قصة الحمامة المطوقة

قصة الحمامة المطوقة هي ما سيتمّ تقديمه عبر هذا المقال، فالقصة من الفنون اللغوية النثرية، وهي عبارة عن وصف وتصوير عميق ودقيق لحدث أو مجموعة أحداث في حياة شخصيات معينة، وتكون مترتبة بتسلسل منطقي وشاد للقارئ والسامع، وتحمل الكثير من العبر والدروس، ويهتمّ موقع المرجع بتقديم واحدة من القصص المنقولة من كتاب كليلة ودمنة المترجم للعربية.

كتاب كليلة ودمنة

إنّ كتاب كليلة ودمنة يعدّ من أكثر الكتب شهرةً حول العالم على الإطلاق، وذلك يرجع لطريقة سرده المسلية والنافعة، وهو واحدٌ من الأعمال الكلاسيكية من الأدب الشرقي، وهو كتاب أخلاقي سياسي لا تزال أفكاره تنفع للعصر الحديث بفضل ما يحويه من الحكمة، وقد ألفه كاهن هندي من طائفة فيشنو، وذلك باللغة السنسكريتية، وكان يسمّى حينها الفصول الخمسة، وهو يحوي مجموعة من القصص والخرافات والأخلاقيات حول الطيور والحيوانات، وتم ترجمة الكتاب لعدد من اللغات منها العربية.[1]

شاهد أيضًا: قصة تجري الرياح بما لا تشتهي السفن

قصة الحمامة المطوقة

قصة الحمامة المطوقة واحدة من أبرز القصص وأجملها من كتاب كليلة ودمنة، لابن المقفّع الذي ترجمه عن غيرما لغة، وقد كان أبطال هذه القصة الغراب والجرذ والحمامة المطوقة وسرب الحمام، وهي من أكثر القصص روعة، تدفع للاتحاد وتنبذ الفرقة، تبدأ برؤية الغراب للصياد ووقوع سرب الحمام في الشبكة، وتنتهي بمساعدة الجرذ للحمامات وتخليصهن، وذلك كما يأتي:[2]

ترقب الغراب للصياد

يحكى أنّه كان يا ما كان في قديم الزمان في مدينةٍ اسمها سكاوندجين، عاش غرابٌ أسود على شجرةٍ عالية لها فروعٌ كثيرة وأغصانٌ متشابكة، وقد كان صيادو المدينة يأتون لهذه الشجرة لأنّها تعدّ واحدّة من أكبر الأشجار التي تقف عليها الطيور، والتي تكون صيدًا كبيرًا وسهلًا وثمينًا.

وفي أحد الأيام قرر الغراب أن يخرج من عشه ليبدأ يومه وحياته اليومية، وإذا به يشاهد صيّادًا قبيح المنظر ضخمًا بشعًا، وهو مُقبلٌ نحو الشجرة لينصب الفخ والشبكة وبيده عصًا ضخمة وغليظة، خاف الغراب وذُعر، فلقد خشي على نفسه الموت، اختبأ الغراب مراقبًا هذا الصياد القبيح، وذلك ليشاهد ماذا سيفعل، فرأى الصّياد وهو يقوم بوضع الشبكة الكبيرة ونثر الحبّ فيها وجهزها.

الحمامة المطوقة وصاحبتها في الشبكة

بعد مضي وقتٍ قصير، قدم سربٌ من الحمام كان يطير مع سيدة الحمام التي تسمّى الحمامة المطوقة، وذلك لشدّة بياضها وجمال ريشها الأخّاذ الذي يأسر القلوب ويلفت النظر، وكان على عنقها ريشٌ جميلٌ كالطوق، كانت تطير رفقة صديقاتها، فرأين الحب وفرحن برؤيته، وأسرعن نحوه ليأكلن منه، لكنّهنّ لم يروا الشّبكة ولم ينتبهوا لها، فوقعن فيها، على الرغم من الذكاء الذي يتمتعن به، وراحت الحمامات تضربن بأجنحتهن، وذلك محاولةً منهن للخلاص من المأزق الذي هنّ فيه، وكلّ واحدة منهن تهتم بنفسها لخوفهن، دون الاهتمام بصديقاتها، ولكن الحمامة المطوقة وهي الأذكى بينهن، بدأت بالتفكير للخروج من هذا المأزق الكبير قبل عودة الصياد.

محاولة فرار الحمامة المطوقة

وصلت الحمامة المطوقة لفكرةٍ ثمينة، وأخبرت صديقاتها أن لا تضرب كلّ واحدة بجناحيها في اتجاه مختلف، بل لا بدّ من التعاون والتحليق معًا، حتّى يتمّ التخلص من هذا المأزق، فعليكن أن تساعدن صديقاتكن قبل مساعدة أنفسكن، فلا نجاة لأي واحدة إن لم نجوا جميعًا، فسألوها وماذا نفعل، فقالت المطوقة سنطير معًا متّحدين متعاونين، سمعت الحمامات كلام المطوقة باهتمام، وقررن أن يطرن سويّةً للأعلى، مجتمعين على رأي المطوقة، ولكي يتخلصن من الشباك العالقة على أجسادهن.

كان الصياد قد راهن من بعيد، وكان فرحًا بهذا الصيد الوفير والثمين، وعندما أقبل ليمسك بهنّ طارت الحمامات بالشبكة مبتعدين، والغراب يجلس على الشجرة يراقب الموقف، ولما طارت الحمامات تبعهن الغراب ليتعلم كيف سيخلصن أنفسهن، وكان الصياد غاضبًا ويتطاير الشرر من عينيه لأنّهن طرن، وقرر ملاحتهن ليمسك بهن، فاقترحت المطوقة على صديقاتها أن يدخلن في العمران حتّى لا يتمكن الصياد من رؤيتهن، والغراب يراقب الموقف بعناية.

الجرذ وتقطيع الشبكة

أخبرت المطوقة الحمامات أنّ لديها صديقًا مقرّبًا في المدينة اسمه زيرك، وهو جرذٌ صغير، وقالت لهن أنّهن لو ذهب إليه سيساعدهن ويخلصهنّ مما هنّ فيه، فوصلن لمكان زيرك ونادته المطوقة ليخرج من جحره، فتعجب زيرك من الشبكة وكيف أن المطوقة ورغم ذكائها وقعت في المصيدة، فأجابته المطوقة إنّه قضاء الله وقدره، وطلبت منه أن يساعدهن، ووافق على الفور ليبدأ لفك المطوقة أولًا، لكنّها رفضت ذلك وطلبت منه فكّ صديقاتها، فتعجب الجرذ وسألها عن ذلك.

أجابت المطوقة الجرذ عن سؤاله بكلّ ذكاء، وقالت له لو بدأت بفكي وأنا صديقتك، قد تتعب وتمل وتترك صديقاتي دون أن تساعدهن، أمّا لو فككت صديقاتي ولو أصابك التعب والملل فإنّك لن تتركني وأنا صديقتك المقربة، وستتابع العمل لكي تحررني وتنقذني، فأعجب الجرذ بحكمة الحمامة، وزادت المودّة بينهما، وقام بتحرير الحمامات جمعًا ونجون من الشبكة وشكرنه على صنيعه.

شاهد أيضًا: قصة اصحاب الاخدود للاطفال

العبرة من قصة الحمامة المطوقة

إنّ قصة الحمامة المطوقة من أجمل القصص وأبرزها فهي تحمل الكثير من الحكم والعبر، فكلّ قصة تحمل بين طيّاتها عبرةً يستنبطها القارئ منها، بالتأمل والنظر والتفكر، والعبرة من الحمامة المطوقة أنّ محاولة نجاة الفرد بنفسه دون مساعدة الجماعة سيؤدي ذلك به إلى التهلكة والضياع، فالنجاة مع الجماعة، وعلى المرء دائمًا الإيثار على نفسه، وكذلك إنّ الخلّ والصديق الوفي من أكثر الأمور حاجةً في الحياة، فلا بدّ للمرء أن يجد خلًّا يلجأ إليه في النوائب والأزمات، وإنّ الاختلاف في الشكل والمظهر ليس سببًا للاختلاف في الفكر والقلب، ولا يعدّ سببًا لضياع الود والرحمة، بل الأهم هو القلب والصدق وحسن الخلق.

في ختام مقال قصة الحمامة المطوقة، نكون قد تعرفنا على كتاب كليلة ودمنة، وسردنا قصّة الحمامة المطوقة بتفاصيلها، واستقينا العبرة والحكمة من هذه القصة المشوقة.

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *