خصائص القانون الإداري

إنَّ خصائص القانون الإداري تُميّزه عن مُختلف القوانين الأخرى، فالقانون الإداري هو فرع من فروع القانون العام، تهدُف قواعده إلى توضيح النهج الذي تسير عليه السلطة العامة في الدولة؛ من أجل القيام بأنشطتها المعهودة إليها، وقد خصص موقع المرجع هذا المقال لبيان ما هو القانون الإداري، وتوضيح خصائص القانون الإداري، بالإضافة إلى مصادره، وكيفية نشأة القانون الإداري وتاريخه، وما هي موضوعاته التي يتناولها، وأخيرًا الإشارة إلى أهمية القانون الإداري.

ما هو القانون الإداري

يُعرف القانون الإداري (بالإنجليزية: Administrative Law) بأنه: “هو مجموعة من القواعد القانونية والإجراءات التي تؤثر على الإدارة العامة في الدولة وذلك أثناء تنفيذها للتشريعات العامة، بالإضافة إلى إدارة البرامج العامة”، وعلى هذا النحو يُشير القانون الإداري إلى قيم سياسية واجتماعية مهمة في الدولة، بما في ذلك الديمقراطية والإنصاف والكفاءة.[1]

يتميز القانون الإداري بالجهود التوجيهية لبيان القواعد التي تعزز هذه القيم بشكل أفضل، ومن ناحية أخرى شرح كيفية تأثير القانون على سلوك الإدارة العامة؛ خاصّة أن الوكالات الحكومية غالبًا ما تتمتع بسلطة تقديرية كبيرة في السياسة، فقد كانت إحدى القضايا الرئيسية في القانون الإداري هي فهم كيفية مساءلة الوكالات وما تقوم به من أعمال داخلة ضمن اختصاصها.[1]

كما يؤكد القانون الإداري على مُراقبة المحاكم على أعمال الإدارة العامة، وأخيرًا يُمكن القول أن القانون الإداري يعتمد على أساليب ونتائج العلوم الاجتماعية لفهم كيف يمكن أن يؤثر القانون على الحكومة وتحسين نتائج المؤسسات العامة.[1]

اقرأ أيضًا: ما هو القانون العام

خصائص القانون الإداري

يتميز القانون الإداري بالعديد من الخصائص التي تُميزه عن فروع القانون الأخرى، ومن هذه الخصائص:[2]

حديث النشأة

تتسم قواعد القانون الإداري بحداثتها، حيث أنَّ نظرياته ومبادئه لم تتبلور إلا في القرن العشرين، وذلك من خلال جهود الفقه والقضاء الفرنسي، ومن ثُمَّ أخذ بالتطور شيئًا فشيئًا إلى حين ما وصل عليه الآن، ويعود السبب في تأخر إنشاء قواعد القانون الإداري إلى عدّة عوامل رئيسية، منها: تأخر ظهور الوحدات الإدارية اللازمة لنشوء القانون الإداري، وتأخر فكرة الفصل بين شخصية الدولة من جهة، وشخصية الحكام فيها من جهةٍ أخرى.

صعوبة التقنين

تُعرف عملية التقنين بأنها: “تجميع القواعد القانونية المُتعلقة بأحد فروع القانون، وترتيبها وتنسيقها في مدونة واحدة، تصدر عن السلطة التشريعية المختصة، على شكل تشريع عادي”، وصحيح أنه من السهولة تجميع القواعد القانونية في تشريعٍ واحد لتسهيل الوصول إليها؛ كالقانون الجنائي، إلا أنه يُصعب جمع قواعد القانون الإداري في تشريعٍ واحد؛ لسرعة تطور موضوعاته وتشعبها، كما أنَّ مُعظم قواعده ذا نشأة قضائية لا تتلاءم مع التقنين.

الطابع القضائي

يجمع غالبية الفقهاء على أن القانون الإداري نشأ من قبل القضاء وليس من قبل المشرع، فالقضاء الإداري لا يُعد قضاءً تطبيقي، بل هو قضاء إنشائي، يختص بخلق النظريات والأحكام في الحالات والمسائل المعروضة عليه، خاصّة في حال عدم وجود نص قانوني يحكم تلك الحالات، وبالتالي يستطيع القاضي الخروج عن القواعد القانونية وابتكار الحلول التي تتناسب مع طبيعة النزاع المعروض أمامه.

المرونة وسرعة التطور

إنَّ مُختلف القواعد القانونية الأخرى تتسم بالثبات والاستقرار، على خلاف قواعد القانون الإداري التي تتسم بالمرونة والتطور، حيث أنَّ قواعده لا يُمكن حصرها في تشريع ثابت، بل تختلف وتتطور بتطور الدولة، وبالتالي إنَّ احتياجات الإدارة العامة مُتغيرة ومُتجددة، تحتاج إلى قواعد مُتغيرة تبعًا لذلك.

الاستقلالية

قواعد القانون الإداري تُشكل قانونًا قائمًا بحد ذاته له أصوله ونهجه الذي يُميزه عن مُختلف القوانين الأخرى، كما أنَّ القضاء الإداري هو المسؤول الوحيد عن حل النزاعات المُتعلقة بقواعده، ويجدر بالذّكر أن قواعد القانون الإداري ليست على درجة واحدة من الاستقلال، بل هُناك قواعد مُستقلة بذاتها، وهُناك قواعد يستنبطها القاضي من القانون الخاص، ومن ثُمَّ يقوم بتطوريها على نحو متلازم مع النزاعات المطروحة أمامه.

مصادر القانون الإداري

بعد الإشارة إلى خصائص القانون الإداري، لا بُدَّ من التعرف على مصادره، ويقصد بمصادر القانون الإداري: “الأصول التي يُستسقى منها قواعده وأحكامه”، وهذه المصادر تُقسم إلى:[3]

المصادر الرسمية للقانون الإداري

يتم الرجوع أولًا إلى مصادر القانون الإداري الرسمية، والمتمثلة بالآتي:

  • التشريع الإداري: وهو مجموعة من القواعد القانونية المكتوبة والصادرة عن سلطة مُختصة بالدولة، حيث إذا كان صادرًا عن السلطة التشريعية تكون بمثابة القوانين العادية، أما إذا صدرت عن السلطة التأسيسية تكون بمثابة دستور، وفي حال صدورها عن السلطة التنفيذية تكون عبارة عن أنظمة ولوائح.
  • الدستور: يُعد الدستور من أهم المصادر الرسمية للقانون الإداري، حيث يضم العديد من القواعد والأحكام المُتعلقة به.
  • القانون العادي: وهي النصوص والقواعد التي تضعها السلطة التشريعة في الدولة.
  • الأنظمة أو اللوائح: وهي التي تختص السلطة التنفيذية في إنشائها، وتختلف مستوياتها، منها ما يُسمى بالأنظمة، وبعضها الآخر يُسمى باللوائح.

المصادر الثانوية للقانون الإداري

أمّا عن مصادر القانون الإداري الثانوية فهي كالآتي:

  • القضاء الإداري: يلعب القضاء الإداري دورًا كبيرًا وواسعًا في مجال القانون الإداري، حيث يقوم بتفسير ما غمض من قواعده، والتوفيق بين النصوص المُتعارضة.
  • العرف الإداري: وهو ما استقر عليه الفقه والقضاء الإداري، إذ أنَّه في بعض الأحيان تُعد القواعد العرفية مُلزمة، ولا يجوز مُخالفتها بأي شكلٍ من الأشكال.
  • الفقه الإداري: يُعد الفقه من المصادر التفسيرية للقانون الإداري، وهو عبارة عن الآراء التي تصدر عن العلماء أو الباحثين المختصين في مجال القانون الإداري.

اقرأ أيضًا: معلومات عن تخصص القانون

نشأة القانون الإداري وتاريخه

يعود نشوء القانون الإداري إلى دولة فرنسا، حيث تم تكوين مبادئ القانون الإداري وبعض أحكامه بعد الثورة الفرنسية، وذلك من خلال الجهود المبذولة من قبل مجلس الدولة الفرنسي، وما تم استحداثه من قبل الفقه الفرنسي في مجال نظريات القانون الإداري[3]، وترجع أصوله وجذوره إلى القانون الروماني، وتاريخ الشريعة الإسلامية، كذلك الحال بالنسبة إلى مُختلف الدول العربية الأخرى، فيُعد القانون الإداري حديثًا فيها، تبعًا لإنشاء القضاء الإداري وفصله عن القضاء العادي.[2]

موضوعات القانون الإداري

يتناول القانون الإداري العديد من الموضوعات الهامّة، منها:[3]

  • التنظيم الإداري: حيث يختص القانون الإداري بتنظيم الجهاز الإداري في الدولة.
  • النشاط الإداري: تندرج أهمية قواعد القانون الإداري بتنظيم نشاط الإدارة بشكلٍ مُباشر، والعمل على تحقيق غايات ترغب الإدارة في الوصول إليها.
  • الوظيفة العامة: حيث يضع القانون الإداري مجموعة من القواعد التي تحكم الوظائف الحكومية التابعة للدولة.
  • أعمال السلطة العامة: والتي تُبين الأعمال والتصرفات التي تقوم بها، والوسائل التي تُباشر السلطة العامة من خلالها نشاطها.
  • الأموال العامة: حيث يوضح القانون الإداري مجموعة من الأنظمة القانونية التي تحكم الأموال العامة في الدولة، وكيفية نزع الملكية للمصلحة العامة.
  • امتيازات السلطة العامة: وذلك من خلال بيان ماهية الامتيازات التي تتمتع بها السلطة العامة، وكيفية الانتفاع بهذه الميزات.
  • القضاء الإداري: من خلاله يتم فرض الرقابة القضائية على الإدارة العامة، وبيان كيفية الفصل في النزاعات الإدارية.

اقرأ أيضًا: كم النسبة المطلوبة لدخول القانون 1443

أهمية القانون الإداري

إنَّ القانون الإداري الإطار القانوني الذي يتم من خلاله تنفذ الإدارة العامة مُختلف أنشطتها، إذ إنه ينبع من الحاجة إلى إنشاء وتطوير نظام للإدارة العامة بموجب القانون [4]، وتتمثل أهمية القانون الإداري في الآتي:[5]

  • توفير الاحتياجات العامة للأفراد.
  • تحقيق المصلحة العامة.
  • الحد من سلطة الحكومة، من خلال خضوع العمل الإداري للرقابة القضائية.
  • إدارة العناصر التقليدية والمعاصرة للدولة.
  • ممارسة السلطة التشريعية في نطاق اللوائح والمراسيم والأوامر.
  • تنفيذ الوظائف الحديثة للدولة.
  • توفير وقت وجهد القضاء.

يُستنتج ممّا سبق أنَّ القانون الإداري هو قانون من صنع القضاة؛ هو بشكل عام قانون غير مكتوب وغير مدون، يتمثل دور القانون الرسمي في تقييد سلطة الحكومة ومراقبة أعمالها، كما أنَّ خصائص القانون الإداري تُميزه عن مُختلف القوانين الأخرى، خاصّة أنه قانون حديث النشأة، وغير مُقنن في تشريع مكتوب.

المراجع

  1. sciencedirect.com , Administrative Law , 24/10/2021
  2. philadelphia.edu.jo , خصائص القانون الإداري , 24/10/2021
  3. philadelphia.edu.jo , القانون الإداري , 24/10/2021
  4. britannica.com , administrative law , 24/10/2021
  5. juscorpus.com , IMPORTANCE OF ADMINISTRATIVE LAW , 24/10/2021

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *