من هو الصحابي الذي شرب دم الرسول صلى الله عليه وسلم

من هو الصحابي الذي شرب دم الرسول صلى الله عليه وسلم هو ما سيتناوله موضوع هذا المقال. فقد ورد في الأثر أنّ أحد الصحابة -رضوان الله تعالى عنهم- كان قد شرب شيئًا من دم النبيّ الكريم عليه أفضل الصلاة وأتمّ التسليم. ويهتمّ موقع المرجع في بيان نبذة عن هذا الصحابيّ، وسرد تفاصيل حياته وإسلامه وموته.

من هو الصحابي الذي شرب دم الرسول صلى الله عليه وسلم

إنّ الصحابي الذي شرب دم الرسول صلى الله عليه وسلم هو عبد الله بن الزبير رضي الله عنه. فقد روي في الحديث حسن الإسناد عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنه: “أنه أتى النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وهو يحتجِمُ فلما فرَغ. قال: يا عبدَ اللهِ اذهَبْ بهذا الدمِ فأهرِقْه حيث لا يراكَ أحدٌ. فلما برَز عن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عمَد إلى الدمِ فشرِبه فلما رجَع. قال: يا عبدَ اللهِ ما صنَعتَ ؟ قال: جعلتُه في أخفى مكانٍ علمتُ أنه يَخفى عنِ الناسِ، قال: لعلَّكَ شرِبتَه، قال: نعَم، قال: لِمَ شرِبتَ الدمَ ؟ ويلٌ للناسِ مِنكَ. وويلٌ لكَ منَ الناسِ”.[1]

ورأى بعض الصحابة الكرام أنّ القوّة التي كانت في عبد الله بن الزبير -رضي الله عنه- كانت من ذلك الدّم الذي شربه من دم النبيّ محمّد صلّى الله عليه وسلّم. والله ورسوله أعلم.[2]

شاهد أيضًا: من هو ثاني رجل أسلم بعد أبو بكر الصديق رضي الله عنه

ما ورد في الحديث من شرب دم النبي عليه الصلاة والسلام

إنّ بيان من هو الصحابي الذي شرب دم الرسول صلى الله عليه وسلم يقتضي بالتأكيد بيان ما ورد في الحديث من شرب دم النبي عليه الصلاة والسلام. فقد ورد أنّ عديد الصحابة الكرام شربوا من دم النبيّ. وهم:[2]

• عبد الله بن الزبير: وهو ما سلف ذكره بحديثٍ حسن الإسناد.
• سفينة مولى رسول الله: والذي رُوي عنه في حديثٍ فيه بريه متماسك: “احتَجَم النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم. ثم قال لي : خُذْ هذا الدمَ فادفِنْه من الدوابِّ والطيرِ _ أو قال : الناسِ والدوابِّ ، شكَّ ابنُ أبي فُدَيكٍ _ قال : فتغيَّبتُ به فشَرِبتُه ، ثم سأَلني فأخبَرتُه أني شَرِبتُه فضحِك“.[3]
• كذلك سالم أبو هند الحجام رضي الله عنه: والذي رُوي عنه في حديثٍ في إسناده فيه مقال: “حجَّمْتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فلما فَرَغْتُ شَرِبْتُه ، فقُلْتُ : يا رسولَ اللهِ ، شَرِبْتُه . فقال : وَيْحَكَ يا سالمُ ، أما عَلَمْتَ أن الدمَ حرامٌ ، لا تَعُدْ“.[4]
• و كذلك غلام لبعض قريش: وذلك كما روى عبد الله بن عباس -رضي الله عنه- في حديثٍ إسناده ضعيف: “حجَمَ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم غلامٌ لبعض قريش. فلما فرغ من حجامتِه أخذ الدَّمَ فذهب به من وراء الحائط فنظر يمينًا وشمالًا. فلما لم يَرَ أحدًا تحسى دَمَه حتى فرَغَ. ثم أقبل فنظَرَ في وجهه. فقال: ويحَك ما صنَعتَ بالدَّمِ؟ قلت غيبتُه من وراءِ الحائطِ، قال: أين غيَّبتَه؟ قلتُ: يا رسول اللهِ. نَفِستُ على دَمِك أن أهريقَه في الأرضِ فهو في بطني، قال: اذهَبْ فقد أحرَزْتَ نفسَك من النَّار”.[5]

ونزولًا عند ما ضعف من الحديث وما كان فيه التماسك والمقال فيما ورد عن الصحابة الذي شربوا دم النبيّ عليه الصلاة والسلام. كانت إجابة سؤال من هو الصحابي الذي شرب دم الرسول صلى الله عليه وسلم هي أنّه عبد الله بن الزبير رضي الله عنه. و ذلك أنّ الحديث الذي روي فيه قصّته كان حسن الإسناد. والله ورسوله أعلم.

عبد الله بن الزبير

وهو عبد الله بن الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب بن مرّة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان. صحابيٌّ جليل من صحابة النبيّ صلى الله عليه وسلّم. كذلك والدته هي أسماء بنت أبي بكر الصديق عبد الله بن قحافة. أسديٌّ قرشيٌّ في نسبه. ولد رضي الله عنه في السنة الثانية للهجرة في المدينة المنورة. وهو ابن الصحابيّ الجليل الزبير بن العوام رضي الله عنه. كُنيّ في حياته بكنيتين اثنتين: أبو خبيب، وأبو بكر.[6]

أهم ملامح شخصية عبد الله بن الزبير

عبد الله بن الزبير بن العوام -رضي الله عنهما- هو واحدٌ من شجعان الصحابة رضي الله عنهم. و كذلك أحدّ الصحابة الذين تولّوا خلافة المسلمين. وكانت من أهمّ ملامح شخصية عبد الله بن الزبير:[7]

• حبّه للطاعات والعبادة: فقد اشتهر -رضي الله عنه- بكثرة حبه للعبادة. وقد قال فيه عبد الملك بن عبد العزيز: “قسَّم عبد الله بن الزبير رضي الله عنه الدهر على ثلاث ليال؛ فليلة هو قائم حتى الصباح، وليلة هو راكع حتى الصباح، وليلة هو ساجد حتى الصباح”.
• كذلك حبه للجهاد في سبيل الله: فقد نشأ في وسطٍ صالحٍ، وقد خرج إلى معركة اليرموك وهو في سنّ الرابع عشرة. وخاض فيما بعد عديد الفتوحات في شمال إفريقيا وغيرها.

مواقف من حياة عبد الله بن الزبير

لعلّ أبرز المواقف من حياة عبد الله بن الزبير هي كونه الصحابي الذي شرب دم الرسول صلى الله عليه وسلّم. ومن المواقف التي سطّرها التاريخ في سيرته:[7]

• أنّه -رضي الله عنه- هو أوّل مولود في الإسلام من المهاجرين بعد الهجرة النبويّة من مكّة إلى المدينة.
• كذلك تحنيكه من قبل الرسول الكريم -صلّى الله عليه وسلّم- بتمرةٍ لاكها في فمه.
• عندما مرّ الفاروق وهو يلعب مع الصبية. أسرع الصبية ليبتعدوا عن طريق عمر بن الخطاب. ولكن عبد الله لم يفرّ هارباً. فقال له عمر: “ما لك لم تفر معهم؟ فقال عبد الله رضي الله عنه: لم أجرم فأخافك، ولم يكن الطريق ضيقًا فأوسع لك”.شاهد أيضًا: من هو سيد القراء وسبب تسميته بهذا الاسم

رواية عبد الله بن الزبير للأحاديث

كذلك على الرغم من أنّ الصحابيّ الجليل عبد الله بن الزبير -رضي الله عنه- لم يلبث مع رسول الله كثيرًا. إلّا أنّه كان له نصيبٌ في رواية أحاديث النبيّ صلّى الله عليه وسلّم. ومن رواية عبد الله بن الزبير للأحاديث: [7]

• فقد روى عبد الله بن الزبير رضي الله عنه: “أنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال للزُّبَيرِ حين خاصمَهُ الأنصاريُّ في شِراجِ الحَرَّةِ الَّتي يسقونَ بها النَّخلَ : اسقِ يا زُبيرُ ، ثمَّ أرسلِ الماءَ إلى جارِكَ ، فغضِبَ الأنصاريُّ وقال : أنْ كان ابنُ عمَّتِكَ ؟ فتلوَّنَ وجهُ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ثمَّ قال للزُّبَيرِ : اسقِ يا زُبيرُ ، واحبِسِ الماءَ حتَّى يرجعَ إلى الجَدْرِ ، ثمَّ أرسِلْهُ”.[8]
• كذلك روى سهل بن سعد الساعدي: “سَمِعْتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ، علَى المِنْبَرِ بمَكَّةَ في خُطْبَتِهِ، يقولُ: يا أيُّها النَّاسُ، إنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كانَ يقولُ: لو أنَّ ابْنَ آدَمَ أُعْطِيَ وادِيًا مَلْئًا مِن ذَهَبٍ أحَبَّ إلَيْهِ ثَانِيًا، ولو أُعْطِيَ ثَانِيًا أحَبَّ إلَيْهِ ثَالِثًا، ولَا يَسُدُّ جَوْفَ ابْنِ آدَمَ إلَّا التُّرَابُ، ويَتُوبُ اللَّهُ علَى مَن تَابَ”.[9]

خلافة عبد الله بن الزبير

كذلك بعد بيان من هو الصحابي الذي شرب دم الرسول صلى الله عليه وسلم، لا بدّ من الخوض في الحديث عن خلافته. فقد ولي عبد الله بن الزبير الخلافة في السنة الرابعة والستين للهجرة. و كذلك أطلق عليه لقب أمير المؤمنين. و خلافة عبد الله بن الزبير هي خلافة شرعيّة كما عدّها الكثير من مؤرخي أهل السنة كابن الأثير وابن كثير والطبري وغيرهم، والله ورسوله أعلم.[6]

بناء الكعبة في عهد عبد الله بن الزبير

كذلك أثناء خلافة عبد الله بن الزبير -رضي الله عنه- أمر بهدم ما كان من الخصاص حول الكعبة وكنس ما كان فيها من الدماء والحجارة. وبعد مشورةٍ مع أهل العلم قرّر عبد الله بن الزبير هدم الكعبة وإعادة بنائها. وكان بناء الكعبة في عهد عبد الله بن الزبير في شهر جمادى الآخر في السنة التي بويع فيها كخليفةٍ على المسلمين.[6]

وفاة عبد الله بن الزبير

بعد مقتل مصعب بن الزبير توجّه الحجاج بن يوسف الثقفي إلى الحجاز. وحاصر مكّة المكرّمة حتّى أصاب أهلها جوعًا كبيرًا. فانطلق عبد الله بن الزبير إلى والدته أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهم. وسألها ما الذي يمكن فعله بعدما قد تخلّى الناس عنه؟ فقالت له: “إن كنت على حقٍّ فامضِ لشأنك، لا تمكّن غلمان بني أميّة، وإن كنتَ إنما أردت الدنيا فبئس العبد أنت! أهلكت نفسك ومن معك؛ القتل أحسن”. فقال: “يا أُمَّتِ، إني أخاف إن قتلوني أن يمثِّلوا بي”. قالت: “إنّ الشاة لا يضرُّها سلخها بعد ذبحها”.[7]

خرج عبد الله من عند أسماء بنت أبي أبكر وانطلق إلى ساحات القتال. وقاتل حتّى سقط شهيدًا في أرض المعركة. وكانت وفاة عبد الله بن  الزبير في السابع عشر من شهر جمادى الأولى في السنة الثالثة والسبعين بعد الهجرة.[7]

شاهد أيضًا: من هو ذو القرنين ولماذا سمي بهذا الاسم

من هو الصحابي الذي شرب دم الرسول صلى الله عليه وسلم سؤالٌ تمّت إجابته فيما سلف من المقال قبل كل شيء. و كذلك ذكر المقال نبذة عن نسب عبد الله بن الزبير رضي الله عنه. كذلك ذكر بعضًا من مواقفه مع رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- ومع صحابته. كما ذكر المقال نبذة عن خلافته -رضي الله عنه- وإعادته لبناء للكعبة الشريفة. و في الختام ذكر المقال وفاة عبد الله بن الزبير رحمه الله.