من هو النبي الذي قبضت روحه في السماء وتفاصيل قصته ونشأته ومكانته

من هو النبي الذي قبضت روحه في السماء هو الموضوع الذي سيتناوله هذا المقال، حيث أنّ الموت حقٌّ على كلّ حيّ في هذه الدنيا فلا مفرّ ولا مهرب منه أبداً، فسيموت كلّ كائن بشرٌ وجن وحجرٌ وشجر والأرض والجبال كلّ شيء نهايته الموت إلّا الله سبحانه وتعالى فهو الحيّ الذي لا يموت، حتى الأنبياء والرّسل والصّحابة ليسوا بمحميّين من الموت بل ماتوا جميعاً فلا استثناء في ذلك، ويهتمُّ موقع المرجع في معرفة النبي الذي قبضه الله في السماء ومعرفة تفاصيل قصته ونشأته ومكانته.

الأنبياء والرسل

منذ أن خلق الله سبحانه وتعالى الأرض وأنزل آدم عليه السّلام إلى الأرض وجعل عدواً له هو وذريّته إبليس، حيث كان همّ إبليس أن يحرف أبناء آدم عن الفطرة السّليمة ويبعدهم عن عبادة الله ويرشدهم لعبادة ما سواه ممّا لا ينفعهم ولا يضرّهم، فأرسل الله سبحانه وتعالى مبعوثين من البشر اصطفاهم وفضّلهم على النّاس ليعيدوا من ضلّ من البشر إلى طريق الهداية والرّشاد، وهؤلاء المبعوثين من البشر هم الأنبياء والرسل وقد عرّف أهل العلم الأنبياء والرّسل وحددوا الفرق بينهم،  فالنّبيّ هو كلّ مبعوثٍ من الله يوحى إليه بوحيه لكنّه غير مكلّفٍ بتبليغ الرّسالة النّاس أو أن يبعث تابعاً لرسولٍ قبله، أمّا الرسول فهو كلّ مبعوثٍ يوحى إليه ويكلّف بتبليغ رسالته لأمّةٍ من الأمم يكون قد أرسله الله إليها، وبالإمكان القول أنّ كلّ رسولٍ نبيّ ولكن ليس كلّ نبيٍّ رسول،  وقد اختلف أهل العلم في عدد الأنبياء والرسل فلم يرد بذلك حديثٌ صحيح والله أعلم ولم يذكر في القرآن إلّا بضعٌ وعشرون من الأنبياء والرّسل، فمن هو النبي الذي قبضت روحه في السماء تساؤلٌ يطرحه الكثير من النّاس ولابدّ من الإجابة عليه.[1]

من هو النبي الذي قبضت روحه في السماء

إنّ النبي الذي قبضت روحه في السماء هو نبيّ الله إدريس عليه السّلام، فقد ورد أنّ نبيّاً رُفع إلى السّماء وقبضت روحه فيها وهذا النّبي الذي تدور حوله هذه المقولة هو نبيّ الله إدريس عليه السّلام، فقد اعتمد أهل العلم والتّفسير لإثبات صحّة هذا الأمر على معاني الآيات في سورة مريم عند قوله تعالى: { وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ ۚ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَّبِيًّا * وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا}،[2] حيث قال بعض العلماء أنّ هذا الرّفع هو المقصود بالرّفع إلى السّماء ثمّ قبض روحه فيها،  ولكنّ البعض الآخر من العلماء قالوا إنّ المعنى هو رفعٌ معنويٌ وذلك رفعٌ لقدره ومكانته بين العالمين لأنّه نبيّ، أمّا عن مقولة ارتفاعه إلى السّماء الرّابعة ثمّ قبض روحه فيها فقد رجّح أهل العلم أنّها لم ترد في روايةٍ صحيحة بل ورد ذكرها في الإسرائيليات، كما ورد حديث في ذلك: “أنَّ كعبًا قالَ لابنِ عبَّاسٍ في قولِهِ تعالى وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا أنَّ إدريسَ سألَ صديقًا لَهُ منَ الملائِكةِ فحملَهُ بينَ جناحيْهِ ثمَّ صعِدَ بِهِ فلمَّا كانَ في السَّماءِ الرَّابعةِ تلقَّاهُ ملَكُ الموتِ فقالَ لَهُ أريدُ أن تُعلِمَني كم بقيَ من أجلِ إدريسَ قالَ وأينَ إدريسُ قالَ هوَ معي فقالَ إنَّ هذا لشيءٌ عجيبٌ أُمِرتُ بأن أقبضَ روحَهُ في السَّماءِ الرَّابعةِ فقلتُ كيفَ ذلِكَ وَهوَ في الأرضِ فقبضَ روحَهُ فذلِكَ قولُهُ تعالى وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا”،[3] وقد ورد في الصّحيحين أنّ النّبيّ عليه الصّلاة والسّلام رأى إدريس عليه السلام ليلة المعراج في السّماء الرّابعة، وقد قال بعض أهل العلم أنّ النّبيّ عليه الصّلاة والسّلام رأى روح النّبيّ إدريس عليه السّلام متصوّرةٌ على هيئة جسده والله ورسوله أعلم.[4]

سيدنا إدريس عليه السلام

بعد ما جاء من إجابة سؤال من هو النبي الذي قبضت روحه في السماء، إنَّ نبيّ الله إدريس عليه السّلام هو ثالث الأنبياء على الأرض بعد آدم عليه السّلام ونبيّ الله شيث عليه السّلام، وقد اختلف أهل العلم في مكان ولادته فقد قيل أنّه ولد ببابل في العراق وقيل أنّه ولد بمصر، ومن الوارد أنّ النّبيّ محمّد عليه الصّلاة والسّلام قابله في السّماء الرّابعة ليلة الإسراء والمعراج، وقد ورد اسم سيدنا إدريس عليه السلام في القرآن الكريم فوصفه الله سبحانه وتعالى بالنّبوّة والصّديقيّة، أمّا نسبه عليه السلام فقد كان إدريس ابن يارد بن مهلائيل وينتهي نسبه عند شيث عليه السّلام، ونبيّ الله إدريس هو من أجداد نوحٍ عليه السّلام وقد عاش في الأرض اثنتين وثمانون سنة ثمّ رفعه الله إلى السّماء، وقد أدرك من حياة آدم ثلاثمائةٍ وثمانية سنوات لأنّ آدم عليه السّلام عاش طويلاً والله ورسوله أعلم.[5]

نشأة سيدنا إدريس عليه السلام

كان إدريس أحد الأنبياء الذين ورد ذكرهم في القرآن الكريم حيث ذُكر إدريس عليه السلام باسمه لفظاً، وبذلك من الواجب الإيمان بنبوّته ورسالته قطعاً وقد اختلف العلماء في مولد نبي الله إدريس ونشأته،  فقد قال بعض أهل العلم أنّه ولد في بابل في العراق وآخرون قالوا أنّه ولد في مصر،  تأثر إدريس عليه السّلام في صغره بعلم نبيّ الله شيث فأخذ منه وتعلّمه،  ولمّا كبر عليه السّلام آتاه الله النّبوّة  ودعا قومه ونهاهم عن مخالفة شريعة الله وما دعا إليه آدم وشيث  عليهما السّلام من قبله فاتّبع دعوته عددٌ قليلٌ من النّاس وخالفه عددٌ كبير منهم، فهاجر عنهم هو ومن اتّبعه من النّاس، فخرج من بابل ونزل بأرض مصر على ضفاف النّيل وأقام فيها يدعو النّاس إلى مكارم الأخلاق.[6]

أول من خط القلم وخاط الثياب

إنَّ نبي الله إدريس هو ثالث نبيٍّ يرسل بعد آدم وشيث عليهما السّلام، كان إدريس عليه السّلام يحبّ العلم فأخد بعلوم شيث وتعلّمها وكان صاحب موعظةٍ وأدب، دعا النّاس لعبادة الله الواحد الأحد وأرشد النّاس لطريق الهداية والنّجاة في الدّنيا والآخرة، وحضّ النّاس على الزّهد وأمر قومة بالصّلاة والزّكاة والصّيام والطّهارة، وقد روى أهل العلم أنّه تكلّم بألسنة النّاس كلّهم وكان عددهم في زمانه اثنان وسبعون لساناً، وكان إدريس عليه السّلام أول من خط القلم وخاط الثياب حيث أنّه نقل قومه من لبس الجلود إلى لبس الثياب المحيطة، وقد حاز علوم السّياسة المدنيّة فعلّم النّاس بناء المدن وإعمارها وقد حاز علماً كثيراً بمشيئة الله فقد ورد أنّ الله عز وجلّ أنزل عليه ثلاثون صحيفة والله ورسوله أعلم.[7]

مكانة إدريس عليه السلام

إدريس عليه السّلام كان نبيّاً من الأنبياء الذين ذكرهم الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم باسمهم، وذكر اسم إدريس دليلٍ على التّعظيم والإجلال وجمع الله له بذكره أمرين اثنين، أولاهما الصّدّيقيّة والتي تجمع التّصديق التّام والعلم الكامل واليقين الثّابت بالله عزّ وجل، والأمر الثّاني هو النّبوّة واصطفاء الله سبحانه وتعالى لنبيّه إدريس عليه السّلام لوحيه واختياره ليبعثه برسالته، وقد قال العلماء والمفسّرين في الآيات التي ذكرت نبيّ الله إدريس أنّ معناها وتفسيرها أنّ الله سبحانه رفع إدريس مكانةً عاليةً ورفيعةً بين النّاس والتي هي منزلة النّبوّة، وقيل أيضاً أنّه بمعنى رفع ذكره ومكانته بين العالمين،  ولكن يذهب بعض أهل العلم أيضاً في تلك الآيات أنّها دليلٌ على رفعه إلى السّماء وقبض روحه فيها والله ورسوله أعلم.[8]

من هو النبي الذي قبضت روحه في السماء هو الموضوع الذي تناوله هذا المقال وقد تحدّث المقال عن الأنبياء والرسل عددهم والفرق بينهم، وقصّ قصّة سيدنا إدريس عليه السلام وروى المقال نشأة سيدنا إدريس عليه السلام، ثمّ ذكر أنّ إدريس هو أول من خط القلم وخاط الثياب وختم المقال بالحديث عن مكانة إدريس عليه السلام.

المراجع

  1. binbaz.org.sa , عدد الأنبياء والرسل والفرق بينهم , 13/02/2021
  2. سورة مريم , الآية 56،57
  3. فتح الباري لابن حجر , ابن حجر العسقلاني/6/433/هذا من الإسرائيليات
  4. islamweb.net , إدريس عليه السلام هل رفع وهو حي , 13/02/2021
  5. marefa.org , إدريس , 13/02/2021
  6. islamweb.net , قصة إدريس عليه السلام , 13/02/2021
  7. islamweb.net , ذكر يرد , 13/02/2021
  8. islamqa.info , هل الرفع المذكور في قوله تعالى عن إدريس ( ورفعناه مكانا عليا) رفع حقيقي أم معنوي ؟ , 13/02/2021

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *