هل الذنب في العشر من ذي الحجة مضاعف

هل الذنب في العشر من ذي الحجة مضاعف وهل الحسنات تزداد في أوائل ذي الحجة، والعشر الأوائل من شهر ذي الحجة من جملة المواسم والأيّام التي خصّها الله -سبحانه وتعالى- بعظيم الفضل والبركات، وقد جعل فيها ما لم يجعله في غيرها من عظيم الأجر والثواب، وخصها بيومين هما يوم عرفة ويوم النحر كلاهما من أعظم الأيّام، وعبر هذا المقال يسلط موقع المرجع الضوء على هل الذنوب تتضاعف في عشر ذي الحجة ومتى تتضاعف السيئات.

هل الذنب في العشر من ذي الحجة مضاعف

إنّ الذنب في العشر من ذي الحجة مضاعف كيفًا لا كمًا فكل ذنبٍ يقترفه الإنسان يعظم إثمه، لكنه لا يزيد عددًا فالسيئة سيئة لا تتضاعف عددًا، وسبب عظم الذنب في العشر من ذي الحجة أنّ هذه الأيّام أيّامٌ فاضلة وعظيمة، وهي من أيّام الأشهر الحرم، فالسيئة فيه أشدّ تحريمًا ونهيًا، وهذا الأمر ينطبق على الأشهر الحرم جميعها، والتي أمر الله -سبحانه وتعالى- عباده أن لا يظلموا أنفسهم فيها، والمقصود بذلك أن يبتعدوا عن الذنوب والمعاصي والآثام.[1]

اقرأ أيضًا: أعمال شهر ذي القعدة مفاتيح الجنان

هل يضاعف الله السيئات عند الجزاء

إن كل سيئة أو ذنب أو إثم يرتكبه العبد يكتب سيئة، من غير مضاعفة بالعدد، لقوله تعالى في كتابه الحكيم: { وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ}.[2] إلا أن السيئة تعظم بسبب شرف الزمان أو المكان أو الفاعل، فالسيئة في الأشهر الحرم أعظم عند الله تحريمًا من غيرها، والخطيئة في الحرم أعظم من الخطيئة في غيره، وسيئة العالم أعظم من سيئة الجاهل، وقد ذكر ابن القيم رحمه الله: “تضاعف مقادير السيئات لا كمياتها، فإن السيئة جزاؤها السيئة، لكن سيئة كبيرة وجزاءها مثلها وصغيرة وجزاؤها مثلها، فالسيئة في حرم الله وبلده وعلى بساطة أكد منها في طرف من أطراف الأرض، ولهذا ليس من عصى الملك على بساط ملكه كمن عصاه في الموضع البعيد من داره وبساطة”.[3]

اقرأ أيضًا: حكم شراء الاضحية بالدين

هل الحسنة في العشر من ذي الحجة مضاعفة

أقسم الله -سبحانه وتعالى- بالعشر من ذي الحجة في كتابه الحكيم، وذلك لعظيم فضلها ومكانتها، وقد شهر لها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنّها أفضل أيّام الدهر، والعمل فيها أحب الأعمال إلى الله، فعن عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: “ما من أيَّامٍ أعظَمُ عندَ اللهِ ولا أحَبُّ إليه العَمَلُ فيهِنَّ من هذه الأيَّامِ العَشْرِ، فأكْثِروا فيهِنَّ من التَّهْليلِ والتَّكْبيرِ والتَّحْميدِ”.[4] وقد اجتمعت فيها أمهات العبادات، وفيها أعظم أيّام الدنيا النحر وعرفه، وكلّ هذه الأمور استدل بها أهل العلم على أنّ الحسنات تتضاعف في عشر ذي الحجة كما وكيفًا والله ورسوله أعلم.[5]

اقرأ أيضًا: هل فضل عشر ذي الحجة في النهار فقط

مضاعفة الحسنات كما وكيفا ومضاعفة السيئات كيفا لا كما

شرح الشيخ ابن باز -رحمه الله- مفهوم مضاعفة الحسنات ومضاعفة السيئات في الأوقات الفاضلة والأماكن الفاضلة، تعقيبًا على هل الذنب في العشر من ذي الحجة مضاعف، فأجاب بقوله:[6]

“الأدلة الشرعية على أن الحسنات تضاعف في الزمان الفاضل والمكان الفاضل مثل: رمضان وعشر ذي الحجة، والمكان الفاضل: كالحرمين، فإن الحسنات تضاعف في مكة والمدينة مضاعفة كبيرة، أما السيئات فالذي عليه المحققون من أهل العلم أنها لا تضاعف من جهة العدد، ولكن تضاعف من جهة الكيفية، فالسيئات لا تضاعف من جهة العدد، لا في رمضان ولا في الحرم ولا في غيرها، بل السيئة بواحدة دائمًا، وهذا من فضله -سبحانه وتعالى- وإحسانه. ولكن سيئة الحرم وسيئة رمضان وسيئة عشر ذي الحجة أعظم إثمًا من السيئة فيما سوى ذلك، فسيئة في مكة أعظم وأكبر وأشد إثمًا من سيئة في جدة والطائف مثلًا، وسيئة في رمضان وسيئة في عشر ذي الحجة أشد وأعظم من سيئة في رجب أو شعبان ونحو ذلك”.

اقرأ أيضًا: فضل أيام عشر ذي الحجة والأعمال الواردة فيها

ماذا يفعل من يصر على الذنب

إن المصرّ على الذنب هو مؤجل التوبة والمسوّف فيها، فيقوم العبد بتأجيلها وهو لا يعلم متى يأتي أجله، وتأنس نفسه الآثام والذنوب والمعاصي، فعلى كلّ عبدٍ مسلم أن يسارع ويبادر للتوبة إلى الله -سبحانه وتعالى- وأن يحرص على الرجوع عن المعاصي والآثام، وأن لا يصر على ذنوبه، وأن يعلم أن الله أعد للتائبين من الذنوب أجرًا عظيمًا، وأن يستغل مواسم الخير والعبادة كالعشر من ذي الحجة في المبادرة إلى توبته.

اقرأ أيضًا: فضل كل يوم من عشر ذي الحجة

كيفية استقبال العشر من ذي الحجة

على المسلم أن يدرك أن استقبال مواسم الطاعات أمرٌ مهم، ولأنّ الذنوب تتضاعف في العشر من ذي الحجة وكذلك الحسنات، فعلى المسلم أن يستقبلها بشكلٍ خاص، ومن ذلك ما يأتي:[7]

  • المبادرة إلى التوبة الصادقة في العشر من ذي الحجة: فعلى المسلم أن يستقبلها بالعزم الأكيد على الرجوع إلى الله ففي التوبة فلاح العبد في الدنيا والآخرة.
  • أن يعزم المسلم على اغتنام هذه الأيّام: فيحرص في العشر الأوائل أن يعمر وقتها بالعمل والقول الصالح، ومن عزم على شيء أعانه الله عليه وهيّأ له الأسباب المعينة.
  • أن يبتعد في هذه الأيّام عن المعاصي والذنوب: فكما أن الطاعات سبب من أسباب القرب من الله تعالى فالمعاصي والذنوب من أسباب البعد والطرد من رحمة الله تعالى.

بهذا نكون قد وصلنا لنهاية مقال هل الذنب في العشر من ذي الحجة مضاعف، حيث تمّ من خلاله بيان كيفية مضاعفة الحسنات والسيئات في عشر ذي الحجة كيفًا وكمًا، والإشارة إلى مضاعفة الحسنات في عشر ذي الحجة، وواجب المسلم في استقبالها.

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *