هو التروي في إصدار الأحكام وتعليقها إلى حين التحقق من الأمر

هو التروي في إصدار الأحكام وتعليقها إلى حين التحقق من الأمر تعريفٌ يدلّ على نوعٍ من أنواع التّفكير فماذا يكون؟ فالهدوء والتّفكير برويّة أحد أهمّ الأمور التي على الإنسان أن يتّبعها في حياته وخاصّةً عند اتّخاذه للقرارات المصيرية، وتهتم المناهج التّعليمية الحديثة بتنمية التّفكير لدى النّاس وخاصّة الطّلاب، وتوضيح أنواع التّفكير ومهارات كلّ نوعٍ منها، وفي هذا المقال يتيح موقع المرجع فرصة التعرف على نوع التّفكير الذي يكون فيه التروي عند إصدار أي حكم والانتظار حتّى يتمّ التحقق من جوانب الأمر كافّة.

هو التروي في إصدار الأحكام وتعليقها إلى حين التحقق من الأمر

إنّ اتّخاذ القرارات وإصدار أيّ حكمٍ يتعلّق في أيّ مسألة يتطلّب من الإنسان أن يتمهّل ويفكّر بعقلانيّة ومنطقيّة، وكذلك دراسة كلّ المعطيات الموجودة في أيّ أمر وتمحيص الأدلة والبراهين، وقد ورد تعريفٌ لأحد أنواع التفكير والذي هو التروي في إصدار الأحكام وتعليقها إلى حين التحقق من الأمر، وهذا النّوع سيتمّ التّعرف عليه فيما يأتي:[1] 

• الإجابة: هو التّفكير الناقد.

شاهد أيضًا: شروط التفكير الناقد

ما هو التفكير الناقد؟

نقد فعلٌ ورد في معجم اللغة العربيّة، ويعني ميّز وأخرج الزّيف، ويعني أظهر العيب وبيّن الحسن، والتّفكير النّاقد مفهومٌ مركّب له ارتباطاتٌ بعددٍ كبير من السّلوكيّات في الكثير من المواقف والأوضاع، ويرتبط بالمنطق وحل المشاكل والتعلم والمعرفة، ويستخدم في الواقع للتّعبير عن عدّة معانٍ كالكشف على العيوب والأخطاء، والتفكير التحليلي والتأملي، وقد يرد له عند أهل العلم الكثير من التّعريفات نذكر منها:[2]

• التفكير الناقد هو التروي في إصدار الأحكام وتعليقها إلى حين التّحقق من الأمر.
• التفكير النّاقد هو الفحص والتقييم لكلّ الحلول المتاحة.
• وهو حل المشكلات والتحقق من الأمور وتقييمها استنادًا لمعايير ومفاهيم محدّدة سابقًا.
• هو التّأمل والعقلانيّة التي يتمّ jركيزها على اتّخاذ القرارات بخصوص أمرٍ يصدّقه الإنسان ويؤمن به.
• هو التّفكير الذي يتطلّب حساسيّة عالية للأمور، ويتضمّن الضّوابط المُصحِّحة ذاتيًّا.

ما هي مراحل التفكير الناقد؟

إنّ مراحل التفكير الناقد بحسب تقسيم العلماء لها، هي ثلاث مراحل رئيسة، وتلك المراحل هي:[3]

• مرحلة التعريف والتّوضيح: وهذه المرحلة يتمّ فيها تحديد نوع المشكلة، ومعرفة أسبابها وطرح التّساؤلات المنطقيّة المناسبة حولها، وتحديد قدرة المفكّر على الافتراض والاستنتاج بكلّ الأمور التي تتعلّق في هذه المشكلة.
• مرحلة الحكم على المعلومات: وفي هذه المرحلة يقوم المفكّر بتعيين درجة ومدى مصداقيّة الملاحظات والمعلومات حول المشكلة الأساسيّة، ويقوم بترتيب كلّ الملاحظات بحسب ارتباطها بمحور المشكلة وحلولها.
• مرحلة الاستنتاج: وهي المرحلة الذي يصل فيها المفكّر لحلّ المشكلة، ووضع نتائجها المحتملة، والحكم عليها.

