خطبة جمعة مكتوبة مؤثرة جدا
جدول المحتويات
خطبة جمعة مكتوبة مؤثرة جدا صلاة الجمعة وخطبتها مظهر إسلامي فريد، وهي بمنزلة الإعلام عند المسلمين؛ فبها يتحصل المسلم على الموعظة وحال أمة الإسلام، ونحو تلك المعاني، لذلك يهتم موقع المرجع في الحديث عن خطبة جمعة مكتوبة مؤثرة جدا، وعن فضل الجمعة، وعن حكم خطبة الجمعة، وعن اشتراط اللغة العربية لخطبة الجمعة، وعن صفة خطبة الجمعة.
خطبة جمعة مكتوبة مؤثرة جدا
مقدمة الخطبة: الحمد لله الملك القدوس السلام، الذي أعطى كل شيء خلقه على الكمال وعلى التمام، رفع السماء بلا عمد والأرض وضعها للأنام، فيها جنات معروشات وغير معروشات والنخل ذات الأكمام، وجبال وظلال ولباس وشراب وطعام، وخيل وبغال وحمير وأنعام.
نص الخطبة: عباد الله إن من نعم الله تعالى التي لا تحصى، أن أحسن خلق الإنسان، وصوره في أجمل صورة، وفضله على غيره من المخلوقات، ومن صور هذا التفضيل، أن وهبه جوارح وميزه بميزات ليست موجودة عند باقي المخلوقات، ومن بين هذه الجوارح اللسان وقدرته على النطق والكلام، عباد الله إن اللسان صغير حجمه عظيم خطره وجرمه ومن حفظ لسانه فقد حفظ نفسه ودينه ومن لم يفعل فقد هلك، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: “هَل يَكُبُّ النَّاسَ في النَّارِ على وجوهِهِم أو على مَناخرِهِم إلَّا حَصائدُ ألسنتِهِم”،[1] والمراد بحصائد الألسنة هو جزاء الكلام المحرم وعقوبته فإن الإنسان يزرع بكلامه الحسنات والسيئات فإذا زرع خيرًا حصد الكرامة وإن زرع شرًا حصد الحسرة والندامة، ومن صور الكلام المحرم الواجب على المسلم الحذر منها، وتجنب الوقوع فيها، التلفظ بالكفر من سبٍ لله ورسوله والاستهزاء بدينه وكذلك الخوض في الباطل وقذف المحصنات والخوض في أعراض الناس والغيبة والنميمة وشهادة الزور والسب والشتم وفاحش الكلام وبذيئه، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ليسَ المؤمنُ بالطَّعَّانِ ولا اللَّعَّانِ ولا الفاحشِ ولا البَذيءِ”،[2] عباد الله وكما أن سيء الكلام وبذيئه منهي عنه، كذلك فإن الإكثار من الكلام الذي لا حاجة منه منهي عنه أيضًا، ويورث قساوة القلب، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم “إنَّ اللَّهَ كَرِهَ لَكُمْ ثَلَاثًا: قيلَ وَقالَ، وإضَاعَةَ المَالِ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ”،[3] ويقول عمر رضي الله عنه: “من كثر كلامه كثر سقطه ومن كثر سقطه كثرت ذنوبه ومن كثرت ذنوبه كانت النار أولى به”.
خاتمة الخطبة: كان خوف السلف الصالح من آفات اللسان عظيمًا، فقد كان أبو بكر يمسك لسانه ويقول هذا الذي أوردني الموارد، وكان ابن مسعود يحلف بالله الذي لا اله الا هو ما على الأرض شيء أحوج إلى طول سجن من لسان، وقال الحسن اللسان أمير البدن فإن جنى على الأعضاء شيء جنت وإن عف عفت، اللهم احفظ ألسنتنا من كل ما يحبط أعمالنا ويذهب حسناتنا، اللهم احفظ ألسنتنا وأبصارنا واسماعنا عما لا يرضيك واستعمالها فيما يرضيك.
شاهد أيضًا: خطبة مختضرة عن عيد الأضحى 1442/2021
خطبة جمعة مكتوبة مؤثرة جدا عن الموت
مقدمة الخطبة: الحمد لله؛ نحمده ونستعينه، ونستغفره، ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شرك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، وسلم تسليمًا كثيرًا، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}،
نص الخطبة: الإنسان في هذه الحياة الدنيا يسعى ويكدح، يخطط ويدبر، يفكر ويؤمل، يرصد في حساباته ويدقق في تجاراته، يعرق ليجمع، ويجمع ليعطي أو يمنع، أهمه شأن الأولاد، وأقلقه تأمين المستقبل، آماله كثيرة، مركب ومسكن، وظيفة وجاه، زواج وسياحة، إذا انتهى من أمل لاح في خياله أمل آخر، وفي لحظة غير محسوبة، وساعة غير منتظرة، وبينما هو في صحة وقوة، وبلا مقدمات ولا سابق إنذار، ضاعت المشاريع، وتبعثرت الأوراق، وماتت الأهداف، ونزلت به لحظة غريبة ومفاجأة رهيبة؛ {وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ}،[4] ويسكن الجسد المسجى فلا حس بعدها ولا خبر، {وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ * إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ}،[5] جاء أجلك أيها الإنسان فأغمضوك وغسلوك، وكفنوك، وللصلاة قدموك، وعلى الأكتاف حملوك، ثم في قاع اللحد دفنوك، جاء أجلك أيها الإنسان فبكي عليك وترحم عليك، قسمت أموالك، وسكنت دارك، ونسيت أطلالك، ومحيت آثارك، وبقيت بعدها مجندلاً في قبرك مع أمانيك، مرتهنًا بعملك ليس لك إلا ما سعيت {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى * وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى * ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى}،[6] هذه هي الدنيا، هذه هي النهاية، في لمحة بصر أصبح العبد نسياً منسياً، وجاء الوعد الحق، {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ}،[7] أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم لي ولكم، ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم.
خاتمة الخطبة: إن موت الفجأة يدعو كل من كان له قلب إلى محاسبة نفسه، وتذكيرها بحقوق العباد ورب العباد، فنحن في زمن الإمهال والأعمال، فقد مر نبينا -صلى الله عليه وسلم- بقبر فقال:”مَنْ صاحِبُ هذا القبرِ؟ فَقالوا: فُلانٌ فقال: رَكْعَتانِ أحبُّ إلى هذا من بَقِيَّةِ دُنْياكُمْ”،[8] هذه أمنيته ركعتان يزيد فيها من حسناته، ويتدارك ما فاته من أيام عمره في حياته، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.
خطبة جمعة قصيرة جدا وسهله مكتوبة
مقدمة الخطبة: الحمد لله الذي جعل حبه أشرف المكاسب، وأعظم المواهب، أحمده وأشكره على نعمة المطاعم والمشارب، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له المنزه عن النقائص والمعايب، خلق الإنسان من ماء دافق يخرج من بين الصلب والترائب، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا عبده ورسوله الداعي إلى الهدى والنور وطهارة النفس من المثالب، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.
نص الخطبة: يقول تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ}،[9] إن الذين قالوا ربنا الله: أي الذين آمنوا بربوبية الله، وبأنه وحده الخالق المتصرف بهذا الكون، فلا ند له ولا شريك،
ثم استقاموا: أي اخلصوا العمل لله، ثم أدوا الفرائض والعبادات، وعملوا بطاعته واجتنبوا معصيته، تتنزل عليهم الملائكة: أي تأتيهم الملائكة عند نزول الموت بهم، فتبشرهم ألا تخافوا ولا تحزنوا، أي: لا تخافوا على ما ستقدمون عليه من أمر الآخرة، ولا تحزنوا على ما خلفتم في دنياكم من أهل وولد، فالله سيتكفل بهم، فالخوف يختص بالحوادث التي تقلق الإنسان لكنها مستقبلية لم تحدث بعد، أما الحزن فهو مختص بالحوادث التي وقعت في الماضي، وابشروا بالجنة التي كنتم توعدون: أي افرحوا بالجنة التي ستكون مصيركم، والتي كنتم توعدون بها في الدنيا، على إيمانكم بالله واستقامتكم على طاعته، وعن سفيان بن عبد الله الثقفي -رضي الله عنه- قال: “قُلتُ: يا رَسولَ اللهِ، قُلْ لي في الإسْلامِ قَوْلًا لا أسْأَلُ عنْه أحَدًا بَعْدَكَ، وفي حَديثِ أبِي أُسامَةَ غَيْرَكَ، قالَ: قُلْ: آمَنْتُ باللَّهِ، ثم اسْتَقِمْ”،[10] قل هي فعل اللسان، وآمنت هي فعل القلب، واستقم هي فعل الجوارح.
خاتمة الخطبة: اللهم يا مثبت القلوب ثبت قلوبنا على طاعتك، اللهم واجعلنا من أهل السداد والاستقامة، {إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}،[11] فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، {وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ}.[12]
خطبة جمعة قصيرة عن الذكر
مقدمة الخطبة: الحمد لله الذي خلق الخلق بقدرته، ومنّ على من شاء بطاعته، وخذل من شاء بحكمته، فسبحان الله الغني عن كل شيء، فلا تنفعه طاعة من تقرب إليه بعبادته، ولا تضره معصية من عصاه لكمال غناه وعظيم عزته، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في إلاهيته، وأشهد أن نبينا وسيدنا محمدًا عبده ورسوله خيرته من خليقته، اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحابته صلاة وسلاما كثيرًا.
نص الخطبة: عبادة عظيمة، رفيعة القدر، جليلة المنزلة عند الله جل وعلا، صفة لأهل الإيمان، وعبادة بها تحيا القلوب وترتاح الأرواح، عبادة أثنى الله على كل مسلم متصف بها ملازم لها، هي عبادة كثرة ذكر الله عز وجل، وصف الله بها أهل الإيمان حيث قال {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمْ}،[13] أي أن ذكر الله ملازمًا لهم في كل أحوالهم، وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حاثًا على فضيلة هذه العبادة، وواصفًا لأهلها بأنهم الأحياء وغيرهم الأموات: “مَثَلُ الذي يَذْكُرُ رَبَّهُ والذي لا يَذْكُرُ رَبَّهُ، مَثَلُ الحَيِّ والمَيِّتِ”،[14] لأن ذكر الله به حياة القلوب، ولأن المحب إذا أحب شيئًا أكثر من ذكره، وكذلك العبد إذا أحب الله أدمن ذكره وأكثر منه، وكان عليه الصلاة والسلام ملازمًا لذكر الله، فقد روي عنه أنه كان يستغفر الله في المجلس الواحد أكثر من مئة مرة، وفي رواية أكثر من سبعين مرة، وهو الذي غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن عظمة هذه العبادة أن الله يعامل العبد بالمثل إذا يقول {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ}،[15] ويقول عليه الصلاة والسلام: “يقولُ اللَّهُ تَعالَى: أنا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بي، وأنا معهُ إذا ذَكَرَنِي، فإنْ ذَكَرَنِي في نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ في نَفْسِي”،[16] فإذا ذكر العبد ربه في خلوته، ذكره الله في نفسه، وماذا أعظم من ذكر الله لك وأنت العبد الذليل، وهو العزيز القهار فوق عباده.
خاتمة الخطبة: يقول عمر رضي الله عنه: “إني لا أحمل هم الإجابة لأن الله قال: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ}،[17] لكني أحمل هم الدعاء، فالعبرة ليست في سهولة الدعاء والذكر ويسره، فهو عبارة عن أسطر قليلة وكلمات معدودة، ولكن العبرة هل يقوى القلب على مدوامة الذكر، وهل يستطيع الإنسان أن يذكر الله في كل حين، نعم لكن لا يكون ذلك إلا هداية من الله لعباده المؤمنين، اللهم اعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، اللهم أطلق ألسنتنا واحيي قلوبنا بذكرك.
خطبة جمعة عن مفاتيح الرزق
مقدمة الخطبة: الحمد لله المنعم على عباده بدينه القويم وشرعته، وهداهم لاتباع سيد المرسلين والتمسك بسنته، وأسبغ عليهم من واسع فضله وعظيم رحمته، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له دعوة الحق يخرج الحي من الميت، ويخرج الميت من الحي، يسبح له الليل إذا عسعس والصبح إذا تنفس، وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله سيد المرسلين، وقائد الغر المحجلين، بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده، فصلوات الله وسلامه عليه، وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين، وعلى أزواجه أمهات المؤمنين، وعلى أصحابه والتابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وسلم تسليما كثيرا.
نص الخطبة: إن الهم الذي يصبح عليه الناس ويمسون، ويشغل بالهم في كل حين هو الرزق، فكلنا نتمنى أن يكون رزقه كثيرًا وافرًا، وكلنا نتمنى الغنى المادي، وكلنا نخشى الفقر والحاجة، وقد بين الله لنا في كتابه وعلى لسان رسوله الأسباب الجالبة للرزق، والطرق التي يجب أن تتبعها لنصل لهذه الغاية، وأول هذه الأسباب التوبة والاستغفار، يقول الله تعالى على لسان نوح عليه السلام: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا}،[18] ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: “مَن لَزِمَ الاستِغفارَ، جعَلَ اللهُ له مِن كلِّ ضِيقٍ مَخرَجًا، ومِن كلِّ هَمٍّ فَرَجًا، ورَزَقَه مِن حيث لا يَحتَسِبُ”،[19] فقد جعل الله الرزق ثمرة الاستغفار، ومن أبواب الرزق أيضًا تقوى الله عز وجل، يقول الله في محكم التنزيل: {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ}،[20] ويقول أيضًا: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَىٰ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ}،[21] فالواجب على الإنسان تقوى الله وخشيته، وخصوصًا في أمور الكسب والرزق، وأن لا يطعم إلا حلالاً طيبًا، ومما يجلب الرزق صلة الرحم، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: “مَن سَرَّهُ أنْ يُبْسَطَ له في رِزْقِهِ، أوْ يُنْسَأَ له في أثَرِهِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ”،[22] وصلة الرحم تكون بالزيارة والتواصل، وتكون بالإنفاق وإهداء الهدايا، ومن أبواب الرزق إنفاق المال في سبيل الله، يقول تعالى: {مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّائَةُ حَبَّةٍ ۗ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ ۗ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}،[23] ويقول رسوله الكريم “ما مِن يَومٍ يُصْبِحُ العِبادُ فيه إلَّا مَلَكانِ يَنْزِلانِ، فيَقولُ أحَدُهُما: اللَّهُمَّ، أعْطِ مُنْفِقًا خَلَفًا، ويقولُ الآخَرُ: اللَّهُمَّ، أعْطِ مُمْسِكًا تَلَفًا”،[24] فمن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن فرج كربة أخيه فرج الله كربته، وإن الله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه، والجزاء يكون من جنس العمل، فمن ينفق في سبيل الله يزده الله من فضله وينفق عليه، ومن أبواب الرزق التوكل على الله تعالى، يقول الله تعالى: {وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ}،[25] ويقول رسوله صلى الله عليه وسلم: “لو أنكم تتوكّلونَ على اللهِ حقَّ توكلهِ ، لرزقكُم كما يرزقُ الطيرُ ، تغدُو خماصًا ، وتروحُ بطانا”،[26] ومعنى التوكل هو أن تأخذ بالأسباب كلها، وتوقن أن رزقك سيصلك مهما حصل، وهو عكس التواكل الذي يعني التكاسل عن طلب الرزق، بحجة أن الله كتب الأرزاق كلها.
خاتمة الخطبة: اعلموا أن الرزق ليس محصورًا بالمال فقط، إنما للرزق أنواع كثيرة وأوجه عديدة، فالولد البار رزق، والزوجة الصالحة رزق، والصحة والعافية رزق، والعلم والفهم رزق، ومحبة الناس والسمعة الحسنة رزق، وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها، ولو أن أحدنا حرم واحدة من هذه النعم، لتمنى لو كانت له مقابل مال الدنيا كله، وأوصيكم ونفسي بالوصية النبوية التي أوصى بها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صاحبه أبا هريرة فقال له: “ارْضَ بما قسم اللهُ لك تَكُنْ أَغْنى الناسِ”.
فضل الجمعة
بعد أن أوردنا خطبة جمعة مكتوبة مؤثرة جدا، سنتحدث عن فضل الجمعة، فلها فضائل كثيرة، دلت عليها أحاديث عديدة، منها:[27]
- عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: “خيرُ يومٍ طَلعَتْ فيه الشَّمسُ يومُ الجُمُعة؛ فيه خَلَقَ اللهُ آدَمَ، وفيه أُدْخِلَ الجَنَّةَ، وفيه أُخرِجَ منها، ولا تقومُ السَّاعةُ إلَّا في يومِ الجُمُعة”.[28]
- عن أبي هريرة، وحذيفة رضي الله عنهما، قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “أضلَّ اللهُ عنِ الجُمُعة مَن كان قَبْلَنا، فكانَ لليهودِ يومُ السَّبت، وكان للنَّصارى يومُ الأحد، فجاءَ اللهُ بنا فهَدَانا ليومِ الجُمُعة، فجَعَل الجُمُعة والسَّبتَ والأَحَد، وكذلك هم تبعٌ لنا يومَ القيامَةِ، نحنُ الآخِرونَ من أهلِ الدُّنيا، والأَوَّلونَ يومَ القِيامَةِ، المقضيُّ لهم قبلَ الخلائقِ”.[29]
- عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال: “نَحنُ الآخِرونَ الأوَّلون السَّابِقون يومَ القِيامةِ، بَيْدَ أنَّهم أُوتوا الكتابَ مِن قَبلِنا، ثمَّ هذا يومُهم الذي فَرَضَ اللهُ عليهم، فاخْتَلفوا فيه، فهَدَانا اللهُ له، والنَّاسُ لنا فيه تَبَعٌ؛ اليهودُ غدًا، والنَّصارَى بعدَ غدٍ”.[30]
شاهد أيضًا: دعاء اخر ساعة من يوم الجمعة
حكم خطبة الجمعة
الخطبة شرط في الجمعة لا تصح بدونها، وهذا باتفاق المذاهب الفقهية الأربعة: الحنفية، والصحيح عند المالكية، والشافعية، والحنابلة، وحكي الإجماع على ذلك، قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الجُمُعة فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا البَيْعَ}،[31] وعن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: “كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يخطُبُ قائمًا، ثم يَقعُد، ثم يقومُ، كما تَفعَلون الآنَ”،[32] وعن جابر بن سمرة رضي الله عنه، قال: “كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَخطُبُ قائمًا، ثم يَجلِسُ، ثم يقومُ فيخطبُ قائمًا، فمَن نبَّأكَ أنه كان يخطُبُ جالسًا فقد كذَبَ؛ فقد صليتُ معه أكثرَ مِن ألْفَيْ صلاةٍ”.[33][34]
ويشترط أن تكون للجمعة خطبتان، وهو مذهب الجمهور: المالكية، والشافعية، والحنابلة، وهو قول عامة العلماء، عن جابر بن سمرة رضي الله عنه، قال: “كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَخطُبُ قائمًا، ثم يَجلِسُ، ثم يقومُ فيخطبُ قائمًا”،[33] وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، قال: “كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يخطُبُ خُطبَتَينِ يقعُدُ بينهما”،[35] فقد واظب النبي -صلى الله عليه وسلم- على خطبتي الجمعة مواظبة غير منقطعة، وهذا الدوام المستمر يدل على وجوبهما، والخطبتين أقيمتا مقام الركعتين من صلاة الظهر؛ فكل خطبة مكان ركعة، فالإخلال بإحداهما كالإخلال بإحدى الركعتين.[36]
شاهد أيضًا: خطبة عن فضل عشر ذي الحجة مكتوبة قصيرة
صفة خطبة الجمعة
يمكن تلخيص صفة خطبة الجمعة وشروطها بما يلي:[37]
- أن تكون الخطبة على منبر: يستحب أن تكون الخطبة على منبر، فهو أبلغ في الإعلام وإسماع الناس ووعظهم.
- أن يكون الخطيب على طهارة: تسن الطهارة في خطبة الجمعة ولا تشترط، وهذا مذهب الجمهور: الحنفية، والمالكية، والحنابلة، والظاهرية، وقول عند الشافعية.
- تسليم الخطيب على الناس: يستحب للإمام إذا صعد المنبر فاستقبل الحاضرين أن يسلم عليهم، وهو مذهب الشافعية، والحنابلة، وبه قال طائفة من السلف، واختاره ابن عثيمين.
- جلوس الخطيب حتى يؤذن المؤذن: يسن إذا صعد الخطيب على المنبر أن يجلس بعد سلامه عليهم حتى يؤذن المؤذن، وهذا باتفاق المذاهب الفقهية الأربعة: الحنفية، والمالكية، والشافعية، والحنابلة، وحكي الإجماع على ذلك.
- الأذان بين يدي الخطيب قبل البدء بالخطبة: حيث يشرع الأذان عقيب صعود الإمام على المنبر.
- الأذان الأول للجمعة: يشرع الأذان الأول لصلاة الجمعة.
- الإنصات أثناء الخطبة: يجب الإنصات أثناء الخطبة، ويحرم الكلام، وهو مذهب الجمهور: الحنفية، والمالكية، والحنابلة، وقول للشافعي في القديم، وبه قال أكثر أهل العلم.
- صلاة تحية المسجد والإمام يخطب: يستحب لمن دخل المسجد صلاة ركعتين تحية المسجد، حتى لو كان الإمام يخطب الجمعة، وهذا مذهب الشافعية، والحنابلة، وبه قالت طائفة من السلف، وهو مذهب الظاهرية، وحكي الإجماع على ذلك، وابن باز، وابن عثيمين، وبه أفتت اللجنة الدائمة.
- تخطي الرقاب حال الخطبة: يحرم تخطي الرقاب حال الخطبة، وهذا مذهب الحنفية، والمالكية، واختاره ابن المنذر، والنووي، وابن تيمية، وابن عثيمين، وعليه فتوى اللجنة الدائمة.
- الاحتباء وقت الخطبة: لا بأس بالاحتباء والإمام يخطب يوم الجمعة، وهو مذهب الجمهور: الحنفية، والمالكية، والحنابلة، وبه قال أكثر أهل العلم، وهو قول طائفة من السلف، وهو مذهب الظاهرية، وحكي الإجماع على ذلك.
شاهد أيضًا: أفضل أدعية يوم الجمعة مكتوبة
ما يسن في خطبة الجمعة
هناك العديد من الأمور يسن القيام بها في خطبة الجمعة، ومن هذه الأمور:[38]
- اعتماد الخطيب على قوس أو عصا: يستحب اعتماد الخطيب على قوس أو عصا، وهو مذهب الجمهور: المالكية، والشافعية، والحنابلة، واختاره الصنعاني، وابن باز، وحكي الإجماع على ذلك.
- إقبال الخطيب على الناس: يشرع للإمام أن يخطب مستقبلاً أهل المسجد، ومستدبرًا القبلة.
- توجه الناس إليه بأبصارهم: يستحب للمصلين استقبال الإمام إذا خطب، وهو مذهب الجمهور: الحنفية، والشافعية، والحنابلة، وقول للمالكية، وحكي الإجماع على ذلك.
- رفع الخطيب صوته: يستحب للخطيب أن يرفع صوته في خطبة الجمعة، وهذا باتفاق المذاهب الفقهية الأربعة.
- تقصير الخطبة: حيث يسن تقصير الخطبة، فإنه أوعى للسامعين، وأبعد للملل عنهم.
- قيام الخطيب في الخطبة: وقد اختلف العلماء في حكم قيام الخطيب في خطبة الجمعة، فمنهم من اعتبره شرط مع القدرة عليه، وهو مذهب الشافعية، وقول الأكثر من المالكية، واختاره القرطبي من المالكية، وهو رواية عن الإمام أحمد، وحكي الإجماع على ذلك، والقول الثاني: يسن أن يخطب قائمًا، وهو مذهب الحنفية، والحنابلة، وقول للمالكية، واختاره ابن عثيمين.
- الجلسة بين الخطبتين: يستحب جلوس الخطيب بين الخطبتين، ولا يجب، وهو مذهب الجمهور: الحنفية، والمالكية، والحنابلة، وبه قال أكثر أهل العلم.
- الدعاء في الخطبة: يستحب الدعاء للمسلمين في الخطبة، وهو مذهب الجمهور: الحنفية، والمالكية، والحنابلة، وقول للشافعية، ولا يشرع للإمام رفع يديه في خطبة الجمعة، ويكتفي بالإشارة بالإصبع، إلا إذا استسقى فإنه يرفع يديه، وهو مذهب الجمهور: المالكية، والشافعية، والحنابلة، وقول بعض الحنفية.
آداب يوم الجمعة وصلاتها
يوم الجمعة أفضل أيام الأسبوع، ومما يستحب القيام به في يوم الجمعة، ما يلي:[39]
- قراءة سورة السجدة والإنسان في صلاة فجر الجمعة: يسن أن يقرأ في فجر يوم الجمعة بسورتي السجدة والإنسان، وهذا مذهب الشافعية، والحنابلة، وهو قول طائفة من السلف، واختاره ابن دقيق العيد، وابن تيمية، وابن باز.
- قراءة سورة الكهف يوم الجمعة: استحب الجمهور؛ الحنفية، والشافعية، والحنابلة، قراءة سورة الكهف يوم الجمعة، واختاره ابن الحاج من المالكية، وابن باز، وابن عثيمين.
- الدعاء يوم الجمعة: يستحب الإكثار من الدعاء يوم الجمعة، ففيه ساعة يستجاب بها الدعاء، واختلف أهل العلم في ساعة الإجابة يوم الجمعة، القول الأول: أنها من جلوس الإمام إلى انقضاء الصلاة، القول الثاني: أنها بعد العصر، وبه قال أكثر السلف.
- غسل الجمعة: يسن الغسل يوم الجمعة، وهذا باتفاق المذاهب الفقهية الأربعة، وبه قال جماهير العلماء، وحكي الإجماع على ذلك، ووقت غسل الجمعة يبدأ من بعد طلوع الفجر يوم الجمعة، والأفضل أن يكون عند الرواح إلى صلاة الجمعة.
- الطيب والسواك: يستحب أن يتطيب ويستاك، ويتزين ويلبس أحسن ثيابه لحضور صلاة الجمعة.
- التبكير لصلاة الجمعة: يستحب التبكير من أول النهار، وهو مذهب الجمهور؛ الحنفية، والشافعية، والحنابلة، وهو قول ابن حبيب من المالكية، واختاره ابن حزم.
- الذهاب إلى صلاة الجمعة ماشيًا: يستحب أن يذهب إلى صلاة الجمعة ماشيًا، وهذا باتفاق المذاهب الفقهية الأربعة.
- البيع في وقت الجمعة: يحرم البيع بعد النداء للجمعة.
وهكذا نكون قد وصلنا إلى نهاية مقالنا، الذي تحدثنا فيه عن خطبة جمعة مكتوبة مؤثرة جدا، وعن فضل الجمعة، وعن حكم خطبة الجمعة، وعن اشتراط اللغة العربية لخطبة الجمعة، وعن صفة خطبة الجمعة.
المراجع
- صحيح الترمذي , الألباني، معاذ بن جبل، 2616، صحيح.
- صحيح الترمذي , الألباني، عبد الله بن مسعود، 1977، صحيح.
- صحيح مسلم , مسلم، المغيرة بن شعبة، 593، صحيح.
- سورة ق , الآية 19
- سورة القيامة , الآيتين 29-30
- سورة النجم , الآيات 39-40-41
- سورة فاطر , الآية 5
- صحيح الترغيب , الألباني، أبو هريرة، 391، حسن صحيح.
- سورة فصلت , الآية 30
- صحيح مسلم , مسلم، سفيان بن عبد الله الثقفي، 38، صحيح.
- سورة النحل , الآية 90
- سورة العنكبوت , الآية 45
- سورة آل عمران , الآية 191
- صحيح البخاري , البخاري، أبو موسى الأشعري، 6407، صحيح.
- سورة البقرة , الآية 152
- صحيح البخاري , البخاري، أبو هريرة، 7405، صحيح.
- سورة غافر , الآية 60
- سورة نوح , الآيات 10-11-12
- سنن أبي داود , أبي داود، عبد الله بن عباس، 1518، سكت عنه [وقد قال في رسالته لأهل مكة كل ما سكت عنه فهو صالح].
- سورة الطلاق , الآيتين 2-3
- سورة الأعراف , الآية 96
- صحيح البخاري , البخاري، أنس بن مالك، 2067، صحيح.
- سورة البقرة , الآية 261
- صحيح البخاري , البخاري، أبو هريرة، 1442، صحيح.
- سورة الطلاق , الآية 9
- صحيح الترمذي , الألباني، عمر بن الخطاب، 2344، صحيح.
- dorar.net , فَضْلُ الجُمُعة , 28/07/2021
- صحيح مسلم , مسلم، أبو هريرة، 854، صحيح.
- صحيح مسلم , مسلم، حذيفة بن اليمان، 856، صحيح.
- صحيح البخاري , البخاري، أبو هريرة، 896، صحيح.
- سورة الجمعة , الآية 9
- صحيح البخاري , البخاري، عبدالله بن عمر، 920، صحيح.
- صحيح مسلم , مسلم، جابر بن سمرة، 862، صحيح.
- dorar.net , حُكْمُ خُطبَةِ الجُمُعةِ , 28/07/2021
- صحيح البخاري , البخاري، عبدالله بن عمر، 928، صحيح.
- dorar.net , حُكمُ الخُطبَتينِ للجُمُعةِ , 28/07/2021
- dorar.net , صِفةُ خُطبةِ الجُمُعةِ , 28/07/2021
- dorar.net , ما يُسنُّ في الخُطبةِ , 28/07/2021
- dorar.net , آدابُ يومِ الجُمُعةِ وصَلاتها , 28/07/2021
التعليقات