ما حكم لفظ الطلاق ثلاث مرات

ما حكم لفظ الطلاق ثلاث مرات من الأمور الهامّة التي ينبغي للمسلمين أجمعين أن يتفقّهوا بها، فالطّلاق من الأمور المشروعة بعد الزّواج لكنّه أبغش الحلال، ويكون الطّلاق بالوصول بين الزّوجين لطريقٍ مسدود لا يمكن بعدهما العيش بعده، ولكن الطّلاق آخر حلٍّ يجب على المسلم أن يفكّر فيه فالحلول في الحياة الزوجية كثيرة، وقد يقع المسلم في الطّلاق دون قصدٍ أو دون وعي كحالات الغضب والانفعال، فيقع بلفظ الطّلاق ثلاث مرات، وأحكام الطّلاق كثيرة ومتشعّبة، وسيقوم موقع المرجع في هذا المقال ببيان ما حكم لفظ الطلاق ثلاث مرات وبيان بعض الأحكام المتعلّقة بالطّلاق.

أحكام الطلاق

قبل معرفة ما حكم لفظ الطلاق ثلاث مرات لا بدّ من الإطّلاع على أحكام الطّلاق، فالطذلاق من الأمور المهمّة في الحياة بين المسلمين، وقد جعل الإسلام له أحكاماً فقهية تنظّمه وتحدّه، فالطّلاق هو حلّ الوثاق وهو الإرسال والتّرك وهو حلّ رابطة الزواج وإنهاء العلاقة الزوجية، وقد ورد في القرآن الكريم الكثير من الآيات التي تبيّن أحكام الطّلاق حتّى أنّ سورةً كاملةً سمّيت سورة الطلاق، وقد قال تعالى: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ}.[1] ويختلف حكم الطّلاق بتغير أحواله وأحكامه وظروفه كما يأتي:[2]

  • الطلاق الواجب: يكون الطّلاق واجباً في حقّ الرّجل المولي الذي لم يأت زوجته أكثر من أربعة أشهر، فهو في حقّه واجب أن يطلّق زوجته ويؤمر بذلك من القاضي فإن رفض فسخ القاضي بينهما.
  • الطلاق الحرام: وهو الطّلاق الذي يكون في مدة حيض الزّوجة، أو في فترة طهرٍ جامعها فيه وهذا ما يسمى بالطّلاق البدعي وهو محرّم.
  • الطلاق المكروه: وهو كلّ طلاقٍ يكون من غير سببٍ جليّ وواضح.
  • الطلاق المندوب والمستحبّ: وهو الطذلاق الذي يكون في حقّ الزّوجة بذيئة اللسانن أو مضيّعةً لحقٍّ من حقوق الله، ويُخشى من استمرارها في الوقوع بالحرام.
  • الطلاق المباح الجائز: كأن يكون الزوج لا يريد زوجته لعدم محبّته لها  ولا تطيب نفسه أن يتحمّل نفقتها دون الاستمتاع بها.

شاهد أيضًا: حكم من حلف بالطلاق ثم أراد الرجوع عن يمينه

ما حكم لفظ الطلاق ثلاث مرات

إن حكم لفظ الطلاق ثلاث مرات مُختلفٌ فيه عند أهل العلم فمنهم من قال أنّه يقع بثلاث تطليقات ومنهم من قال أنّه يقع بتطليقةٍ واحدة، فللطّلاق ألفاظٌ صريحة وهو اللفظ الذي ينطق به الرجل ويُفهم معناه على أنّه طلاق كقول أنت طالق أو طلقتك أو ما شابه ذلك، والطّلاق إمّا يكون رجعياً أو طلاقاً بائناً، والطلاق الرّجعي هو الذي يملك الرّجل فيه حقّ إرجاع زوجته ولو بغير رضاها، أمّا الطلاق البائن هو الطّلاق الذي لا يملك الرّجل حقّ إرجاع المطلّقة إليه، والطّلاق يكون طلاق سنّة أو طلاق بدعة، وطلاق السّنّة هو أن يطلق الرجل امرأته بطهرٍ لم يمسّها فيه بطلقةٍ واحدة، أمّا الطلاق البدعي فهو أن يطلق الرّجل امرأته وهي حائض أو نفساء أو في طهرٍ قد مسّها فيه أو يطلّقها ثلاثاً في كلمةٍ واحدة أو ثلاث كلماتٍ في الوقت الواحد، وقد اختلف أهل العلم في حكم الطلاق بثلاث تطليقاتٍ بلفظٍ وحد، وكان لهم قولين في حكمه وهما:[3]

  • القول الأول: فال أصحابه أنّ الطّلاق بثلاث تطليقاتٍ بلفظٍ واحد يقع الطّلاق ثلاثاً، وأصحاب هذا القول هم جمهور العلماء من أحنافٍ ومالكيّة وشافعيّة وحنابلة، فقد ورد عن عبد الله بن عمر: “أنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ، وَهي حَائِضٌ في عَهْدِ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فَسَأَلَ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ عن ذلكَ، فَقالَ له رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا، ثُمَّ لِيَتْرُكْهَا حتَّى تَطْهُرَ، ثُمَّ تَحِيضَ، ثُمَّ تَطْهُرَ، ثُمَّ إنْ شَاءَ أَمْسَكَ بَعْدُ، وإنْ شَاءَ طَلَّقَ قَبْلَ أَنْ يَمَسَّ، فَتِلْكَ العِدَّةُ الَّتي أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يُطَلَّقَ لَهَا النِّسَاءُ. وَزَادَ ابنُ رُمْح في رِوَايَتِهِ: وَكانَ عبدُ اللهِ إذَا سُئِلَ عن ذلكَ، قالَ لأَحَدِهِمْ: أَمَّا أَنْتَ طَلَّقْتَ امْرَأَتَكَ مَرَّةً، أَوْ مَرَّتَيْنِ، فإنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ أَمَرَنِي بهذا، وإنْ كُنْتَ طَلَّقْتَهَا ثَلَاثًا، فقَدْ حَرُمَتْ عَلَيْكَ، حتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَكَ، وَعَصَيْتَ اللَّهَ فِيما أَمَرَكَ مِن طَلَاقِ امْرَأَتِكَ. قالَ مُسْلِمٌ: جَوَّدَ اللَّيْثُ في قَوْلِهِ تَطْلِيقَةً وَاحِدَةً”.[4]
  • أمّا القول الثاني: أنّ ثلاث تطليقاتٍ بلفظٍ واحد تقع طلقة واحدة  وهذا قول طائفة من السّلف الصّالح وبعض أهل العلم، وقد استدلّوا بما ورد عن ابن عباس في قوله “كانَ الطَّلَاقُ علَى عَهْدِ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، وَأَبِي بَكْرٍ، وَسَنَتَيْنِ مِن خِلَافَةِ عُمَرَ، طَلَاقُ الثَّلَاثِ وَاحِدَةً، فَقالَ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ: إنَّ النَّاسَ قَدِ اسْتَعْجَلُوا في أَمْرٍ قدْ كَانَتْ لهمْ فيه أَنَاةٌ، فلوْ أَمْضَيْنَاهُ عليهم، فأمْضَاهُ عليهم”.[5] وقد كانت وجه دلالتهم أنّ الثلاث كانت من اجتهادات عمر بن الخطّاب، وأنّه فعلها سياسة، فلو قيل للرّجل أن سبّح الله مائة مرّة كان عليه أن يعدّ مائة مرّة من التّسبيح حتّى يستوفيها، وذلك كان على القياس في الطّلاق، وقد شرّع الله الطّلاق مرّة بعد مرّة ولم يشرعه كلّه مرة واحدة فمن جمع الثّلاث فقد تعدّى حدود الله.

الطلاق الثلاث في القرآن

بعد معرفة ما حكم لفظ الطلاق ثلاث مرات فلو طلّق الرّجل زوجته ثلاث طلقاتٍ مرّة واحدة أو بألفاظٍ ثلاثة في مجلسٍ واحد، فما حكم الطلاق الثلاث في القرآن الكريم، وقد اختلف أهل العلم فيه:[6]

  •  فبعضهم قال أنّه يقع ثلاثاً وتبين به المرأة بينونةً كبرى، ودليلهم من القرآن قوله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ}.[7]
  • وبعضهم قال أنّه يقع طلقةً واحدة ويكون طلاقاً رجعيّاً، ودليلهم من القرآن قوله عزّ وجلّ: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ}.[8]
  • وبعضهم قال أنّ هذا الطّلاق هو طلاقٌ بدعيٌّ باطل لا يقع الطّلاق به أصلاً، فهو من الأمور المحدثة والمبتدعة وعلى المسلم أن يُطلّق كما أمر الله سبحانه : { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ}.[9] وهو الطلاق الذي يراعي به المسلم ما جاء في القرآن والسّنّة.

حكم قول انتي طالق وقت الغضب

تحدّثنا سابقاً عن إجابة السّؤال ما حكم لفظ الطلاق ثلاث مرات، وسنتحدّث فيما يأتي عن حكم قول انتي طالق وقت الغضب، حيث جاء عن الشّيخ ابن بازٍ رحمه الله تعالى، أنّه قال في هذه المسألة: أنّ الطّلاق وقت الغضب الشّديد، الّذي يفقد فيه الإنسان الصّواب والرّشد، ولا يشعر أو يحسّ بما يقوله أو يفعله، فيقول لزوجته أنت طالق، فهنا لا يقع الطّلاق إذا شهدت زوجته على غضبه، أو كان هناك شهودٌ آخرون، وقد قال أهل العلم بالاستناد على سنّة الحبيب محمّدٍ -عليه الصّلاة والسّلام- أنّ الطّلاق عند الغضب لا يقع ولا يكون صحيحاً، لأن الغضب الشّديد يغلق العقل والبصيرة، ويجعل الإنسان يقول أشياءً لا يدركها ولا يفهمها، وربّما لا يتذكرها عند زوال غضبه، وقد روت عائشة أمّ المؤمنين -رضي الله عنها- عن النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: “لا طلاقَ ولا عِتَاقَ في إغْلاقٍ”.[10] فالإغلاق كما فسّرها أهل العلم بأنّه الغضب أو الإكراه، وإنّ الغضب قد قسمه العلماء إلى ثلاثة اقسامٍ أو ثلاثة أنواعٍ وهي:[11]

  • الغضب الشّديد الّذي يغلق عقل الإنسان ويغيّب شعوره فيصير كالمجنون، والطّلاق في هذه الحالة لا يقع.
  • الغضب الّذي تكون شدّته متوسّطةً، الّذي يذهب القليل من العقل والشّعور لكنّه لا يصير كالمجنون أو السّكران، ولا هذا لا يقع طلاقه على الصّحيح.
  • الغضب العاديّ الّذي لا يُذهب شيئاً من العقل أو الشّعور والإحساس، ويبقى فيه الإنسان واعياً لما يقوله أو يفعله، وإن لفظ الطّلاق في هذه الحالة واقعٌ وصحيح عند جميع أهل العلم والله أعلم.

شاهد أيضًا: تفسير حلم الطلاق للمتزوجة لابن سيرين وابن شاهين والنابلسي

متى يقع الطلاق

أفاد أهل العلم في مسألة وقوع الطّلاق، بأنّه يقع مادام الزّوج قد لفظ كلمة الطّلاق بنيّة معقودة على الطّلاق فعليّاً، كما يقع إن قيل اللّفظ بقصد المزاح والهزل، لأنّ الشّريعة حرّمت المزاح في هذه الأمور، فقد قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: “ثلاثٌ جِدُّهنَّ جدٌّ وَهَزلُهُنَّ جِدٌّ: النِّكاحُ والطَّلاقُ والرَّجعةُ”.[12] أمّا إن لفظ الطّلاق بالخطأ، او في سبيل التّعليم والشّرح والبيان، فإنّ الطّلاق غير واقعٍ وغير صحيح، ويقع الطّلاق ايضاً بالكناية، كأن يقول الزّوج لزوجته في وقتٍ يصحّ به الطّلاق، أي في غير وقت حيضٍ أو في الحمل أو في وقت النّفاس أو عند الجنابة، مثلاً اذهبي لأهلك، او حرّمتك على نفسي، أو حرّمتك عليّ، أو لم أعد أريدك، وهو يقصد في نيّته طلاقها، فالطّلاق واقعٌ لا محالة، وتكون عقوده وشروطه صحيحة، ولو كان مزاحاً، فالطّلاق يقع بالنّيّة المعقودة عليه سواءً كان بألفاظٍ صريحةٍ أو بالكناية، والله أعلم.[13]

وفي الختام من الجدير تنبيه المسلمين على تقوى الله تعالى، والابتعاد عن استعمال لفظ الطّلاق واجتنابه، لأنّ في ذلك خراباً للبيوت وتدميراً للأسر، وقد بين المقال ما حكم لفظ الطلاق ثلاثة مرات، حيث ذكر الحكم من القرآن الكريم والسّنّة المباركة، مع ذكر أحكام الطّلاق ومتى يقع، بالإضافة إلى ذكر حكم الطّلاق عند الغضب.

المراجع

  1. سورة البقرة , الآية 229
  2. alukah.net , الطلاق وأحكامه في الإسلام , 15/08/2021
  3. dorar.net , الطَّلاقُ بثَلاثِ تَطليقاتٍ بلَفظٍ واحِدٍ (أنتِ طالِقٌ ثلاثًا) , 15/08/2021
  4. صحيح مسلم , مسلم/عبد الله بن عمر/1471/صحيح
  5. صحيح مسلم , مسلم/عبد الله بن عباس/1472/صحيح
  6. alukah.net , مسألة الطلاق الثلاث بلفظ واحد , 15/08/2021
  7. سورة البقرة , الآية 228
  8. سورة البقرة , الآية 229
  9. سورة الطلاق , الآية 1
  10. تحفة المحتاج , ابن الملقن/عائشة أم المؤمنين/398/2/صحيح أو حسن كما اشترط على نفسه في المقدمة
  11. islamqa.info , حكم الطلاق في حالة الغضب , 15/08/2021
  12. صحيح أبي داود , الألباني/أبو هريرة/2194/حسن
  13. islamweb.net , متى يقع الطلاق ومتى لا يقع؟ , 15/08/2021

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *