لماذا سميت صلاة التراويح بهذا الاسم

لماذا سميت صلاة التراويح بهذا الاسم، شهرُ رمضانَ شهرُ الخيّر والبركات، وشهرُ المغفرة والرحمّة، فيّه تفتحُ أبواب الجنّة، وتُغلقُ أبواب النّار، وتُصفّدُ الشيّاطيّن، وفيّ هذا الشهرُ العظيّم سُنن ثوابِها مَضاعف، فيُسّنُ فيّه صلاة التراويّح، والتي تبدأُ في آخر يوم من شعبان أوّل ليلة من ليالي رمضان، ويستمرّ أداؤها حتى آخر ليلة من ليالي رمضان، ومن خلالِ موقع المرجع سنتعرفُ على مزيدًا من المعلوماتِ حولَ صلاة التراويح وفضل صلاة التراويح في رمضان وسببْ تسميتّها.

صلاة التراويح

صلاةُ التراويّح هِي الصلاة التي يُصليّها المسلمونْ أوّل الليل في شهر رمضان، وهي تُسَنّ في رمضان فقط، وقدْ شُرّعت فيْ آخرِ عهد نبيّ الله مُحمد -صلى الله عليّه وسلم-، وكانت في بدايّة الأمرِ تُصلّى جماعة، ثمّ رأى النبيّ -عليّه أفضلَ الصلاة والسلام- ألا يُصليّها جماعَة، فقد صحّ من حديث عائشة -رضي الله عنها- أنّه -عليه الصلاة والسلام- صلّاها بالناس ثلاث مرّات، وفي اليوم الرابع لم يخرج إليهم، فسأله بعض أصحابه عن ذلك، فقال: (خَشِيتُ أنْ تُفْتَرَضَ علَيْكُم، فَتَعْجِزُوا عَنْهَا، فَتُوُفِّيَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ والأمْرُ علَى ذلكَ)[1]، ومنْ هُنا رجحَ بعض أهلُ العلم أنْ صلاة التراويّح شُرعت في آخر سنوات الهجرة، فلم تأتِ روايات أخرى تذكرُ أنّ النبيّ صلّاها جماعة بعد ذلك.

شاهد أيضًا: ماذا يقرأ في صلاة التراويح

لماذا سميت صلاة التراويح بهذا الاسم

تُعدُّ صلاةَ التراويّح أحد شعائر الاسلام العظيّمة التي تُؤدى في شهرِ رمضان المُبارك، وقد أجمعَ العلماء على أنّها سُنّة مؤكدة على المُسلميّن، ويرجعُ سببْ التسميّة بصلاةِ التراويّح، إلى أنّ المسلمون في مكة المُكرمة كان يؤدّون أربعة ركعات في القيّام، ويطوفون بالكعبّة المُشرفّة، ثمّ يُؤدّون أربع ركعات أُخرى، ثمّ يطوفون مرّةً أخرى بالبيت، ولذلك سُمِّيت صلاة القيام في رمضان بصلاة التراويح، ولصلاةِ التراويح الفضل العظيّم، فقدْ جاءت الكثيرُ من الأحاديثِ النبويّة في بيانِ فضل هذه الصلاة، منّها قولُ نبي الله مُحمد -صلى الله عليّه وسلم-: (كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يُرَغِّبُ في قِيَامِ رَمَضَانَ مِن غيرِ أَنْ يَأْمُرَهُمْ فيه بعَزِيمَةٍ، فيَقولُ: مَن قَامَ رَمَضَانَ إيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ).[2]

معنى كلمة التراويح

كلمةُ تراويح في اللغة جمعٌ ومُفردَها ترويّحةْ، وهِي مُشتقة من المُراوحّة على وزنِ مُفاعلةْ منْ الفعلِ الرُباعيْ راوح، وفي لغةِ العربِ تُطلق على الجلسة مُطلقًا، ومنْ هُنا سُميّت الجلسة التي تأتّي بعدَ كلِ أربع ركعات في صلاة قيام رمضان ترويّحة، حيثُ يجلس المُصلون للاستراحة بعد كل أربعة ركعات، ثمّ سماها المُسلمون صلاة التراويّخ مجازًا، واتفق الفقهاء على مشروعيّة هذه الاستراحة لورودِها عن السلف الصالحْ، لأنّهم كانوا يطيلون القيّام في صلاة التراويح، فيجلسون للاستراحّة.

شاهد أيضًا: جدول أئمة المسجد الحرام في صلاة التراويح

مشروعية الجماعة في صلاة التراويح

اتفق جمهور أهل العلم على مشروعية الجماعة في صلاة التراويح، لما ثبت من فعلِ النبيْ مُحمد -صلى الله عليّه وسلم- فيّها، حيثُ صلاها النبي صلوات الله عليّه وصلّاها الصحابة معه جماعة أيامًا، ثمّ جرتْ السّنة على أنْ يُصليها المسلمون منفردين، وفي عهدِ عمر بن الخطاب -رضي الله عنّه- جَمعهم على إمام واحد، ورأى أنّ ذلكَ أفضل من صلاتَهمُ مُتفرقيّن، واستمروا بذلك عبر التاريخ الإسلامي حتى الآن، بل ذهب أهل العلم إلى أنّ أداء صلاة التراويح جماعة سنّة، وقد فصلوا في هذا الأمرِ، فالمذهبُ الحنفيّ قالَ أنّ صلاة التراويح بالجماعة سنّة على الكفاية في الأصح، وأنّ أدائَها في البيت فقدٌ لفضلها، أمّا المالكية فقد ندبوا صلاة التراويح في البيت، لحديث النبيّ بتفضيل صلاة السنّة في البيت إن لم يكن هناك تعطيل لها في المساجد، ويرى الشافعية سُنّية الجماعة في صلاة التراويح، أمّا الحنابلة فيَرون تفضيل صلاتها جماعة على صلاتها فُرادى، وإن تعذّر عليه أن يُصلّيها في الجماعة، فله أن يُصلّيها وحده.[3]

شاهد أيضًا: هل يجوز صلاة التراويح في المنزل وفضل صلاتها في جماعة 

وقت صلاة التراويح

يبدأُ وقت صلاة التراويّح من بعد الانتهاء من صلاة العشاء، ويَستمرُ وقتها إلى قبل طلوع الفجر، وتكونُ قبل صلاة الوترِ، لأنّها سنّةٌ تابعة لصلاة العشاء، و لقولِ نبي الله مُحمد -صلى الله عليه وسلم-: (اجعلوا آخر صلاتكم وترًا)[4]، ومنْ أدّى صلاة التراويّح قبلَ العشاء لزمتهُ الإعادة، لأنّها سُنّةٌ تابعة للفريضة، فلا تُؤدىّ إلا بعدها، كما لا تصحَّ صلاتها بعد الفجر، حيثُ فوات وقتها، وهي من الصلوات التي لا تُقضى بعد خُروج وقتها، وصلاتها بعد فرض العِشاء وقبل السنّة جائز، إلّا أنّ الأفضل القيام بها بعد السنّة.

شاهد أيضًا: دعاء صلاة التراويح مكتوب مختصر

ما يفعله المُصلّي في التراويح

الأفضلُ في صلاة التراويح أنْ تُصلى إحدى عشر ركعّة، لفعل النبي مُحمد -صلى الله عليّه وسلم-، حيثُ وُرِد أنّه لم يزدْ في رمضانْ ولا في غيّره، ومن زادَ فهوَ جائز، وقد أجمع العُلماء على عدم حصر التراويّح في عددِ مُعيّن، كما ويَرى جُمهورُ الفقهاء أنْ تؤدى ركعتيّن ركعتيّن، وقد ذكر الإمام الكاساني في كتابه بدائع الصنائع أنّه يُسَنّ للمسلم في الاستراحة بين ركعات صلاة التراويح التسبيح، والتهليل، والتكبير، والصلاة على النبيّ محمدٍ -صلّى الله عليه وسلّم-، والدعاء، استدلالاً بما رُوِي عن السَّلف الصالح -رضي الله عنهم-، في حينْ ذهب عُلماء آخرون بأنّ الذِّكر في الاستراحة بين ركعات صلاة التراويح بِدْعةٌ لا أصل لها في السنّة النبويّة، أو فِعل السَّلف الصالح، ولا بأسْ من إلقاء موعظّة للمصليّن، ولكنْ عدم المُداومة عليّها، لئلا يُعتقدُ بأنّها واجبّة أو دائمة.

فضل صلاة التراويح

صلاةُ التراويح شعيرة من شعائر الإسلام الظاهرة، وتُصلّى في كُلّ ليلة من ليالي رمضان، ومما جاءَ في فضلِ صلاة التراويح ما يأتّي:

  • تعتبرُ صلاة التراويح سببُ في مغفرة الذنوب،  لقول النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: (مَن قامَ رمضانَ إيمانًا واحتِسابًا، غُفِرَ لَهُ ما تقدَّمَ مِن ذنبِهِ).[5]
  • من صلى التروايح مع الإمام وبقيَ معه حتى ينصرف، كَتب الله -تعالى- له أجر قيام الليل جميعه، قال النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: (من قامَ معَ الإمامِ حتَّى ينصرفَ فإنَّهُ يعدلُ قيامَ ليلةٍ).[6]
  • في صلاة التراويح تقرب من الله -عزوجل-، حيثُ أنّها صلاةُ قيام، وصلاة القيام هي أفضل الصلوات بعد الصلاة المكتوبة لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أَفْضَلُ الصَّلَاةِ، بَعْدَ الصَّلَاةِ المَكْتُوبَةِ، الصَّلَاةُ في جَوْفِ اللَّيْلِ).[7]
  • تثبتُ صلاة التراويح الايمان في قلبِ المؤمنْ، فبِها يمتلئ قلب المؤمن نورًا وتقوى، وفي قيام ليله وصلاة التراويح غذاء للقلب بنور الإيمان وتعويد للمسلم على حسن الإقبال على الله وتثبيتًا للإيمان في قلبه.
  • مدح الله -سبحانه وتعالى- المؤمنين القائمين في كتابه الكريم في مواضع عديدة، ووعدهم بالأجر العظيم والمنزلة العالية في جنات النعيم، فقالَ الله عزوجل في سورةِ السجدة: (إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ * تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ * فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ).[8]

إلى هُنا نكون قد وصلنا إلى نهايةِ مقالنا لماذا سميت صلاة التراويح بهذا الاسم، حيثُ سلطنَا الضوءَ على فضلِ صلاة التراويّح في شهرِ رمضان المُبارك، وسببْ تسميتّها، ووقتَها المُتفق عليّه.

المراجع

  1. صحيح البخاري , البخاري، عائشة أم المؤمنين، 2012، صحيح
  2. صحيح مسلم , مسلم، أبو هرير، 759، صحيح
  3. al-maktaba.org , كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية , 14/03/2024
  4. صحيح البخاري , البخاري، عبدالله بن عمر، 472، صحيح
  5. صحيح البخاري , البخاري، أبو هريرة، 1901، صحيح
  6. صحيح ابن ماجه , الألباني، أبو ذر الغفاري، 1100 ، صحيح
  7. الإلزامات والتتبع , الوادعي، أبو هريرة، 151، لا يضره إرسال شعبة لأن أبا عوانة ثقة فزيادته مقبولة
  8. سورة السجدة , الآية 15

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *