اعظم الذنوب الذي لا يغفر الله لصاحبه

اعظم الذنوب الذي لا يغفر الله لصاحبه، حيث اختلفت درجات ما يقترفه العبد من الذنوب والآثام، فمن سئيةٍ إلى خطيئة، فالإثم والذنب، وقد بيّن الله -عزّ وجلّ- في شريعة الدّين الإسلاميّ ما يترتّب على كلّ واحدةٍ منها، ويهتمّ موقع المرجع عبر هذا المقال ببيان ما كان من أعظم ما يقترفه المرء من الذنوب، والذي إذا فعله المرء لا يغفره الله -سبحانه وتعالى- لصاحبه.

اعظم الذنوب الذي لا يغفر الله لصاحبه

إنّ اعظم الذنوب الذي لا يغفر الله لصاحبه هو الشرك، وذلك ما قاله الله تعالى في سورة النساء: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَاءُ ۚ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَىٰ إِثْمًا عَظِيمًا}،[1] والشرك من أعــظم الذنــوب لأمورٍ عديدة، منها:[2]

  • أنّ الشــرك هو التشبيـه بالخالق، ووضع الشيء في غير موضعه وذلك من أشدّ أنواع الظلم، وذلك ما قاله تعالى في سورة لقمان: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}.[3]
  • أنّ الله -عزّ و جلّ- لا يغفر لمن أشرك به، ولكنّه يغفر ما دون الشرك لمن يشاء.
  • أنّ الله -عزّ و جلّ- حرّم على المشركين دخول الجنّة، وجعل له نصيبًا من نار جهنّم، قال تعالى في سورة المائدة: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ ۖ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ ۖ إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ ۖ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ}.[4]
  • أنّ الشرك سببٌ في إحباط كافّة الأعمال، قال تعالى في سورة الزمر: {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ}.[5]
  • أنّ الشرك بالله يحلّ دم ومال صاحبه، قال تعالى في سورة التوبة: {فَإِذَا انسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ ۚ فَإِن تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}.[6]
  • أنّ الشرك بالله تعالى هو أكبــر الكبائــر في الدّين الإسلاميّ، كذلك ورد في الصحيح من الحديث عن أبي بكرة نفيع بن الحارث -رضي الله عنه- أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قال: “ألَا أُنَبِّئُكُمْ بأكبرِ الكبائِرِ؟ الإشراكُ باللهِ، وعقوقُ الوالدينِ، وقولُ الزُّورِ“.[7]

شاهد أيضًا: الذين لا يدخلون الجنة أبدا ويخلدون في النار هم من وقعوا في الشرك الأكبر

الشرك بالله

إنّ الخوض في بيان اعظم الذنوب الذي لا يغفر الله لصاحبه على أنّه الشرك بالله يقتضي بيان مفهوم الشرك، ففي معاجم اللغة أنّ الشرك هو المشاركة ويطلق على التسوية والنصيب والحظّ والحصة، وكذلك على الكفر والمصاحبة والمحافظة وغيرها من المعاني المختلفة التي تحملها هذه الكلمة لغويًا، وأمّا في الاصطلاح الشرعيّ فقد وردت العديد من التعريفات عن أهل العلم، ومنها:[8]

  • يقول الشيخ سليمان بن عبد الله آل الشيخ: “تشبيه للمخلوق بالخالق – تعالى وتقدس – في خصائص الإلهية، من ملك الضر والنفع، والعطاء والمنع الذي يوجب تعلق الدعاء والخوف والرجاء والتوكل وأنواع العبادة كلها بالله وحده”.
  • كذلك قال شيخ الإسلام محمّد بن عبـد الوهّاب: “هو صرف نوع من العبادة إلى غير الله، أو: هو أن يدعو مع الله غيره، أو يقصده بغير ذلك من أنواع العبادة التي أمر الله بها”.
  • كما قال الشيخ عبد الرحمن بن ناصــر السعدي: “هو أن يجعل لله نداً يدعوه كما يدعو الله، أو يخافه، أو يرجوه، أو يحبه كحب الله، أو يصرف له نوعاً من أنواع العبادة”.

شاهد أيضًا: المراد باليم الذي أمرت أم موسى بإلقائه فيه هو

أنواع الشرك بالله

كذلك الخوض في بيان أعظم الذنوب الذي لا يغفر الله لصاحبه على أنّه الشرك بالله يقتضي بيان أنواع الشرك بالله، حيث ينقسم الشرك إلى شركٍ أكبر وشركٍ أصغر.

شاهد أيضًا: البقاء عند القبور وغيرها تعظيما لها أو طلبا للبركة من أصحابها ، هو تعريف

الشرك الأكبر

هو أن يقيم المرء عبادته لغير الله تعالى من الصلاة أو النذر أو الاستغاثة فيما لا يقـدر عليه سوى الله وحده لا شريك له، والشرك الأكبر يخرج صاحبه من ملّة الدّين الإسلاميّ الحنيف، قال تعالى في سورة النساء: {وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا}،[9] كذلك جاء في سورة الأنعام قوله تعالى: {قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا}،[10] وفيما يأتي نستعرض لكم بعض أقوال أهل العلم عن الشرك الأكبر:[11]

  • الإمام أحمد بن حنبل: “ويخرج الرجل من الإيمان إلى الإسلام، ولا يخرجه من الإسلام شيء إلا الشرك بالله العظيم، أو يرد فريضة من فرائض الله عز وجل جاحداً بها”.
  • العلامة ابن جرير: “قال العلامة ابن جرير – رحمه الله – حول قوله تعالى: وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ [الزمر: 65]: (ومعنى الكلام: ولقد أوحي إليك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين، وإلى الذين من قبلك، بمعنى وإلى الذين من قبلك من الرسل من ذلك، مثل الذي أوحي إليك منه، فاحذر أن تشرك بالله شيئاً فتهلك، ومعنى قوله: ولتكونن من الهالكين بالإشراك بالله إن أشركت به شيئاً)”.
  • الإمام النووي: “أما دخول المشرك النار فهو على عمومه، فيدخلها ويخلد فيها، ولا فرق فيه بين الكتابي – اليهودي والنصراني -، وبين عبدة الأوثان وسائر الكفرة، ولا بين من خالف ملة الإسلام, وبين من انتسب إليها ثم حكم بكفره بجحده ما يكفر بجحده غير ذلك”.
  • ابن كثير: “أخبر – تعالى – أنه لا يغفر أن يشرك به، أي: لا يغفر من لقيه وهو مشرك به، ويغفر ما دون ذلك أي: من الذنوب لمن يشاء من عباده”.

شاهد أيضًا: الاعتقاد بأن لبعض الأولياء، أو الصالحين، أو الأئمة التصرف في الكون،

الشرك الأصغر

أمّا الشرك الأصغر فهو ما كان من الذرائع للوقوع بالشيء الأكبر، وكذلك جاء في تعريف الشرك الأصغر: “وهو جميع الأقوال والأفعال التي يتوسل بها إلى الشرك يعد من الشرك، كالغلو في المخلوق الذي لا يبلغ رتبة العبادة؛ كالحلف بغير الله ويسير الرياء ونحو ذلك “، ولا يخرج صاحبه من ملّة الدّين الإسلاميّ الحنيف، فقد روي عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قال: “أخوفُ ما أخافُ عليكم الشركُ الأصغرُ. فسئل عنه فقال: الرياءُ“،[12] وهو من أكبر الكبائر بعد الشرك الأكبر، والله ورسوله أعلم.[13]

شاهد أيضًا: هو كل معصية ورد في الشرع تسميتها كفرا، ولم تصل إلى حد الكفر الأكبر

اعظم الذنوب الذي لا يغفر الله لصاحبه هو الشرك بالله تعالى، وقد بيّن المقال الأسباب التي تجعل الشرك أعظم الذنوب التي لا يغفرها الله لمن وقع بها، وكذلك بيّن مفهوم الشرك بالله، وأقسامه، كما ذكر نبذةً عن الشرك الأصغر والأكبر.

المراجع

  1. سورة النساء , الآية 48
  2. alukah.net , الشرك أعظم الذنوب , 30/12/2021
  3. سورة لقمان , الآية 13
  4. سورة المائدة , الآية 72
  5. سورة الزمر , الآية 65
  6. سورة التوبة , الآية 5
  7. صحيح الجامع , الألباني/أبو بكرة نفيع بن الحارث/2628/صحيح
  8. dorar.net , معنى الشرك اصطلاحاً , 30/12/2021
  9. سورة النساء , الآية 36
  10. سورة الأنعام , الآية 151
  11. dorar.net , المطلب الثاني: حكمه , 30/12/2021
  12. شرح كتاب التوحيد لابن باز , ابن باز/محمود بن لبيد الأنصاري/59/إسناده جيد وله شواهد قوية
  13. dorar.net , تعريف الشرك الأصغر , 30/12/2021

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *