هل يجوز للمرأة الحج مع مجموعة نساء

هل يجوز للمرأة الحج مع مجموعة نساء واحدٌ من الكثير من الأسئلة الهامّة، الّتي تجول في خاطر المسلم، وخاصّةً مع اقتراب موسم الحجّ لبيت الله الحرام، فالحجّ فريضةٌ عظيمةٌ لها العديد من الضّوابط والأحكام، كغيرها من العبادات، وكذلك المرأة، قد جعل لعباداتها وتكاليفها الشّرعيّة ضوابط تقوم بها ضمنها، ويساهم موقع المرجع في الإجابة عن السّؤال المطروح، والتّعريف بفريضة الحجّ وذكر بعضٍ من الأحكام المتعلّقة بالمرأة المسلمة عند السّفر أو الحجّ والعمرة.

فريضة الحج

قبل الإجابة عن سؤال هل يجوز للمرأة الحج مع مجموعة نساء، لا بدّ من الحديث عن فريضة الحجّ العظيمة ومعناها الشّرعيّ، الحجّ من الفرائض والتّكاليف الّتي امر بها الله تعالى على المسلمين، وتُعرف في الشّريعة الإسلاميّة، على أنّها الرّكن الخامس من أركان الإسلام، وهي زيارة بيت الله الحرام وزيارة المسجد النّبويّ المبارك، بقصد التّعبّد وذكر الله تعالى، وقد فرضها الله تعالى على كلّ مسلمٍ ومسلمة، بالغٍ عاقل مستطيع، ولو كان ذلك مرّةً في العمر، ولهذه العبادة وقتٌ مخصوص، ويكون ذلك في شهر ذي الحجّة من السّنة الهجريّة، كما أنّ لهذه العبادة ضوابطٌ وأحكامٌ، ومناسك وسننٌ وواجبات، وقيل في فضل الحجّ بأنّه من أفضل العبادات في الدّين الإسلاميّ، لأنّه يجمع بين الأموال والأبدان، فالحجّ جزاه كجزاء من صلّة وصام وتصدّق وزكّى، وكمن رابط وغزا في سبيل الله عزّ وجلّ، ولقد حجّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- مرّةً واحدةً في عمره، وهي حجّة الوداع الّتي ادّاها بعد فتحه لمكّة المكرّمة، فقد شرّع الله تعالى وفرض الحجّ في السّنّة التّاسعة للهجرة وإنّ هذا ما جاء عن أهل العلم، والله أعلم.[1]

هل يجوز للمرأة الحج مع مجموعة نساء

لا يجوز للمرأة المسلمة أن تحجّ بغير محرم، حتّى لو كانت مع مجموعةٍ من النّساء، فكلّ امرأةٍ من هؤلاء النّساء تحتاج لمحرم معها في السّفر والحجّ، فقد حرّم الإسلام السّفر بغير محرم إطلاقاً، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ” لا تُسافِرُ المرأةُ إلا مع ذِي مَحْرَمٍ ، ولا يَدْخُلُ عليها رجلٌ إلا معها مَحْرَمٌ”.[2] وإنّ الإسلام قد كرّم المرأة وأعطاها حقوقها الّتي كانت مهضومة في العصر الجاهليّ، وقد رفع من شأنها وكرامتها ومكانتها في المجتمع، وساوى بينها وبين الرّجل في كل ّالحقوق والواجبات والتّكاليف الشّرعيّة، وجعلها ملكةً على عرشٍ وجوهرةً نادرةً صعبة المنال، كذلك قد فرض عليه بعض الأحكام دون الرّجل، والغاية الإلهيّة من هذه الأحكام هو حمايتها، والحفاظ على حقوقها وكرامتها، وقد اعتنت هذه الأحكام الشّرعيّة بالمرأة المسلمة، ولم تظلمها كما يعتقد الكثيرون في هذا الزّمان، وأحد هذه الأحكام هو عدم سفرها وحدها، دون أحدٍ من محارمها، وذلك حفاظاً على حياتها ولحمايتها، وكذلك بقصد راحتها.[3]

وإنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- لا ينطق عن الهوى وعن عبث، بل إنّه لا يقول كلاماً ليس فيه حكمةٌ أو درسٌ أو بغير معنى، وتحريم سفر المرأة وحدها يحوي الكثير من المعاني، الّتي إن فهمتها المرأة المسلمة، عرفت قدرها وشأنها الرّفيع في الإسلام، فعندما تكون المرأة مع محرم لها في طريق السّفر، سيحيطها بعنايته، وسيحميها من الفاسدين والفاسقين والأشرار، كما أنّه سيحفظها بإذن الله تعالى من كلّ ما يؤذيها، فالله تعالى قد خلق المرأة أضعف من الرّجل، فمثلاً لو تعرّض للمرأة أي ّفاسقٍ، فمن سيحميها ويدافع عنها ضدّه، ومن سينجدها ويسعفها إذا وقع لها مكروهٌ ما، فعلى المسلمة التزام أمر الله تعالى وأمر رسول الله، فذلك في مصلحتها والله أعلم.[4]

شاهد أيضًا: هل يجوز الاحرام من التنعيم لغير اهل مكة

شروط حج المرأة

بعد الإجابة عن السّؤال هل يجوز للمرأة الحج مع مجموعة نساء، حيث شرحنا الإجابة والدّليل على تحريم ذلك، كما وضّحنا الحكمة من ضرورة وود محرمٍ عند سفر المرأة، وأمّا عن شروط حجّ المرأة، فلا تختلف مع شروط حجّ الرّجل كثيراً، حيث أنّ الاستطاعة والبلوغ والعقل والإسلام من الشّروط الّتي لا شكّ فيها، والّتي يجب أن تنطبق على الرّجل والمرأة على حدٍّ سواء، وأمّ الشّروط الّتي تنطبق على المرأة وحدها دون الرّجل، فهي كما يأتي:[5]

  • اشتراط وجود المحرم: حيث من المحرّم أن تسافر وحدها للحجّ أو العمرة، بل على أحد محارمها أن يرافقها.
  • إذن الزّوج لحجّ النّافلة: فمن الواجب على المرأة أن تستأذن زوجها لتؤدّي الحجّ إن كان نافلة، أي أنّها حجّت الحجّة المفروضة، وقد عزمت على الحجّ مرّة ثانية فتسمّى حجّ النّافلة، فعليها أن تستأذن زوجها فإن أذن لها حجّت وإن لم يأذن زوجها لم تعترض.
  • ألّا تكون معتدّة: أي لا يجب أن تكون المرأة في العدّة، إثر وفاة زوجها، أو طلاقها منه، فإن انتهت العدّة حلّ لها الحجّ والله أعلم.

متى يسقط المحرم عن المرأة

قد أجبنا سابقاً عن السّؤال الّذي يقول: هل يجوز للمرأة الحج مع مجموعة النساء، حيث تبيّن ضمن الإجابة بعد البحث والتّدقيق، بأنّ حجّ المرأة دون محرمٍ لها تسافر معه وتعود لمنزلها، لا يجوز وغير صحيح، بل إنّ وجود المحرم من شروط صحّة حجّتها، لكن هل يسقط المحرم عن المرأة في ظرفٍ ما او عمرٍ معيّن؟ والإجابة على هذا السّؤال، هي كما أفاد أهل العلم، بأنّ المحرم لا يسقط عن المرأة إطلاقاً ولا في أيّ وقتٍ أو سنّ، فإن لم تجد المرأة محرماً لتؤدّي فريضة الحجّ، سقطت عنها الفريضة، لأنّ الحجّ من شروطه الاستطاعة، ووجود المحرم ينطوي ضمن مجال الاستطاعة، وعدم وجوده يسقط الحجّ عن المرأة، فالإسلام نهى عن سفر المرأة بدون محرمٍ إطلاقاً، ولأيّ ظرفٍ كان، ولقد عمّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- عند قوله بأنّ المرأة لا يجوز لها السّفر بغير محرم، فلم يفرّق بين امرأةٍ وأخرى، وعندما تأخذ المرأة محرماً لتأدية فيضتها، وجب عليها أن تنفق عليه، ولقد قال هذا العديد من الفقهاء والعلماء، بأنّ نفقة المحرم على المرأة الّتي قصدت الحجّ، والله أعلم.[6]

شاهد أيضًا: هل يجوز الاحرام من جدة لاهل الرياض

من هو محرم المرأة

إنّ المحرم هو الرّجل الّذي لا يجوز للمرأة أن تتزوجّه إطلاقاً وأبداً، والمحارم على أنواع، ويجوز للمرأة أن تجلس مع محارمها وحدها، أو دون حجابٍ، ويجوز لها أن تبدي زينتها أمامهم ولا حرج عليها بذلك، والأهمّ أن يجوز لها السّفر مع أحدهم، ومحارمها هم:[7]

  • من حيث القرابة: فهم الأب والأخ وابن الأخ وأبناؤه وأحفاده وإن نزلوا، وابن الأخت وأبناؤه وأحفاده وإن نزلوا، والعمّ والخال وإن علوا، أي عمّ الأب أو الأم، أو خال الأب أو الأم، والجدّ.
  • من حيث الرّضاع: أخو المرأة بالرّضاعة، وابنها بالرّضاعة، وزوج المرأة المرضعة.
  • من حيث المصاهرة: زوج الابنة، وابن زوجها، وأبو الزّوج، وجدّ الزّوج، وزوج الأم.
  • وقد ذكرهم القرآن الكريم في التّفصيل، حيث لا يجوز للمرأة المسلمة أن تخلع حجابها أمام غير محارمها، كزوج الأخت مثلاً أو أخ الزّوج وغيرهم، وتكون بذلك قد أثمت إثماً عظيماً والله أعلم.

حكم من حجت دون محرم

بعد الإجابة على سؤال هل يجوز للمرأة الحج مع مجموعة نساء، لا بدّ من ذكر حكم حجّ من حجّت دون محرمٍ معها، فقد أفاد أهل العلم ومنهم الشّيخ ابن باز -رحمه الله تعالى- أنّ تأدية مناسك الحجّ ضمن البيت الحرام بأكملها هو صحيحٌ لمن حجّت ولو كان دون محرم، لكنّها قد خالفت الشّريعة الإسلاميّة بسفرها دون محرم، وقد خالفت وصيّة رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- بأن سافرت وحدها، وعلى المرأة المسلمة أن تتوب لله -سبحانه وتعالى- على مخالفة أمره، فالحرم يجب على أن يرافق المرأة خلال السّفر، أمّا ضمن البيت الحرام فيجوز لها أن تحجّ وحدها، دون مرافقة محرمها، لأنّه من الجائز أن تخرج المرأة وحدها ضمن نطاق البلدة الّتي تسكن فيها دون محرم، بشرط وجود الأمان، أو مع مجموعة نساء ثقات، امّا ما زاد عن المدينة فذلك يعدّ سفراً، ولا يجوز لها السّفر وحدها إطلاقاً، والله أعلم.[8]

هل يجوز العمرة للنساء بدون محرم

أجبنا فيما سبق عن سال هل يجوز للمرأة الحج مع مجموعة نساء، أمّا الآن فسنجيب عن سؤال هل يجوز العمرة للنساء بدون محرم؟  قد حرّم الإسلام خروج المرأة في سفرٍ دون وجود أحد محارمها يرافقها خلال الطّريق، أمّا عند وصول المرأة لمكّة المكرّمة ودخولها البيت الحرام، فيحلّ لها ترك المحرم وأداء مناسك العمرة وحدهاـ وبذلك تكون عمرتها صحيحةً ومقبولةً بإذن الله تعالى، والله أعلم.[9]

شروط العمرة للنساء بدون محرم

العمرة سنّة من سنن نبيّ الله محمّد -صلّى الله عليه وسلّم- للمسلمين، وقد اعتمر رسول الله أربع مرّاتٍ في حياته، وهذه السنّة جائزةٌ للرّجل وللمرأة، وإنّ شروطها لا تختلف عن شروط الحجّ إطلاقاً، لكنّ نقاط الاختلاف فيما بينهما هم المناسك فقط، ومنه فإنّ المرأة لا يجوز لها السّفر للاعتمار وحدها، بل يجب أن يرافقه محرمٌ من محارمها، لكن بمجرّد وصولها لمكّة، فإنّه تؤدّي مناسك العمرة وحدها، ولتأكيد شروط العمرة للمرأة، سنقوم بذكرها وهي:[10]

  • وجوب وجود المحرم خلال السّفر.
  • الاستطاعة والمقدرة على تحمّل تكاليف السّفر والنّفقة على المحرم.
  • العقل والبلوغ والإسلام.
  • إذن الزّوج بالسّفر.
  • ألّا تكون المرأة في عدّة طلاقٍ أو وفاة والله أعلم.

شاهد أيضًا: حكم المبيت بمنى لمن ليس له سكن

وختاماً وجب التّذكير بأنّ الإسلام لم يفرض بعض الأحكام على المرأة ليقيّدها، بل أعطاها كامل الحريّة والحقوق، وصانها وحماها من كلّ سوءٍ يضرّها ويؤذيها، كما رفع من شأنها ومكانتها، وجعلها ملكةً متوجةً في بيت أبيها، وفي بيت زوجها، وقد قدّمنا في هذا المقال إجابة سؤال هل يجوز للمرأة الحج مع مجموعة نساء، وما حكم سفرها دون محرم، كذلك تمّ الحديث عن شروط الحجّ والعمرة للمرأة، والحكمة من تحريم سفرها بمفردها لأداء الحجّ أو العمرة في بيت الله الحرام.

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *