ما الفرق بين اليمين الغموس واليمين المنعقدة

ما الفرق بين اليمين الغموس واليمين المنعقدة هو ما سيتم بيانه عبر هذا المقال، فاليمين هي القسم والحلف، وسمي الحلف يمينًا لأنّ العرب قديمًا كانوا إذا تحالفوا ضرب كلّ واحدٍ منهم بيمينه على يمين صاحبه، ويعرفها أهل العلم أنها توكيد الحكم بذكر اسم الله سبحانه وتعالى، أو صفة من صفاته، وذلك على وجهٍ مخصوص، وهي مشروعة في الإسلام لكن بشروط وأركان معينة، ومن خلال موقع المرجع سيتم بيان ما هو اليمين الغموس وهل له كفارة وأنواع اليمين والفرق بينها.

الفرق بين اليمين الغموس واليمين المنعقدة

بيّن أهل العلم أن اليمين الغموس هي اليمين التي يقوم صاحبها بالحلف على أمرٍ كاذب وهو يعلم أنّه كاذب، وقد ذهب أهل العلم من الجمهور إلى أنّه لا كفارة على يمين الغموس، وذلك أنّها من الكبائر، واليمين الغموس هي أعظم وأشد من أن تكفرها كفارة يمين، والواجب في الغموس أن يتوب العبد إلى الله فيها، وتأدية ما تم اقتطاعه بها من الحق لأصحابه، وقد اختار الإمام الشافعي أنّه يجب فيها كفارة وكذلك وردت رواية عن الإمام أحمد أنّه اختار ذلك.[1]

أما اليمين المنعقدة هي اليمين التي يكثر من صاحبها الحلف على كلّ شيء دون قصدٍ منه، فيقول لا والله وبلى والله ونحوها، أو أن يحلف صاحبها على أمرٍ ما وهو يظن فيه شيئًا ويتبين أنّ الأمر خلاف ما كان يعتقده، وهذه اليمين تسمى يمين اللغو، ولو حلف فيها على فعل شيء ما أو عدم فعله فحنث فإنه تلزمه الكفارة عن كل يمين حنث فيها، وهذا مما لا خلاف فيه، وبذلك فقد اختار أهل العلم أنّ لليمين المنعقدة كفارة، وكفارتها إطعام عشرة مساكين من أوسط طعام الأهل، أو كسوة عشر مساكين، أو عتق رقبة أو صيام ثلاثة أيّام والله ورسوله أعلم.[2]

الفرق بين يمين الغموس ويمين اللغو ابن باز

تم عرض مسألة ما الفرق بين اليمين الغموس ويمين اللغو على الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى، فأجاب بقوله:[3]

“اليمين الغموس هي التي يتعمد فيها الكذب، كذاب كاذب، يقول: والله ما بعت كذا، وهو يكذب، والله ما سافرت إلى كذا، وهو يكذب، وما أشبه ذلك،، هو يقال لها: اليمين الغموس؛ لأنها تغمس صاحبها في الإثم، ثم في النار، وهي اليمين الكاذبة الفاجرة التي يتعمدها الإنسان، أما اليمين اللاغية هي التي لا يتعمد فيها الكذب، تجري على لسانه من غير قصد وهكذا من لغو اليمين: اليمين التي يحلف بها ظانًا صدقه، فيبين أنه قد أخطأ، هذه لاغية، لا شيء فيها”.

شاهد أيضًا: ما هي كفارة اليمين

أنواع اليمين

مما سبق يتبيّن أن الأيّمان والتي هي جمع يمين، على أنواعٍ ثلاثة كما بيّن أهل العلم، وتلك الأنواع هي:[4]

• يمين اللغو: وهي اليمين التي لم تنعقد عليها النية، والتي يسبق اللسان إلى لفظها بلا قصد، أو أن يحلف على شيء يعتقد فيه شيئًا ويكون غير الشيء، ولا كفارة عليها.
• اليمين المؤكدة أو المنعقدة: وهي اليمين التي يتم فيها الحلف على أمرٍ ينوي فعله في المستقبل، أو ينفي فعلها في المستقبل، وهي يمين يجب بها الكفارة إذا حنث فيها.
• اليمين الغموس: وهي الحلف على أمرٍ ماضٍ كذبًا أو أمرٍ في الحال، نافيًا حدوثه ووقوعه، أو مثبتًا له، فهي يمين مكر وكذي وخداع، يأثم فاعلها، ويعظم ذنبها، وهي تغمس صاحبها في النار والإثم، ويجب معها التوبة النصوح.

شاهد أيضًا: حكم الاستثناء في اليمين

لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم

ورد في القرآن الكريم العديد من الآيات عن أنواع اليمين التي تشير لأنواعها، وتشير لما يترتب عليها من كفارة ونحوه، ومن تلك الآيات ما يأتي:

• قال تعالى في سورة البقرة: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ}.[5]
• قال تعالى في سورة المائدة: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}.[6]

أحاديث شريفة عن اليمين وأحكامها

ورد في سنة النبي صلى الله عليه وسلم وفي أحاديثه التي رواها الكثير من الصحابة الكرام، العديد من الأحاديث الصحيحة في الأيمان أنواعها وأحكامها، ومن ذلك ما يأتي:

• عن عبدِ اللهِ بنِ عَمرٍو رَضِيَ اللهُ عنهما، عَنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: “جاءَ أعْرابِيٌّ إلى النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فقالَ: يا رَسولَ اللَّهِ، ما الكَبائِرُ؟ قالَ: الإشْراكُ باللَّهِ. قالَ: ثُمَّ ماذا؟ قالَ: ثُمَّ عُقُوقُ الوالِدَيْنِ. قالَ: ثُمَّ ماذا؟ قالَ: اليَمِينُ الغَمُوسُ. قُلتُ: وما اليَمِينُ الغَمُوسُ؟ قالَ: الذي يَقْتَطِعُ مالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ هو فيها كاذِبٌ”.[7]
• عن أبي أُمامةَ رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّ رَسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ” مَنِ اقْتَطَعَ حَقَّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ بيَمِينِهِ، فقَدْ أَوْجَبَ اللَّهُ له النَّارَ، وَحَرَّمَ عليه الجَنَّةَ فَقالَ له رَجُلٌ: وإنْ كانَ شيئًا يَسِيرًا يا رَسُولَ اللهِ؟ قالَ: وإنْ قَضِيبًا مِن أَرَاكٍ”.[8]
• عن أبي هُريرةَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم: “واللَّهِ، لَأَنْ يَلِجَّ أحَدُكُمْ بيَمِينِهِ في أهْلِهِ، آثَمُ له عِنْدَ اللَّهِ مِن أنْ يُعْطِيَ كَفَّارَتَهُ الَّتي افْتَرَضَ اللَّهُ عليه”.[9]

بهذه الأحاديث الشريفة ننهي مقال ما الفرق بين اليمين الغموس واليمين المنعقدة، والذي بيّن أنواع اليمين وما يترتب على الحنث في كلٍّ منها، كما بيّن الفروقات بينها، وأشار إلى مواطن ذكرها في القرآن الكريم وفي السنة النبوية الشريفة.