شاهد أيضًا: كيف حول المفكر الناقد غازي القصيبي الهزيمه الى محفز للابداع

مهارات وميزات التفكير الناقد

للتّفكير النّاقد الكثير من الميزات والمهارات التي تميّزه عن غيره من  أنواع التّفكير، وتجعله الأفضل على مستوى النّتائج وحلّ المشكلات، ومهاراته هي:[3]

• القدرة على الاستنتاج: وفيها يمكن الحصول على المعلومات الجديدة، من خلال الاعتماد على المعلومات المتوفرة، والاعتماد على مفهوم التّشابه الذي يكون بالانتقال من الكل إلى الجزء ومن العام إلى الخاص.
• دقة المقارنة: وفيها يتمّ تحديد الشبه والاختلاف بين أكثر من مفهوم بعد وصفهما بدقّة.
• عملية التحليل: وهو تقسيم أجزاء المشكلة وبنودها إلى أجزاء عديدة وصغيرة ومحاولة وصف كلّ جزءٍ على حدة.
• الترتيب والتصنيف: وذلك بالاعتماد عى عدّة معايير، تُرتّب الأحداث الزمنية ترتيبًا منطقيًّا بالاعتماد عليها.
• البحث: حيث يقوم الطّالب أو المفكر بالبحث عن أيّ إجاباتٍ عن الأسئلة المطروحة مع ترتيبها وتنظيمها.
• التمييز والاستقراء: فلا بدّ من وجود القدرة على التّمييز بين الحقائق والآراء، والانتقال من الجزئيّة إلى الكلّيّة.
• القرار: وهو يعدّ بمثابة النتيجة للتّفكير الناقد، ويتوصّل إليه من خلال المرور بمراحل التفكير الناقد الأساسيّة.

تطوير وتنمية التفكير النقدي

إنّ الكثير من الأمور التي يتمّ من خلالها تطوير وتنمية التفكير النّقدي، والتي من الضّروري لكلّ ناقد أن يقوم بالالتزام بها لتطوير مهاراته النقدية:

• أن يقوم باتّخاذ الموضوعيّة في حكمه على الأمور لا أن يحكم بعاطفيّة أو من خلال التّأثّر بالأمور الخارجية.
• أن يتّبع تسلسلًا منطقيًّا للتّفكير النقدي، وأن يتريّث في كلّ مراحله ولا يقوم بالقفز للنّتائج مهما كانت واضحة وسهلة.
• أن يبتعد كل البعد عن التّأثّر بالسّلبيّة المحيطة به، وبوجهات النّظر الغير منطقية.
• الحرص على الاستماع لكلّ الآراء والأخذ بالآراء المناسبة والمنطقيّة.
• الحرص على التّحليل الدّائم للذّات ومعرفة مدى القدرة على الوصول إلى التّحليلات والاستنتاجات.
• دراسة كلّ المشاكل من مختلف وجهات النّظر، والفهم العميق لكلّ وجهة نظرٍ بمفردها، ثمّ تجميع الصّورة.
• تطوير المهارات النّقدية بشكل مستمر والحرص على تعلّم كلّ جديد.

شاهد أيضًا: مادة التفكير الناقد من يدرسها

أهمية التفكير الناقد

قد تحدّثنا فيما سبق عن المفهوم المناسب للتعريف هو إصدار الأحكام وتعليقها إلى حين التحقق من الأمر، حيث يعتمد التفكير الناقد في الحكم على الأمور وحل المشاكل على طريقةٍ تسلسليّةٍ سليمة وإيجابيّة، وتتوقّف أهميّة التّفكير الناقد على ما يأتي:[4]

• التفكير النقدي إضافة كبيرة لأيّ عمل، فهو إن توفّر في أيّ مهنة أو في أي مجال عملي، فإنّه سيمنح القدرة العالية على التّفكير بوضوح وتسلسل الأفكار وإيجاد الحلول بشكل عقلاني وسليم.
• التفكير الناقد عامل رئيس للتّطوّر الاقتصادي والمالي والمعرفي، فهو يساعد على التّعامل بسلاسة مع التّطوّر التّكنلوجي العالي الذي تمّ الوصول إليه، وذلك من خلال بناء المهارات الفكرية التي تساعد على حلّ المشكلات الطّارئة.
• يساهم التفكير النّاقد بتعزيز الابتكار والإبداع من خلال إيجاد أفكار جديدة وتعديلها وجعلها مرنة على الدّوام.
• يطوّر التفكير النّقدي النّفس من خلال اتّخاذ القرارات السّليمة وتأمّل الأفكار الخاصّة.

أمور تعيق التفكير الناقد

قد يواجه التفكير النّاقد الكثير من المعوّقات والعقبات التي تكون سببًا في إعاقة تعلّمه وأدائه، ومن تلك الأمور:[5]

• عدم وجود التقييم الفعّال:  وذلك لأنّ مقياس قوة أو ضعف التفكير يعطي القدرة على تحديد فعالية وموضعيّة هذا التّفكير.
• عدم وضوح مفهوم التفكير الناقد:  حيث أنّ التّفكير النّاقد من المصطلحات التي تمّ تعريفها بأكثر من تعريف، وإنّ أهل العلم لم يبيّنوا الكثير من الأمور حوله فبقي جزءٌ كبيرٌ منه غامضًا.
• عدم وجود التّسلسل المنطقي للتفكير الناقد:  فانعدام التّسلسل المنطقي سيكون سببًا قويًّا لإعاقة التفكير الناقد.

شاهد أيضًا: لا يتوقف الناقد عند الحل الأسهل بل يبحث دائما عن

اذكر مثال عن التفكير الناقد

كمثال على التّفكير النّاقد سيتمّ ذكر الموقف الذي قام به نبي الله إبراهيم -عليه الصّلاة والسّلام- عندما فكّر بأسلوب التفكير الناقد وقام بتحليل المشكلة والمقارنة بين الأدلّة وتمحيصها، وذلك يتمثّل في قوله تعالى: {فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَىٰ كَوْكَبًا ۖ قَالَ هَٰذَا رَبِّي ۖ فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَا أُحِبُّ الْآفِلِينَ * فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَٰذَا رَبِّي ۖ فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ* فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَٰذَا رَبِّي هَٰذَا أَكْبَرُ ۖ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ}. [6]  فقد وضع كلّ ما يتعلّق بالمشكلة وبيّنها للنّاس، فيتفكّر لهم  بكلّ كوكبٍ يعبدونه  بحجّتهم أنّه إلهٌ عظيم، وكلّما رآى كوكبًا أكبر يريهم أنّه أعظم من إلههم الذي اتّخذوه، وأنّ الكوكب السّابق أفل واختفى والإله لا يختفي، حتّى أوصلهم للنّتيجة  المرجوّة، أنّ الله وحده هو ربّ السّموات والأرض، وبهذا حصل على نتيجة التفكير الناقد الذي سار بمراحل منطقيّة.

شاهد أيضًا: ما هو التفكير الناقد

بهذا نصل لنهاية المقال الذي بيّن ما هو التروي في إصدار الأحكام وتعليقها إلى حين التحقق من الأمر، وعرّف التفكير النّاقد، وبيّن مراحله ومهاراته وميّزاته، كما وضّح كيفيّة تطويره وتنميته، وذكر أهميّة التفكير الناقد والأمور التي تعيقه، وختم بتقديم مثالٍ على التفكير الناقد.