من شروط الشفاعه المقبوله عند الله

من شروط الشفاعه المقبوله عند الله والشفاعة هي طلب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أو غيره من الله في الدار الآخرة حصول منفعة لأحد من الخلق، ويهتم موقع المرجع في الحديث عن من شروط الشفاعه المقبوله عند الله، وعن معنى الشفاعة، وأنواعها، وعن الشفاعات التي لم يثبت بها نص صحيح، وعن أقسام الشفعاء المقبولة شفاعتهم، ولمن تكون الشفاعة، وعن الأسباب المانعة من الشفاعة.

من شروط الشفاعه المقبوله عند الله

لا تصح الشفاعة يوم القيامة إلا بشرطين هما: إذن الله للشافع أن يشفع، رضا الله للمشفوع له أن يُشفع فيه، أي لابد أن يأذن الله عز وجل للشافع أن يشفع للمشفوع فيه، لقول الله تعالى: {مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ}،[1] وقول الله تعالى: {وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ}،[2] ولابد أن يرضى الله عز وجل عن المشفوع أن يُشفع فيه، لقول الله تعالى: {وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى}،[3] وقول الله تعالى: {وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى}،[4] فلا تثبت الشفاعة إلا بهذين الشرطين، فإذا انتفيا، أو انتفى أحدهما بطلت الشفاعة، ولم تصح،

وحقيقة الشفاعة أن الله يتفضل على أهل الإخلاص والتوحيد، فيغفر لهم بواسطة دعاء الشافع الذي أذن له أن يشفع؛ ليكرمه بذلك، ولا تكون الشفاعة إلا في أهل التوحيد، فعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لِكُلِّ نَبِيٍّ دَعْوَةٌ مُسْتَجَابَةٌ، فَتَعَجَّلَ كُلُّ نَبِيٍّ دَعْوَتَهُ، وَإِنِّي اخْتَبَأْتُ دَعْوَتِي شَفَاعَةً لِأُمَّتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَهِيَ نَائِلَةٌ إِنْ شَاءَ اللهُ مَنْ مَاتَ مِنْ أُمَّتِي لَا يُشْرِكُ بِاللهِ شَيْئًا”،[5] وعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم: “أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِي مَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ خَالِصًا مَنْ قَلْبِهِ أَوْ نَفْسِهِ”،[6] وقال الله تعالى في الكفار: {فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ}.[7][8]

معنى الشفاعة

فيما يلي سنبين معنى الشفاعة في اللغة وفي الشرع:

الشفاعة لغةً

الشفاعة في لغة العرب مشتقة من الشفع الذي هو غير الوتر، أي أن الشفع هو الزوج الذي هو عكس الوتر عند الإطلاق، تقول: أعطيتك كتاباً ثم شفعته بآخر، أي صار ما معك زوجاً بعد أن كان وتراً، قال ابن منظور: “شفع الوتر من العدد شفعاً: صيره زوجاً”، والمشفع -بكسر الفاء- هو الذي يقبل الشفاعة، والمشفع -بفتح الفاء-هو الذي يقبل شفاعته، قال ابن الأثير: “قد تكرر ذكر الشفاعة في الحديث فيما يتعلق بأمور الدنيا والآخرة، وهي السؤال في التجاوز عن الذنوب والجرائم بينهم، يقال: شفع يشفع شفاعة فهو شافع وشفيع، والمشفع الذي يقبل الشفاعة والمشفع الذي تقبل شفاعته”، وعرفها اللقاني بأنها في اللغة هي: “الوسيلة والطلب”.

الشفاعة اصطلاحًا

ومعاني الشفاعة الشرعية متقاربة مع معانيها اللغوية، وذلك لأن الشفاعة في اللغة يراد بها انضمام شيء إلى شيء آخر، وزيادته في شيء مخصوص، وأما في الشرع فهي التي يراد بها معناها الواضح الذي ورد به الشرع، مخبراً عنه ومبيناً أمره، مما يحصل في الدار الآخرة، وهي: طلب الرسول محمد صلى الله عليه وسلم -أو غيره- من الله في الدار الآخرة حصول منفعة لأحد من الخلق، ويدخل تحت هذا التعريف جميع أنواع الشفاعات الخاصة بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم وغيره، كالشفاعة العظمى وهي طلب الرسول محمد صلى الله عليه وسلم من ربه إراحة الناس من الموقف بمجيئه لفصل القضاء، ويدخل كذلك شفاعته صلى الله عليه وسلم في دخول أهل الجنة الجنة، وشفاعته في تخفيف العذاب عن أبي طالب، وشفاعة الشفعاء في رفع الدرجات في الجنة، وكذا الشفاعة في إخراج قوم من النار، وإدخالهم الجنة.

أنواع الشفاعة

والشفاعة نوعان؛ الشفاعة المثبتة والشفاعة المنفية:[9]

  • شفاعة مثبتة: وهي التي أثبتها الله في كتابه، وعلقها بأمرين: رضاه عن المشفوع له، وإذنه للشافع، فما لم يوجد مجموع الأمرين لم توجد الشفاعة، كما قال الله تعالى: {مَا مِنْ شَفِيعٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ}،[10] وقال: {مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ}.[1]
  • شفاعة منفية: وهى التي أبطلها الله سبحانه في كتابه، بقوله تعالى: {وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا تَنْفَعُهَا شَفَاعَةٌ}،[11] وقوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ}،[12] وقال الله تعالى: {وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلَى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلَا شَفِيعٌ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ}.[13]

الشفاعات التي لم يثبت بها نص صحيح

هناك بعض الشفاعات التي لم يثبت بها نص صحيح، ومن هذه الشفاعات:[14]

  • اعتقاد شفاعة الرسول صلى الله عليه وسلم لمن زار قبره من الناس بعد موته.
  • الشفاعة للأقرب فالأقرب منه صلى الله عليه وسلم.
  • القول بأن الرسول صلى الله عليه وسلم خص بشفاعته أهل مدن بعينها؛ كمكة والمدينة والطائف وغيرها من المدن.
  • شفاعة رسول الله عليه الصلاة والسلام لأكثر مما على وجه الأرض من شجر ومدر.
  • الشفاعة لمن مات في أحد الحرمين.
  • الشفاعة لكل رجلين تآخيا في الله من مبعث الرسول إلى يوم القيامة.
  • الشفاعة للضارب بسيفه أمام ذرية الرسول، والقاضي لهم حوائجهم عندما اضطروا إليه، والمحب لهم بقلبه ولسانه.
  • الشفاعة بحفظ أربعين حديثاً من السنة.
  • الشفاعة لمن قضى حوائج الناس.

أقسام الشفعاء المقبولة شفاعتهم

لا تقتصر الشفاعة في شخص معين، فقد تعدد الشفعاء الذين تقبل شفاعتهم يوم القيامة، وهم:[15]

  • شفاعة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.
  • شفاعة الأنبياء الآخرين غير نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.
  • شفاعة الملائكة.
  • شفاعة الشهداء.
  • شفاعة الولدان.
  • شفاعة المؤمنين بعضهم لبعض.
  • شفاعة القرآن الكريم.

لمن تكون الشفاعة

يؤذن للرسول عليه الصلاة والسلام يوم الحشر بالشفاعة فيشفع بالشفاعة العظمى أولًا والتي ينالها كل العباد من مؤمنين وكفار فيعجل الله تعالى لهم الحساب والقضاء ومن ثم يشفع الرسول عليه الصلاة والسلام للمسلمين فيتجاوز الله عن خطاياهم ويخفف عن من يستحق العذاب منهم ويرفع من كان مآله الجنة درجاته فيها، أما المشركون والمنافقون فلا نصيب لهم من الشفاعة فهم خالدون مخلدون في نار جهنم والعياذ بالله، كذلك تعددت الروايات في من تناله الشفاعة أيضًا وهم أهل التوحيد أي الذين نطقوا الشهادتين من قلب مخلص لكنهم لم يلتزموا بأي أمر شرعي أبدًا في حياتهم والله أعلم.[16]

الأسباب المانعة من الشفاعة

من الأمور التي تحرم صاحبها من أن ينال الشفاعة الشرك ومخالطة الكفر فمن كفر أو أشرك بالله تعالى فقد حرم من الشفاعة وهو في النار والعياذ بالله والشرك يبطل كل الأعمال الصالحة كأنها لم تكن، وكذلك ظلم الراعي للرعية كمن يكون أميرًا أو ملكًا أو قائدًا لأمة فيظلم رعيته والظلم من أقبح الصفات وهو سبب في هلاك الأمم فيحرم هذا الإمام من الشفاعة لظلمه رعيته، والمانع الثالث هو التشدد والغلو في الدين مما يودي بصاحبه للخروج عن صفة الشريعة الإسلامية المعتدلة، فبذلك يحرم حامل هذه الصفة من الشفاعة، كذلك من الأسباب المانعة من الحصول على الشفاعة هي إنكار الشفاعة نفسها أي إنكار وتكذيب أن للرسول عليه الصلاة والسلام شفاعة يوم القيامة، كذلك من أحدث في الدين وابتدع أمورًا من عنده دون وجود أصل شرعي لها سيحرم من الشفاعة يوم القيامة والله ورسوله أعلم.[17]

وهكذا نكون قد وصلنا إلى نهاية مقالنا، الذي تحدثنا فيه عن من شروط الشفاعه المقبوله عند الله، وعن معنى الشفاعة، وأنواعها، وعن الشفاعات التي لم يثبت بها نص صحيح، وعن أقسام الشفعاء المقبولة شفاعتهم، ولمن تكون الشفاعة، وعن الأسباب المانعة من الشفاعة.

المراجع

  1. سورة البقرة , الآية 255
  2. سورة سبأ , الآية 23
  3. سورة النجم , الآية 26
  4. سورة الأنبياء , الآية 28
  5. صحيح مسلم , مسلم، أبو هريرة، 199، صحيح.
  6. صحيح البخاري , البخاري، أبو هريرة، 99، صحيح.
  7. سورة المدثر , الآية 48
  8. dorar.net , شروط الشفاعة , 06/09/2021
  9. dorar.net , أنواع الشفاعة , 06/09/2021
  10. سورة يونس , الآية 3
  11. سورة البقرة , الآية 123
  12. سورة البقرة , الآية 254
  13. سورة الأنعام , الآية 51
  14. dorar.net , الشفاعات التي لم يثبت بها نص صحيح , 06/09/2021
  15. dorar.net , أقسام الشفعاء المقبولة شفاعتهم , 06/09/2021
  16. islamweb.net , هل تنال شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم تارك الصلاة , 06/09/2021
  17. islamweb.net , الأسباب المانعة من الشفاعة , 06/09/2021

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *