حكم ضرب الكؤوس في المذاهب الأربعه

حكم ضرب الكؤوس في المذاهب الأربعه حيث يعتبر ضرب الكؤوس من الطقوس المرتبطة بشرب الخمر والمسكرات، وينتشر بين الناس حديث ينسب لرسول الله صلى الله عليه وسلم، مفاده أنه إذا قرعت الكؤوس حرم ما فيها، لذلك يهتم موقع المرجع في تبيان حكم ضرب الكؤوس في المذاهب الأربعه، والتوثق من صحة هذا الحديث.

حكم ضرب الكؤوس في المذاهب الأربعه

إن حكم ضرب الكؤوس في المذاهب الأربعة هو التحريم، لأن ذلك يعد وجه من أوجه التشبه بطقوس وعادات من يشرب الخمر، وهذا ينطبق على كل تشبه بالطقوس التي يقوم بها أهل المعاصي أثناء معصيتهم،[1] يقول الإمام أبو حامد الغزالي رحمه الله، في كتابه إحياء علوم الدين:[2]

“لو اجتمع جماعة، وزينوا مجلساً وأحضروا آلات الشرب وأقداحه، وصبوا فيها السكنجبين ونصبوا ساقياً يدور عليهم، ويسقيهم فيأخذون من الساقي ويشربون، ويحيي بعضهم بعضاً بكلماتهم المعتادة بينهم حرم ذلك عليهم، وإن كان المشروب مباحاً في نفسه؛ لأن في هذا تشبهاً بأهل الفساد”

شاهد أيضًا: تفسير حلم شرب الخمر في المنام للعزباء والمتزوجة والحامل

صحة حديث إذا قرعت الكؤوس حرم ما فيها

إن حديث “إذا قرعت الكؤوس حرم ما فيها”، لا يصح ولا أصل له، وغير موجود حتى في كتب الموضوعات، مما يدل على أنه من الأحاديث المتأخرة الوضع، وهو حديث منتشر بشدة بين الناس على أنه قول رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكنه ليس بحديث، أما حكم التعامل مع مثل هذه الأقوال، أنه لا يجوز الاحتجاج بها ولا نشرها، إلا لبيان وضعها، لأن في نسب مثل هذه الأحاديث، يعد من الكذب المتعمد على رسول الله، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إنَّ كَذِبًا عَلَيَّ ليسَ كَكَذِبٍ علَى أَحَدٍ، مَن كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا، فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ”.[3][4]

حكم مجالسة شارب الخمر

إن حكم مجالسة شارب الخمر هو التحريم، حيث يحرم الجلوس مع الذين يشربون الخمر أثناء شربهم لها، وكذلك يحرم الأكل على مائدة يتواجد فيها خمر أو أي شراب مسكر، بل يجب على من يتعرض لمثل هذا الموقف أن ينكر على من يشرب الخمر، وأن ينصحه ويرشده إلى الصواب، عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: “من كان يؤمنُ باللهِ فلا يجلسْ على مائدةٍ يُشربُ عليها الخمرُ”،[5] وقد لعن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الخمر، ولعن كل من له علاقة بها، فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: “لعنَ اللهُ الخمرَ، وشاربها، وساقيَها، وبائعَها، و مبتاعَها، وعاصرَها، ومعتصرها، وحاملَها، والمحمولة إليهِ، وآكل ثمنِها”.[6][7]

شاهد أيضًا: من هو النبي الذي قطع راسه وشرب الخمر في جمجمته

حكم شرب الخمر

إن شرب الخمر من الأمور الثابت تحريمها في كتاب الله وسنة رسول الله وإجماع علماء الأمة، قال تعالى: {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَْنْصَابُ وَالأَْزْلاَمُ رِجْسٌ مِنْ عَمَل الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَل أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ}،[8] وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “كُل شَرَابٍ أَسْكَرَ فَهُوَ حَرَامٌ”،[9] وقال صلى الله عليه وسلم: “كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ، إنَّ علَى اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ- عَهْدًا لِمَن يَشْرَبُ المُسْكِرَ أَنْ يَسْقِيَهُ مِن طِينَةِ الخَبَالِ، قالوا: يا رَسولَ اللهِ، وَما طِينَةُ الخَبَالِ؟ قالَ: عَرَقُ أَهْلِ النَّارِ، أَوْ عُصَارَةُ أَهْلِ النَّارِ”،[10] وقال عليه الصلاة والسلام: “كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ، وكُلُّ مُسْكِرٍ حَرامٌ، ومَن شَرِبَ الخَمْرَ في الدُّنْيا فَماتَ وهو يُدْمِنُها لَمْ يَتُبْ، لَمْ يَشْرَبْها في الآخِرَةِ”.[11][12]

التدرج في تحريم الخمر

لم يكن تحريم الخمر بشكل مباشر، بل تم تحريمها بالتدريج، فأول ما نزل من القرآن في الخمر، قوله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُل فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ}،[13] فلما نزلت هذه الآية، ترك بعض الناس الخمر، ولم يتركها البعض، ثم نزل قوله تعالى: {لاَ تَقْرَبُوا الصَّلاَةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى}،[14] فترك بعض الناس الخمر، والبعض أصبح يشربها في غير أوقات الصلاة، ثم نزل قول الله تعالى: {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَْنْصَابُ وَالأَْزْلاَمُ رِجْسٌ مِنْ عَمَل الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَل أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ}،[8] فصارت حرامًا.[12]

وهكذا نكون قد وصلنا إلى نهاية مقال حكم ضرب الكؤوس في المذاهب الأربعه، الذي تضمن الحكم الشرعي لضرب الكؤوس، وصحة حديث إذا قرعت الكؤوس حرم ما فيها، وتعرفنا على معلومات متنوعة عن الخمر، كحكمها والتدرج فيه، وحكم مجالسة شاربيها.