كيفية التضلع بماء زمزم بنية الشفاء

كيفية التضلع بماء زمزم بنية الشفاء من الأمور التي يبحث عنها المسلمين، حيث إنّ ماء زمزم من أعظم آيات الله وبيّناته الدّالة على عظمة خلقه وتوحيده، وهو مما يدلّ على عظيم قدرته ورحمته بخلقه، وقد جعل ماء زمزم لا مثيل له على الأرض أبدًا، بل هو خير ماءٍ على الأرض وهو الماء الوحيد الذي وردت في بركته وفضله النصوص الصحيحة، وقد انبثق على نبيّ الله اسماعيل بواسطة جبريل عليه السلام، وتمّ غسل قلب النّبي -صلى الله عليه وسلم- بمائه، وماؤه لا ينضب أبدًا، وقد أوصى النبي بالتّضلع بماء زمزم، وفي هذا المقال عبر موقع المرجع سيتمّ بيان طريقة التضلع بماء زمزم بنية الشفاء وبيان أهم الأحكام المتعلّقة فيه.

ماء زمزم

قبل بيان كيفية التضلع بماء زمزم بنية الشفاء سيتمّ فيما يأتي التعريف بماء زمزم والبئر التي تخرج منها ماء زمزم، فماء زمزم هو الماء الذي يخرج من بئر زمزم الذي فجّره الله تحت قدمي نبي الله إسماعيل -عليه السلام- ابن نبي الله إبراهيم -عليه السلام- وذلك عندما كان رضيعًا مع أمّه هاجر في مكّة المكرّمة، بعد أن وضعهما فيها إبراهيم بأمرٍ من الله بالرّغم من عدم وجود زرعٍ أو بشر أو خلقٍ فيها، فأكرم الله إسماعيل بأن فجّر تحت قدميه بئر زمزم وصارت هاجر تزم الماء بيدها حتى تجمعه في مكانٍ واحد، وقد روى الصّحابي الجليل أنس بن مالك -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنّه قال: “يرحمُ اللهُ أمَّ إسماعيلَ ، لو تَرَكَتْ زمزمَ أو قال : لو لم تغرِفْ من الماءِ لكانتْ عينًا مَعِينًا”.[1] وهو بئرٌ لا يُعرف مصدره وقد اندثر مرّةً في الجاهلية وحُفر على يد جد النبي عبد المطّلب بعد ما رآى رؤيا تدلّه على مكانه.[2]

شاهد أيضًا: دعاء شرب ماء زمزم وأهمية الدعاء بعد شربها

مفهوم التضلع

لمعرفة كيفية التضلع بماء زمزم بنية الشفاء لا بدّ من بيان مفهوم التضلع لغةً واصطلاحًا، حيث إنّ التضلّع لغةً من الفعل تَضلَّع ويعني امتلأ شبعًا وريًّا ويُقال تضلّع علمًا أي تمّكن ورسخ فيه العلم، أمّا اصطلاحًا فيعرف التّضلع أنّه امتلأ شبعًا وريًّا حتذى بلغ الماء أضلاعه، والتّضلّع من زمزم هو شدّة الارتواء منه، وهو أن يقوم المسلم بالشّرب من زمزم حتّى يمتلئ جوفه منه ويصل لأضلاعه، وهو أمرٌ لا يضرّ بخلاف الميه الأخرى، وهو فعلٌ من السّنة النبوية الشريفة.[3]

كيفية التضلع بماء زمزم بنية الشفاء

إنّ التضلّع بماء زمزم بنية الشفاء يكون بشرب المسلم من ماء زمزم حدّ الارتواء منه مع الزيادة حتّى يبلغ الماء أضلاعه، والتّضلّع من ماء زمزم يكون بأن يشرب المسلم منه أكثر وأكثر، حتّى يمتلئ منه جوفه ويصل إلى أضلاعه، وقد روي عن النبي -صلى الله عليه وسلّم- الكثير من الأحاديث التي ترشد إلى التّضلع من ماء زمزم، وقد بيّن رسول الله في أحاديثه أنّ في زمزم شفاءٌ للنّاس، ولذلك على المسلم أن يتضلع بماء زمزم على نيّة الشفاء من كلّ داء مع الأخذ بالأسباب الأخرى من تداوي وعلاج، وقد كان التّضلّع من ماء زمزم آيةً وعلامةً بين المؤمنين والمنافقين، فقد ورد عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنه- أنّه قال: “أنَّ ابنَ عبَّاسٍ قال لرجلٍ إذا شربتَ من زمزمَ فاستقبِلِ الكعبةَ واذكرِ اسمَ اللَّهِ وتنفَّس ثلاثًا وتضلَّع منها فإذا فرغتَ فاحمَدِ اللَّهَ عزَّ وجلَّ فإنَّ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ قالَ آيةُ ما بيننا وبينَ المنافقينَ أنَّهم لا يتضلَّعونَ مِن زَمزَمَ”.[4] وقد قال الشيخ ابن عثيمين في ماء زمزم: “ماء زمزم لما شرب له ، إن شربته لعطش رَوِيت ، وإن شربته لجوع شبعت ، حتى إن بعض العلماء أخذ من عموم هذا الحديث أن الإنسان إذا كان مريضا وشربه للشفاء شفي ، وإذا كان كثير النسيان وشربه للحفظ صار حفظا ، وإذا شربه لأي غرض ينفعه” والله ورسوله أعلم.[3]

شاهد أيضًا: علامات الشفاء بعد قراءة سورة البقرة

على ماذا يدل الاستفراغ بعد التضلع بماء زمزم؟

بعد بيان كيفية التضلع بماء زمزم بنية الشفاء، قد يتساءل الكثير من النّاس على ماذا يدلّ الاستفراغ بعد التضلع بماء زمزم، وقد أشار بعض أهل العلم أنّ الكثير من العلامات تظهر على المسلم بعد تضلّعه بماء زمزم بنية الشّفاء، فبعد قيام المسلم بالتضلع بماء زمزم يمكن أن تظهر على جسمه بقعٌ بيضاء تظهر على جلده، ويمكن أن يتغير لون بوله، ويمكن أن يستفرغ بشدة، فالاستفراغ علامةٌ من علامات خروج السّموم من الجسد، ويخرج معها الكثير من الأمراض كالقولون والعقم، ويمكن أيضًا أن يكون خروج الحسد والعين والسكري والسمنة وغير ذلك من الأمراض والله ورسوله أعلم.[5]

كم تكون مدة التضلع بماء زمزم

لم يرد أيّ نصٍّ في الكتاب أو السنة أو عن السّلف الصالح ما يحدد مدّة التّضلّع، فلا مدّة معينة لذلك، فيمكن للمسمل أن يتضلّع مرّةً واحدة ويمكن له أن يتضلّع باستمرار متى يسّر الله -سبحانه وتعالى- له ذلك، فماء زمزم خير ماءٍ وجد على الأرض، وبذلك أخبر النّبي -صلى الله عليه وسلّم- فلا مثيل له على الأرض، وهو ثمرة دعاء نبيّ الله وخليله إبراهيم -عليه السلام- وهو من أعظم المنافع والنّعم عل المسلمين.

التضلع بماء زمزم للعين

إنّ التضلع بماء زمزم للعين أمرٌ مشروع ولا بأس فيه، فزمزم لما شربت له، حيث يتمّ سقي المصاب بالعين من زمزم حتّى يرتوي، ويشرع أن يُغسّل به، وقد ورد عن ابن القيّم أنّه كان كان يأخذ معه قدحًا من ماء زمزم فيقرأ عليه الفاتحة مرارًا ويشربه ليجد به نفعًا وقوّة لم يعهد مثلها في الدّواء، وكذلك ورد عن الكثير من أهل العلم أنّهم تداووا بماء زمزم، فزمزم فيها شفاء وبركة، ولكنّ الأولى أن يعالج المريض المصاب بالعين كما هو مشروعٌ عن النّبي -صلى الله عليه وسلم- ولو تضلّع بماء زمزم، حيث يؤمر العائن فيتوضأ أو يغتسل ويُغسل المعيون من الماء ذاته، فقد ورد عن أبو أمامة بن سهل بن حنيف قال: “رَأى عامِرُ بنُ رَبيعةَ سَهلَ بنَ حُنَيفٍ، فقال: واللهِ ما رَأيْتُ كاليومِ ولا جِلدَ مُخبَّأةٍ! فلُبِطَ بسَهلٍ، فأُتيَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فقيلَ: يا رسولَ اللهِ، هل لك في سَهلٍ، واللهِ ما يَرفَعُ رَأْسَه. قال: هل تَتَّهِمونَ به أحدًا؟ قالوا: نَتَّهِمُ عامِرَ بنَ رَبيعةَ. فدَعاه، فتَغيَّظَ عليه، وقال: عَلامَ يَقتُلُ أحدُكم أخاه؟! ألَّا بَرَّكتَ؟ اغتسِلْ له. فغسَلَ وَجهَه، ويَدَيه، ومِرفَقَيه، ورُكبَتَيه، وأطرافَ رِجلَيه، وداخِلةَ إزارِه في قَدَحٍ، ثُمَّ صَبَّ عليه، فراح سَهلٌ مع النَّاسِ ما به بَأْسٌ”.[6] ولو كان اغتسال العائن بماء زمزم لكان خيرًا على خير والله أعلم.[7]

شاهد أيضًا: ما الفرق بين العين والحسد

حكم التداوي بماء زمزم

إنّ الإطّلاع على كيفية التضلع بماء زمزم بنية الشفاء يوضّح أنّ حكم التداوي بماء زمزم مباح ومشروع في الإسلام، فقد ثبت في الصّحيح عن النّبي -صلى الله عليه وسلّم- أنّه أخبر أنّ زمزم لما شربت له، فزمزم بذاته فيه بركو عظيمة وشفاء من الأدواء بإذن الله، وهو خير ماءٍ على وجه الأرض، فهي شفاءٌ بذاتها ولو أضاف المسلم بشربها نيّة الشفاء والتداوي كان له بذلك خيرًا فوق خير، ويزيد ذلك لو قرأ القرآن على زمزم قبل أن يشربه للتداوي، وفعل ذلك من الأمور التي تكون سببًا في العلاج والشفاء من الأمراض بإذن الله، فالتداوي بزمزم مشروع ومستحب.[8]

آداب شرب ماء زمزم

إنّ من الأدب في شرب ماء زمزم أن يشربه المسلم على الهيئة التي كان النّبي -صلى الله عليه وسلم- يشربه بها، حيث أنّ خير الهدي هدي النبي عليه الصلاة والسلام، وقد كان يشرب ماء زمزم على النّحو الذي سيتمّ ذكره آتيًا:[9]

  • أن يقوم المسلم بذكر الله -سبحانه وتعالى- والبسملة قبل شرب ماء زمزم، وهي سنّة في كلّ مشرب ومأكل ومن الأدب القيام بها عند شرب زمزم.
  • أن يكون المسلم عند شرب زمزم جالسًا، فرسول الله -صلى الله عليه وسلّم- لم يشرب الماء إلا جالسًا.
  • أن يكون المسلم مستقبلًا القبلة أثناء شرب ماء زمزم.
  • أن يشرب زمزم على دفعات والسّنة أن تكون ثلاثة دفعات، ويتنفّس المسلم الشارب لزمزم بين الدّفعة والأخرى، ويكون نظره بين ذلك إلى الكعبة.
  • التّضلّع من ماء زمزم، وقد تمّ سابقًا بيان كيفية التضلع بماء زمزم بنية الشفاء، وذلك يكون بالشرب منها حتى يمتلئ جوف المسلم ويشعر بالشبع.
  • الإكثار من التّضرّع والدّعاء عند شرب ماء زمزم.
  • أن يكون عاقدًا النّية عند شربه، وأن يشربه بقصد الانتفاع به دنيويًّا وأخرويًّا.
  • أن يحمد الله ويشكره ويثني عليه عند الفراغ من شرب ماء زمزم.

شاهد أيضًا: أحاديث متعلقة بآداب الطعام والشراب

فضل شرب ماء زمزم

إنّ ماء زمزم هو سيد الماء وأشرفه، وهو أجلّها قدرًا وأغلاها ثمنًا، وأنفسه عند الناس، وهو حفرة جبريل عليه السلام وسقيا إسماعيل من الله جلّ جلاله، ويكون شرب ماء زمزم على أحوال أن يشربه المسلم من باب البركة فينالها، وأن يشربه من باب الاستسقاء فيسقيه الله، أو يشربه استشفاءً أو طلبًا لمسألة فيُعطى، ومن يشربه من السّنة يؤجر، ومن فضل شرب ماء زمزم ما يأتي:[10]

  • إنّ ماء زمزم لما شرب له، فمن شربه ليطفئ ظمأه كان له، ومن شربه بنيّة الشفاء شافاه الله، ومن شربه لغير ذلك كان له بإذن الله.
  • يعدّ ماء زمزم مغنيًا عن الطّعام وكافيًا عنه، وقد سمّي عند العربي قديمًا شُباعة، وقد أنزله الله على السيدة هاجر وابنها إسماعيل وكان لهما طعامًا وشرابًا، وقد ورد عن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: “منذُ كم أنتَ هاهُنا ؟ قال : قلتُ : منذُ ثلاثينَ يومًا وليلةً ، قال : منذُ ثلاثينَ يومًا وليلةً ! قال : قلتُ : نعَم ، قال : فما طعامُكَ ؟ قلتُ : ما كان طعامٌ ولا شرابٌ إلا ماءَ زمزمَ ، ولقد سمِنتُ حتى تكسَّرَتُ عُكَنُ بَطني ، وما أجِدُ على كبِدي سخفةَ جوعٍ ، قال : فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : إنَّها مبارَكةٌ ، وهي طعامُ طُعمٍ ، وشِفاءُ سُقمٍ”.[11]
  • أباح الشّرع للمسلم أن يشرب ماء زمزم ليحقق غاياتٍ دنيوية، وقد ثبت أنه نافعٌ لذلك بالتّجريب من المسلمين، واستعان بشربه الكثير من أهل العلم ليزدادوا علمًا وغيرهم في كثيرٍ من الأمور.

دعاء شرب ماء زمزم

في كيفية التضلع بماء زمزم بنية الشفاء فإنّ المسلم سيجد أنّ الدّعاء عند شرب ماء زمزم أمرٌ مستحبٌّ ومشروعٌ في الإسلام، ولكن لم يثبت عن رسول الله -صلى الله عليه وسلّم- أنّه عند شربه لماء زمزم دعا بدعاءٍ مخصوص، لكن روي في الضّعيف من الأثر أنّ عبد الله بن عبّاس كان يدعو بقوله: “اللهم إني أسألك علماً نافعاً، ورزقاً واسعاً، وشفاءً من كل داء” عند شربه لماء زمزم، حيث يمكن للمسلم أن يدعو بما شاء من خيري الدّنيا والآخرة، ومن المستحبّ أن يتحرّى الأدعية المأثورة في الكتاب والسّنة، فهي أدعى وأرجى للإجابة والله أعلم.[12]

شاهد أيضًا: ادعية يوم الجمعة وقت المغرب

بهذا نختتم مقال كيفية التضلع بماء زمزم بنية الشفاء، والذي تمّ تسليط الضوء فيه على بئر زمزم وماء زمزم، وبيّن مفهوم التضلّع وطريقته الصحيحة وذكر مدّته، وبيّن حكم التداوي بماء زمزم وآداب شربه، وتحدّث عن استحباب الدّعاء عند التضلع وشرب ماء زمزم.

المراجع

  1. صحيح الجامع , الألباني، أنس بن مالك، 8079، صحيح.
  2. marefa.org , بئر زمزم , 12/12/2021
  3. saaid.net , من السنن المهجورة - التضلع - , 12/12/2021
  4. شرح البخاري لابن الملقن , ابن الملقن، عبد الله بن عباس، 458/11، إسناده جيد.
  5. تخريج سير أعلام النبلاء , شعيب الأرناؤوط، أبو أمامة بن سهل بن حنيف، 326/ 2، إسناده صحيح.
  6. islamweb.net , رقية المصاب بالعين بماء زمزم وشربه منه وكيف يفعل العائن , 12/12/2021
  7. islamweb.net , التداوي بماء زمزم , 12/12/2021
  8. islamweb.net , آداب شرب ماء زمزم , 12/12/2021
  9. saaid.net , فضل شرب ماء زمزم , 12/12/2021
  10. إتحاف الخيرة المهرة , البوصيري، أبو ذر الغفاري، 246/3، سنده صحيح
  11. islamweb.net , الدعاء عند شرب ماء زمزم , 12/12/2021

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *