هل يجوز تأخير صلاة العشاء إلى منتصف الليل

هل يجوز تأخير صلاة العشاء إلى منتصف الليل قد يتساءل العبد المسلم في بعض الأحيان عن حكم تأخير بعض من صلواته لانشغاله ببعض الأمور، وهذا يكون من حرصه على إقامة الصلاة في وقتها؛ إلا أنه قد يطرأ عليه طارئ فيؤخره عن الصلاة، ولهذا سيتم الإجابة في موقع المرجع عن حكم بداية وقت صلاة العشاء، ثم معرفة هل يجوز تأخير صلاة العشاء إلى منتصف الليل، وهل هنالك استحباب في تأخيرها عن وقتها وما إلى ذلك في هذا المقال.

ما هو وقت صلاة العشاء

يبدأ وقت صلاة العشاء بمغيب الشفق الأحمر بعد الغروب وينتهي بمنتصف الليل وهذا بإجماع الفقهاء الأربعة، وعليه فمتى زالت الحمرة من الأفق انقضى وقت صلاة المغرب ودخل وقت صلاة العشاء على الصحيح من الأقوال، وهذا قد يختلف باختلاف البلدان، ولذلك تم استحداث التقويم لتحديد مواقيت الصلاة بالساعة حتى يتسنى للعبد المسلم أن يُتم صلاته بالتحديد بكل سهولة ويسر، وهذا من شأنه للمحافظة على الصلاة في وقتها؛ إلا إن طرأ طارئ وأخر العبد عن صلاته، كم سيتم معرفة ذلك في السطور التالية.[1]

هل يجوز تأخير صلاة العشاء إلى منتصف الليل

يجوز تأخير صلاة العشاء إلى منتصف الليل، وهذا بدليل حديث رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أنه قال: “كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ لا يُبَالِي بَعْضَ تَأْخِيرِ صَلَاةِ العِشَاءِ إلى نِصْفِ اللَّيْلِ، وَكانَ لا يُحِبُّ النَّوْمَ قَبْلَهَا، وَلَا الحَدِيثَ بَعْدَهَا. قالَ شُعْبَةُ: ثُمَّ لَقِيتُهُ مَرَّةً أُخْرَى، فَقالَ: أَوْ ثُلُثِ اللَّيْلِ”،[2] وبدليل حديث  عبدالله بن عمر أيضًا حيث قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: “فإذا صَلَّيْتُمُ العِشاءَ فإنَّه وقْتٌ إلى نِصْفِ اللَّيْلِ”،[3] وعليه فإنّه يجوز للعبد المسلم أن يؤخر صلاة العشاء إلى ما بعد منتصف الليل كما فعل رسولنا الكريم.[4]

استحباب تأخير صلاة العشاء

لقد ثبت عن النبي -صلّى الله عليه وسلم- استحباب تأخير صلاة العشاء للرجال والنساء على حد سواء، حيث قال عليه الصلاة والسلام: “أَخْبَرَتْهُ عن عَائِشَةَ، قالَتْ: أَعْتَمَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ ذَاتَ لَيْلَةٍ حتَّى ذَهَبَ عَامَّةُ اللَّيْلِ، وَحتَّى نَامَ أَهْلُ المَسْجِدِ، ثُمَّ خَرَجَ فَصَلَّى، فَقالَ: إنَّه لَوَقْتُهَا لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ علَى أُمَّتِي وفي حَديثِ عبدِ الرَّزَّاقِ: لَوْلَا أَنْ يَشُقَّ علَى أُمَّتِي”،[5] ولهذا إن تيسر وتم تأخيرها دون وقوع مشقة على العبد المسلم فهو أفضل ولا حرج في ذلك بل ينال الأجر والثواب في ذلك بحكم انتظار الصلاة والقيام لها والقيام لصلاة الليل ولو بركعتين، أما إن كان هنالك مشقة في تأخيرها؛ فعليه أن يقيمها في وقتها ويعجل بها حتى لا يمضي وقتها لأسباب متعددة؛ حيث ورد عن رسول الله أنه قال في ذلك: “قَدِمَ الحَجَّاجُ فَسَأَلْنَا جَابِرَ بنَ عبدِ اللَّهِ، فَقَالَ: كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُصَلِّي الظُّهْرَ بالهَاجِرَةِ، والعَصْرَ والشَّمْسُ نَقِيَّةٌ، والمَغْرِبَ إذَا وجَبَتْ، والعِشَاءَ أحْيَانًا وأَحْيَانًا، إذَا رَآهُمُ اجْتَمَعُوا عَجَّلَ، وإذَا رَآهُمْ أبْطَؤُوا أخَّرَ”،[6] ولذلك يرى العبد حال نفسه إن أراد نيل الأجر الأكبر واغتنام ليله بالصلاة القيام فليؤخرها عن وقتها، مع العلم بأن الصلاة وجبت على وقتها، لكن العشاء استثناه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى يغتنم ليله بالصلاة والدعاء الذكر.[7]

شاهد أيضًا: تفسير حلم صلاة العشاء في المنام للرجل والمرأة

حكم تأخير صلاة العشاء إلى الفجر

بعد معرفتنا عن جواز تأخير صلاة العشاء إلى منتصف الليل، قد يؤخرها البعض إلى ما قبل الفجر وقد ينام البعض ويستيقظ وقد أذن الفجر الأول، فنقول أن النائم معذور وإن خرج وقت الصلاة، ةهذا لعدم تفريطه بنومه، ولا سيما إذا كان قد أخذ بأسباب الاستيقاظ؛ ولكنه لم يستطع ذلك وغلبه النوم حتى استيقظ عند أذان الفجر الأول، فهو معذور بذلك، وعليه أن يبادر بالوضوء، والقيام بالصلاة قبل أذان الفجر الثاني الذي يخرج به وقت العشاء تمامًا، ويدخل بعده وقت الصبح والشروق، لأنه بأذان الفجر الأول لا يخرج وقت صلاة  العشاء، بسبب عدم بيان الفجر التام، ولكن الحكمة من الأذان الأول أن يرجع القائم ويوقظ النائم، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: “لا يَمْنَعَنَّ أحَدًا مِنكُم أذانُ بلالٍ، أوْ قالَ نِداءُ بلالٍ، مِن سُحُورِهِ، فإنَّه يُؤَذِّنُ، أوْ قالَ يُنادِي، بلَيْلٍ، لِيَرْجِعَ قائِمَكُمْ ويُوقِظَ نائِمَكُمْ”،[8] وأما من تعمد تأخير صلاة العشاء إلى ما بعد نصف الليل لغير عذر لا ينبغي، وعلى العبد المسلم أن يحرص على ألا ينام حتى يصلي العشاء، وإن غلبه النوم، فعليه أن يحرص على الأخذ بأسباب الاستيقاظ قبل نصف الليل للقيام على صلاة العشاء وعدم ضياعها.[9]

كيفية حساب نصف الليل

ذكرنا أن صلاة العشاء يجوز ويستحب تأخيرها إلى منتصف الليل، ولكن عند النظر في الأمر نرى أنه علينا معرفة حساب نصف الليل؛ وذلك حتى يتسنى للعبد المسلم القيام بها وعدم تأخيرها بأكثر من النصف دون عذر، ولهذا نقول إن كيفية معرفة نصف الليل الذي ينتهي به وقت صلاة العشاء، وعلى قول بعض أهل العلم، فإن الليل يبدأ من غروب الشمس وينتهي بطلوع الفجر، ونصف الليل يقصد به شطره، ونضرب المثال الآتي للتوضيح فنقول: إذا كانت الشمس تغرب مثلًا الساعة السادسة مساءًا والفجر يطلع الساعة السادسة صباحًا، فإن منتصف الليل يكون عند الساعة الثانية عشرة، وعليه، فإنه يكون نهاية الوقت المعين لصلاة العشاء في تلك الفترة الساعة الثانية عشرة وهكذا، وعلى هذه الطريقة نكون قد عرفنا نصف الليل وثلثه، وثلثيه، فيكون ثلث الليل الأول على -فرض المثال السابق- ينتهي عند الساعة العاشرة وثلثه الثاني من الحادية عشرة إلى الثانية بعد منتصف الليل، وثلثه الأخير يبدأ من الساعة الثالثة إلى السادسة، وهو وقت طلوع الفجر كما في المثال المذكور، وونقيس على ذلك حسب كل بلد ووقت صلاته.[10]

وهنا في ختام مقال هل يجوز تأخير صلاة العشاء إلى منتصف الليل، نكون قد وصلنا إلى معرفة الإجابة عن سؤالنا، وبيان جواز تأخير صلاة العشاء واستحباب ذلك، وهذا لقيام رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- بهذا الأمر، وكل فعل قام به الرسول الكريم نقول بفعله لنيل الأجر واتباع سنته على أتم وجه بعون الله تعالى.

المراجع

  1. islamweb.net , بداية وقت صلاة العشاء ونهايته , 15/08/2021
  2. صحيح مسلم , مسلم، أبو برزة الأسلمي نضلة بن عبيد، 647، صحيح
  3. صحيح مسلم , مسلم، عبدالله بن عمرو، 612، صحيح
  4. .islamweb.net , يجوز تأخير صلاة العشاء إلى شطر الليل , 15/08/2021
  5. صحيح مسلم , مسلم، عائشة أم المؤمنين، 638، صحيح
  6. صحيح البخاري , البخاري، جابر بن عبدالله، 560، صحيح
  7. binbaz.org.sa , هل يستحب تأخير صلاة العشاء للنساء , 15/08/2021
  8. صحيح مسلم , مسلم، عبدالله بن مسعود، 1093، صحيح
  9. islamweb.net , من نام قبل العشاء ولم يستيقظ إلا عند أذان الفجر الأول , 15/08/2021
  10. islamweb.net , كيفية حساب نصف الليل , 15/08/2021

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *