شروط التوبة النصوح

شروط التوبة النصوح التي من رحمة الله سبحانه وتعالى أن أكرم العبد بعبادات تمحو كل ذنب ومعصية يقترفه في حياته الدنيا، ولهذا سيتم التعرف في موقع المرجع على مفهوم التوبة وحُكم التوبة وما هي شروط التوبة النصوح، وما هو دعاء التوبة النصوح، وكيفية صلاة التوبة، في هذا المقال.

مفهوم التوبة

تُعرف التوبة في اللغة: الرجوع من الذنب، وتاب إِلى الله يتوب توبًا وتوبة ومتابًا، وهي: أناب ورجع عن العصية إلى الطاعة، ونقول رجل توّاب أي: تائب إِلى الله، وتاب العبد: رجع إلى طاعة ربه، وعبد توّاب أي: كثير الرجوع إلى الطاعة وأصل التوبة الرجوع فنقول في اللغة: تاب وثاب وأب وأناب: أي رجع، والله توّاب أي: يتوب على عبده، ومنها استَتَبتُ فلانًا أي: عرضت عليه التوبة مما اقترف، واسْتَتابه أي: سأله أن يتوب، والتوبة شرعًا: هي أصل تاب عاد إِلى الله ورجع وأناب، وتاب الله عليه أي: عاد عليه بالمغفرة، قال تعالى: {‏‏وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}؛[1] أي عودوا إِلى طاعته وأنيبوا إِليه، والتوب: ترك الذنب على أجمل الوجوه، وهو أبلغ وجوه الاعتذار.[2]

ما حكم التوبة

أجمع العلماء على أن التوبة فرض على المؤمنين؛ وكان هذا لقوله تعالى: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}[1] وقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا}[3] وقد أمر الله سبحانه وتعالى بالتوبة وهي فرض على الأعيان في كل وقت وحين، وتصح مع كل ذنب، ولكن ليس على الإنسان إذا لم يذكر ذنبه ويعلمه أن يتوب منه بعينه، ولكن يلزمه إذا ذكر ذنبًا تاب منه، أي إذا علم حقيقة الربا مثلًا أن يندم ويتوب منه على الرغم من المدة التي أخذ فيها الربا، وهكذا كل ما وقع من الذنوب والسيئات كالغيبة والنميمة وغير ذلك من المحرمات التي لم يعرف كونها محرمة، فإذا فقه العبد وتفقد ما مضى من كلامه تاب من ذلك جملة، وندم على ما فرط فيه من حق الله سبحانه وتعالى.[2]

شاهد أيضًا: دعاء التوبة والاستغفار من الذنوب والمعاصي مكتوب

شروط التوبة النصوح

إن التوبة هي الرجوع من الذنب، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: “التوبة تهدم ما كان قبلها”، وقال أيضًا على الصلاة والسلام-: “التائب من الذنب كمن لا ذنب له”، ولنيل التوبة النصوح لا بُد من وجود شروط لها هي ثلاثة شروط كالآتي:[4]

  • الشرط الأول: الندم على ما مضى؛ أي أن يحزن ويندم على ما مضى منه من المعاصي.
  • الشرط الثاني: الإقلاع عن الذنب؛ ويكن خوفًا من الله وتعظيمًا له.
  • الشرط الثالث: العزم الصادق على عدم العودة للذنب.

وعليه فمن يقول ندمت وهو يفعل الذنب ليس بتائب، فلا بد من الندم على الماضي والترك والإقلاع عنه، سواء أكان زنا ترك الزنا، وكان سرقة تركها، وكان عقوق ترك العقوق، وإن كان معاملة ربوية ترك المعاملة الربوية، وهكذا، وأن يعزم العبد عزمًا صادقًا ألا يعود إلى المعصية، فهذه الشروط الثلاثة لا بد منها حتى تكون التوبة صحيحة، ويمحو الله بها الذنب، إلا إن كان الذنب يتعلق بحق من حقوق الآدميين، فعليه أن يردها، ثم يقلع عن الذنب.

دعاء التوبة النصوح

بعد أن تعرفنا على مفهوم التوبة وشروطها وأن العبد يستطيع أن يمحو الذنب الذي اقترفه بدعاء إن استمر به وأقلع عن هذا الذنب، فلا بُد أن نعلم ما هي هذه الأدعية حتى ندعو بها؛ وهذه بعض منها:

  •  “اللهمّ إنّي أستغفرك لكلّ ذنب خطوت إليه برجلي، ومددت إليه يدي أو تأمّلته ببصري، وأصغيت إليه بأذني، أو نطق به لساني، أو أتلفت فيه ما رزقتني ثمّ استرزقتك على عصياني فرزقتني، ثمّ استعنت برزقك على عصيانك فسترته عليّ، وسألتك الزّيادة فلم تحرمني ولا تزال عائدا عليّ بحلمك وإحسانك يا أكرم الأكرمين. اللهمّ إنّي أستغفرك من كلّ سيّئة ارتكبتها في بياض النّهار وسواد الليل، في ملأ وخلاء وسرٍّ وعلانية وأنت ناظر إليّ، اللهمّ إنّي أستغفرك من كلّ فريضةٍ أوجبتها عليّ في آناء الليل والنّهار تركتها خطأً أو عمداً أو نسياناً أو جهلاً، وأستغفرك من كلّ سنّةٍ من سنن سيّد المرسلين وخاتم النبيين سيّدنا محمّد صلّى الله عليه وسلّم تركتها غفلةً أو سهواً أو نسياناً أو تهاوناً وجهلاً أو قلّة مبالاة بها، أستغفر الله وأتوب إلى الله ممّا يكره الله قولاً وفعلاً وباطناً وظاهراً، اللهمّ صلّ وسلّم على سيّدنا محمّد وعلى آله وصحبه الطيّبين الطّاهرين”.
  •  “اللهمّ أنت الملك لا إله إلّا أنت ربّي، وأنا عبدك لمت نفسي، واعترفت بذنبي، فاغفر لي ذنوبي جميعاً، إنّه لا يغفر الذنوب إلّا أنت، واهدني لحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلّا أنت، واصرف عنّي سيّئها لا يصرف عنّي سيّئها إلّا أنت، لبّيك وسعديك، والخير كلّه بيديك، والشرّ ليس إليك، تباركت وتعاليت، أستغفرك وأتوب إليك”.
  • وكان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: “اللهم اغفر لي ذنبي كله دقه وجله وأوله وآخره وعلانيته وسره”.
  • “اللهم أنت ربي وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت ، أعوذ بك من شر ما صنعت ، أبوء لك بنعمتك علي وأبوء بذنبي فأغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت” ابكي على خطاياك وخطيئتك، وجرب اللذة في مناجاة الله واعترف بالذل لله وبت إلى الله بصق واسمع أخي للفرج من ملك الملوك”.

شاهد أيضًا: كيفية الاستغفار عن الميت

كيفية صلاة التوبة

لقد أجمع أهل العلم على مشروعية صلاة التوبة، بدليل حديث أبي بَكْرٍ الصديق رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: “سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: مَا مِنْ عَبْدٍ يُذْنِبُ ذَنْبًا فَيُحْسِنُ الطُّهُورَ ، ثُمَّ يَقُومُ فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ ، ثُمَّ يَسْتَغْفِرُ اللَّهَ إِلَّا غَفَرَ اللَّهُ لَهُ ، ثُمَّ قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ : “وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ”،[5] ويستحب أداء هذه الصلاة عند عزم المسلم على التوبة من الذنب الذي اقترفه، وسواء أكانت هذه التوبة بعد فعله للمعصية مباشرة أو متأخرة عنه، وتصلى ركعتان كما في حديث أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- ويشرع للتائب أن يصليها منفردًا، لأنها من النوافل التي لا تشرع لها صلاة الجماعة، ويندب له بعدها أن يستغفر الله تعالى، ومن الجدير بالذكر أنه لم يرد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه يستحب تخصيص هاتين الركعتين بقراءة معينة، فيشرع للعبد أن يقرأ  فيهما ما شاء، وللتائب أن يجتهد في عمل الصالحات مع إقامة صلاة التوبة، لقول الله تعالى: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى}،[6] ومن أفضل الأعمال الصالحة التي يفعلها التائب: الصدقة فهي من أعظم الأسباب التي تكفر الذنب، حيث قال الله تعالى: {إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ}.[7]

هل التوبة تحتاج إلى غسل

ليس على التائب غسل في الشرع الإسلام، وهذا لا على الوجوب ولا على الاستحباب؛ إلا إذا كان كافرًا أو مشركًا ثم أسلم فهنا من المشروع أن يغتسل الإنسان، وقد اختلفوا هل هذا الغسل واجب أم مندوب، ففى الحديث عن قيس بن عاصم: “أنه أسلم فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يغتسل بماء وسدر”، وهذه الغسل يشرع لمن أسلم وأراد التوبة فعليه أن يغتسل حتى تقبل توبته، أما المسلم الذي يريد أن يقلع عن الذنب ويتوب إلى الله -عز وجل- فلا غسل عليه، وإما ينوي للصلاة كما ذكرنا سابقًا.[2]

وهكذا نكون قد وصلنا إلى ختام مقال شروط التوبة النصوح، وتعرفنا على مفهوم التوبة وما حكم التوبة، ومن ثم تعرفنا على شروط التوبة النصوح، وتطرقنا لمعرفة دعاء التوبة وكيفية صلاة التوبة، وهل التوبة تحتاج إلى غسل حتى تقبل، وذكرنا ذلك جملة وتفصيلًا في هذا المقال.

المراجع

  1. سورة النور , الآية 31
  2. saaid.net , التوبة , 12/09/2021
  3. سورة التحريم , الآية 8
  4. binbaz.org.sa , شروط التوبة النصوح , 12/09/2021
  5. الترغيب والترهيب , المنذري، أبو بكر الصديق، 2/385، صحيح
  6. سورة طه , الآية 82
  7. سورة البقرة , الآية 271

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *