كم مدة حمل مريم بعيسى

كم مدة حمل مريم بعيسى، سؤال يتبادر إلى ذهن كل مسلم؛ حيث إن حمل السيدة مريم بني الله عيسى عليها السلام، كان لها الصدى الواسع في مر العصور، حيث ورد ذلك في كتاب الله العزيز، وفي الأناجيل، وكانت السيدة مريم من نسل مبارك، إلى أن أنجبت نبي من أنبياء الله، فما زادها ذلك إلا تشريفًا وذكرًا، فحظيت بسورة كاملة في القرآن الكريم، ولهذا سيتم التعرف في موقع المرجع على مريم العذراء، وسنجيب عن مدة حمل مريم بعيسى، ونعلم ما كان بعد هذا الحمل، وما هي الحكمة من حمل مريم بعيسى، وما الحكمة من ولادته من غير أب، وكم كان عمرها وكيف حملت بعيسى، في هذا المقال.

مريم العذراء في سطور

السيدة العذراء هي مريم بنت عمران، لقبت بالعذراء لأنها بقيت عذراء قبل وبعد وخلال الحمل بعيسى عليه السلام، فهي والدة نبي الله عيسى عليه السلام، وقد ولدت بعد دعاء أمها بأن يهبها الله سبحانه وتعالى الولد للحفاظ على بيت المقدس، إلا أنها كانت زوجة عمران امرأة عاقر أي أنها لا تلد؛ لكنها بقيت في نفسها عاطفة الأمومة وبقيت تدعو الله -عز وجل- بأن يكرمها بالولد حيث قال تعالى على لسانها: {إِذْ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}.[1]

وقد أكرمها الله سبحانه وتعالى بالحمل؛ ولكن ما لبثت إلا أن توفي زوجها عمران؛ وقد رزقها الله بالبنت فكانت فشعرت بصعوبة الأمر؛ لأن الولد هو أقدر بالحفاظ على بيت المقدس؛ فقال تعالى على لسانها: {فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنثَى وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وِإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ[2] إلا أن الله قد تقبلها بقبول حسن وأنبتها نباتًا حسنًا، وقد ولدت يتيمة الأب وأمها كبيرة في السن فطلبت بكفالتها؛ فاختار الله تعالى زوج خالتها نبي الله زكريا عليه السلام، قام على رعايتها وتربيتها؛ قال تعالى: {وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقاً قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَـذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ إنَّ اللّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ[3] حيث نشأت في المحراب كانت تختلي بنفسها إلا أن الله بلطفه كان يكرمها بالطعام والشراب وهذا مما تساءل عنه زكريا وعلم أنه من عند الله سبحانه وتعالى.[4]

شاهد أيضًا: قصة سيدنا عيسى عليه السلام

كم مدة حمل مريم بعيسى

لقد اختلف العلماء في مدة حمل مريم بعيسى ولكن مما أجمعوا عليه بأنه تسعة أشهر، وهذا مما قال به جمهور العلماء، إلا أن عكرمة ذكر أنها ثمانية أشهر حيث كان هذا خاصًا لعيسى عليه السلام، ومما قيل أيضًا: أنها حملت به ووضعته، لكنه جاء في الرد على ذلك بقول ابن كثير:[5]

وهذا غريب، وكأنه مأخوذ من ظاهر قوله تعالى: {فحملته فانتبذت به مكانا قصيا * فأجاءها المخاض إلى جذع النخلة}، فالفاء وإن كانت للتعقيب لكن تعقيب كل شيء بحسبه، فالمشهور الظاهر – والله على كل شيء قدير- أنها حملت به كما تحمل النساء بأولادهن، ولهذا لما ظهرت مخايل الحمل بها وكان معها في المسجد رجل صالح من قراباتها يخدم معها البيت المقدس يقال له يوسف النجار، فلما رأى ثقل بطنها وكبره أنكر ذلك من أمرها ثم صرفه ما يعلم من براءتها ونزاهتها ودينها وعبادتها ثم تأمل ما هي فيه فجعل أمرها يجوس في فكره لا يستطيع صرفه عن نفسه، فحمل نفسه على أن عَرَّض لها في القول، فقال: يا مريم إني سائلك عن أمر فلا تعجلي عليّ. قالت: وما هو؟ قال: هل يكون قط شجر من غير حب؟ وهل يكون زرع من غير بذر؟ وهل يكون ولد من غير أب؟ فقالت: نعم، وفهمت ما أشار إليه، أما قولك: هل يكون شجر من غير حب؟ وزرع من غير بذر؟ فإن الله قد خلق الشجر والزرع أول ما خلقهما من غير حب ولا بذر. وهل يكون ولد من غير أب؟ فإن الله تعالى قد خلق آدم من غير أب ولا أم. فصدقها وسَلَّم لها حالَها.

شاهد أيضًا: من هو أكثر نبي ذكر في القرآن

معجزة حمل السيدة مريم

كان لحمل السيدة مريم العديد من المعاني والألطاف الإلهية، والتي كانت كمعجزة اخترق العادة والطبيعة، فعندما حملت بها كان ذلك بنفخ جبريل لها في روحها، أي أنه من غير زواج، وبعد أن ظهرت عليها أعراض الحمل واعتزلت الناس، جاءها لطف الله سبحانه وتعالى، بعد أن عانت من آلام المخاض وألم البعد عن الناس لبيان عذريتها، نزل قول الله تعالى: {فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا*وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا}،[6] وقد قيل أن المتكلم إما جبريل والصحيح أنه عيسى وكان ذلك لحكمة الله تعالى في التخفيف عن مريم في أصعب الأوقات من حياتها، فقد أكرمها بأن جعل الله سبحانه وتعالى من تحتها نهرًا صغيرًا لتشرب منه، وأمرها بأن تهز النخلة ليتساقط عليها الرطب الذي يقوي البدن، رغم أن الوقت ليس وقت رطب لكن لتمام المعجزة أكرمها بذلك، وجعل عيسى يكلمها ويطمئنها حيث قال تعالى على لسان عيسى: {فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا ۖ فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَٰنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيًّا}،[7] هذا وقد منعت من الكلام حتى يكون  عيسى هو صاحب الكلام والبيان؛ فكانت هذه هي المعجزة الكبرى التي أظهرت براءة السيدة مريم في قومها.[8]

ما بعد الحمل بعيسى عليه السلام

إنَّ مريم العذراء بعد أن أكرمها الله بالحمل بعيسى من غير أب لاقت الظنون والتهم من قومها، فعندما ظهر عليها آثار الحمل؛ قررت الخروج والذهاب إلى مكان بعيدًا عن أعين الناس، وقد اختارت بيت المقدس، حيث قال تعالى: {فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا}،[9] حينها أتاها المخاض وهي بمفردها عند جذع النخلة، فاجتمعت عليها المصاعب حمل وولادة وبوحدة،ورغم إيمانها بالله إلا أنها تمنت الموت في قوله تعالى: {قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا}،[10] إلا أن الله سبحانه وتعالى لطيف بعباده، وخاصة وأنه قد اختار السيدة مريم لهذه المعجزة فكيف لها أن تترك هكذا، فقام بحمايتها وتسهيل ولادتها بجعل نهر من تحتها ورطب من فوقها، وتكليم وليدها لها وكمئنتها، فكل هذه المعجزات جمعت بعد حملها، رغم خوفها عبى سمعتها من قومها، فكان من لطف الله أن برأها وأتم حملها وولادتها، وإكرامها بولادة نبي كريم كعيسى عليه السلام.

ما الحكمة من خلق عيسى من غير أب

جاء في القرآن الكريم بيان الحكمة من خلق عيسى من غير أب، فكان ذلك في رد جبريل عليه السلام حينما سألت مريم عن ذلك، فنزل قوله تعالى: {قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا}،[11] ففي قوله: {وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ}، بيّن ابن كثير أن الحكمة جاءت لبيان قدرة الله سبحانه وتعالى على الخلق كما يشاء، فقد خلق آدم من غير أب وخلق حواء من ذكر وخلق الخلق من ذكر وأنثى، وجاء القسمة الأخيرة بخلق عيسى من غير أب، فما كان ذلك إلا لمعرفة عظمة الخالق وسلطانه.[12]

وذكر السعدي في ذلك وقال:

آية للناس تدل على كمال قدرة الله تعالى، وعلى أن الأسباب جميعها لا تستقل بالتأثير، وإنما تأثيرها بتقدير الله، فيري عباده خرق العوائد في بعض الأسباب العادية لئلا يقفوا مع الأسباب ويقطعوا النظر عن مقدرها ومسببها.

كم كان عمر مريم عندما حملت بعيسى

كان لمريم العذراء بعد كفال زكريا لها؛ اصطفاء خاص حيث بعد أن لبثت في محرابها للعبادة ورزق الله لها من طعام وشراب، بدأ نزول الملائكة لبيان اصطفاءها حيث قال تعالى: {وَإِذْ قَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاء الْعَالَمِينَ[13] وبعد ذلك جاءها الأمر الإلهي بالحمل بعيسى عليها السلام، فكان عمر السيدة مريم حينها كما نقل القرطبي عن الطبري أنها في سن الثلاثة عشر، إلا أنه لم يقف أحد من العلماء على الصحيح  من ذلك، ولم يرد صراحة في أي تفسير وتاريخ، فالذي نقل عن الطبري أن عيسى أيضًا أنه كان اثنين وثلاثين عامًا حينما رفع إلى السماء، وأن السيدة مريم بقيت بعدما رفع ست سنوات فكان عمرها وخمسين سنة، وهذا مما لم يأت نصٌ صريح على بيانه، وإنما ذكره بعض أهل العلم.[14]

كيف تم حمل مريم بعيسى عليهما السلام

إنَّ حمل السيدة العذراء بعيسى كان معجزة بحد ذاتها، ولهذا فإنه يتساءل البعض عن كيفية ذلك، حيث إن مريم عليها السلام لم تحمل بجماع كسائر النساء، لأن الله سبحانه وتعالى أحصن فرجها، فكان حملها بعيسى بنفخة من جبريل عليه السلام الروح الأمين فيها؛ فعندها حملت بقدرة الله سبحانه وتعالى، حيث قال تعالى على لسان مريم: {أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا* قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آَيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا}،[15] فكان ذلك بنفخة لبيان عظمة وقدرة الله سبحانه وتعالى على الخلق.[16]

ومن هنا نصل إلى ختام مقال كم مدة حمل مريم بعيسى؛ والتي اختلف العلماء فيها بين تسعة أشهر وثمانية وقيل حملت ووضعت في نفس الوقت، فالعلماء لم يقفوا على رواية واضحة، إلا أن الجمهور قالوا بتسعة أشهر، ومن ثم بينا معجزة حمل السيدة مريم، وما الحكمة من ولادة عيسى من غير أب، وما كان بعد حمل مريم وكيف حملت وكم كان عمرها حينها في السطور السابقة.

المراجع

  1. سورة آل عمران , الآية 35
  2. سورة آل عمران , الآية 36
  3. سورة آل عمران , الآية 37
  4. www.wikiwand.com , مريم بنت عمران , 22/10/2021
  5. islamqa.info , مدة حمل مريم بعيسى , 22/10/2021
  6. سورة مريم , الآيات 24-25
  7. سورة مريم , الآية 26
  8. al-maktaba.org , معجزة حمل السيدة مريم , 22/10/2021
  9. سورة مريم , الآية 22
  10. سورة مريم , الآية 23
  11. سورة مريم , الآية 22
  12. www.islamweb.net , الحكمة من إنجاب عيسى من غير أب , 22/10/2021
  13. سورة آل عمران , الآية 42
  14. www.islamweb.net , عمر مريم عندما حملت بعيسى , 22/10/2021
  15. سورة مريم , الآيات 20-21
  16. www.islamweb.net , كيف تم حمل مريم بعيسى , 22/10/2021

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *