خير قليل مستمر من خير كثير منقطع

خير قليل مستمر من خير كثير منقطع، الخيرُ واسع، يشمل كل ما ينفع الناس، وكل ما ينتفع به المرء في دنياه وآخرتِه، ويجبُّ أنْ يكون فعلَ الخير خالصًا لوجهِ الله سُبحانه وتعالى، وليس لأجل التناظرَ والمعرفةِ في الحياةِ الدُنيا، فالخيرُ فضائله كثيرةُ حتى وإنْ كانَ شيئًا بسيطًا لا يُذكُر، كإماطةِ الأذى عن الطريق مثلاً، ومن خلالِ موقع المرجع سنوضحُ مدى صحّة عبارة خير قليل مستمر من خير كثير منقطع.

عمل الخير

عملُ الخير لا بدّ وأنْ يكونَ خالصًا لوجهِ الله تعالى، فقدَ وعد الله سبُحانه الثواب لعباده بالدُنيا والآخرة، إما إنْ كانَ المقصدُ من هذه الأعمال الدُار الدُنيا فقط، فليس لصاحِبها إلا الخسارة، فقد حثّ الدينَ الإسلامي على التحلي بالأخلاقِ الحميّدة التي من شأنِها أن تُهذّب الفرد وتُصلحه، وتؤدي إلى قيامِ مُجتمع خيّر مُتحاب مُتماسك، ولعلَ فعلَ الخيرِ أحدُ هذهِ الخصال، والمُسلم سبّاقٌ لفعلِ الخير، فلا يتركَ أيُّ فرصة لفعلِ الخيرِ تسبقهُ، وأوجهُ عملُ الخير واسعةٌ جدًا، بحيثُ تشملُ نشر العلم، وتقديم النصيحة، وقضاء الدين، وصلة الأرحام، وإطعام الطعام، والكثيرُ غيّرها، وقد أوصت الشريعة الإسلاميّة المسلمين بالحرصِ على فعل الخيّر، والاجتهادِ بّه، بل قد جعلت ذلكَ نوعًا من أنواعِ العبّادة، وإحدى القُربات التي يمكنُ أنْ يتقرّب بها المسلمُ إلى الله جلَ وعلا، وقدْ قال الله سبحانه وتعالى في كتابهِ الكريم: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)[1]، وقدْ بينَ أيضًا القرآن الكريم بأنّ ترك فعلَ الخير يكونُ سببًا من أسباب دخولِ النار، فقدْ قَرنت الآيات الكريمة بين تركِ الصلاة وعدم إطعام المساكين، حيث قال تعالى: (مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ*قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ*وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ)[2].

شاهد أيضًا: اذاعة مدرسية عن فعل الخير كاملة

خير قليل مستمر من خير كثير منقطع

يتساءلُ الكثيرَ حولَ مدى صحّة عبارة خير قليل مُستمر خيرٌ من كثير مُنقطع، وقدْ يعتقدُ البعضُ بأنّها حديثٌ شريف عن رسول الله -صلى الله عليّه وسلم-، فما مدى صحة هذا؟

  • عبارةُ خير قليل مُستمر خيرٌ من كثير مُنقطع هي مقولة مشهورة وليست حديثٌ نبوي.

والحديثُ النبوي الذي يأتِي بمقابلةِ هذه المقولة هو حديثٌ أخرجهُ الإمام البخاريّ عن أمّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أنّها قالت: (أنَّ أحَبَّ الأعْمالِ إلى اللَّهِ أدْوَمُها وإنْ قَلَّ)[3]، فيجبُّ على المسلم المُداومة على الأعمالِ الصالحة، وعدمُ الانقطاعَ عنّه، ومنْ أفضلِ الأعمال الصالحة التي يجبُّ على المسلم المُداومةَ عليّها وعدم تركِها هي الفرائض، حيثُ قال نبي الله مُحمد -صلى الله عليّه وسلم- في الحديثِ القُدسيْ الذي يرويهِ عن الله -سبحانهُ وتعالى-: (إنَّ اللَّهَ قالَ: مَن عادَى لي ولِيًّا فقَدْ آذَنْتُهُ بالحَرْبِ، وما تَقَرَّبَ إلَيَّ عَبْدِي بشيءٍ أحَبَّ إلَيَّ ممَّا افْتَرَضْتُ عليه، وما يزالُ عبدي يتقربُ إليّ بالنوافلِ حتى أحبه، فإذا أحببتهُ، كنتُ سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويدهُ التي يبطشُ بها، ورِجله التي يمشي بها، وإنْ سأني لأعطيته، ولئن استعادِني لأعيدنّه، وما ترددتُ عن شيء أنا فاعِله ترددي عن نفس المؤمن، يكرهُ الموت، وأنا أكرهُ مساءته)[4]، ومن جملةِ الأعمال المُحبّة إلى الله سبحانه وتعالى: أداءُ الصلاة على أوقاتِها، وتعلم القرآن، وإماطة الأذى عن الطريق، ونفع الناس، وذكرُ الله، وحسنُ الخلق، والصيام، وقيام الليل، وبرِ الوالديّن، والاقتداء بالصالحين، وغيّرها من الأعمالِ الصالحة، والعملُ الصالحُ إجمالاً هو العملُ الذي يؤديهِ المسلم وفقَ شرعِ الله عزوجل، وبما لا يُخالفهُ في أيّ وجهٍ من الوجوه، لنيل رضاهُ، ونيل الأجرِ والثوابِ والخير.

شاهد أيضًا: صحة حديث اللهم ما اصبح بي من نعمة او باحد من خلقك

فوائد عمل الخير

لعملِ الخيرِ والمُسارعة إليّه فوائدٌ عظيمة، وثمراتٌ كبيرة مُباركة، ومنْ فوائد عمل الخير التي تعودُ على المسلمِ في الدُنيا والآخرة:

  • نيلُ رضا الله سبحانه وتعالى ودخولِ جنتّه.
  • تزكيةُ النفوسِ وتهذيبها وتقويمها وإبعادِها عن الطريقِ السيء.
  • حصولِ السعادة للإنسان في الدُنيا والآخرة.
  • نشرَ معاني التسامح والتضامن والمحبّة والإخوة بين أفراد المُجتمع المُسلم.
  • عملُ الخير يكونُ سببًا من أسباب تفريج الهموم، وستر العيوب، والقُرب من الله جلّ جلاله.
  • عملُ الخير يكونُ سببًا من أسبابِ استجابةِ دعاءِ الإنسان، وقبولِ رجائِه، وغفران زلاتّه.
  • عملُ الخير يساعدُ الناس المُحتاجين والضعفاء على تحقيق الحياة الكريمة لهم.
  • نيلُ محبة الناس وكسب قلوبهم، فالناسُ عامةً تحبُّ الشخص الذي يهبُّ إلى مُساعدتِهم وعونهم.

إلى هُنا نكونُ قد وصلنا إلى نهايةِ مقالنا خير قليل مستمر من خير كثير منقطع، حيثُ سلطنا الضوءَ على صورِ عمل الخير، والفوائد العائدّة على صاحبّه، وعملُ الخير يجبُّ أنْ يكون خالصًا لوجهِ الله سبحانهُ وتعالى.

المراجع

  1. سورة الحج , الآية 77
  2. سورة المدثر , الآية 42-44
  3. صحيح البخاري , الألباني، عائشة أم المؤمنين، 163، صحيح
  4. صحيح البخاري , البخاري، أبو هريرة، 6502، صحيح

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *