حكم الاغتسال قبل الاحرام

حكم الاغتسال قبل الاحرام من الأحكام التي يجب على المحرم معرفتها قبل الشروع بأداء المناسك، فقد وجب على المحرم أن يتعرف على أحكام الحج والعمرة كما وردت عن رسول الله حتى ينال الأجر والثواب، ولهذا سيتم التعرف في موقع المرجع على حكم الاغتسال قبل الإحرام، وما هو الإحرام وحكمه بدايةً، وما حكم استعمال الصابون للمحرم، وحكم اغتسال الحائض قبل الإحرام، وكل ذلك في هذا المقال.

تعريف الإحرام

لقد وردت عدة تعريفات للإحرام في اللغة، فجاء تعريف الإحرام لغة: من حرم وهو المنع والتشديد، فالحرام: ضد الحلال، وقيل أن الإحرام: مصدر أحرم الرجل يحرم إحرامًا إذا أهل بالحج أو العمرة، وباشر أسبابهما وشروطهما؛ من خلع المخيط وما إلى ذلك، وأن يتجنب الأشياء التي منعه الشرع منها كالطيب والنكاح والصيد وغير ذلك، فالأصل فيه المنع، فكأن المحرم ممتنعٌ من هذه الأشياء، ومن ذلك فيما ورد في الصلاة في الحديث: “الصلاة تحريمها التكبير”، فالتكبير تحريم لمنعه المصلي من ذلك، وإنما سميت تكبيرة الإحرام أي الإحرام بالصلاة، وعليه فالإحرام: هو الدخول في حرمة لا تهتك، وإحرام الحاج أو المعتمر الدخول في عمل حرم عليه به ما كان حلالًا.[1]

الإحرام عند المذاهب الأربعة

لقد جاء في تعريف الإحرام العديد من المعاني في الاصطلاح الشرعي، وذلك لما ورد عن المذاهب الأربعة في تعريف الإحرام شرعًا، وهو على النحو الآتي:[1]

  • الأحناف: هو الدخول في حرمات مخصوصة أي التزامها، غير أنه لا يتحقق شرعًا إلا بالنية والذكر.
  • المالكية: هو صفة حكمية، توجب لموصوفها حرمة مقدمات الوطء مطلقًا، وإلقاء التفث، والطيب، ولبس الذكور المخيط، والصيد لغير ضرورة.
  • الشافعية: هو عبارة عن نية الدخول في حج أو عمرة، حيث قال النووي: وهو الإحرام المطلق وسمي إحرامًا؛ لأنه يمنع من المحرمات.
  •  الحنابلة: نية الدخول في النسك، لا نيته ليحج أو يعتمر.

شاهد أيضًا: ماذا يقول الحاج عند الاحرام

حكم الإِحرام

الإحرام ركن على قول المذهب المالكي والشافعي والحنبلي وشرط عند الأحناف، وومن هذا ما ورد في النصوص التي تدل على ركنية الإحرام؛ حيث قال الخليل: “وركنهما الإحرام” يعني الحج والعمرة،  وقال القاضي عبد الوهاب: “وأركان الحج أربعة وهي: الإحرام والطواف والسعي والوقوف بعرفة”، وعند الشافعية: أركان الحج خمسة: “الإحرام، والوقوف، والطواف، والسعي، والحلق إذا جعلناه نسكًا ولا تجبر بدمٍ، وما سوى الوقوف أركانٌ في العمرة أيضًا”.

ومن الجدير بالذكر أن المذهب الحنفي قال: “إن الإحرام شرط ابتداءٍ، وله حكم الركن انتهاءً”، حيث قال ابن عابدين: “قوله وهو شرط ابتداءٍ” حتى صح تقديمه على أشهر الحج وإن كره، والشرط المحض لا يحتاج إلى نيةٍ وكذا ما مر من عدم سقوط الفرض عن صبي أو عبدٍ أحرم فبلغ أو عتق ما لم يجدده الصبي”، وعليه فإنه بعد الإجماع من خلال المذاهب الأربعة نقول بركنية الإحرام للحج، ولو انتهاءً كما هو الشأن عند المذهب الحنفي.[1]

اقرأ أيضًا: هل يجوز لبس الاحرام المطاط

حكم الاغتسال قبل الإحرام

الاغتسال قبل الإحرام سنة وليست بواجب، فقد ورد أنه لا يجب على العبد المحرم الاغتسال لا بعد انتهائه من الإحرام، ولا قبل ذلك، ولو تركته أيضًا لم يكن عليه إثم، وصحيح إحرامه، فالاغتسال مستحب وليس بواجب، حيث قال ابن المنذر في الإجماع: “وأجمعوا على أن الاغتسال للإحرام، غير واجب”، ولكن قيل أن الأفضل أن يتصل الغسل بالإحرام، فيغتسل العبد قبل الإحرام مباشرة، ولو اغتسل قبل الذهاب للإحرام  مباشرة، ثم أحرم بالعمرة، فهذا صحيح وله نصيب من أجر هذه السنة، حيث يرى بعض الفقهاء أن وقت الاغتسال للإحرام موسع، ويرى المالكية أن سنية الاغتسال مقيدة بوقوعه متصلًا بالإحرام، وهذا كما جاء في الموسوعة الفقهية:” وَوَقْتُ هَذَا الاِغْتِسَال مُوَسَّعٌ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ فِي الأْظْهَرِ مِنْ مَذْهَبِهِمْ. وَهُوَ مَذْهَبُ الْحَنَابِلَةِ وَالشَّافِعِيَّةِ. وَثَمَرَةُ الْخِلاَفِ أَنَّهُ لَوِ اغْتَسَل ثُمَّ أَحْدَثَ، ثُمَّ تَوَضَّأَ، يَنَال فَضِيلَةَ السُّنَّةِ، وَلاَ يَضُرُّهُ ذَلِكَ. وَأَلْحَقَ الشَّافِعِيَّةُ هَذَا الْغُسْل بِغُسْل الْجُمُعَةِ، فَدَل عَلَى أَنَّهُ مُوَسَّعٌ، كَمَا هُوَ حُكْمُ غُسْل الْجُمُعَةِ، أَمَّا الْمَالِكِيَّةُ فَقَيَّدُوا سُنِّيَّةَ الْغُسْل بِأَنْ يَكُونَ مُتَّصِلاً بِالإْحْرَامِ. [2]

شاهد أيضًا: هل يجوز لبس الاحرام المطاط

حكم استعمال الصابون للمحرم

إن استعمال الطيب من المحظورات التي لا تجوز للمحرم، أما الصابون فجائز؛ وكان ذلك باتفاق العلماء؛ وهذا لنهي النبي -صلى الله عليه وسلم- عن ذلك، حيث قال عليه الصلاة والسلام لرجلِِ عندما سأله عما يلبس المحرم: “لاَ يَلْبَسُ القَمِيصَ، وَلاَ العِمَامَةَ، وَلاَ السَّرَاوِيلَ، وَلاَ البُرْنُسَ، وَلاَ ثَوْبًا مَسَّهُ الوَرْسُ أَوِ الزَّعْفَرَان”،[3] وقال الخطيب الشربيني: “من المحرمات استعمال الطيب للمُحرم، ذكرًا كان أو غيره، بما يقصد منه رائحته غالبا -ولو مع غيره- كالمسك والعود والكافور والورس”، وعليه فإن استعمال الطيب للمحرم محظور حتى ولو كان مخلوطًا بغيره.

وأما وجود الروائح العطرية في الصابون ونحوه فإنه لا يضر؛ لأنها ليست المقصودة منها، وإنما هي روائح عطرية توجد فيها تبعًا، وهذا من الطيب غير المحظور عند الفقهاء، قال الإمام الرملي: “أما لو طرح نحو البنفسج على نحو السمسم أو اللوز فأخذ رائحته، ثم استخرج دهنه فلا حرمة فيه ولا فدية”، وعليه؛ فلا حرج في استخدام الصابون المعطر أو المناديل المعطرة، وغيرها من الكريمات التي تحتوي على الروائح العطرية للمحرم؛ لأنها في غالبها لا يتطيب بها عادة، والطيب فيها مجرد نكهات اصطناعية كنكهة النعناع وورق التفاح ونحوها، هذا مما لا يضر، ولا يأخذ حكم الطيب المحظور، والله أعلم.[4]

حكم الإحرام من البيت

الإحرام من البيت لا يجوز في السنة، فالذي جاءت به السنة أن يحرم  العبد المسلم من الميقات لا من بيته، وأما إذا وازى الميقات وهو في الطائرة أو السيارة أو قبله بقليل أحرم أي يكون بمحاذاة الميقات، فيقول عندها: “اللهم لبيك عمرة، إن كان عمرة، أو: اللهم لبيك حجًا، إن كان حجًا”، مع النية، وتكون النية من القلب؛ أي ينوي للعمرة والحج بقلبه ويتلفظ ويقول: “اللهم لبيك حجًا، إن كان حجًا، أو: اللهم لبيك عمرة، إن كان عمره”، وهذا من الميقات فهو الأفضل، وقال ابن باز: “إن أحرم من بيته فلا بأس ولكن خالف السنة بذلك”، فالسنة أن يحرم من الميقات ويكره أن يحرم قبل ذلك، لكن لو أحرم قبل ذلك انعقد إحرامه ولزمه، بإجماع أهل العلم.[5]

شاهد أيضًا: هل يجوز الاحرام من جدة لاهل الرياض

حكم اغتسال الحائض للإِحرام

اغتسال الحائض والنفساء الغسل قبل الإحرام سنة، وكان هذا باتفاق المذاهب الفقهية الأربعة، وكانت أدلتهم من السنة النبوية الشريفة قول جابر بن عبد الله رضي الله عنهما- حيث قال: “فخرجنا معه، حتى أتينا ذا الحليفة، فولدت أسماء بنت عميس محمد بن أبي بكر، فأرسلت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: كيف أصنع؟ قال: اغتسلي، واستثفري بثوب، وأحرمي “، ومن هنا جاء استدلالهم؛ ففي قول رسول الله: “اغتسلي”؛ أمر لها بأن تغتسل مع أنها نفساء لا تستبيح باغتسالها هذا الصلاة، ولا غيرها مما تشترط له الطهارة، وأن هذا الغسل يراد به النسك؛ فاستوت فيه الحائض والطاهرة، لأن المقصود من غسل الإحرام: التنظيف، وهما أولى بذلك في هذا الوقت، والله أعلم.[6]

وهكذا نكون قد وصلنا إلى ختام مقال حكم الاغتسال قبل الاحرام، وتعرفنا على أنه من المستحب الاغتسال، ومن ثم تعرفنا على الإحرام وحكمه، وتطرقنا إلى معرفة حكم استعمال الصابون للمحرم، وحكم الإحرام من البيت، ومن ثم حكم اغتسال الحائض للإحرام.

المراجع

  1. alukah.net , الاحرام وحكمه , 08/9/2021
  2. slamweb.net , حكم الاغتسال للإحرام , 08/9/2021
  3. صحيح البخاري , البخاري، عبدالله بن عمر، 134، صحيح
  4. aliftaa.jo , حكم استعمال الصابون للمحرم , 08/9/2021
  5. binbaz.org.sa , حكم من أحرم من بيته , 08/9/2021
  6. dorar.net , حكم اغتسال الحائض والنفساء للاحرام , 08/9/2021

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *