حكم الاستعانة بصديق على قضاء دين

حكم الاستعانة بصديق على قضاء دين هو ما سيتمّ بيانه في هذا المقال، فالدّين همٌّ بالليل وذلٌّ بالنّهار، يشغل بال صاحبه ويكدر حاله، ويكسر فؤاده، ويجعل صاحبه يستخفي عن العباد، وقد استعاذ منه النّبي -صلى الله عليه وسلّم- فقد يقع أيّ مسلم في ضائقة مادّية تجعله يستدين، فيقع ولا يتمكّن من سداد دينه، فيخيف الدّين قلبه ويذلّ كرامته، ويهتمّ موقع المرجع بيان حكم الاقتراض من الصّديق والاستعانة به لسداد الدين.

مشروعية الدين في الإسلام

إنّ الخوض في حكم الاستعانة بصديق على قضاء دين يتطلّب بيان مشروعية الدين في الإسلام، حيث إنّ الديّن الإسلامي دينٌ عظيم يحثّ أفراده على التّكافل والتّضامن، ويحثّهم على التعاون، وبذلك شرّع القرض والدّين، وللمحتاج أن يستدين عند حاجته، وقد ورد في كتاب الله ثوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ}.[1] وقد استدان النّبي -صلى الله عليه وسلم- وقضى حاجته وقضى دينه،  ورهن درعًا عند اليهودي، فلا عيب على الإنسان أن يستدين ويقترض إذا ألجأته الظّروف والحاجة، لكن على المسلم أن يعقد النّية على السّداد وقضاء الدّين، فلا يجوز شرعًا الاستدانة ونيّته عدم الرّد.[2]

شاهد أيضًا: ما حكم دفع الزكاة الى غير مصارفها التي حددها الشرع

حكم الاستعانة بصديق على قضاء دين

إنّ الإسلام شرّع الاستدانة وطلب المال عند الحاجة بشرط عقد النّية على إيفائه، وقد يغرق المسلم في الديون ولا يستطيع السداد، وقد يفكّر في الاستعانة بالأصدقاء لسداد الدّيون وقضائها، فما حكم الاستعانة بصديق على قضاء دين:

  • الاستعانة بصديق على قضاء دين أمرٌ جائز ولا حرج فيه.

فليس عيبًا على المرء أن يستدين فكيف يكون عليه عيبًا أن يلجأ لصديقه أو أخيه يستعين به في سداد دينه إن كان موسرًا، فالاستدانة وطلب العون أمران مباحان ومشروعان في الإسلام ونبيّ الله محمد -صلى الله عليه وسلّم- استدان وقضى، واشترى طعامًا إلى أجل، ولكن من الضروري أن يعلم المسلم أنّه ينبغي له أن لا يلجأ للدّين إلا عند اضطراره، ولو ألجأته الحاجة فليعقد العزم والنّية في سداد الدّين، قال تعالى في سورة النّساء: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا}.[3]

شاهد أيضًا: كيف يحقق التوكل على الله طمأنينة النفس وراحة القلب

حكم قضاء الدين عن الصديق وتفريج كربته

بعد معرفة أنّ حكم الاستعانة بصديق على قضاء دين أمرٌ جائز ولا حرج فيه، فذلك يدفع المسلمين للبحث عن حكم قضاء الدين عن الصديق وتفريج كربته، قد أخبر أهل العلم أنّه أمرٌ محمودٌ ومستحبٌّ في الإسلام، وقد ورد عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أنّه قال: “أحبُّ الناسِ إلى اللهِ أنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ ، و أحبُّ الأعمالِ إلى اللهِ عزَّ وجلَّ سُرُورٌ يدْخِلُهُ على مسلمٍ ، أوْ يكْشِفُ عنهُ كُرْبَةً ، أوْ يقْضِي عنهُ دَيْنًا، أوْ تَطْرُدُ عنهُ جُوعًا ، و لأنْ أَمْشِي مع أَخٍ لي في حاجَةٍ أحبُّ إِلَيَّ من أنْ اعْتَكِفَ في هذا المسجدِ ، يعني مسجدَ المدينةِ شهرًا ، و مَنْ كَفَّ غضبَهُ سترَ اللهُ عَوْرَتَهُ ، و مَنْ كَظَمَ غَيْظَهُ ، و لَوْ شاءَ أنْ يُمْضِيَهُ أَمْضَاهُ مَلأَ اللهُ قلبَهُ رَجَاءً يومَ القيامةِ ، و مَنْ مَشَى مع أَخِيهِ في حاجَةٍ حتى تتَهَيَّأَ لهُ أَثْبَتَ اللهُ قَدَمَهُ يومَ تَزُولُ الأَقْدَامِ ، [وإِنَّ سُوءَ الخُلُقِ يُفْسِدُ العَمَلَ ، كما يُفْسِدُ الخَلُّ العَسَلَ ]”.[4] فصاحب اليد البيضاء، الذي تطيب له نفسه أن يعين أخاه ويفرّج همّه ويقضي دينه كلّ ذلك له أجرٌ عظيم عند الله في الدنيا والآخرة.[5]

ضرورة قضاء الدين

قبل ختام مقال حكم الاستعانة بصديق على قضاء الدين لا بدّ من بيان ضرورة قضاء الدين وأهمية التعجيل فيه، فالدّين عند أهل الفقه هو لزوم حقٍّ في الذّمة، وقد جاء الإسلام مشدّدًا في أمر الدّين والتّحذير منه، وحذّر النّبي -صلى الله عليه وسلّم من عدم قضاء الدّين، ومن العقوبات الأخروية التي تترتب على ذلك، فقد ورد في الحديث الذي رواه محمد بن عبد الله بن جحش قال: “كنَّا جلوسًا عندَ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فرَفَعَ رأسَه إلى السماءِ ، ثم وضَعَ راحتَه على جبهتِه ، ثم قال : سبحان اللهِ ! ماذا نزَلَ مِن التَشْدِيدِ ؟ فسَكَتْنَا ، وفَزِعْنَا ، فلما كان مِن الغدِ سأَلْتُه : يا رسولَ اللهِ ، ما هذا التشديدُ الذي نزَلَ ؟ فقال : والذي نفسي بيدِه، لو أن رجلًا قُتِلَ في سبيلِ اللهِ ، ثم أُحْيِىَ ، ثم قُتِلَ ، ثم أُحْيِىَ ، ثم قُتِلَ ، وعليه دَيْنٌ ، ما دخَلَ الجنةَ حتى يُقْضَى عنه دَيْنُه”.[6] فالشّهيد بعظمة مكانته وأجره عند الله لا يسقط عنه الدّين، وقد ورد عن النّبي أنّه ترك الصلاة على رجلٍ كان عليه دين حتّى قُضي عنه دينه، فالنفس تبقى معلّقة بدينها حتّى يقضى دينها.[7]

حكم الاستعانة بصديق على قضاء دين هو عنوان هذا المقال الذي تمّ فيه بيان مشروعيّة الدّين في الإسلام،  وذكر حكم قضاء الدين عن الصديق وتفريج كربته،  وبيّن في الختام ضرورة وأهميّة الإسراع في قضاء الدّين وعدم تركه.

المراجع

  1. سورة البقرة , الآية 282
  2. binbaz.org.sa , الدين لا يمنع الدعاء لمن كانت نيته الوفاء , 13/12/2021
  3. سورة النساء , الآية 58
  4. السلسلة الصحيحة , الألباني/ عبد الله بن عمر/ 906/ صحيح
  5. islamweb.net , قضاء دَين الصديق وتفريج كربته أمر محمود شرعًا , 13/12/2021
  6. صحيح النسائي , الألباني/ محمد بن عبد الله بن جحش/ 4698/ حسن
  7. islamqa.info , خطورة أمر الدَّيْن , 13/12/2021

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *