هل طاعة الزوج مقدمة على طاعة الوالدين

هل طاعة الزوج مقدمة على طاعة الوالدين من الأسئلة المهمّة التي ينبغي على كلّ الآباء والنساء والرجال الإلمام بمعرفة إجابتها، لكي لا يتخطّى أحدهم حدود الله التي أباحها والتي حرّمها في العلاقات الزوجيّة ضمن شريعة الدّين الإسلاميّ، فلا شكّ أنّ للزوج على زوجته حقوق كثيرة ومنها حقّ الطاعة فيما لا يغضب الله عزّ وجلّ، لذا يهتمّ موقع المرجع ببيان ترتيب الأولويات في الطاعة ما بين الزوج والوالدين في ضوء القرآن الكريم والسنّة النبويّة الشريفة.

مفهوم طاعة الزوج ومشروعيتها

قبل كل شيء وقبل بيان هل طاعة الزوج مقدمة على طاعة الوالدين لا بدّ من بيان مفهوم طاعة الزوج، فالطّاعة في اللغة تعني الليـن والانقياد للأمر، وكذلك إمكانيّـة علاج الأمر، وفي الاصطلاح هي حقٌّ من حقوق الزوج على زوجته، ويدلّ على أنّه ينبغي على الزوجة أن تنقاد لأمر زوجها وتلين له ولا تمانع فيما يأمر ما لم يكن الأمر فيه مخالفةٌ لأمر الله سبحانه وتعالى، وقد بيّن الله -سبحانه وتعالى- مشروعيّة الطاعة للزوج، في سورة النساء، حيث قال تعالى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ}.[1] والقوامة فيها وجه الطاعة من المرأة لزوجها، وكذلك فيها وجه إيفاء الحقّ وتوفير مقوّمات العيش الهانئ للمرأة ما استطاع الرجل إلى ذلك سبيلا، وقد جاء في الحديث الضعيف عن أمّ سلمة أمّ المؤمنين -رضي الله عنها- أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قال: “أَيُّما امرأةٍ ماتت و زوجُها عنها راضٍ دَخَلَتِ الجنةَ“.[2] وقد ورد في ضعيف الترغيب عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنه- أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قال: “أَبلِغي من لَقِيتِ من النِّساءِ؛ أنَّ طاعةَ الزوجِ واعترافًا بحقِّه يعدِلُ ذلك، وقليلٌ منكنَّ من يفعلُه“.[3]

شاهد أيضًا: كم يوم يستطيع الزوج البعد عن زوجته

هل طاعة الزوج مقدمة على طاعة الوالدين

إنّ طاعة الزوج مقدمة على طاعة الوالدين والإخوة، وقد بيّنت الشريعة الإسلاميّة أنّ الزّوج هو جنّة المرأة ونارها، فمن أطاعته احتسابًا لأمر الله -عزّ وجلّ- وصبرت عليه بالحسنى، وأحبّته في سبيل الله كان له نصيبٌ من الجنّة، ومن أعرضت عنه كان لها عذابٌ أليم، وهذا الأمر لا يكون إلّا بطاعة الأوامر بما يرضي الله سبحانه وتعالى، أمّا غير ذلك فلا طاعة لمخلوقٍ في معصية الخالق، وقد ورد في صحيح البخاري عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قال: “لا يَحِلُّ لِلْمَرْأَةِ أنْ تَصُومَ وزَوْجُها شاهِدٌ إلَّا بإذْنِهِ، ولا تَأْذَنَ في بَيْتِهِ إلَّا بإذْنِهِ، وما أنْفَقَتْ مِن نَفَقَةٍ عن غيرِ أمْرِهِ فإنَّه يُؤَدَّى إلَيْهِ شَطْرُهُ“.[4] وقد ورد في فضل إطاعة الزوج عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قال: “إذا صلَّتِ المرأةُ خَمْسَها، وصامَت شهرَها، وحصَّنَتْ فرجَها، وأطاعَت زوجَها، قيلَ لها: ادخُلي الجنَّةَ مِن أيِّ أبوابِ الجنَّةِ شِئتِ“.[5] وقد بيّن الإمام أحمد رحمه الله عن حكم طاعة الزوج في حال تعارض مع طاعة الأبوين بقوله: “طاعة زوجها أوجب عليها من أمها إلا أن يأذن لها”.[6]

شاهد أيضًا: هل يجوز ارجاع الزوجه بعد الطلقه الاولى بدون علمها

حدود طاعة الزوجة لزوجها

كذلك الخوض في بيان هل طاعة الزوج مقدمة على طاعة الوالدين والإخوة يقتضي ذكر حدود طاعة الزوجة لزوجها، فلا شكّ أنّ الطاعة للزّوج هي أعظم الواجبات التي ينبغي على المرأة الالتزام بها، وقد قال الإمام القرطبي -رحمه الله- في ذلك: “هذا كله خبر، ومقصوده الأمر بطاعة الزوج والقيام بحقه في ماله وفي نفسها في حال غيبة الزوج”. وهذه الحدود هي:[7]

  • عدم معارضتها للاستمتاع بها: ما لم يكن لها عذر شرعي، فقد روى أبو هريرة -رضي الله عنه- أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قال: “إذا دَعا الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ إلى فِراشِهِ، فأبَتْ أنْ تَجِيءَ، لَعَنَتْها المَلائِكَةُ حتَّى تُصْبِحَ“.[8]
  • ألّا تكون الطاعة مخالفة لشريعة الإسلام: قد ورد عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- قال: “أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بَعَثَ جَيْشًا، وأَمَّرَ عليهم رَجُلًا فأوْقَدَ نَارًا وقالَ: ادْخُلُوهَا، فأرَادُوا أنْ يَدْخُلُوهَا، وقالَ آخَرُونَ: إنَّما فَرَرْنَا منها، فَذَكَرُوا للنبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقالَ لِلَّذِينَ أرَادُوا أنْ يَدْخُلُوهَا: لو دَخَلُوهَا لَمْ يَزَالُوا فِيهَا إلى يَومِ القِيَامَةِ، وقالَ لِلْآخَرِينَ: لا طَاعَةَ في مَعْصِيَةٍ، إنَّما الطَّاعَةُ في المَعروفِ“.[9]
  • ألّا يكون في الطاعة ضررٌ على الزوجة: وذلك لقول الله تعالى في سورة البقرة: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا}.[10] كذلك لما ورد في الحديث الحسن أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قال: “لا ضررَ ولا ضِرارَ“.[11]
  • لا تكون واجبة إلا في أمور النكاح وما يتعلق به: كذلك بيّن ابن نجيم الحنفي بقوله: “لِأَنَّ الْمَرْأَةَ لَا يَجِبُ عليها طَاعَةُ الزَّوْجِ في كل ما يَأْمُرُ بِهِ إنَّمَا ذلك فِيمَا يَرْجِعُ إلَى النِّكَاحِ وَتَوَابِعِهِ خُصُوصًا إذَا كان في أَمْرِهِ إضْرَارٌ بها”.

شاهد أيضًا: طريقة التعامل مع الزوج المطنش

الحكمة من مشروعية طاعة الزوجة لزوجها

إنّ الحكمة من مشروعية طاعة الزوجة لزوجها هو أنّه امتثالٌ لأمر الله -عزّ وجلّ- فالواجب على المؤمن أن يسلّم لما يأتيه من الأحكام الشرعيّة، قال تعالى في سورة الأحزاب: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً}.[12] فأحكام المولى المنزلة كلّها ذات حكمٍ بالغة، لذا كان جعل القوامة بيد الرجل على زجته لعديد الأسباب، ومنها:[13]

  • أنّ الرجال لهم القدرة الأكبر على تحمّل المسؤولية، والمرأة لها القدرة الأكبر على تربية الأبناء، فقد جعل الله -عزّ وجلّ- لكلٍّ منهما مكانته في العلاقة الزوجية.
  • كذلك أنّ الرجال عليهم تحمّل حقّ النفقة على الزوجة وأولادها.

شاهد أيضًا: كيفية التعامل مع الزوج اللامبالي بزوجته

حقوق الزوج على الزوجة في الإسلام

كذلك الخوض في بيان هل طاعة الزوج مقدمة على طاعة الوالدين يقتضي ذكر حقوق الزوج على الزوجة في الإسلام فيما يأتي:[14]

  • الطاعة: وهو ما سلف بيانه بالتفصيل.
  • الأمانة: فعلى المرأة أن تحفظ أمانة زوجها وأقواله وأفعاله وأسرار بيته وماله وأولاده، وذلك لما ورد عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قال: “كُلُّكُمْ راعٍ وكُلُّكُمْ مسؤول عن رَعِيَّتِهِ، والأمِيرُ راعٍ، والرَّجُلُ راعٍ علَى أهْلِ بَيْتِهِ، والمَرْأَةُ راعِيَةٌ علَى بَيْتِ زَوْجِها ووَلَدِهِ، فَكُلُّكُمْ راعٍ وكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عن رَعِيَّتِهِ“.[15]
  • المعاشرة بالمعروف: كذلك روى معاذ بن جبل -رضي الله عنه- أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قال: “لا تُؤذي امرَأةٌ زوجَها في الدُّنيا ، إلَّا قالَت زَوجتُه من الحورِ العينِ: لا تُؤذِيهِ قاتَلَكِ اللهُ، فإنَّما هوَ عِندَكِ دخيلٌ، يُوشِكُ أن يُفارِقَكِ إلَينا“.[16]
  • حقّ التأديب: من خلال الوعظ والإرشاد، ثمّ الهجر في الفراش، ثمّ الضرب غير المبرح، فطلب الحكمين.
  • الاغتسال من الأذى: كالطهارة من الحيض والجنابة والنفاس.
  • السفر بالزوجة: كذلك من حقّ الزوج أن يسافر بزوجته إن دفع مهرها وكان مأمونًا عليها.

شاهد أيضًا: حكم خروج الزوجة وهي في بيت أبيها اثناء الخلاف مع الزوج

طاعة الزوجة لزوجها ليست انتقاصا لإنسانيتها

وقد تظنّ بعض النسوة أنّ طاعة الزوجة لزوجها انتقاصًا لقيمتها أو لإنسانيتها، ولكنّ الأمر على العكس تمامًا، فقد نظّم الدّين الإسلاميّ الحياة بين الزوجي على أسس قويّة وسليمة، مبنيّة على جميع المقوّمات التي تنهض بالمجتمع السليم المطمئن، وكما أنّ الإسلام لم يكتفي بتحديد حقوق الزوج على زوجته إنّما جعل لكلٍّ منهما حقوقه وواجباته، والأمر بالطاعة في الدين الإسلامي لا يكون إلا بما يرضي الله عزّ وجلّ.[14]

شاهد أيضًا: هل يجوز للرجل ان يتزوج اخت ارملته

هل طاعة الزوج مقدمة على طاعة الوالدين مقالٌ فيه تمّ بيان مفهوم طاعة الزوج ومشروعيتها في الدين الإسلامي، كما ذكر المقال جانبًا من حقوق الزوج على زوجته، مبيّنًا في الختام أنّ طاعة الزوجة لزوجها ليس انتقاصا لإنسانيتها إنّما هو إكرامًا لهما.

المراجع

  1. سورة النساء , الآية 34
  2. ضعيف الجامع , الألباني/أم سلمة أم المؤمنين/2227/ضعيف
  3. ضعيف الترغيب , الألباني/عبد الله بن عباس/1213/ضعيف
  4. صحيح البخاري , البخاري/أبو هريرة/5195/صحيح
  5. صحيح الجامع , الألباني/أبو هريرة/660/صحيح
  6. islamqa.info , طاعة الزوج مقدمة على طاعة الوالدين والإخوة , 23/10/2021
  7. islamweb.net , حدود طاعة الزوجة لزوجها , 23/10/2021
  8. صحيح البخاري , البخاري/أبو هريرة/5193/صحيح
  9. صحيح البخاري , البخاري/علي بن أبي طالب/7257/صحيح
  10. سورة البقرة , الآية 286
  11. بستان العارفين , النووي/-/35/حسن
  12. سورة الأحزاب , الآية 36
  13. islamqa.info , لماذا تطيع المرأة زوجها , 23/10/2021
  14. saaid.net , الطاعة الزوجية , 23/10/2021
  15. صحيح البخاري , البخاري/عبد الله بن عمر/5200/صحيح
  16. صحيح الجامع , الألباني/معاذ بن جبل/7192/صحيح

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *