ما هي البيعة وما أنواعها وشروطها

ما هي البيعة وما أنواعها وشروطها هو ما سوف نتعرف عليه في هذا المقال، حيث أنه لم يترك الإسلام أمرًا إلا وأعطاه حقه حتى لا يقع المسلمون في الضلال ويضيعوا في أحكام غير شرعية، ولذلك شرع الله تعالى البيعة في الكتاب والسنة النبوية الشريفة، وسوف يقدم موقع المرجع تعريف البيعة وشروط البيعة بالتفصيل، ويدرج أنواع البيعة وصورها ومختلف الأحكام التي تتعلق بالبيعة في الإسلام وفق ما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ما هي البيعة في الإسلام

تشير البيعة في القرآن الكريم وفي أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عهد الطاعة من المسلمين إلى الخليفة أو من الرعية إلى الراعي، وتنفيذ مهمات الراعي على أتم وجه، وأهم تلك المهمات مقتضيات أمور الدين والدنيا وفق شرع الله تعالى وكما أراد جل وعلا، ولم تفرِّق البيعة في الإسلام بين الرجال والنساء أو بين الصغار والكبار، وفي ذلك تنبيه للمسلمين وتوعية لهم على ضرورة تشارك جميع المسلمين بكل فئاتهم في النهوض بالمجتمع والارتقاء بالأمة، وقد ورد ذكر البيعة في القرآن الكريم في سورة الفتح في قوله تعالى: “لَّقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا”،[1] وفي سورة الفتح أيضًا يبين الله تعالى أنَّ البيعة أمر عظيم وفيها مبايعة لله تعالى، إذ يقول جل من قائل: “إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ ۚ فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَىٰ نَفْسِهِ ۖ وَمَنْ أَوْفَىٰ بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا “،[2] وهي في اصطلاح الفقه الشرعي اجتماع أهل الحق والعقد على رجل مسلم يتولى شؤون الأمة الإسلامية ويحكمها وفق شرع الله تعالى وبما يجلب لها المنفعة ويدفع عنها الأضرار والمفاسد، ولا تكون إلا لولي أمر المسلمين، إذ يقوم العلماء بمبايعته برفقة أهل الفضل ووجهاء الناس وكبرائهم.[3]

شاهد أيضًا: استمر حكم الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم حوالي

أهمية البيعة في الإسلام

لقد منح الإسلام موضوع البيعة أهمية كبيرة وذلك لأنَّ فيها المحافظة على وحدة وتماسك الأمة الإسلامية وقوتها ونصرها على أدائها، وقد حثَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم عليها وذلك في عدة أحاديث منها الحديث الذي ورد عن نافع مولى ابن عمر قال: “جَاءَ عبدُ اللهِ بنُ عُمَرَ إلى عبدِ اللهِ بنِ مُطِيعٍ حِينَ كانَ مِن أَمْرِ الحَرَّةِ ما كَانَ، زَمَنَ يَزِيدَ بنِ مُعَاوِيَةَ، فَقالَ: اطْرَحُوا لأَبِي عبدِ الرَّحْمَنِ وِسَادَةً، فَقالَ: إنِّي لَمْ آتِكَ لأَجْلِسَ، أَتَيْتُكَ لِأُحَدِّثَكَ حَدِيثًا سَمِعْتُ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ يقولُهُ: سَمِعْتُ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ يقولُ: مَن خَلَعَ يَدًا مِن طَاعَةٍ، لَقِيَ اللَّهَ يَومَ القِيَامَةِ لا حُجَّةَ له، وَمَن مَاتَ وَليسَ في عُنُقِهِ بَيْعَةٌ، مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً”،[4] وفي هذا الحديث أمر من رسول الله بضرورة إتمام وإجرائها مهما حدث، وفي حديث آخر يؤكد على أهميتها وضرورة المحافظة عليها في قوله: “وَمَن بَايَعَ إمَامًا فأعْطَاهُ صَفْقَةَ يَدِهِ، وَثَمَرَةَ قَلْبِهِ، فَلْيُطِعْهُ إنِ اسْتَطَاعَ، فإنْ جَاءَ آخَرُ يُنَازِعُهُ فَاضْرِبُوا عُنُقَ الآخَرِ”،[5] ولذلك يجب على المسلم أن يخلص فيها ولا ينقضها.[6]

اقرأ أيضًا: تم اختيار الخليفه عمر بن الخطاب رضي الله عنه الخلافة بعد التشاور فيما بين الصحابه

أنواع البيعة في الإسلام

يوجد للبيعة في الإسلام نوعان، وهما البيعة العامة والخاصة، ويختلف كل منهما عن الآخر حسب الطرف الذي سوف يقوم بالمبايعة، وفيما يأتي التفصيل في كل منهما:

البيعة الخاصة

هي التي يقوم بها كبار ووجهاء الدولة من علماء وفقهاء ووزراء وكبراء ومسؤولين وغيرهم، إذ يراعى في البيعة أن تتم الخاصة من قبل هؤلاء الأكابر والأفاضل قبل عامة الناس، وذلك من أجل المحافظة على وحدة صفوف المسلمين وتلافيًا لانقسامهم وتشتتهم، إذ أنَّ البيعة الخاصة تمهد لاتفاق العلماء والكبار على الإمام وعلى كلمة واحدة، ومن ثم سوف يشجع الناس على ذلك.

البيعة العامة

هي التي يقوم بها عامة الناس ويبايعون الإمام بعد مبايعة الكبار والعلماء والوجهاء في البيعة الخاصة، ولا بدُّ أن تكون على السمع والطاعة في طاعة الله، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد بايع المسلمين في العقبة، ففي الحديث عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: “كنتُ فيمَن حَضَرَ العَقَبةَ الأُولى، وكنَّا اثنَيْ عَشَرَ رَجُلًا، فبايَعْنا رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ على بَيعةِ النِّساءِ -وذلك قبلَ أنْ تُفتَرَضَ الحَربُ-: على ألَّا نُشرِكَ باللهِ شيئًا، ولا نَسرِقَ، ولا نَزنيَ، ولا نَقتُلَ أوْلادَنا، ولا نَأتيَ ببُهتانٍ نَفتَريه بيْنَ أيدينا وأرجُلِنا، ولا نَعصيَه في مَعروفٍ، فإنْ وَفَّيتُم فلكم الجنَّةُ، وإنْ غَشِيتُم مِن ذلك شيئًا فأمْرُكم إلى اللهِ؛ إنْ شاء عَذَّبَكم، وإنْ شاء غَفَرَ لكم”.[7]

شاهد أيضَا: استشهد الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه على يد أصحاب الفتنه سنة

شروط البيعة في الإسلام

لقد اشترط الفقهاء المسلمون عددًا من الشروط لا بدَّ من توافرها من أجل إتمام البيعة، وذلك استنادًا إلى كتاب الله تعالى وأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفعل صحابته الكرام من بعده، وفيما يأتي شروطها في الإسلام بشكل مفصل:[3]

  • أن تتوفر كل شروط الإمامة في الشخص المطلوب للإمامة، وقد حدد الإسلام عددًا من الشروط يجب توافرها في الخليفة أو إمام المسلمين الحق، فإذا فقِد أحد الشروط لا تنعقد له.
  • أن يستجيب الشخص المبايَع للدعوة لتولي الإمامة إذا دعي، وفي حال امتنع عن الاستجابة لا تعقد له ولا يتم إجباره عليها، إلا إذا كان الإمام الموجود غير صالح للحكم ولا يوجد بديل له.
  • أن يقوم أهل الحل والعقد وهم العلماء والأفاضل ووجهاء الناس بها قبل أن يقوم بها بقية الناس من أجل تحقيق التحالف والتوازن واستقرار الأمة وعدم التنازع على الإمام أو الحاكم أمام الناس وتشتيتهم.
  • أن تبنى جميع شروطها وتفصيلاتها على كتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، فعلًا وقولًا وعملًا، وتكون الطاعة لله تعالى وحده خالصة من دون الناس.
  • أن تكون  لإمام واحد فقط، ولا يجوز أن تعقد لأكثر من إمام في نفس الوقت.
  • يجب أن تكون الحرية فيها مضمونة بالكامل، ولأن اختيار الحكام ومنحه العهد والميثاق لا يقوم على أساس المراضاة، بل على حرية الاختيار، وليس فيها إجبار أو إكراه، مثل ما فعل الصحابة رضي الله عنهم في عهد الخلفاء الراشدين.
  • إشهاد الناس عليها، حتى لا يدعي أحد الإمامة إذا تم عقد الإمامة له في السر، وهذا يؤدي إلى الفتن والتنازع بين المسلمين.

صور البيعة في الإسلام

تتم صيغة عهد الإمامة في الإسلام وفق وجوه وصور عديدة، والصور هي الطريقة التي تتم خلالها سواء بالكلام أو المصافحة وما إلى هنالك، وفيما يأتي توضيح صورها بشكل مفصل:[3]

  • المصافحة والكلام: أحد أهم وأشيع صور المبايعة هي الكلام والمصافحة للتأكيد على عقد الإمامة والاعتراف بالإمام وميثاقها، وهذه الصّورة هي الغالبة في المبايعة، وتكون فقط للرجال.
  • الكلام فقط: تتم هذه الطريقة من دون مصافحة، وهذه الطريقة تكون للنساء، وقد طبقها رسول الله صلى الله عليه وسلم  مع النساء في العقبة.
  • الكتابة: تتم هذه الطريقة لمن كان بعيدًا وتفصله عن الشخص المبايَع مسافة بعيدة، ووفق هذه الطريقة بايع النجاشي رسولَ صلّى الله عليه وسلّم.

في نهاية مقال ما هي البيعة وما أنواعها وشروطها تعرفنا على ما هو مفهوم البيعة وعرفنا ما حكم البيعة لولي الأمر في الإسلام كما تعرفنا على شروطها بشكل واضح وعلى أنواعها وهما: الخاصة والعامة، وعلى صور العديدة التي تتم بها وغير ذلك.

المراجع

  1. سورة الفتح , آية 18
  2. سورة الفتح , آية 10
  3. islamstory.com , البيعة في الإسلام .. مفهومها وأهميتها وشروطها , 02/11/2021
  4. صحيح مسلم , مسلم، نافع مولى ابن عمر، 1851، صحيح
  5. صحيح مسلم , مسملم، عمرو بن العاص، 1844، صحيح
  6. islamway.net , مفهوم البيعة , 02/11/2021
  7. تخريج المسند , شعيب الأرناؤوط، عبادة بن الصامت، 22754، صحيح

الزوار شاهدوا أيضاً

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *