم

سميت عمرة القضاء بهذا الاسم، لأنّها تمتّ بعد مقاضاة قريش والمشركين عليها، حيث منع المشركون المسلمين وصدّوهم عن أداء العمرة عام الحديبية، فقاضوهم بأن تتمّ العمرة في العام المقبل، وسبب التسمية هذا على قول أهل العلم وليس لأنّها قضاءٌ عن العمرة في عام الحديبية كما يظنّ البعض، لأنّ عمرة رسول الله عام الحديبية لم تفسد حتّى وجب عليه القضاء، بل عمرةٌ تامة، ولا تفسد العمرة ويجب قضاؤها إلّا بالجماع، والله أعلم.[5]

شاهد أيضًا: كيفية أداء العمرة للنساء

دروس وعبر من عمرة القضاء

بمعرفة ما هي عمرة القضاء وفي أي سنة كانت، فإنّه سيتمّ التعرف على الدروس والعبر التي يمكن استنباطها من عمرة القضاء فيما يأتي:

• إنّ عمرة القضاء هي بمثابة التصديق الإلهي لما وعد به النبي صلى الله عليه وسلم للمسلمين من دخولهم لمكة وطوافهم فيها، وقد قال تعالى: {لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لا تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذَلِكَ فَتْحاً قَرِيباً}.[4]
• كانت عمرة القضاء سببًا لدخول الرعب في قلوب المشركين في مكّة بعد أن رأوا هيبة المسلمين.
• علّم النبي صلى الله عليه وسلم المسلمين في عمرة القضاء أخذ الحيطة الحذر من غدر الكافرين، فقد حمل معه السلاح الكامل تحسبًا لوقوع أيّ طارئ.
• كانت عمرة القضاء سببًا لدخول الكثيرين في الإسلام.
• كانت عمرة القضاء سببًا رئيسًا في فتح مكّة المكرمة، وكانت الحد الفاصل الذي أظهر أن المسلمين أصبحوا يشكلون قوة متماسكة وصفًا واحدًا.

فوائد العمرة

إنّ لعبادة العمرة فوائد عظيمةٌ وآثارٌ وفضائل كثيرة، ومن هذه الفوائد سنذكر الآتي، وهي:[6]

• في العمرة يُظهر المسلم التّذلل لله تبارك وتعالى.
• في العمرة شكرٌ لله تعالى على صحّة الدن والنّعم الّتي لا تُحصى.
• في العمرة يستوي الغني والفقير ولا مجال للعنصرية والتفرقة والتمييز.
• في العمرة سببٌ في جلب الرزق والبسط فيه وحصول البركة فيه.
• في العمرة غفران وتكفيرٌ للذّنوب والآثام مهما كثرت.

شاهد أيضًا: هل يجوز لبس النقاب في العمرة

هنا نصل لختام مقالنا ما هي عمرة القضاء وفي أي سنة كانت، حيث ذكرنا الإجابة عن السّؤال وتحدّثنا عن عمرة القضاء أسبابها وأهدافها وسبب تسميتها، بالإضافة إلى الدروس المستفادة منها وفوائد العمرة وحكمها.