ما هي أشهر الحج المذكورة في القرآن الكريم

ما هي أشهر الحج المذكورة في القرآن الكريم أحد الأسئلة الهامّة التي لا بدّ من الإجابة عنها، فالحجّ هو قصد بيت الله الحرام لعبادة الله -سبحانه وتعالى- ويتمّ ذلك في وقتٍ معلومٍ ومحدّد من الشّرع، وبصفةٍ مخصوصة وأفعالٍ نصّ عليها الإسلام في الرّكن الخامس من أركانه، حيث جعل له أركان وسنن لا يتمّ إلا بها وبإكمالها، ولذلك سيجيب موقع المرجع على ما هي هذه الشهور المذكورة في القرآن الكريم وتوضيح بعض المسائل المتعلّقة بالحج.

ما هي أشهر الحج المذكورة في القرآن الكريم

إنّ أشهر الحج المذكورة في القرآن الكريم لم تُذكر علانيةً وصراحةً في القرآن بل تمّ تأويلها من قِبل أهل العلم والتّفسير وهي شوّال وذي القعدة وذي الحجّة، ولكن اختلف أهل العلم في أنّها الأشهر الثّلاثة المذكورة كاملة أم أنّها شوّال و ذي القعدة وجزءٌ من ذي الحجة، قال الله تعالى : {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ ۚ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ ۗ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ ۗ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَىٰ ۚ وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ}.[1] فقال الحنابلة والأحناف في تفسير هذه الآية التي تحدّد أشهر الحج، أنّ أشهر الحجّ هي شوال وذي القعدة وعشر ذي الحجّة فقط، واستدلوا بذلك أنّ ذلك خبرٌ من الله على ميقات الحجّ ولا عمل للحج يُعمل بعد انقضاء أيّام منى، فبذلك لم يُقصد ذي الحجّة كاملاً، وروي في الحديث عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- أنّه قال: “أشْهُر الحجّ : شوالُ ، وذو القعدةِ ، وعشرٌ من ذي الحجةِ”.[2] وذهبوا في قولهم أنّ يوم النّحر في ركن الحجّ طواف الزّيارة وما بعده ليس من أشهره لأنّه ليس بوقتٍ لإحرامه ولا لأركانه.

أمّا الشّافعية  والمالكيّة قالوا أنّ أشهر الحرم المقصودة في القرآن الكريم هي شوّال وذي القعدة وذي الحجّة كاملاً، فالآية الكريمة عبّرت بالجمع أشهر وأقل الجمع في اللغة ثلاثة ولابدّ من دخول الشّهر الثّالث ذي الحجّة كاملً حتّى يتحقّق المعنى، ثمّ احتجّوا أنّ أيّام التّشريق الحادي عشر والثّاني عشر والثّالث عشر من ذي الحجة فيها أعمال من أعمال الحج، كالرّمي والمبيت، وبذلك لا يُمكن إخراجها من أشهر الحج، ثمّ إنّ أهل العلم أجمعوا أنّ طواف الإفاضة يمكن تأخيره لنهاية ذي الحجّة، وهو ركنٌ مفروض من فرائض الحجّ، وبذلك يكون ذي الحجّة كاملاً من هذه الشهور، وكذلك أيّ شهرٍ كان أوّله منها كان آخره كذلك، وبالرّغم من الاختلاف بين أهل العلم إلا أنّ ذلك لا يُذهب أنّها ثلاثة هي شوال وذي القعدة وذي الحجّة والله ورسوله أعلم.[3]

ذو الحجة كله من أشهر الحج

وقد اختلف أهل العلم في ذو الحجة كله من أشهر الحج أم بعض أيّامه فقط منها، وأقوال العلماء في ذلك كما يأتي:[4]

  • قالت الشّافعيّة أنّها شوال وذو القعدة وعشر ليالٍ من ذي الحجة، ويكون انتهاءها بطلوع الفجر في اليوم العاشر من ذي الحجة.
  • وقالت المالكيّة أنّها شوال و  ذي القعدة و ذي الحجّة كاملاً.
  • وقالت الحنفيّة والحنابلة أنّها شوال وذي القعدة وعشرة أيّامٍ من ذي الحجة تنتهي بغروب اليوم العاشر من ذي الحجّة.
  • وبالرّغم من هذا الإختلاف بين أهل العلم في تحديد إذا كان ذي الحجّة كاملاً من أشهر الحج أم لا، إلا أنّهم اتّفقوا على بدايتها من شوّال، واتّفقوا أنّه لا يمكن الشّروع بأعمال الحج بعد فجر يوم العيد ولو أحرم، فمن فاته الوقوف بعرفة فاته الحجّ كلّه.

مسائل متعلقة بأشهر الحج

بعد الخوض في وقت الحجّ ومعرفة ما هي شهور الحج المذكورة في القرآن الكريم، وبيان وجه الاختلاف في ذي الحجة بين أهل العلم، سيتمّ الخوض في مسائل متعلقة بأشهر الحجّ وتوضيحها، وهي مسائل هامّة لكلّ المسلمين وخاصّةً الذين ينوون الحجّ.

صحة الإحرام قبل أشهر الحج

إنّ مسألة صحة الإحرام قبل أشهر الحج مسألةٌ فيها اختلاف بين أهل العلم فمنهم من أجازها ومنهم من لم يجزها، ففيها قولان:[5]

  • قال جمهور العلماء أنّه يصحّ الإحرام بالحج قبل أشهر الحجّ ولكنّ ذك مكروه، فعن ابن عبّاس -رضي الله عنهما- أنّه قال: “مِنَ السُّنَّةِ أن لا يُحرِمَ بالحجِّ إلَّا في أشهُرِ الحجِّ”.[6] فاحتجّوا على أنّ الإحرام في أشهر الحجّ من السّنّة وهذا دليلٌ على جواز الإحرام بغيرها، فالإحرام فيها ليس واجباً، والإحرام يصحّ في شوّال وهو شهرٌ لا تقع فيه أفعال الحجّ وبذلك فالإحرام لا يختصّ بزمان.
  • قال الشّافعيّة والمالكيّة أنّه لا يجوز الإحرام بالحجّ قبل أشهُره ولكن يمكن أن ينقعد عمرة، واحتجّوا على أنّ ظاهر الآية التي تحدّثت عن هذه الشهور حدّدت ميقاته في أشهُره فلا يصحّ قبلها، وقد روى محمّد بن مسلم المكّي قال: “سُئِلَ جابر : أُهِلّ بالحجّ في غيرِ أشهرِ الحجّ ؟ قال : لا”.[7] فالإحرام بقولهم ميقاتٌ للعبادة ولا تصحّ العبادة قبل وقتها ولله ورسوله أعلم .

شاهد أيضًا: من هو المحرم في الحج

حكم العمرة في أشهر الحج

حكم العمرة في أشهر الحج أحد المسائل التي يجب أن يتمّ بيانها بعد معرفة ما هي أشهر الحج، فقد أجمع أهل العلم دون خلاف على جواز العمرة في أشهر الحج، وقد اعتمر رسول الله -صلى الله عليه وسلّم- أربع مرّات كانت كلّها في ذي القعدة، و ذي القعدة من أشهر الحج، ولم يحجّ رسول الله إلا حجّة الوداع، فقد ورد عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أنّه قال: “أنَّ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ اعتَمرَ أربعَ عُمَرٍ كلُّهنَّ في ذي القِعدةِ إلَّا الَّتي معَ حجَّتِه عمرةً زمنَ الحديبيةِ أو مِنَ الحديبيةِ وعُمرةَ القضاءِ في ذي القِعدةِ وعمرةً منَ الجِعرانةِ حيثُ قسمَ غنائمَ حُنينٍ في ذي القِعدةِ وعُمرةً معَ حجَّتِهِ”.[8] وقد اعتمر في ذي القعدة لفضل هذا الشّهر ولمخالفة الجاهليّة.[9]

حكم الحج لمن اعتمر في أشهر الحج

إنّ الحجّ واجبٌ على المسلم المستطيع مرّة واحدة في العمر وما زاد على ذلك فهو من التّطوّع، وإنّ شهور الحج الثّلاثة شوال وذي القعدة وذي الحجّة لا يكون الحجّ إلا فيها، وقد قال أهل العلم أنّ من يعتمر في أشهر الحجّ ولم يقم بالحجّ، لا شيء عليه لأنّه يعتبر متمتّعاً، فإن أحرم بالعمرة ثم قرّر أن لا يحجّ حتى يحرم بالحجّ فلا شيء عليه والله ورسوله أعلم.[10]

شروط الحج

تمّ بيان ما هي أشهر الحج وسيتمّ بيان شروط الحج، وشروطه يشترك بها الرّجال والنّساء، ولكنّ المرأة تختصّ بشرطين دون الرّجال، وشروط الحجّ هي كما يأتي:[11]

  • يُشترط على الحاجّ أن يكون مسلماً فلا يجب الحجّ على الكافر فهو من أصل العبادة والعبادة لا تكون من كافر.
  • يُشترط على الحاج أن يكون بالغاً  فالحج لا يجب على الصّغير لكنّه لو أدّاه يصحّ ولا يسقط عنه.
  • يُشترط بالحاجّ أن يكون حرّاً حتّى يجب عليه الحج، فالحجذ لا يجب على العبد.
  • يُشترط العقل لوجوب الحجّ فالتّكليف يرتبط ارتباطاً وثسقاً بصحّة العقل، فالحج لا يجب على المجنون.
  • القدرة المادّية وملك الزّاد والرّاحلة وهي أن يكون لديه فائضاً عن حاجة أهله وعياله ومن تلزمه نفقتهم، وإلا من لا يملك فائضاً فالحجّ لا يجب عليه.
  • القدرة البدنيّة وسلامة البدن، فيجب على المسلم أن يكون صحيحاً في بدنه حتّى يجب عليه الحجّ.
  • الأمن في الطّريق على النّفس والمال فإن لم يأمن طريقه لم يجب عليه الحج.
  • أن يكون مع المرأة محرم من شروط وجوب الحجّ على المرأة.
  • أن لا تكون المرأة معتدّة من طلاقٍ أو وفاة، فلا يجب عليها الحج حتّى تنهي عدتها.
  • ويُشترط لصحّة الحجّ أن يلتزم المسلم الحاجّ بالوقت المخصوص وأدائه في شهور الحج، والالتزام بالمكان المخصوص فلا يضيّع الحاج يوم عرفة وإلا ذهب حجه، ويطوف حول الكعبة، والأهمّ هو النّية بالدّخول في حرمة الحجّ والعمرة مع التّلبية.

شاهد أيضًا: متى فرض الحج اي سنة

متى فرض الحج

تعدّدت أقوال أهل العلم في فرضيّة الحج وتوقيت فرضه، ولكنّ الرّاجح أنّه فرض في السّنة التّاسعة، ولم يُفرض قبل ذلك لأنّ المشركين وقريش قد منعوا رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- من العمرة، وكانوا قادرين على منعه من الحجّ، ولأنّ مكّة كانت بلاد كفر ولم تتحرّر من الكفر إلا بعد الفتح، وقد نزلت  الآية الكريمة بقوله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا}.[12] في عام الوفود وهو في السّنة التّاسعة من الهجرة، لكنّ النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- لم يحجّ في السنة التّاسعة لاستقباله الوفود التي كانت تأتيه بكثرة من كافة البلدان في تلك السنة، ولأنّ المشركين كانوا لا يزالون يحجّون إلى البيت، وأراد رسول الله أن يمنعهم قبل أن يحجّ المسلمون، فمنع المشركين من الحجّ ومنع الطّواف العاري في البيت الحرام.[13]

ما هي أشهر الحج المذكورة في القرآن الكريم مقالٌ تمّ فيه الإجابة على السّؤال المطروح، وبيان مسائل هامّة متعلقة بالحج، وبيان شروط وجوب الحجّ وشروط صحّته، ثمّ ذكر متى فُرض الحجّ على المسلمين.

المراجع

  1. سورة البقرة , الآية 197
  2. المجموع , النووي/ نافع مولى ابن عمر/146/7/صحيح
  3. dorar.net , مواقيتُ الحَجِّ الزَّمانيَّة , 0206/2024
  4. islamweb.net , المقصود بأشهر الحج , 0206/2024
  5. islamweb.net , باب الإحرام بالحج قبل أشهر الحج , 0206/2024
  6. إرشاد الفقيه , ابن كثير/ عببد الله بن عباس/1/308/إسناده صحيح
  7. المجموع , النووي/ محمد بن مسلم المكي أبو الزبير/145/7/إسناده صحيح
  8. صحيح أبي داود , الألباني/أنس بن مالك/1994/صحيح
  9. islamqa.info , العمرة في أشهر الحج , 0206/2024
  10. islamqa.info , لا يجب الحج على من اعتمر في أشهر الحج , 0206/2024
  11. alukah.net , شروط الحج , 0206/2024
  12. سورة آل عمران , الآية 97
  13. islamqa.info , متى فرض الحج؟ , 0206/2024

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *