حكم الخروج من مزدلفة بعد منتصف الليل

حكم الخروج من مزدلفة بعد منتصف الليل حيث يبيت الحجاج بها بعد نفرتهم من عرفات، ثم يقيمون فيها صلاتي المغرب والعشاء جمعا وقصرا ويجمعوا فيها الحصى لرمي الجمرات بمنى ويمكث فيها الحجاج حتى صباح اليوم التالي، لذلك يهتم موقع المرجع في الحديث عن حكم الخروج من مزدلفة بعد منتصف الليل، وعن أسماء مزدلفة، وعن حكم المبيت بمزدلفة، وعن صلاتا المغرب والعشاء في مزدلفة.

حكم الخروج من مزدلفة بعد منتصف الليل

يجوز الخروج من مزدلفة بعد منتصف الليل؛ لأن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رخص للنساء والضعفة ومن معهم في ذلك، أما الرجال الأقوياء الذين ليس معهم عوائل فالأفضل لهم عدم التعجل، وأن يصلوا الفجر في مزدلفة ويقفوا بها ويكثروا من ذكر الله والدعاء؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- فعل ذلك، وقال: خذوا عني مناسككم، ويجوز كذلك التعجل في رمي الجمرة قبل الفجر؛ لأن أم سلمة رضي الله عنها رمت الجمرة قبل الفجر، ثم مضت وأفاضت، ولم يثبت أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنكر عليها ذلك، فدل ذلك على الجواز، وأنه لا حرج في ذلك، ولما في ذلك من التيسير والتسهيل على الحاج ولاسيما الضعفاء منهم.

اقرأ أيضًا: كم المسافة من عرفة الى مزدلفة

أسماء مزدلفة

هناك العديد من الأسماء لمزدلفة، وسنفصلها فيما يأتي:[2

مزدلفة

يقال: زلف إليه، وازدلف، وتزلف؛ أي: دنا منه، وأزلف الشيء: قربه، والمزدلفة: موضع بمكة، وسبب التسمية بمزدلفة:

  • لأنهم يقربون فيها من منى، والازدلاف التقريب، ومنه قوله تعالى: {وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ}.
  • لأن الناس يجتمعون بها، والاجتماع الازدلاف، ومنه قوله تعالى: {وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الآخَرِينَ}.

المشعر الحرام

  • سمى الله المزدلفة بالمشعر الحرام؛ قال تعالى: {فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ}، والمشعر الحرام المذكور في القرآن: هو جميع المزدلفة، وبه قال جمهور المفسرين وأصحاب الحديث والسير.

جُمع

أطلق الرسول -صلى الله عليه وسلم- على مزدلفة (جُمع) فقال: “ووقَفْتُ ها هنا وجَمْعٌ كُلُّها موقِفٌ “، وسبب التسمية بـ جُمع:  لأنها يجمع فيها بين الصلاتين، وقيل: وصفت بفعل أهلها؛ لأنهم يجتمعون بها ويزدلفون إلى الله؛ أي: يتقربون إليه بالوقوف فيها.

حكم المبيت بالمزدلفة

المبيت بالمزدلفة واجب من واجبات الحج، وهذا مذهب الجمهور، المالكية، والشافعية في الأصح، والحنابلة، وهو قول طائفة من السلف، قال تعالى: {فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ}، وعن عروة بن مضرس بن أوس بن حارثة بن لام الطائي رضي الله عنه، قال: “أتيتُ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بالمُزْدَلِفةِ حين خرج إلى الصَّلاةِ، فقلتُ: يا رسولَ اللهِ، إنِّي جِئْتُ مِن جَبَلِ طَيِّئٍ، أكْلَلْتُ راحلتي، وأتعبْتُ نفسي، واللهِ، ما تَرَكْتُ مِنْ حَبْلٍ إلَّا وقفْتُ عليه، فهل لي مِن حَجٍّ؟ فقال رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: مَن شَهِدَ صلاتَنا هذه ووقَفَ معنا حتى ندفَعَ، وقد وقَفَ بعَرَفة قبلُ ليلًا أو نهارًا؛ فقد أتمَّ حَجَّه وقضى تَفَثَه”، حديث جابر رضي الله عنه: “حتى أتى المُزْدَلِفة، فصلَّى بها المغرِبَ والعِشاءَ بأذانٍ واحدٍ وإقامَتينِ، ولم يُسَبِّحْ بينهما شيئًا، ثم اضطجَعَ رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حتى طَلَعَ الفجرُ، وصلَّى الفجرَ حين تبيَّنَ له الصُّبْحُ بأذانٍ وإقامةٍ، ثم ركِبَ القصواءَ حتى أتى المشعَرَ الحرامَ”.

اقرأ أيضًا: ماذا يقول الحاج عند الاحرام

حكم من فاته المبيت الواجب في مزدلفة

من فاته المبيت الواجب بالمزدلفة صح حجه، وعليه دم إلا إن تركه لعذر فلا شيء عليه، باتفاق المذاهب الفقهية الأربعة: الحنفية، والمالكية، والشافعية، والحنابلة، والدليل على وجوب الدم؛ عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: “مَن نَسِيَ مِن نُسُكِه شيئًا، أو تَرَكَه؛ فلْيُهْرِقْ دمًا”، والأدلة على سقوط الدم عمن ترك المبيت بالمزدلفة لعذر، أن النبي صلى الله عليه وسلم رخص للرعاة في ترك المبيت؛ لحديث عاصم بن عدي رضي الله عنه: “أنَّ رَسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أرْخَصَ لِرِعاءِ الإبِلِ في البَيْتوتَةِ خارجينَ عَن مِنًى”، وأن العباس بن عبد المطلب استأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبيت بمكة ليالي منى؛ من أجل سقايته، فأذن له.

صلاتا المغرب والعشاء في مزدلفة

يسن للحاج أن يجمع في مزدلفة بين صلاتي المغرب والعشاء جمع تأخير، وهذا مذهب الجمهور: المالكية في المشهور، والشافعية، والحنابلة، وبه قال أبو يوسف من الحنفية، وهو قول طائفة من السلف، وحكي الإجماع على ذلك، فعن ابن عمر، رضي الله عنهما قال: “جمَعَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بين المغرِبِ والعِشاءِ بجَمْعٍ كلَّ واحدةٍ منهما بإقامةٍ، ولم يُسَبِّحْ بينهما، ولا على إِثْرِ كلِّ واحدةٍ منهما”، وعن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه: “أنَّ رَسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم جمَعَ في حجَّةِ الوداعِ المغربَ والعِشاءَ بالمُزْدَلِفة”.

ويجمع بين المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين، وهذا مذهب الشافعية، والحنابلة، وبه قال زفر والطحاوي من الحنفية، وعبد الملك ابن الماجشون من المالكية ، واختاره ابن المنذر، وابن حزم، وابن القيم، والشوكاني ،والشنقيطي، وابن باز، وابن عثيمين، فعن جابر رضي الله عنه: “أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أتى المُزْدَلِفةَ، فصلَّى بها المَغْرِبَ والعِشاءَ بأذانٍ واحدٍ وإقامتينِ، ولم يُسَبِّحْ بينهما شيئًا، ثم اضطجَعَ حتى طلَعَ الفجرُ، وصلَّى الفجْرَ”، وعن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: “دفَعَ رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِنْ عَرَفةَ حتى إذا كان بالشِّعْبِ نزل فبال، ثم توضَّأَ ولم يسبغ الوضوء، فقلت له: الصَّلاةَ يا رسولَ اللهِ، فقال: الصَّلاةُ أمامك. فرَكِبَ، فلما جاء المُزْدَلِفةَ نزل، فتوضَّأَ فأسبَغَ الوضوءَ، ثم أقيمَتِ العشاء فصلَّى المغرِبَ، ثم أناخ كلُّ إنسانٍ بعيرَه في مَنْزِلِه، ثم أقيمَتِ الصَّلاةُ فصَلَّى، ولم يُصَلِّ بينهما”

وهكذا نكون قد وصلنا إلى نهاية مقالنا، الذي تحدثنا فيه عن حكم الخروج من مزدلفة بعد منتصف الليل، وعن أسماء مزدلفة، وعن حكم المبيت بمزدلفة، وعن صلاتا المغرب والعشاء في مزدلفة.

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *