خطوات المنهج التجريبي في البحث العلمي

خطوات المنهج التجريبي الذي يعتبر محور لاهتمام فئة الباحثين المُختصِّين في مجموعة كبيرة من العلوم الطبيعية أو الاجتماعية، والتجربة وما تحمله من تصحيح للأخطاء في طليعة الطرق التي استخدمت من جانب البشر منذ القدم على الوجه العام، وهي أقرب للوصول لليقين والمنطق عن غيرها من الوسائل، فأنت ترى الحقيقة مُجرَّدة أمام عينيك. وفي المقال التالي على موقع المرجع سنتعرف على معنى المنهج التجريبي وسنورد أبرز المعلومات عنه.

ما هو المنهج التجريبي

المنهج التجريبي منهج من مناهج البحث العلمي المميزة، فهو أحد أفضل هذه المناهج وأبرزها، ويقوم المنهج التجريبي في أساسه على تحديد المنهج المتبع من خلال دراسة المتغيرات والضوابط وفقا للشروط التي تحدد الظاهرة التي يقوم الباحث بدراستها.

ويساعد المنهج التجريبي الباحث على الاطلاع على كافة التغيرات التي تنتج عن تلك الظاهرة، ويعتمد المنهج التجريبي على التجربة، ومن خلالها يستطيع الباحث إثبات ظاهرة معينة، ولكن يجب أن يراعي توافر الشروط التي تجعل من التجربة ناجحة. وتستخدم الأبحاث التجريبية لدراسة العلاقات السببية. حيث يتم التعامل مع متغير مستقل واحد أو أكثر لقياس تأثيره على واحد أو أكثر من المتغيرات التابعة. ومثال على ذلك ظاهرة البرق، وملاحظة الإنسان لها، وفي مراحل مستقبلية تم استخدام ذلك في توليد الطاقة الكهربائية في كثير من الدول، والتي تنتشر بها تلك الظاهرة، وغيرها من الظواهر الأخرى التي شغلت فكر الإنسان، سواء ما يتعلق بالعلوم التطبيقية أو الاجتماعية، ومن ثَمَّ حللوا هذه الحالة من خلال المنهج التجريبي.

أهمية المنهج التجريبي

للمنهج التجريبي أهمية كبيرة في البحث العلمي، وسنذكر بعضًا منها فيما يلي:

  • يقوم بتوضيح معالم التجربة العلمية، معتمدًا على الملاحظة المضبوطة، وعلى التجربة.
  • يتيح للباحث الاطلاع على النتائج الصحيحة، وعلى القوانين اللازمة لمعرفة الطرق السليمة التي تساعد الباحث للوصول إلى أبعد نقطة للعمل مع الظاهرة.
  • المنهج التجريبي مناسب للعلوم التطبيقية، وذلك نظرًا لقدرته على كشف العلاقة بين الظواهر المختلفة، كما من خلاله يستطيع الباحث التحقق من كافة الفروض التي يضعها.
  • من خلال التجارب التي يقوم الباحث يستطيع التوصل إلى حل للمشكلات التي يواجهها.
  • المنهج التجريبي يقود الباحث للتحكم بكافة المتغيرات والعوامل الأساسية التي تؤدي إلى حدوث الظاهرة باستثناء متغير واحد فقط.
  • يساعد المنهج التجريبي الباحث على الجزم بشكل مطلق على الأثر الذي يتركه السبب على النتيجة.

شاهد أيضًا: وجود العينة الضابطة عند إجراء بحث تجريبي غير مهم ولايحدث فرقًا

أهداف المنهج التجريبي

يسعى المنهج التجريبي إلى تحقيق مجموعة من الأهداف ومن أهم وأبرز هذه الأهداف:

  • تفسير البحوث النفسية والتربوية: حيث يهدف المنهج التجريبي إلى تفسير الفروض التي يقوم الباحث بجمعها من خلال البيانات التي يضعها.
  • التنبؤ بالدراسات التجريبية: وتعد هذه الحالة حالة متقدمة من التفسير، وتساعد هذه الحالة على التحكم في المتغيرات ببعضها البعض بالنسبة للدراسات التجريبية في مستويات مختلفة ومتعددة.

أنواع التجارب في المنهج التجريبي

يوجد للتجارب في المنهج التجريبي مجموعة من الأنواع وهذه الأنواع هي:

  • التجارب العلمية وغير العلمية: وهي أحد أهم أنواع التجارب في المنهج التجريبي. ويتم إجراء التجارب العملية في المختبرات وضمن شروط خاص يقوم الباحث بتجهيزها بشكل مسبق. تتميز بسهولة إجرائها ودقة نتائجها، وإمكانية إعادتها حتى يتم التأكد من صحتها. أما بالنسبة للتجارب غير العلمية فإنها تجرى خارج المختبر، وتتميز بإجراء التجارب على الأشخاص وذلك لأننا لا نستطيع إدخالهم المخبر، وتكون نتائجها أقل دقة.
  • تجارب على مجموعة واحدة، تجارب على عدة مجموعات: ويقوم الباحث بإجراء هذه التجارب على مجموعة واحدة، ويدرس حالتها قبل وبعد تعرضها للعامل المستقل ويلاحظ النتائج الناجمة عن هذا العامل.
  • تجارب قصيرة وتجارب طويلة: قد تكون التجارب طويلة وتحتاج لمدة طويلة لظهور نتائجها كدراسة التقلبات الجوية في منطقة ما، وقد تكون قصيرة تحتاج وقت قصير لإعدادها وتظهر نتائجه بسرعة.

خطوات المنهج التجريبي في البحث العلمي

في المنهج التجريبي، يصل الباحث العلمي إلى مجموعة من النتائج عن طريق اختبار أدلته التجريبية، ويتم تمييز الدراسة البحثية التجريبية وفق مجموعة من الخطوات هي خطوات المنهج التجريبي، والتي تميزه عن مناهج البحث الأخرى من حيث الخصائص، وهذه الخطوات هي كالتّالي:

تحديد موضوع أو مشكلة الــدراسة

تحديد موضوع أو مشكلة الدراسة في طليعة خطوات المنهج التجريبي؛ حيث يقوم الباحث بتعريف مبدئي للظاهرة، ويظهر ذلك جليًّا في عنوان البحث العلمي، وعلى سبيل المثال يُمكن اختيار العنوان “دراسة تأثير استخدام جهاز الحاسب الآلي على التحصيل الدراسي لطلاب الصف الثاني الابتدائي”، ومن ثَمَّ اختبار ذلك عن طريق المنهج التجريبي.

صياغة أهداف الدراسة

بعد اختيار الموضوع يشرعُ البحث في خطوة ثانية من خطوات المنهج التجريبي، ويتمثَّل ذلك في تحديد الهدف من الدراسة، وعلى سبيل المثال بالنسبة للهدف من موضوع “تأثير استخدام جهاز الحاسب الآلي على التحصيل الدراسي لطلاب الصف الثاني الابتدائي”؛ فيتمثَّل في تحسين قُدرات الطلاب على الاستيعاب، والحد من الفروق الفردية التي قد تنشأ نتيجة استخدام الوسائل التقليدية في التعليم.

اختيار عيِّنة البحث العلمي

وهي عبارة عن عيِّنة دراسية للمشكلة محل الدراسة، وقد تكون عيِّنة بشرية أو غير ذلك على حسب طبيعة البحث العلمي، وذلك من خطوات المنهج التجريبي الضرورية.

اختيار الأداة المناسبة

يقوم الباحث باختيار الأداة المُناسبة لإجراء الدراسة، ومن أفضل الأدوات المُستخدمة في ظل المنهج التجريبي أداة المُلاحظة أو المُشاهدة؛ سواء أتمَّ ذلك بشكل مباشر أو غير مباشر.

صياغة الفروض البحثية أو الأسئلة

وتُعرف الفرضية على أنها تخمين لحل المشكلة؛ بمعنى أنها حل غير مؤكد، وتنقسم الفرضيات إلى فرضيات مُوجَّهة، وأخرى غير مُوجَّهة، أمَّا بالنسبة للأسئلة فهي عبارة عن استفسار يستخدم فيه أدوات الاستفهام المُتعارف عليها؛ مثل: كيف أو لماذا أو ماذا أو هل أو ما… إلخ، وذلك من خطوات المنهج التجريبي المهمة، ويجب أن يتضمن السؤال أو الفرضية متغيرين، أحدهما مستقل، والآخر تابع على الأقل، ويدرس الباحث مدى التأثيرات التي تحدث في المتغير التابع.

وعلى سبيل المثال يُمكن أن يُصاغ سؤال الباحث كما يلي:

هل هناك تأثير من استخدام الحواسب الآلية على التحصيل الدراسي للطلاب في مرحلة الصف الثاني الابتدائي؟

ونُلاحظ أن السؤال السابق يحتوي على متغير مستقل، وهو الحواسب الآلية، وآخر تابع وهو التحصيل الدراسي.

اختبار الفروض إحصائيا

بعد جمع المعلومات والبيانات المتعلقة بالمشكلة محل البحث؛ يقوم الباحث بترميز البيانات، واستخراج العلاقات بين المتغيرات في ضوء المُعادلات الإحصائية المُتعارف عليها، مثل المتوسط الحسابي، والانحراف المعياري، والمدى، والوسط، والوسيط، والمنوال، ومُعامل الانحدار والارتباط…. إلخ.

وضع نتائج البحث

آخر خطوات المنهج التجريبي تتمثَّل في وضع نتائج للبحث، ويمكن الاستفادة من ذلك في حل المشكلة، وتعميم النتائج المستخرجة، وفي الحالة السالف ذكرها المتمثَّلة في “دراسة تأثير استخدام جهاز الحاسب الآلي على التحصيل الدراسي لطلاب الصف الثاني الابتدائي”، فيمكن استخدام الحواسب الآلية في سنوات دراسية متعددة في حالة إثبات البحث لمدى جدوى ذلك من الناحية العلمية.

شاهد أيضًا: اختبار قدرات تجريبي من 100 للمُقبلين على

طرق المنهج التجريبي

يقوم المنهج التجريبي على ثلاثة طرق سنتعرف عليها من خلال السطور القادمة:

  • طريقة الاتفاق: وهي أولى طرق المنهج التجريبي، ويطلق عليها اسم طريقة المقارنة، ومن خلال هذه الطريقة يتم المقارنة بين مجموعة من الظواهر والعوامل التي ساهمت في ظهور الظاهرة الأولى، حيث يفترض أن يبني الباحث نتيجته على أسباب منطقية وواقعية.
  • طَريقة الاختلاف: وهي ثاني طرق المنهج التجريبي، وتقوم هذه الطريقة على عقد المقارنة بين حالتين متشابهتين في جميع الحالات باستثناء حالة واحدة.
  • طريقة التغيير النسبي: وهي ثالث طرق المنهج التجريبي، وتقول هذه الطريقة بأن أي نقص أو زيادة في العلة أمر مرتبط بالنقص أو الزيادة في المعلول.

أمثلة على المنهج التجريبي في البحث العلمي

سنطرح في هذه الفقرة من فقرات هذا المقال لمجموعة أمثلة على المنهج التجريبي في البحث العلمي، ومن هذه الأمثلة:

  • الدراسة العلمية على الموظفين في إحدى مؤسسات العمل الحكومي بهدف قياس معدل الأداء الوظيفي لموظفي المؤسسة، فيكون المتغير المستقل هو الموظف والمتغير التابع أداء هذا الموظف في عمله.
  • الدّراسة العلمية التي تستهدف أطفال روضة ما بهدف قياس معدل أدائهم الكتابي وقدرتهم على معرفة شكل الحروف، فيكون الطفل هو المتغير المستقل، والأداء الكتابي له هو المتغير التابع.
  • الدراسة العلمية التي تستهدف أطفال إحدى المدارس بالمرحلة الابتدائية لقياس أدائهم الحركي بالرياضة المدرسية الصباحية، فيكون الطفل هو المتغير المستقل، والأداء الحركي هو المتغير التابع.
  • الدراسة العلمية التي تستهدف الطلاب في الصف السابع بإحدى المناطق لقياس مدى مهاراتهم اللغوية في اللغة الإنجليزية، حيث يكون طالب الصف السابع هو المتغير المستقل، والمهارات اللغوية باللغة الإنجليزية هي المتغير التابع.

سلبيات المنهج التجريبي

على الرغم من إيمان الكثيرين من الباحثين بجودة المنهج التجريبي عن غيره من المناهج العلمية، ومُناسبته لأهداف الباحثين في الحصول على نتائج دقيقة، غير أن هناك سلبيات قد تنتج عن استخدم المنهج التجريبي، ومن بينها ما يلي:

  • تتحكَّم الأداة المستخدمة في النتائج: من بين سلبيات المنهج التجريبي اعتماده في النتائج التي يتوصَّل إليها الباحث على الأدوات والآليات المُستخدمة، وعلى سبيل المثال في حالة إجراء دراسة حول مدى انتشار فيروسي الالتهاب الكبدي الوبائي في دولة ما، فإن الاستنتاجات تختلف وفقًا للتقنيات المستخدمة، والتي تختلف من دولة لأخرى، وكذا تختلف الإجراءات من فترة زمنية لأخرى.
  • الصعوبة في عملية تعميم نتائج البحث: إن التجربة تشمل في الغالب عيِّنة دراسية واحدة، ويصعب القيام بعملية تعميم على مفردات أخرى مشابهة، ويعد ذلك من بين سلبيات المنهج التجريبي.
  • وجود قصور في التجارب على العناصر البشرية لدواعي أخلاقية: هناك كثير من التجارب التي يبتعد عنها العُلماء لدواعٍ أخلاقية، ومن بين ذلك على سبيل المثال لا الحصر ما يخص الاستنساخ، والتي توقَّفت معظم التجارب المتعلقة به، نتيجة وقوف المنظمات الحقوقية لها بالمرصاد، وعلى اعتبار أنها تجارب مهينة للإنسان، وتخالف صحيح الأديان السماوية.
  • عدم تعاون المفحوصين مع الباحث بالشكل الصحيح: يؤدي عدم تعاون المفحوصين (عيِّنة الدراسة) مع الباحث بشكل صحيح، وقيامهم بتغيير السلوكيات والتوجهات الخاصة بهم إلى حدوث سلبيات في نتائج البحث في بعض الأحيان، ويعتبر ذلك من بين سلبيات المنهج التجريبي.

بهذا نكون قد وصلنا إلى نهاية مقال اليوم الذي كان تحت عنوان خطوات المنهج التجريبي، فبدأنا المقال بتعريف المنهج التجريبي ومن ثم تدرجنا بالحديث عن أهمية وأهداف المنهج التجريبي، ومن ثم سلطنا الضوء على ميزات وسلبيات المنهج التجريبي.

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *