ما هي كفارة اليمين

ما هي كفارة اليمين التي تعد من الأمور التي شرعها الله عز وجل في كتابه الكريم، في حال عدم الوفاء باليمين، تكفيرًا لذنب هتك حرمة اسم الله تعالى، وزجرًا عن ارتكاب أسبابها، لذلك يهتم موقع المرجع في الحديث عن ما هي كفارة اليمين، وما حكمها، وما الحكمة منها، وعن الأيمان التي لا تشرع لها الكفارة، وعن أنواع كفارةّ اليمينّ، وعن من تصرف إليه كفارةّ اليمينّ، وعن التوكيل في إخراج كفارة اليمين.

ما هي كفارة اليمين

كفارة اليمين هي ما يخرجه الحانث في يمينه؛ من إطعام أو كسوة لعشرة مساكين أو عتق رقبة، أو صيام ثلاثة أيام، فالكفارة في اللغة: مأخوذة من الكفر وهو الستر، لأنها تغطي الذنب وتستره، فهي اسم من كفر الله عنه الذنب، أي محاه لأنها تكفر الذنب، وكأنه غطى عليه بالكفارة. وفي التهذيب: سميت الكفارات كفارات، لأنها تكفر الذنوب، أي تسترها مثل كفارة الأيمان، وكفارة الظهار، والقتل الخطأ، وقد بينها الله تعالى في كتابه وأمر بها عباده، والكفارة: ما كفر به من صدقة أو صوم أو نحو ذلك، والكفارة في الاصطلاح: قال النووي: الكفارة من الكفر -بفتح الكاف- وهو الستر لأنها تستر الذنب وتذهبه، هذا أصلها، ثم استعملت فيما وجد فيه صورة مخالفة أو انتهاك وإن لم يكن فيه إثم كالقتل خطأ وغيره.[1]

شاهد أيضًا: شخص حلف بغير الله وش يسوي

حكم كفارة اليمين

تجب الكفارة على كل يمين معقودة، فيها حنث، قال تعالى: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}،[2] وعن عبد الرحمن بن سمرة رضي الله عنه، قال: قال لي النبي صلى الله عليه وسلم: “يا عبدَ الرَّحمنِ بنَ سَمُرةَ، لا تَسألِ الإمارةَ؛ فإنَّك إن أُعطِيتَها عن مسألةٍ وُكِلْتَ إليها، وإن أُعطِيتَها عن غيرِ مَسألةٍ أُعِنْتَ عليها، وإذا حلَفْتَ على يمينٍ فرأيتَ غَيرَها خَيرًا منها، فكَفِّرْ عن يمينِك، وَأْتِ الذي هو خَيرٌ”،[3] وعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “مَن حَلَف على يمينٍ فرأى غَيرَها خيرًا منها، فلْيَأتِ الذي هو خيرٌ، ولْيُكفِّرْ عن يمينِه”،[4] وفي قوله: “ولْيُكفِّرْ عن يمينِه”، أن الأمر يفيد وجوب الكفارة إذا حنث، وقد نقل الإجماع على ذلك: الطبري، وابن المنذر، وابن عبد البر، والدميري، ويجب عند إخراج كفارةّ اليمينّ عقد النية، وهذا باتفاق المذاهب الفقهية الأربعة: الحنفية، والمالكية، والشافعية، والحنابلة، فعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “إنَّما الأعمالُ بالنِّيَّاتِ، وإنَّما لكُلِّ امرئٍ ما نوى؛ فمَن كانت هِجرتُه إلى دُنيا يُصيبُها، أو إلى امرأةٍ يَنكِحُها، فهِجرتُه إلى ما هاجَرَ إليه”.[5][6]

شاهد أيضًا: حكم من حلف بالطلاق ثم أراد الرجوع عن يمينه

الحكمة من كفارة اليمين

من حكم كفارةّ اليمينّ:[6]

• أنها جابرة لعدم الوفاء الذي حصل بالحنث.
• بها تتحلل اليمين؛ كما قال الله تعالى: {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ}.[8]
• فيها تكفير لذنب هتك حرمة اسم الله تعالى.
• فيها زجر عن ارتكاب أسبابها.
• أنها وسيلة لحفظ اليمين.

شاهد أيضًا: ما هو أول مسجد بني في الإسلام

الأيمان التي لا تشرع لها الكفارة

لا تجب الكفارة في كل الأيمان، فهناك أيمان لا تشرع فيها الكفارة، وهي:[6]

• اليمين الغموس: وهي اليمين الكاذبة التي يقتطع بها الإنسان حق أخيه بغير حق، وهذه اليمين لا كفارة فيها.
• اليمين اللغو: وهي اليمين التي لا تقصد، تجري على اللسان من غير قصد، كأن يقول: والله لا أفعل كذا، والله ما فعلت كذا، وهذه اليمين لا كفارة فيها.
• الحلف بغير الله: لا كفارة على من حلف بغير الله تعالى، وذلك باتفاق المذاهب الفقهية الأربعة: الحنفية، والمالكية، والشافعية، والحنابلة، وهو قول أكثر الفقهاء، وحكي فيه الإجماع.

شاهد أيضًا: كيف أحافظ على صلاتي ولا أتركها

أنواع كفارة اليمين

أنواع كفارةّ اليمينّ: إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، أو عتق رقبة، فإن لم يجد من هذه الثلاثة واحدًا، أجزأه صيام ثلاثة أيام، لقوله تعالى: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}،[2] وتفصيل ذلك فيما يأتي:[6]

الإطعام

ليس للمقدار المجزئ من الإطعام حد، والأمر يرجع فيه للمكفر حسب قوته في أهله؛ فهو يطعم من أوسط ما يطعم منه أهله، وهذا مذهب الظاهرية، والمنقول عن أكثر الصحابة والتابعين، ورجحه ابن تيمية، وابن القيم، ويشترط إخراج كفارة الإطعام في اليمينّ لعشرة مساكين، ولا يجزئ التكرار على مسكين واحد، وهذا مذهب الجمهور: المالكية، والشافعية، والحنابلة.

الكسوة

يشترط إخراج كفارة الكسوة في اليمين لعشرة مساكين، ولا يجزئ التكرار على مسكين واحد، وهذا مذهب الجمهور: المالكية، والشافعية، والحنابلة، وقد اختلف العلماء في المقدار المجزئ في الكسوة في كفارةّ اليمينّ؛ على ثلاثة أقوال:

• القول الأول: يجزئ من الكسوة في كفارة اليمين ما تصح به الصلاة، وهذا مذهب المالكية، والحنابلة، وبه قال ابن باز، وبه أفتت اللجنة الدائمة.
• القول الثاني: يجزئ من الكسوة في كفارة اليمين ما يطلق عليه لفظ الاكتساء، كقميص، أو إزار، أو رداء، أو سروال، أو عمامة، وهذا مذهب الشافعية، والظاهرية، وهو قول سفيان الثوري، والأوزاعي، وهو اختيار ابن عثيمين.
• القول الثالث: يجزئ من الكسوة في كفارة اليمين ما يثبت به اسم المكتسي، وينتفي عنه اسم العريان، وهذا مذهب الحنفية؛ وذلك لأن المقصود جعل الفقير مكتسيًا، فهو حاصل بما يدفع عنه اسم العريان.

عتق الرقبة

يشترط الإسلام في الرقبة المحررة في كفارة اليمين، وهذا مذهب الجمهور: المالكية، والشافعية، والحنابلة، ويشترط في الرقبة المحررة أن تكون سالمة من العيوب، وهذا باتفاق المذاهب الفقهية الأربعة: الحنفية، والمالكية، والشافعية، والحنابلة؛ وذلك لأن المقصود تمليك العبد منافعه، ويمكنه من التصرف لنفسه، ولا يحصل هذا مع ما يضر بالعمل ضررًا بينًا.

الصوم

يجزئ تفريق الأيام في صوم كفارة اليمين، وهذا مذهب المالكية، والشافعية في الأظهر، ورواية عن أحمد، وبه قال ابن حزم، وابن باز، واختلف العلماء في قضاء الصيام عن الميت في كفارة اليمين؛ على قولين:

• القول الأول: لا يقضى الصيام عن الميت في كفارة اليمين، وهو مذهب الجمهور: الحنفية، والمالكية، والحنابلة، وهو قول الشافعي في الجديد.
• القول الثاني: يجوز الصيام عن الميت في كفارة اليمين، وهو قول الشافعي في القديم، والأظهر في المذهب، وهو اختيار ابن حزم ، وابن باز، وابن عثيمين.

شاهد أيضًا: ما هو الزواج العرفي وما حكمه في الاسلام

من تصرف إليه كفارة اليمين

تصرف كفارة اليمين للمساكين المحتاجين، وهذا باتفاق المذاهب الفقهية الأربعة: الحنفية، والمالكية، والشافعية، والحنابلة، ويشترط في المسكين الذي تصرف إليه الكفارة ما يلي:[6]

• أن يكون المسكين مسلمًا: لا تجزئ كفارة اليمين لغير المسلمين، وهذا مذهب الجمهور: المالكية، والشافعية، والحنابلة، وقول أبي يوسف من الحنفية؛ وذلك قياسا على الزكاة.
• أن يكون المسكين حرًا: يشترط في المستحق للكفارة من المساكين أن يكون حرًا، نص عليه الجمهور: المالكية، والشافعية، والحنابلة.
• أن يكون المسكين ممن لا يلزم المكفر نفقتها: تصرف كفارةّ اليمينّ لمن لا تلزم المكفر نفقته، باتفاق المذاهب الفقهية الأربعة: الحنفية، والمالكية، والشافعية على الأصح، والحنابلة؛ وذلك لأن الكفارة حق مال يجب لله تعالى؛ فجرى مجرى الزكاة.

شاهد أيضًا: هل الذنب مضاعف في مكة إسلام ويب

التوكيل في إخراج كفارة اليمين

ويمكن تمييز ثلاث حالات مختلفة:[6]

• الحالة الأولى: يجوز إخراج الكفارة عن الغير إذا كان بإذن الموكل، وكان المال له، وذلك باتفاق المذاهب الفقهية الأربعة: الحنفية، والمالكية، والشافعية، والحنابلة، وحكي فيه الاتفاق.
• الحالة الثانية: تجزئ الكفارة عن الغير إذا كان التكفير بإذن الموكل، والمال ليس له، وهذا مذهب الجمهور: الحنفية، والشافعية، والحنابلة؛ وذلك لأن إخراج الكفارة عن الغير إذا لم يكن من ماله فإنه يأخذ حكم البيع والشراء إذا كان بمقابل، وحكم الهبات إن كان بغير مقابل.
• الحالة الثالثة: لا يجزئ التكفير عن الغير بغير إذنه، وهو مذهب الجمهور: الحنفية، والشافعية، والحنابلة، وهو قول للمالكية.

شاهد أيضًا: ما هو الشرك الخفي

وهكذا نكون قد وصلنا إلى نهاية مقالنا، الذي تحدثنا فيه عن ما هي كفارة اليمين، وما حكمها، وما الحكمة منها، وعن الايمان التي لا تشرع لها الكفارة، وعن أنواع كفارة اليمينّ، وعن من تصرف إليه كفارة اليمينّ، وعن التوكيل في إخراج كفارة اليمينّ.