من هم صلة الرحم بالترتيب

من هم صلة الرحم بالترتيب ؟ سؤالٌ يتمّ طرحه بكثرة بين أوساط المسلمين، وقد خلق الله سبحانه وتعالى الناس وجعلهم شعوبًا وقبائل ليتعارفوا، وجعل معيار الأفضلية والتفضيل بينهم هو التقوى، وقد كان بين البشر والعباد درجات من القرابة تبدأ من الأبوي، وتنتشر مع أقربائهما، وقد أمر الإسلام العباد بالإحسان إلى الأقرباء والناس بشكلٍ عام، وأن يشارك المسلمين أفراحهم وأتراحهم ويقف معهم في حياتهم، ومن خلال موقع المرجع سيتمّ التعرف على ترتيب القرابة في صلة الراحم.

مفهوم كلمة الرحم

لمعرفة من هم صلة الرحم بالترتيب سيتمّ التعريف بمفهوم كلمة الرحم، ففي اللغة الرّحم هو موضع تكوين الرحم، والرحم هو القرابة التي تجمع أبناءً لأب، فمن يقال بهم ذوو الرحم هم الأقرباء، ويقع الاسم على كل كم نصلهم صلة قرابة وتجمعهم صلة نسب، والرحم في الاصطلاح الشرعي هي إمّا رحم محرم، وهي التي يكون فيها الرحم قريبًا حرم نكاحه أبدًا، فالرّحم عبارة عن قرابة، والرحم عبارة عن حرمة تناكح، أوو سيكون رحم غير محرم، وهم من عدا الرحم المحرم من الأرحام كبنات الأعمام وبنات العمات، وبنات الأخوال وبنات الخالات.[1]

شاهد أيضًا: حديث عن فضل صلة الرحم من كتاب رياض الصالحين

من هم صلة الرحم بالترتيب

اختلف أهل العلم في الرحم الواجب وصلها في ثلاثة أقوال، وهي الرّحيم المحرم، والرحم من ذوي الميراث، والأقارب من النسب سواءً كانوا يرثون أم لا يرثون، فصلة الرحم بالترتيب هم الأقارب من النسب من جهة الأب والأم، الآباء والأمهات والأجداد والأولاد وأولادهم ما تناسلوا، ثمّ الأقرب فالأقرب من الإخوة وأولادهم، والأعمام والعمات وأولادهم، والأخوال والخالات وأولادهم، فالصحيح من أقوال أهل العلم أنّ الرحم الواجب صلتهم هم الرحم الأقارب من النسب من جهة الأم والأب، وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه الصحابي الجليل معاوية بن حيدة القشيري قال: “يا رسولَ اللهِ! من أبرُّ؟! قال: أمَّك، قلتُ: ثم من؟! قال: أمُّك، قلتُ: ثم من؟! قال: أمَّك، قلت: ثم من؟! قال: أباك، ثم الأقربُ، فالأقربُ”. [2] وقد ذكر أهل العلم أنّ صلة الرحم تكون بأمور عديدة، كالزيارة والصدقة والإحسان والرعاية ونحوه، وقد قال النووي رحمه الله: “صلة الرحم هي الإحسان إلى الأقارب على حسب الواصل والموصول؛ فتارة تكون بالمال، وتارة تكون بالخدمة، وتارة تكون بالزيارة، والسلام، وغير ذلك” وتكون بما جرى به العرف واتبعه الناس والله أعلم.[3]

شاهد أيضًا: دعاء عن صلة الرحم قصير مكتوب

صلة الرحم في السنة النبوية

ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم الكثير من الأحاديث النبوية الشريفة التي يحثّ من خلالها على صلة الرحم، وقد بيّنت في بعضها من هم صلة الرحم بالترتيب، وقد رّغبت السنة الشريفة بهذه العبادة أعظم الترغيب، ومن الأحاديث التي وردت في السنة عن صلة الرحم ما يأتي:

• عن أبي هريرة رضي الله عنه أنّ النبي صلى الله عليه وسلم: “مَن كانَ يُؤْمِنُ باللَّهِ واليَومِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ، ومَن كانَ يُؤْمِنُ باللَّهِ واليَومِ الآخِرِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ، ومَن كانَ يُؤْمِنُ باللَّهِ واليَومِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أوْ لِيَصْمُتْ”.[4]
• عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: “مَن أحَبَّ أنْ يُبْسَطَ له في رِزْقِهِ، ويُنْسَأَ له في أثَرِهِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ”.[5]
• عن عائشة أمّ المؤمنين رضي الله عنها أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: “الرَّحِمُ مُعلَّقةٌ بالعرشِ تقول: من وصَلني وصلَه اللهُ، ومن قطعَني قطعَه اللهُ”.[6]
• عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ليس الواصِلُ بالْمُكَافِئِ، ولَكِنِ الواصِلُ الذي إذا قُطِعَتْ رَحِمُه وَصَلَها”.[7]

شاهد أيضًا: حكم صلة الارحام غير المسلمين بالمال

آيات صلة الرحم في القرآن

إنّ صلة الأرحام من أعظم وسائل القرب من الله سبحانه وتعالى، وقد كان الأمر واضحًا في القرآن الكريم بصلة الرحم وبيان فضل الامتثال لذلك، وقد ورد في كتاب الله سبحانه وتعالى الآيات الآتية في صلة الرحم:

• قال تعالى: {وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ}.[8]
• قال تعالى: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ}.[9]
• قال تعالى: {الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ}.[10]
• قال تعالى: {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ}.[11]

حدود صلة الرحم

لم تضع الشريعة الإسلامية بتعيينها من هم صلة الرحم بالترتيب حدًّا وكيفية لصلتهم، وقد ذكر أهل العلم أن حدود صلة الرحم تخضع للعرف، لأنّه لم يرد في الشرع فيها حدٌّ معين، حيث قال النووي رحمه الله: “صلة الرحم هي الإحسان إلى الأقارب على حسب الواصل والموصول؛ فتارة تكون بالمال، وتارة تكون بالخدمة، وتارة تكون بالزيارة، والسلام، وغير ذلك” وقد ذكر ابن عثيمين في شرحه لحدود صلة الرحم قال: “وصلة الأقارب بما جرى به العرف واتّبعه الناس؛ لأنه لم يبيّن في الكتاب ولا السنة نوعها ولا جنسها ولا مقدارها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقيده بشيء معين، بل أطلق؛ ولذلك يرجع فيها للعرف، فما جرى به العرف أنه صلة فهو الصلة، وما تعارف عليه الناس أنه قطيعة فهو قطيعة” والله ورسوله أعلم.[12]

مظاهر صلة الرحم في الإسلام

تكون الصلة بمكان الرحم من المسلم، فكلّما اقترب زادت واجباته تجاهه وكلّما ابتعد قلّت نوعًا ما، وتختلف الصلة بحسب حاجة الموصول وقدرة الواصل، فلو كان الموصول محتاجًا لأمرٍ ما والواصل يقدر عليه فلا بدّ أن يعينه فيه، ومن مظاهر صلة الرحم ما يأتي:[13]

• زيارة الأرحام في بيوتهم وأحيائهم.
• استضافة الأرحام في بيت الواصل ومكانه.
• تفقد الأرحام والسؤال عنهم والسلام عليهم عن طريق الهاتف وغيره.
• تقديم المال لهم كهدية أو كصدقة أو ما شابه ولو لم يكونوا بحاجة.
• توقير الكبار من الأرحام، ورحمة الضعفاء والصغار منهم.
• المشاركة في أفراح الأرحام وتهنئتهم، ومواساتهم في أحزانهم بتعزيتهم.
• تقديرهم وإنزالهم منازلهم التي يستحقّونها.
• عيادة مرضاهم واتّباع جنائزهم، وإجابة دعواتهم.
• خلوّ القلب نحوهم من الحقد والغلّ والحسد ونحو ذلك.
• إصلاح ذات بينهم والدعاء لهم وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر.

شاهد أيضًا: دعاء اللهم اني استودعتك عائلتي مكتوب كامل

حكم قطيعة الرحم في الإسلام

قبل اختتام من هم صلة الرحم بالترتيب، لا بدّ من بيان حكم قطيعة الرحم في الإسلام، فقطيعة الأرحام من الأمور التي يأثم صاحبها وهي من الآثام المنهي عنها، وتكون بهجر الرحم والإعراض عنهم وعدم مشاركتهم في مسراتهم وعدم مواساتهم في أحزانهم، ولقاطع الرحم الكثير من العقوبات عند الله، فهو ملعونٌ في كتاب الله، وهو من الفاسقين الخاسرين، ومن أعظم العقوبات له أنّه يُحرم من الجنّة، ولا يرفع له عمل ولا يقبل الله منه.[14]

إلى هنا نصل إلى نهاية المقال الذي حمل عنوان من هم صلة الرحم بالترتيب، والذي بيّن مفهوم الرحم، وصلة الرحم في السنة النبوية الشريفة والقرآن الكريم، وبين حدود صلة الرحم، وحكم قطيعة الرحم في الإسلام.