هل الذهب الملبوس عليه زكاة

هل الذهب الملبوس عليه زكاة؟، تعتبر إجابة هذا السؤال مهمة للغاية بالنسبة لأي شخص مسلم يرغب في التثبت من صحة طريقة إخراجه للزكاة، لذلك سوف يقوم موقع المرجع في هذا المقال بتوضيح نصاب الزكاة من الذهب والفضة بالإضافة إلى عرض الآراء في إجابة هذا السؤال موضحًا الخلاف بين الأئمة.

الشروط التي عند تحققها يتم إخراج زكاة الذهب

قال الله تعالى في كتابه الكريم “وَالَّذينَ يَكنِزونَ الذَّهَبَ وَالفِضَّةَ وَلا يُنفِقونَها في سَبيلِ اللَّـهِ فَبَشِّرهُم بِعَذابٍ أَليمٍ “[1]، وهو ما يشير بصورة واضحة إلى وجوب إخراج زكاة الذهب لتجنب سخط الله وعذابه، ولكن مع ذلك فيجب لإخراج زكاة الذهب تحقق جميع الشروط الآتي ذكرها:

  • الإسلام: يجب على مخرج الزكاة أن يكون مسلمًا فالعبادات لا تقبل من الكافر بالإجماع.
  • الحرية: العبد عامة لا يخرج الزكاة حتى وإن مَلك، رأفة بحاله وتخفيفًا عليه.
  • عدم تعلق حق الغير: أي أن لا يكون الذهب أمانة عند الشخص أو أن لا يكون الشخص مدينًا به لغيره.
  • بلوغ النصاب: يجب أن يبلغ الذهب مقدار عشرين دينارًا حتى تخرج منه الزكاة تحقيقًا لأمر الرسول فيما روي عنه أنه قال “ولَيسَ عليكَ شيءٌ يَعني في الذَّهَبِ حتَّى يَكونَ لَكَ عِشرونَ دينارًا فإذا كانَ لَكَ عِشرونَ دينارًا وحالَ علَيها الحَولُ فَفيها نِصفُ دينارٍ فَما زادَ فبِحسابِ ذلِكَ “[2]، ويقدر العشرين دينارًا قديمًا بما يوازي حاليًا 85 جرامًا من الذهب.
  • حولان الحول: ويقصد بهذا أن يمر على اقتناء الذهب عام هجري كامل لقول رسول الله ﷺ “ولَيسَ في مالٍ زَكاةٌ حتَّى يَحولَ علَيهِ الحَولُ “[3].

شاهد أيضًا: هل الذهب عليه ضريبة في السعودية

الشروط التي يمكن من خلالها إطلاق لفظة “الذهب الملبوس” على الذهب

لا يدخل الذهب ضمن الخلاف القائم على حكم الزكاة على الذهب الملبوس إلا إذا تحققت فيه الشروط الآتية:

  • أن يكون مباحًا: لا تخرج الزكاة على إثم أصلًا لذلك فيجب أن يكون لبس هذا الذهب مباحًا بأن لا يكون نعلًا للمرأة أو سيف لها أو خاتم أو سوار للرجل لأن كل هذه المصوغات من الإثم استعمالها، ويدخل مع ما سبق ذكره كل المصوغات المحرمة على جنس من الجنسين.
  • كون نية الاحتفاظ به هي اللبس: أن يكون الذهب قد تم شراءه بنية لبسه والتزين به لا بنية المتاجرة به أو اكتنازه.
  • أن يكون معتادًا: كأن تكون قيمته عادية لا هي بالرخيصة ولا بالباهظة الثمن، فإن زادت قيمة المصوغات بصورة مبالغ فيها وجب إخراج الزكاة منها لأن هذا يعتبر تبذير بالإضافة لأنه يصبح نوعًا من التحايل على الشرع.

شاهد أيضًا: تفسير رؤية إهداء الذهب في المنام

هل الذهب الملبوس عليه زكاة؟

يعتبر هذا السؤال أحد الأسئلة الشائكة للغاية التي اختلف فيها فقهاء الإسلام على مر العصور إلى فريقين، فقال أحد الفريقين بوجوب إخراج الزكاة من الذهب الملبوس بينما رأى الفريق الآخر أن الذهب المعد للاقتناء يخرج من الأثمان ويدخل في حيز الأعيان لذلك فلا توجد عليه زكاة، وبما أنه في اختلاف علماء الأمة رحمة وفي اتفاقهم عدل فسوف نقوم في هذا الجزء من المقال بتوضيح رأي كل فريق من الفريقين بأدلتهم ويمكن للقارئ أن يختار الرأي الذي يطمئن له قلبه إعمالًا لقوله ﷺ “استَفْتِ قلبَك، البِرُّ ما اطمأنَّت إليه النفسُ، واطمأنَّ إليه القلبُ، والإثمُ ما حاك في القلبِ، وتردَّد في الصدرِ وإن أفتاك الناسُ وأفتَوْك “[4].

توضيح الرأي القائل بوجوب إخراج الزكاة من الذهب الملبوس

قال بهذا الأمر فقهاء الحنفية جميعهم بلا خلاف وهو رأي للإمام الشافعي وما تمت روايته عن الإمام أحمد وهو رأي بن المنذر والخطابي والإمام بن حزم وبن باز، واستدلوا لرأيهم بالاستدلالات العقلية والنقلية الآتية:

  • أن الله تعالى قال في كتابه الكريم “وَالَّذينَ يَكنِزونَ الذَّهَبَ وَالفِضَّةَ وَلا يُنفِقونَها في سَبيلِ اللَّـهِ فَبَشِّرهُم بِعَذابٍ أَليمٍ”[5] ولم يستثني من عموم هذه الآيات أن يكون الذهب ملبوسًا أو مقتنيًا أو من عروض التجارة، فقد ساوت الآية بين جميع أشكال الذهب مما يعني عدم وجود مبرر للتخصيص.
  • ما روي عن رسول الله ﷺ أنه “أتَتِ النَّبيَّ ﷺ امرأتانِ، في أَيديهما أَساورُ مِن ذَهبٍ، فقال لهما رسولُ اللهِ ﷺ: أتحِبَّانِ أنْ يُسوِّرَكما اللهُ يومَ القيامةِ أَساورَ مِن نارٍ؟ قالتا: لا، قال: فأَدِّيَا حقَّ هذا الذي في أَيديكما”[6].
  • ما روي عن السيدة عائشة أنها قالت “دخلَ عليَّ رسولُ اللَّهِ ﷺ فرأى في يديَّ فتَخاتٍ من وَرِقٍ، فقالَ: ما هذا يا عائشةُ؟، فقلتُ: صنعتُهُنَّ أتزيَّنُ لَكَ يا رسولَ اللَّهِ، قالَ: أتؤدِّينَ زَكاتَهُنَّ؟ قلتُ: لا، أو ما شاءَ اللَّهُ، قالَ: هوَ حَسبُكِ منَ النَّارِ”[7].
  • أن السيدة عائشة روي عنها أنها قد أفتت بجواز التزين بالذهب والفضة بشرط التزكية عنهما، وهو القول الذي نقل عنها كما يلي “لا بأسَ بلُبْسِ الحُلِيِّ إذا أُعطِيَتْ زكاتُه”[8].
  • أنه لا يجب التفرقة بين الذهب الملبوس وغيره عقليًا لأن الذهب اسم جنس عمومًا لا فرق فيه بين الملبوس وغيره، فما دام يمكن بيعه واستيفاء ثمنه على أنه جنس من المال فهو مال واكتناز شئنا أم أبينا.
  • أنه لا يشترط في الذهب أن يكون ناميًا بل تؤخذ الصدقة من الذهب المعد للاقتناء إذا كان ثابت القيمة، لذلك فلا فرق بين الذهب المقتنى والملبوس في حقيقة الأمر.

شاهد أيضًا: التكفيت هو التطعيم او التنزيل ويتم بحفر الشكل على المعدن ويضغط داخل المحفور شريط من أسلاك الذهب او الفضة

توضيح الرأي القائل بعدم وجوب إخراج الزكاة من الذهب الملبوس

يأخذ بهذا الرأي جمهور الفقهاء من الشافعية ما عدا الإمام والمالكية والحنابلة وأغلب أهل السلف، واستدل أصحاب هذا الرأي لرأيهم بالأمور الآتية:

  • قول رسول الله ﷺ “تَصَدَّقْنَ يا معشَرَ النِّساءِ، ولو مِنْ حُلِيِّكُنَّ[9] لأنه لو وجبت في هذا الذهب الزكاة لما أمر رسول الله النساء بالتصدق منه.
  • ما روي عن رسول الله ﷺ أنه قال “ليس فيما دونَ خمْسِ أواقٍ مِنَ الوَرِقِ صدقةٌ[10] فنص الحديث دل على المكنوزات من الذهب والفضة وسكت عن الحلي المعدة للبس مما يعني أنها غير مقصودة بالزكاة.
  • روي عن السيدة عائشة أم المؤمنين أنها “كانت تلي بناتِ أخيها يتامَى في حِجْرِها، لهُنَّ الحُلِيُّ، فلا تُخرِجُ منه الزَّكاةَ”[11].
  • من المعقول أنه ليس هناك زكاة على الثياب حتى وإن كانت غالية الثمن والذهب بلبسه صار من جنس الثياب لذلك فيجب أن لا يكون عليه زكاة.

توضيح الرأي القائل بعدم وجوب إخراج الزكاة من الذهب الملبوس

ما هو نصاب زكاة الذهب وكيف يتم حسابه؟

نصاب زكاة الذهب هو 20 دينارًا أي ما يوازي 85 جرامًا من الذهب، فإذا بلغ الذهب هذا المقدار وجب على مالكه أن يخرج ما يوازي مقدار ربع العشر من ثمنه زكاة عنه، ويمكن حساب زكاة الذهب كالتالي:

  • في البداية يتم ضرب عدد جرامات الذهب في سعر الجرام الواحد “عدد الجرامات × سعر الجرام الواحد”.
  • يتم إخراج 2.5 في المئة من قيمة الذهب، ويمكن معرفة قيمة ال 2.5 في المئة باستخدام العملية الحسابية “قيمة الذهب بالمال × 2.5 ÷ 100”.

شاهد أيضًا: ثمانون جراما من الذهب زكاتها

حكم زكاة الذهب الأبيض

لا تجب الزكاة في الذهب الأبيض لأنه مغاير للذهب الأصفر حقيقة وموضوعًا ولا يشتركان في أيًا من خواصهما إلا في الاسم، لكن مع ذلك فمن الأفضل إخراج الصدقة عنه نظرًا لأن الدين قد سكت عن هذا النوع من المصوغات لأنه لم يكن موجودًا في وقت الرسول ولم يعرف به ولم يكن منتشرًا فلم تطلب فيه الزكاة، ويدخل مع الذهب الأبيض “البلاتين” في الحكم الزمرد والزبرجد واللآلئ والمرجان وغيرها مما سكتت عنه أحكام الشرع، فلا تجب الزكاة فيه إذا كان للتزين لا إذا كان من عروض التجارة.

شاهد أيضًا: لماذا سمي البترول بالذهب الاسود

لقد قمنا في هذا المقال بتوضيح إجابة سؤال هل الذهب الملبوس عليه زكاة؟ حتى يستطيع كل من يقلق من هذا الأمر أن يقف على الآراء المختلفة فيه ويختار الرأي الذي يتناسب وعقله ويشعر بأنه هو الرأي الديني الصحيح.

المراجع

  1. سورة التوبة , الآية 34
  2. علي بن ابي طالب , ابن باز / مجموع فتاوي بن باز / 89 / حسن
  3. علي بن أبي طالب , ابن القطان / الوهم والإيهام / 448 / صحيح
  4. وابصة بن معبد الأسدي , الألباني / صحيح الترغيب / 1774 / حسن
  5. عبدالله بن عمر , شعيب الأرناؤوط / تخريج المسند /6667/ حسن
  6. أم المؤمنين عائشة , ابن باز / مجموع فتاوى بن باز / 125 / صحيح
  7. نقله الدارقطني في السنن , الجزء الثاني صفحة 107
  8. زينب امرأة عبدالله بن مسعود , مسلم / صحيح مسلم / 1000 / صحيح
  9. جابر بن عبدالله , مسلم / صحيح مسلم /980 /صحيح
  10. القاسم بن محمد بن أبي بكر , ابن الملقن / البدر المنير / 582 / صحيح

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *