مقدمة جاهزة حول تجديد الرؤيا

مقدمة جاهزة حول تجديد الرؤيا، جاء الشعرُ العربي الحديث متزامنًا مع نكبة فلسطين عامَ 1948م، محاولاً التعبير عن هموم الأمة العربية، لما حدث من ظروف سياسيّة قاسية، وقد ظهر هذا الشعرُ بفعل عدة عوامل منها الاحتكاك المباشر مع الثقافة، والانفتاح على أذهان الفلاسفة والقراء، ومن خلال موقع المرجع سنتحدثُ تحديدًا وباستفاضة طائلة عن تجديد الرؤيا في الشعر العربي وعناصرهُ.

مقدمة جاهزة حول تجديد الرؤيا

أخذ الشعر العربيّ في تطور وتحول لا مثيل لهما في تاريخهُ، إذ أنه يتجه إلى أن يصبح ذا بناء تركيبيّ يتيحُ له أن يغير الفكر، وأن يحتضن الحياة، ويزهمرّ الواقع، فقد وجدت هندسة خفية تسيطر عليه وتوجهه نحو رؤيا جديدة، فأصبح مقابل القصيدة الكلمة والفكرة والانفعال، وهي نماذج تاريخيّة تسربت إلى رؤيا القصيدة الجديدة التي تُعنى فيها توحيد الحركة والفكرة ما بينَ الواقع والرؤيا.

شاهد أيضًا: كم يبلغ عدد بحور الشعر العربي

منهجية تجديد الرؤيا

تُعنى تجديد الرؤيا بمهنجية خاصة بأربعة عناصرَ مهمة، وهيّ تاريخ ظهورها وخصائصها ورُوادها، التعريف بالشاعر، الملاحظة والفرضيّة، الإشكاليّة، على نحوِ الوتيرة الآتية:

تاريخ ظهورها وخصائصها ورُوادها

ظهر خطاب تجديدُ الرؤيّة في منتصفَ القرنِ العشريّن، نتيجة لمجموعة من العوامل السياسيّة والاجتماعيّة والفكريّة، مثل الاستعمار، ونكبّة فلسطين، والانفتاح على الفلسفات والنظريات والقيّم الإنسانيّة الكونية، بحيثُ أن تجربة تجديد الرؤيا للواقعِ واستشرافِ المستقبل، باعتبارِ الإبداع وسيلة للتعبير عن رؤيّة الشاعر، وموقفهُ من الوجود عن طريقِ توظيّفهِ للأساطير والرموز وتفجيرِ الطاقة الشعرية، ومن رواد هذا الخطابُ نذكرْ محمود درويش، وبدر شاكر السيّاب، وأحمد عبدالمعطي حجازي.

التعريف بالشاعر

الذي عرف بدورهِ الرياديّ في هذه التجربة التي ظهرت في ظل التعبيّر عن انعاكسات الواقع المُؤلمّة، والحريّة بالتمحيصَ، وقد ترك مجموعة من الأعمال التي تحمل عناوين لقصائد معبرة ومختلفة.

الملاحظة والفرضية

تأتي المُلاحظة والفرضية من خلال ملاحظة عنوان النص وبدايته، ومدى التعبير الانتقائيّ لكلمات الشاعر لقصيدته.

الإشكالية

ملاحظة الشكل الانطباعيّ الخارجيّ للقصيدة، مثلاً على فرضِ أنها قصيدة شعرية تنتمي إلى تجربةِ تجديد الرؤيا، وما إلى ذلك.

خصائص تجربة تجديد الرؤيا

تطورت القصيدة العربية في النصف الثاني من القرن العشرين، نتيجة لمجموعة من العوامل المُختلفة من كافة الاتجاهات والمناحيّ الحياتيّة والإنسانيّة والكونيّة، وقد انعكس هذا التطورُ على الشاعر العربي الذي أصبح يمتلك رؤيا شعريّة تتحددُ من خلال عدة عوامل وخصائص مُحددة، وهيّ:

  • النظر إلى الحياة نظرة شاملة ومستقبلية وواعية، وعدم الاكتفاء بالنظر إلى الواقع.
  • البحث عن الحقيقة، ومحددات الهوية في أعماق الظواهر الخفية.
  • التعبير عن القضايا بعمق، وذلك باستخدام الرموز والأساطير.
  • امتزاج صوت الشاعر بصوت الإنسانية.
  • الرؤيا الشعرية لا تكون في قصيدة واحدة بل تكون في كثير من قصائد الشاعر.

نرشح لكم أيضًا قراءة المقالات التالية:

شعراء تجديد الرؤيا

يوجدُ عدة من الشعراء الذين امتلكوا رؤية شعريّة، ومنهم محمود درويش، وبدر شاكر السياب، وفدوى طوقان، وأدونيس، ويوسف الخال، وأمل دنقل، عبدالوهاب البياتي، والمجاطي، وغيرهم، وكل شاعر يمتلك رؤية شعرية تكن لهُ رموزه الخاصة التي تتكرر في شعره، فمثلاً عند السياب نجد رموز جيكور، بويب، غيلان، العراق، أما عند أدونيس نجد طائر الفينيق، النار، وهكذا.

الفرق بين تكسير البنية وتجديد الرؤيا

يوجدُ فروق عدة وجوهرية بينَ تكسير البنية وتجديد الرؤيا في الشعر العربي الحديث، وتتجلّى هذه الفروق فيما يأتي:

  • الفرقُ الأول:

لقد قام شعراء تكسير البنية بخرق النظام الإيقاعي الشعري التقليدي الخليلي، وعبروا من خلال ذلك عن تجارب شعرية عاشوها وتفاعلوا معها، لكنّ شعراء تجديد الرؤيّة تجاوزا ذلك إلى إعادة تشكيلِ الواقع عبر الرمز والأسطورة، والتطلع إلى عالم ممكن يقوم محلّ الواقع الحاليّ، فشعراء تجديدُ الرؤيا لم يعبروا عن موضوعات قائمة بحد ذاتها، بل تطلعوا إلى استشراف المستقبل، حيثُ يتفاعل الذاتي مع الإنساني.

  • الفرقُ الثاني:

تجربة تكسير البنية سعت إلى الابتكار والحداثة على مستوى البنية الشكليّة للقصيدة، وذلك عبرَ توظيف اللغة بدلالات جديدة، وخرق البنية الإيقاعية الموروثة وتعويضه بنظام السطر الشعريّ، واعتماد وسائل مستحدثة في الصورة الشعريّة وبوظيفة جديدة، أما تجربة تجديد الرؤيا، فقد اتسمت بالحداثة والتجديد من حيث القضايا والموضوعات والأفكار التي يعبر عنها الشاعر.

  • الفرق الثالث:

لا تعتبر كل قصيدة لتكسير البنية هي قصيدة لتجديد الرؤيا، لأن تكسير البنية هو وصف للتغيير الذي يصيب القصيدة على مستوى الشكل، أما تجديد الرؤيا فإنها وصف للمضمون الفكري الذي يميز القصيدة.

إلى هنا نكون قد وصلنا إلى نهاية مقالنا مقدمة جاهزة حول تجديد الرؤيا، حيثُ سلطنا الضوء على فكرة الشعر العربي الحديث في تجديد الرؤيا وتوحيدها نحو الواقع واستشراف المستقبل.

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *