ما هو اليمين الغموس وهل له كفارة

ما هو اليمين الغموس وهل له كفارة، شرّع الإسلام الحلفُ بالله وحرم الحلف بغيّرهِ، ومن رحمته سبحانه أنه رخص كفارة لكل شيء حلف به العبدُ ونقضه، فاليمينُ له الأثر البالغ في شتى أمور حياةِ المرء، وقد تقع على إثره أحكامًا وتلغى أحكامًا أخرى، فاليمين بالله عظيم، ويجبّ على من حلف به حفظه، ومن خلال موقع المرجع سنتعرفُ على انواع اليمين الغموس وكفارتها عند الشافعية.

ما هو اليمين الغموس

اليمينُ الغموس هو من كبائرِ الذنوب والمعاصيْ، وهيّ حلف المرء بالله يمينًا كاذبًا، بحيثُ يقصد به الكذبِ، وهو يدري كذب حديثهُ، وقد سُمّيت بذلك، لأنّها تغمس صاحبها في النار، وقيل لأنّها تغمس صاحبها في الإثم، ولا تعارض في كونها تغمس في النار أنّها تغمس في الإثم كذلك، ذلك أن انغماس المرء في الإثم سبب لانغماسه في النار، واليمين الغموس كذلكَ هي يمين كذب فاجرة يقتطع بها المسلم حق أخيه، أو ماله.

شاهد أيضًا: حكم الاستثناء في اليمين

كفارة اليمين الغموس عند الشافعية

اختلف الفقهاءُ في تحديد كفارة اليمين الغموس، فذهب جمهورٌ منهم إلى أن الكفارة غيرُ واجبة، بينما خالف الشافعيّة ذلك الرأي، فقالوا إن الكفارة تجبُ فيها، وقد عقب شيخ الإسلام ابن تيمية بعد أن ذكر قول كلّ فريق بأنّ إثم اليمين الغموس لا يسقط بمجرد أداء الكفارة بل لا بدّ من التوبة النصوح من هذا الذنب، وذهب آخرون إلى الجمع بين التوبة من اليمين الغموس والكفارة، وذلك خروجًا من خلاف العلماء في ذلك، وكفارةُ اليمين هيّ إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم، أو تحرير رقبة، فإن لم يجد فصيام ثلاثة أيام.

شاهد أيضًا: ما هي كفارة اليمين

حرمة اليمين الغموس

اليمين الغموس محرم شرعًا، ولا خلاف في ذلك، وهو تجرؤ على الله -جل علاه-، وقد ثبت عن رسول الله محمد -صلى الله عليه وسلم- مواقف كثيرة في ذم اليمين الغموس ومن باب الترهيب والتخويف من الحلف الغموس، وأنها من الكبائر، وهي أدلة على حرمتها، ومنها ما روي عن ابن مسعود -رضي الله عنه-، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (من حلف يمين صبر، ليتقطع بها مال امرئ مسلم ، لقي الله وهو عليه غضبًان، فأنزل الله تصديق لذلك: {إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا أولئك لا خلاق لهم في الآخرة).[1]

شاهد أيضًا: حكم نقض الايمان بعد توكيدها

آثار اليمين الغموس

لليمين الغموس الكاذب آثار وخيمة تعود على صاحبها، فهيّ من كبائر الذنوب التي قرنها نبي الله محمد -صلى الله عليه وسلم- بكبائر أخرى مثل: الشرك بالله، وقتل النفس كما في الحديث (الْكَبَائِرُ الإِشْرَاكُ بِاَللَّهِ، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ، وَقَتْلُ النَّفْسِ، وَالْيَمِينُ الْغَمُوسُ)[2]، كما أنها سبب لقلة البركة، وذهاب المال، والفقر، كما أنها سبب لظلمة القلب حتى يلقى صاحبها الله يوم القيامة.

أنواع اليمين

يوجدُ ثلاثة أنواع لليمين باعتبار الأثر المترتب عليه، وهي على النحوِ الآتّي:

  • يمين اللغو: وهذه اليمين لا يترتب على حالفها شيء من الأجر أو الإثم، وليس فيها كفارة أيضًا، فصاحبها يحلفها لغوًا بحيثُ أنه لا يقصد بها اليمين ولا القسم، أو يحلفها على شيء يظنه صدقًا ثم يتبين أنه خلاف ذلك، ولا يُؤاخذ صاحبها.
  • اليمين الغموس: هي اليمين الكاذبة عن قصد، سواء كان حلفها في الماضي أو في الحاضر، وهي أن يحلف الإنسان على شيء وهو يعلم أنه كاذب، وبها تُهضَم الحقوق، ويُنوى بها الغش والخيانة، يجب التوبة منها وإعادة الحقوق إلى أصحابها.
  • اليمين المنعقدة: هي التي يقصدها صاحبها ويصمم عليها لذا سميت بالمنعقدة، ويكون فيها عزم على فعل شيء في المستقبل، أو ترك فعله في المستقبل، وهذه الأيمان يجب فيها الكفارة بإجماع العلماء عند الحنث بها، إلا من استثنى فيها، أي قال إن شاء الله، فإنّه لا يعتبر حانثًا إن لم يفعل ويوفي بيمينه.

حكم إخلاف اليمين

يختلف حكم إخلاف اليمين أو ما يسمى بالحنث في اليمين بحسبْ الفعل المحلوف عليه، وفيما يأتي توضيح لذلك:

  • الحلف على ترك أمر واجب، أو فعل محرم: إن حلف المسلم على ترك أمر واجب عليّه، أو أنه حلف على فعل محرم، فيجب عليه أن يخلف يمينه، ويكفر عنه.
  • الحلف على ترك أمر مستحب، أو فعل مكروه: إن حلف المسلم على ترك أمر مستحب، أو أنه حلف على فعل مكروه، فيستحب أن يخلف يمينه، ويكفر عنه.
  • الحلف على فعل واجب، أو ترك محرم: إن حلف المسلم على فعل أمر واجب عليه، أو أنه حلف على ترك أمر محرم، فيجب عليه الوفاء به، ويحرم عليه الإخلال به، وإن أخل به فعليه كفارة يمين.
  • الحلف على فعل مستحب، أو ترك مكروه: إن حلف المسلم على فعل مستحب، أو ترك فعل مكروه، فيُكره له الحنث، والأفضل له عدم الإخلال به، فإن أخل به فتجب الكفارة.
  • الحلف على فعل مباح، أو ترك مباح: إذا حلف المسلم على فعل مباح أو ترك مباح، فهو مخير بين الفعل والترك، ولكنه إذا حنث بيمينه فلم يؤدّيه، تجب عليه كفارة اليمين.

إلى هنا نكون قد وصلنا إلى نهايةِ مقالنا ما هو اليمين الغموس وهل له كفارة، حيثُ سلطنا الضوء على اليمين الغموس، وآثارهُ، وكفارتهُ،وأنواع اليمين عامّة.

المراجع

  1. صحيح البخاري , البخاري، عبدالله بن مسعود، 6676، صحيح
  2. صحيح البخاري , البخاري ، عبدالله بن عمرو ، 6870 ،صحيح

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *