نواقض الوضوء للاطفال

نواقض الوضوء للاطفال التي تعدّ من الأمور التي تخرّب صحّة الوضوء ويلزم بها إعادته، وهو الأمر الذي سيتمّ تناوله في هذا المقال، حيث إنّ الله خلق الأطفال في هذه الدّنيا الذين سيكونون مستقبل الحاضرين، وجعلهم زينة الدّنيا وأمانةً في عنق الكبار، ولذلك يلزم على الكبار من الأهل والمعلمين تعليم الأطفال كلّ ما يفيدهم وينصحهم في دينهم ودنياهم، ومن أهمّ ما يمكن تعليمه للأطفال الصّغار هو الطّهارة التي يحتاجها المسلم في حياته الطبيعية وفي العبادات على وجهٍ مخصوص، وفي هذا المقال يعطي موقع المرجع تعريفًا لمبطلات الوضوء ونواقضه للأطفال الصغار.

الطهارة للأطفال

قبل الدّخول في مفهوم الوضوء والتّعرف على نواقض الوضوء للأطفال، لا بدّ من بيان مفهوم الطّهارة ومنزلتها في الإسلام، فقد اعتنى الدّين الإسلامي بالطّهارة أيّما اهتمام، وقدّ حثّ الله -سبحانه وتعالى- رسوله والمسلمين على الطهارة، وجعل للمتطّهرين مفازًا أن ينالوا محبّة الله -سبحانه وتعالى- فقد قال في كتابه العزيز: {فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ}.[1] والطّهارة في الإسلام تُعرف لغةً أنّها النّظافة والنزاهة من الأدناس والأوساخ، وتُعرف اصطلاحًا أنّها رفع الحدث وما يُشابهه وما في معناه وزوال الخبث من الجسد ومن الملبس ومن المكان، وتكون بالغسل أو الوضوء، ومنها طهارةٌ باطنة في القلب من الشّرور والآثام، ومنها خارجية وتكون بالوضوء أو الغسل أو التيمم ومسحٍ ونضحٍ وغير ذلك.[2]

شاهد أيضًا: قال الرسول عليه السلام الطهور شطر الايمان والايمان في الحديث بمعنى

تعريف الوضوء للأطفال

لمعرفة نواقض الوضوء للاطفال يستوجب على الطفل أن يطّلع على تعريف الوضوء ويتبيّن مفهومه الحقيقي، حيث إنّ الوضوء في اللغة العربية يُعرف بالنّظافة والبهجة والحسن، أمّا في الاصطلاح فهو عبادة الله -سبحانه وتعالى- بصفةٍ مخصوصة وهو نوعٌ من أنواع الطّهارة وأجناسها، ويكون بغسل أجزاءٍ وأعضاءٍ مخصوصة من الجسد وبصفةٍ وطريقةٍ مخصوصة ومعيّنة، وهو شرطٌ للكثير من العبادات كالصلاة والطواف وغيرها، ولا تصحّ بدونه، وإنّه من المهمّ والمُستحبّ للمسلم أن يُحسن الوضوء ويُتقنه.[3]

نواقض الوضوء للاطفال

نواقض الوضوء للاطفال هي الخارج من السبيلين مُطلقًا، وخروج الدم الكثير ونحوه من الجسد، وزوال العقل بنومٍ أو جنونٍ أو سكر، وأكل لحم الجزور ومسّ المرأة بشهوة ومسّ الفرج وتغسيل الميّت والرّدة من الإسلام، إنّ الأطفال أمانةٌ في أعناق ذويهم ومعلّميهم، وهم أمانة المجتمع ككل، ولذلك من الضّروري تعليم نواقض الوضوء للاطفال، لضمان تعلّمهم الطّهارة بشكلٍ صحيح، ولضمان التّمهيد لهم لتأدية العبادات على أكمل وجه عند تكليفهم، وتُعرّف نواقض الوضوء في اللغة أنّها اسم فاعل من الفعل نَقَض، ويُقال نقض الشّيء أي أفسده، وتُعرف نواقض الوضوء اصطلاحًا أنّها مفسدات الوضوء، التي تطرأ عليه فتفسده، وبحدوثها أو حصولها يتوجّب على المسلم الوضوء، وقُسّمت نواقض الوضوء في الإسلام لقسمين القسم الأول اتّفق عليه أهل العلم في كونه من النّواقض، والثّاني اختلف فيه أهل العلم بعضهم قال أنّه من نواقض الوضوء وبعضهم قال إنه لا ينقضه، وسيتمّ التفصيل في ذلك في الفقرات القادمة.[4]

شاهد أيضًا: ما هي نواقض الوضوء الستة عشر

مبطلات الوضوء التي اتفق عليها العلماء

إنّ نواقض الوضوء للأطفال منها ما اتّفق عليه العلماء بأنّه ينقض الوضوء، ومنها ما اختلفوا فيه، بعضهم قال أنّه ينقض الوضوء وآخرون قالوا أنّه لا ينقضه، وفيما يأتي سيتمّ عرض مُبطلات الوضوء التي اتّفق عليها أهل العلم بأنّها من النّواقض:

الخارج من السبيلين

إنّ السبيلين هما الطّريقين أي القبل والدّبر، ولا خلاف فيما يخرج من السّبيلين أنّه ناقضٌ للوضوء وما يخرج منهما يكون على النّحو الآتي:[5]

• خروج البول والغائط أمرٌ يُنقض الوضوء، لقوله تعالى في سورة النساء: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا}.[6]
• خروج الريح ينقض الوضوء سواءً كان من قُبل أو من دبر.
• خروج المذي يُنقض الوضوء وذلك بإجماع أهل العلم وهو ماءٌ رقيق ليس له رائحة المني يخرج بغير دفق.
• خروج الودي ينقض الوضوء ويفسده قياسًا على البول والمذي.

ذهاب العقل مهما كان سببه

إنّ الوضوء من التّكليف والتّكليف يسقط عمّن يذهب عقله سواءً بشكلٍ مؤقت أو بشكلٍ دائم، فكلّ ما يذهب العقل يُفسد الوضوء، ويتمّ تصنيف ما يفسد الوضوء وينقضه بزوال العقل كما يأتي:

• النوم الكثير الثقيل: وهو ناقضٌ للوضوء باتّفاق المذاهب الفقهية الأربعة، فنقض الوضوء يُعلّل بإفضائه إلى الحدث ومع الكثرة والغلبة في النّوم يُفضي إليه دون أن يشعر بخروجه منه، والنوم من مسببات الحدث.
• النوم الخفيف: إنّ النوم الخفيف لا ينقض الوضوء عند أغلب أهل العلم، فالصّحابة الكرام كانوا ينظرون الصلاة فتخفق رؤوسهم أي ينامون جلوسًا، فيصلّون من غير أن يعيدوا الوضوء.
• زوال العقل بالجنون والإغماء والسُّكر: ولو كان قليلًا أو كثيرًا فهو ناقضٌ للوضوء باتّفاق العلماء، وهو أولى من نقض النوم للوضوء.

شاهد أيضًا: هل الحجامة تنقض الوضوء

مبطلات الوضوء التي اختلف عليها العلماء

كما يوجد مبطلات وضوء اتّفق أهل العلم عليها، يوجد أيضًا مبطلات وضوء اختلفوا فيها وفي نقضها للوضوء، ومن الضروري عند بيان نواقض الوضوء للاطفال أن يتمّ بيان الفرق بينهما، وما اختلف فيه أهل العلم هو ما سيتمّ ذكره فيما يأتي:[4]

• مسّ الفرج: فقد اختلف أهل العلم في نقض الوضوء للرّجل أو المرأة الذان يمسّان فرجهما بغير حائل، فذهب المالكية والشافعية والحنابلة أنّ ذلك ينقض الوضوء، وذهب الأحناف وبعض المالكية أن ذلك لا ينقض الوضوء.
• مسّ المرأة بشهوة: قال الأحناف وبعض الحنابلة أنّ مسّ المرأة ولو بشهوة لا ينقض الوضوء إلا أن يخرج من المتوضّئ شيء، وقال بعضهم أنّه لا ينتقض الوضوء إلا لو التقى الختانين، أمّا الشافعية فإنّ قولهم أنّه ينقض الوضوء مجرد لمس المرأة ولو من غير شهوة.
• غسل الميت: ذهب جمهور أهل العلم إلى أنّه لا ينقض الوضوء، فبدن الميّت طاهر ولمس الطّاهر لا ينقض الوضوء، وقال الأحناف أنّ الوضوء مستحبّ لمن غسّل ميتًا.
• القهقهة في الصلاة: ذهب أهل العلم بمعظمهم أنّ القهقهة في الصلاة تبطل الصّلاة لكنّها لا تنقض الوضوء، وذهب الشافعية إلى استحباب الوضوء بعد القهقهة.
• أكل لحم الإبل وشرب لبنها: فقد ذهب الأحناف والمالكية والشافعية أنّ أكل لحم الجزور لا ينقض الوضوء، وذهب الأحناف وبعض السلف أنّه ينقضه، فقد أمر النّبي -صلى الله عليه وسلم- بالوضوء من لحم الإبل.
• الردة عن الإسلام: اختلف أهل العلم في حكم نقض الرّدة للوضوء، فذهب الحنابلة والمالكية إلى أنّها تنقضه لأنّها تُحبط العمل كلّه، وذهب الأحناف والشافعية إلى أنّها لا تنقضه.

صفة الوضوء للأطفال

من واجب المسلمين تعليم الوضوء وصفته وكذلك تعليم نواقض الوضوء للأطفال، وإنّ صفة الوضوء تكون كما علّم النّبي -صلى الله عليه وسلّم- أصحابه، وهي على الشّكل الآتي:[7]

• عقد النّية للوضوء أولًا، فالنّية شرطٌ من شروط صحّة الوضوء، ومكان النّية في القلب.
• بدء الوضوء بالبسملة، وهي من الأمور المسنونة والمستحبّة وذلك باتّفاق أهل العلم، والمستحب للمسلم أن يسمّي الله قبل كلّ عمل.
• غسل الكفين ثلاث مرّات، وهو أيضًا من السّنة وغير واجب، ولا يشترط فعله لصحّة الوضوء.
• المضمضة والاستنشاق مرّة أو ثلاث وهما شرطان واجبان، فهما من تمام غسل الوجه.
• غسل الوجه فرضٌ من فروض الوضوء، ويكون من منابت الشّعر إلى أسفل اللحية ومن الأذن للأذن ثلاث مرّات، ولا يصحّ الوضوء بدونه.
• غسل اليدين إلى المرفقين، وهو كذلك فرضٌ من فروض الوضوء، ويكون ذلك مرّة أو ثلاثًا.
• مسح الرّأس وهو من فروض الوضوء، ويكون من منابت الشّعر إلى منتهى الشعر، مرورًا ورجوعًا، ويكون مرّةً واحدة.
• مسح الأذنين بنفس ماء مسح الرأس ويكون بخرق الأذنين ومسح ظاهرهما وباطنهما.
• غسل الرّجلين أو القدمين مع الكعبين وهو فرضٌ من فروض الوضوء.
• ثمّ يُستحبّ له الدّعاء بعد الوضوء بقوله أشهد أن لا إله إلا الله وأنّ محمدًا عبد الله ورسوله اللهم اجعلني من التّوابين واجعلني من المتطهرين.
• ويحرص المسلم على غسل الأعضاء المذكورة بالتّرتيب ويراعي الموالاة بينها فلا يفصل بينها بزمنٍ طويل.

شاهد أيضًا: طريقة التيمم الصحيحة

وهنا نختتم مقال نواقض الوضوء للاطفال، والذي بيّن مفهوم الطهار للأطفال، ثمّ تطرّق لتعريف الوضوء للأطفال، وذكر المقال مبطلات الوضوء ونواقضه التي اتّفق عليها العلماء، وفصّل في مُبطلات الوضوء التي اختلف فيها أهل العلم، واختتم ببيان صفة الوضوء وكيفيّته للأطفال.