من مات وهو مشرك شركا أكبر فإنه

من مات وهو مشرك شركا أكبر فإنه من الأسئلة التي يبحث عن إجابتها الكثير من النّاس، وخاصّةً طلّاب العلم في المراحل التعليمية المختلفة، فالشرك هو ما يكون من أداء العبادات لغير الله تعالى، وهو نقيض عقيدة التوحيد التي نزلت على الأنبياء والمرسلين عليهم صلوات الله وسلامه أجمعين، ويهتمّ موقع المرجع عبر هذا المقال ببيان عاقبة المشركين بالله شركًا أكبر.

الشرك الأكبر

قبل كل شيء وقبل الخوض في بيان من مات وهو مشرك شركا أكبر فإنه لا بدّ من بيان مفهوم الشرك الأكبر، حيث أوضح أهل العلم أنّ الشرك الأكبر هو ما يكون من فعل المرء للطاعة أو العبادة أو الصلاة أو النذر أو الاستغاثة بغير الله تعالى بما لا يمكن لأحدٍ فعله غير المولى عزّ وجلّ، قال الله تعالى في سورة النساء: {وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا}،[1] كذلك قال تعالى في سورة الأنعام: {قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا}،[2] وقد وردت بعض أقوال أهل العلم عن الشرك الأكبر ما يأتي:[3]

  • الإمام النووي: “أما دخول المشرك النار فهو على عمومه، فيدخلها ويخلد فيها، ولا فرق فيه بين الكتابي – اليهودي والنصراني -، وبين عبدة الأوثان وسائر الكفرة، ولا بين من خالف ملة الإسلام, وبين من انتسب إليها ثم حكم بكفره بجحده ما يكفر بجحده غير ذلك”.
  • الإمام أحمد بن حنبل: “ويخرج الرجل من الإيمان إلى الإسلام، ولا يخرجه من الإسلام شيء إلا الشرك بالله العظيم، أو يرد فريضة من فرائض الله عز وجل جاحداً بها”.
  • ابن كثير: “أخبر – تعالى – أنه لا يغفر أن يشرك به، أي: لا يغفر من لقيه وهو مشرك به، ويغفر ما دون ذلك أي: من الذنوب لمن يشاء من عباده”.
  • العلامة ابن جرير: “قال العلامة ابن جرير – رحمه الله – حول قوله تعالى: وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ [الزمر: 65]: (ومعنى الكلام: ولقد أوحي إليك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين، وإلى الذين من قبلك، بمعنى وإلى الذين من قبلك من الرسل من ذلك، مثل الذي أوحي إليك منه، فاحذر أن تشرك بالله شيئاً فتهلك، ومعنى قوله: ولتكونن من الهالكين بالإشراك بالله إن أشركت به شيئاً)”.

شاهد أيضًا: الذين لا يدخلون الجنة أبدا ويخلدون في النار هم من وقعوا في الشرك الأكبر

من مات وهو مشرك شركا أكبر فإنه

إنّ من مات وهو مشرك شركا أكبر فإنه لا يدخل الجنة قط، فقد حرّم الله -سبحانه وتعالى- على المشركين دخول الجنّة، وذلك ما جاء في قوله تعالى من سورة المائدة: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ ۖ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ ۖ إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ ۖ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ}،[4] والله -عزّ و جلّ- لا يغفر لمن يشرك به، ويغفر ويعفو عمّا دون ذلك من الذنوب، قال تعالى في سورة النساء: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَاءُ ۚ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَىٰ إِثْمًا عَظِيمًا}،[5] كذلك الشرك يحبط الأعمال والطاعات ويحلّ دم صاحبه وماله للمسلمين، وكان من أكبر الكبائر في شريعة الإسلام، وقد وردت العديد من النصوص الشرعية من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة التي تحدّثت عن خطورة الشرك بالله، منها:

  • قال تعالى في سورة لقمان: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}.[6]
  • كما قال الله تعالى في سورة الزمر: {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ}.[7]
  • وفي سورة التوبة قال تعالى: {فَإِذَا انسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ ۚ فَإِن تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}.[8]
  • قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: “ألَا أُنَبِّئُكُمْ بأكبرِ الكبائِرِ؟ الإشراكُ باللهِ، وعقوقُ الوالدينِ، وقولُ الزُّورِ”.[9]

شاهد أيضًا: المراد باليم الذي أمرت أم موسى بإلقائه فيه هو

أقسام الشرك الأكبر

كذلك الخوض في بيان من مات وهو مشرك شركا أكبر فإنه لا يدخل الجنة، يقتضي الخوض في ذكر أنواع الشرك الأكبر الثلاثة فيما يأتي:[10]

  • الشرك في الربوبية: وهو ما يكون من اعتقاد المرء أنّ مع الله -عزّ وجلّ- متصرّفٌ آخر بأمور الكون وتدبيره، ومن إحياءٍ للمخلوقات وإماتةٍ لهم، والخير والشر وغير ذلك، قال تعالى في سورة فاطر: {مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاء وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ}.[11]
  • الشرك في الألوهية: وهو أن يشرك المرء في عبادة الله الواحد الأحد، فالله -عزّ وجل- لا شريك له ، قال الله تعالى في الحديث القدسي: “يقول الجبَّارُ تبارك اسمُه أنا أغنى الشركاءِ عنِ الشِّركِ فمن عمِل لي عملًا وأشركَ معي غيري فأنا منه بريءٌ وهو للذي أشركَ“.[12]
  • الشرك في الأسماء والصفات: وهو ما يكون من جعل المخلوقات مماثلين لشيئٍ من صفات الله العلا وأسمائه الحسنى، أو وصف الله -عزّ وجلّ- بصفةٍ من صفات الخلق.

شاهد أيضًا: البقاء عند القبور وغيرها تعظيما لها أو طلبا للبركة من أصحابها ، هو تعريف

من مات وهو مشرك شركا أكبر فإنه لا يدخل الجنّة، وقد بيّن المقال مفهوم الشرك الأكبر، وذكر بعض أقوال أهل العلم والاختصاص في الشرك الأكبر، كما بيّن الأقسام التي تندرج تحت هذا النوع من أصناف الشرك.

المراجع

  1. سورة النساء , الآية 36
  2. سورة الأنعام , الآية 151
  3. dorar.net , المطلب الثاني: حكمه , 30/12/2021
  4. سورة المائدة , الآية 72
  5. سورة النساء , الآية 48
  6. سورة لقمان , الآية 13
  7. سورة الزمر , الآية 65
  8. سورة التوبة , الآية 5
  9. صحيح الجامع , الألباني/أبو بكرة نفيع بن الحارث/2628/صحيح
  10. dorar.net , أقسام الشرك الأكبر , 30/12/2021
  11. سورة فاطر , الآية 2،3
  12. مسند عمر , ابن جرير الطبري/أبو هريرة/2/790/إسناده صحيح

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *