لماذا سمي النبي بالأمي
جدول المحتويات
لماذا سمي النبي بالأمي ، فالنّبيّ محمّد -صلى الله عليه وسلّم- من أعظم الخلق، وهو سيّد المرسلين وخاتم الأنبياء، وهو المرسل بالدّين الإسلاميّ للنّاس أجمعين، أُنزل عليه القرآن هدىً للنّاس وبيّناتٍ من الهدى والفرقان الذي هو آخر الكتب السماوية، وقد أمدّه الله -سبحانه وتعالى- بالمعجزات الدّالة على نبوّته وصدق رسالته، وأعظمها القرآن الكريم الذي يتضمّن كافّة دساتير الحياة وقوانينها، ورغم نبوّة رسول الله ودعوته العظيمة إلا أنّه سمي النبي الأميّ، وفي هذا المقال سيبيّن لنا موقع المرجع لماذا سمي النبي بالأمي وسيشرح الحكمة من أمية الرسول صلى الله عليه وسلم.
لماذا سمي النبي بالأمي
سمي النبي بالأمي لأنّه كان لا يقرأ من كتاب ولا يخطّ بقلم فهو لا يجيد القراءة ولا الكتابة أو نسبةً إلى أمّ القرى أو نسبةً إلى أمّة العرب، والأميّ هو الشّخص الذي لا يعرف القراءة والكتابة، فيتمّ نسبته إلى الطّبيعة التي ولدته أمّه عليها، وقد أثبت القرآن الكريم أنّ النّبيّ -صلى الله عليه وسلّم- كان أمّيّاً وكذلك ما ورد من الأثر، ومن الجدير بالذّكر أنّ أميّة نبي ليست عيباً فيه، ولا شيناً بل هي كمالٌ وإعجازٌ من الله -سبحانه وتعالى- وبرهان صدق نبوّته -صلى الله عليه وسلّم- وتسميته بالأمّي نسبةً لأمّ القرى فقد حدث بالفعل فقد نُسب لأّمّ القرى وهي مكّة، وهذا اللفظ خاصٌّ برسول الله، وقال آخرون أنّه نُسب إلى الأمّة فما كانت أمة العرب أمّةً كاتبة قبلاً، فقد ورد عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قوله: “إنَّا أُمَّةٌ أُمِّيَّةٌ، لا نَكْتُبُ ولَا نَحْسُبُ، الشَّهْرُ هَكَذَا وهَكَذَا. يَعْنِي مَرَّةً تِسْعَةً وعِشْرِينَ، ومَرَّةً ثَلَاثِينَ”.[1] فقد أُرسل أمّيّاً إلى أمّة أمّية، فلم يكن رسول الله يقرأ ولا يكتب، وقال الله تعالى في سورة الأعراف: {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ ۚ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ ۙ أُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}.[2] وقد قال الماورديّ أنّ وجه الامتنان في أنّ النّبيّ -صلى الله عليه وسلم- بُعث أميّاً، فذلك على ثلاثة وجوه، موافقته على ما تقدّمت به بشارة الأنبياء، ولمشاكلة حاله أحوالهم فيكون أقرب إلى موافقتهم، وكذلك لينفي عن نفسه سوء الظّنّ في تعليمه ما دعا إليه من الكتب التي من الممكن أن يكون قد قرأها، وهذا دليلٌ على صدقه ونبوّته صلى الله عليه وسلم.[3]
شاهد أيضًا: من هو صاحب سر الرسول
خصائص أمية الرسول
لماذا سمي النبي بالأمي من الأشياء الضرورية لمعرفتها من المسلمين، وفيما يأتي لا بدّ من توضيح خصائص أمية الرسول *صلى الله عليه وسلم- فالأمّيّة في حقّ رسول الله فضيلة وصفة مكمّلة لأنّها من المعجزات الدّالّة على صدقه ونبوّته، فهو الذي أٌنزلت عليه مختلف المعارف والعلوم في الدّين والدّنيا، ومن البعيد أن تكون من بشر أمّي فهذا دليلٌ على أنّها من وحي الله -صبحانه وتعالى- وإنّه -صلى الله عليه وسلّم- لم يكتب الوحي بل كان يحفظه بعد نزوله وذلك بفضل الله ومنّته، وقال الله في كتابه العزيز حول ذلك: {سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنسَىٰ}.[4] والأميّة بحقّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لم تكن تعني الجهل وقلّة المعرفة، فما القراءة والكتابة إلا وسائل معينة على التّعلم ودليل ذلك قدرى الأعى على التعلم، وقدرة العرب على حفظ الشّعر دون قراءته وكتابته، وكذلك قدرة الصّحابة على حفظ ما يعلّمهم رسول الله -صلى الله عليه وسلّم- وأمّية النّبيّ لا تحتمل أن يكون على خطأ أو زلل أو باطل، فهو معصومٌ عنه وعلمه الذي يتلقّاه إنّما يتلقاه من رب العزّة -سبحانه وتعالى- ولم تكنّ أمّية النّبي تمنعه من أن يولي اهتماماً بالقراءة والكتابة، فقد حثّ على تعلّمهما، فكان الإسلام سبباً لمحو الأميّة.[5]
شاهد أيضًا: لماذا سمي الرسول بالأمي ابن باز
الدليل على أن النبي كان أميا
إن الدليل على أن النبي كان أميا لم يكن دليلاً واحداً بل عدّة دلائل وقد كثرت في القرآن والسّنة، ففي القرآن وردت الكثير من الآيات الكريمة التي تدلّ على أميّة النبي -صلى الله عليه وسلّم- وكذلك في الأحاديث النبوية ورد ما يدل على أميّة الرسول وعدم قرائته وكتابته، ومن تلك الدّلائل:[6]
- قال تعالى في سورة الجمعة: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ}.[7]
- وقال في سورة آل عمران: {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ}.[8]
- وقد ورد عن البراء بن عازب -رضي الله عنه- أنّه قال في صلح الحديبية: “أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لَمَّا أَرَادَ أَنْ يَعْتَمِرَ أَرْسَلَ إلى أَهْلِ مَكَّةَ يَسْتَأْذِنُهُمْ لِيَدْخُلَ مَكَّةَ، فَاشْتَرَطُوا عليه أَنْ لا يُقِيمَ بهَا إلَّا ثَلَاثَ لَيَالٍ، ولَا يَدْخُلَهَا إلَّا بجُلُبَّانِ السِّلَاحِ، ولَا يَدْعُوَ منهمْ أَحَدًا، قالَ: فأخَذَ يَكْتُبُ الشَّرْطَ بَيْنهُمْ عَلِيُّ بنُ أَبِي طَالِبٍ فَكَتَبَ هذا ما قَاضَى عليه مُحَمَّدٌ رَسولُ اللَّهِ، فَقالوا: لو عَلِمْنَا أنَّكَ رَسولُ اللَّهِ لَمْ نَمْنَعْكَ ولَبَايَعْنَاكَ، ولكِنِ اكْتُبْ هذا ما قَاضَى عليه مُحَمَّدُ بنُ عبدِ اللَّهِ، فَقالَ: أَنَا واللَّهِ مُحَمَّدُ بنُ عبدِ اللَّهِ، وأَنَا واللَّهِ رَسولُ اللَّهِ قالَ: وكانَ لا يَكْتُبُ، قالَ: فَقالَ لِعَلِيٍّ: امْحَ رَسولَ اللَّهِ فَقالَ عَلِيٌّ: واللَّهِ لا أَمْحَاهُ أَبَدًا، قالَ: فأرِنِيهِ، قالَ: فأرَاهُ إيَّاهُ فَمَحَاهُ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بيَدِهِ”.[9]
- وقد اتّخذ النّبيّ -صلى الله عليه وسلّم- لنفسه كتّاباً، فلو كان يُحسن القراءة والكتابة لما فعل، ولما طلب من علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- أن يريه موضع الكلمة، وكذلك كان له كتّاباً يكتبون الوحي فهو لم يكتب الوحي أبداً.
الحكمة من أمية الرسول صلى الله عليه وسلم
قد تحدّثنا فيما سبق عن إجابة لماذا سمي النبي بالأمي، وسنتحدّث هنا عن الحكمة من أمية الرسول صلى الله عليه وسلم، فلقد وردت العديد من الآيات القرآنيّة الّتي تحدّثت وذكرت أميّة رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- وأنّه كان من قبل أن يكون نبيّاً لا يقرأ ولا يكتب، وهو غير متعلّمٍ لكافّة العلوم الّتي كان يعرفها أهل مكّة المكرّمة من علم الأدب والشّعر وغيرهما، قال الله -تبارك وتعالى- في محكم تنزيله: {وَمَا كُنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَّارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ}.[10] وإنّ الحكمة الرّبّانيّة الكامنة في كونه -صلّى الله عليه وسلّم- أمّياً، هي من أجل من يعارضون الدّعوة الإسلاميّة فيقولون بأنّ العلوم والأحكام الّتي لقّنها الله تعالى لنبيّه، ما هي إلّا علومٌ جمعها من قراءته للكتب، وتعلّمها أثناء تجارته وعمله، ولكيلا يقولوا عند نزول القرآن الكريم أنّه هو من كتبه وألّفه، لذلك فهو أمّيّ لا يُحسن القراءة ولا الكتابة، قال الله تعالى: {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّثْلِهِ}.[11] وهنا يكمن الإعجاز والتحدّي في القرآن الكريم، كما أنّ من أهمّ الحكم من بعث النّبيّ الأميّ -صلّى الله عليه وسلّم- هو أنّها الطّريقة الّتي يعرفه بها أهل الكتاب، من اليهود والنّصارى، وصفة الأميّة هي الصّفة الّتي ذُكرت علامةً على بعثه ودينه ورسالته، حيث وردت صفاته في كتبهم الإنجيل والتّوراة، والله أعلم.
هل تعلم الرسول القراءة والكتابة
بعد الحديث عن إجابة التّساؤل لماذا النبي بالأمي، لا بدّ من الإجابة عن سؤال هل تعلم الرسول القراءة والكتابة، والذي يطرحه العديد من المسلمين، فهذه المسألة من الأمور الّتي قد اختلف فيها كبار أهل العلم والفقهاء، فبعضهم يقول بأنّه -صلّى الله عليه وسلّم- قد تعلّم القراءة والكتابة بعد نزول الوحي، وقبل أن يموت عليه الصّلاة والسّلام، لكنّ أكثر أهل العلم قالوا بأنّ الرّسول قد بعثه الله تعالى أمّيّاً، وبقي على حاله حتّى لحق بالرّفيق الأعلى، وتعلّمه القراءة والكتابة بعد البعثة أمرٌّ مخالفٌ لما جاء في القرآن الكريم من آياتٍ تدلّ على أنّه نبيٌّ أميّ، قود قال أحد العلماء واسمه أبو الوليد الباجيّ، بأنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قد تعلّم القراءة والكتابة بعد البعثة، والدّليل على ذلك ما رواه البخاري، في حديث صلح الحديبية، والّذي قد روي في جزءٍ منه عند كتابة صلح الحديبية، فأخذ فكتب، والمقصود من هذه الجملة فأمر بالكتابة، وليس هو -صلّى الله عليه وسلّم- من كتب، وهناك بعض من يحتجّ بحديثٍ يفيد بأنّ رسول الله لم يمت قبل أن يتعلّم القراءة والكتابة، ومثل هذه الأحاديث ضعيفةٌ ومنكرةٌ ولا أصل لها، ورسول الله بقي أميّا ًكما خلقه الله تعالى وبعثه للأمّة الإسلاميّة وللعالم اجمع كما هو على حاله، ولم يتعلّم القراءة أو الكتابة، وإنّما كان يجعل كتّاب الوحي هم من يكتبون ما يُوحى إليه، ويكتبون ويقرؤون الرّسائل الّتي يرسلها والّتي يستقبلها من الآخرين، والله أعلم.[12]
شاهد أيضًا : متى نزل الوحي على الرسول وكم كان عمره
معنى كلمة أمي في القرآن الكريم
ارتبط معنى كلمة أمي بالجهل وعدم معرفة القراءة والكتابة وأصولهما، وعندما وصف القرآن الكريم النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- لم يكن يصفه بالأميّة لأنّه لا يعرف القراءة والكتابة، بل كان يصفه بالنّبيّ الأمّيّ، أي لأنّه بُعث للأمم كلّها على اختلافها في جميع النّواحي، ولم يُبعث لأمّةٍ واحدةٍ كبني إسرائيل مثلاً، الّذين يعتبرون أنفسهم بأنّهم الشّعب المختار وأنّهم هم الوحيدون من بين الأمم الّذين يستحقّون أن تُبعث لهم الأنبياء والرّسل، كذلك النّصارى، لكنّ النّبيّ محمّد -صلّى الله عليه وسلّم- بُعث نبيّاً للثّقلين الإنس والجن، فبعث للعالم أجمع فهو نبيّ الأمم كلّها من أمم الجنّ وأمم الإنس والبشر، والله أعلم.[13]
إلى هنا نكون قد وصلنا إلى ختام المقال، حيث ذكرنا فيه بعد البحث والدّارسة عن لماذا سمي النبي بالأمي ، وذكرنا كذلك إجابة هل تعلم النبي القراءة والكتابة، بالإضافة للحديث عن معنى أمي في القرآن الكريم، وذكر الحكمة من ذلك، وخصائص أمية النبي والدّليل على هذه المسألة من آياتٍ وأحاديث مباركة.
المراجع
- صحيح البخاري , البخاري/عبد الله بن عمر/1913/صحيح
- سورة الأعراف , الآية 157
- islamqa.info , النبي الأمي , 23/08/2021
- سورة الأعلى , الآية 6
- al-maktaba.org , أمية النبي صلى الله عليه وسلم من معجزاته , 24/08/2021
- alukah.net , أمية النبي صلى الله عليه وسلم من أكبر الأدلة على صدقه في دعوته، مع رد شبهات المنكرين لها , 24/08/2021
- سورة الجمعة , الآية 2
- سورة آل عمران , الآية 164
- صحيح البخاري , البخاري/ البراء بن عازب/3184/صحيح
- سورة العنكبوت , الآية 48
- سورة يونس , الآية 38
- islamweb.net , الحكمة من إرساله صلى الله عليه وسلم أميا في أمة أمية , 24/08/2021
- islamqa.info , هل ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب كتابا بيده ؟ , 24/08/2021
- alukah.net , في معنى النبي الأمي , 24/08/2021
التعليقات