حكم قضاء رمضان في عشر ذي الحجة

حكم قضاء رمضان في عشر ذي الحجة، فقد ثبت في السنة النبوية الشريفة فضل أيّام العشر من ذي الحجة، وفضل العمل فيها على العمل في سائر الأيّام، وعلى المسلمين اغتنامها والتعرض لنفحات فضلها، وأن يخصوا هذه الأيّام بالمزيد من العمل والاجتهاد، ولكن لا بدّ من معرفة الأحكام الشرعية للعبادات كلّها في هذه الأيّام، حتى يأتي المسلم بعمله تامًا من غير نقص، ومن خلال موقع المرجع سيتم معرفة هل يجوز قضاء رمضان في أيّام العشر الأوائل من شهر ذي الحجة.

حكم قضاء رمضان في عشر ذي الحجة

يجوز للمسلم أن يصوم قضاء رمضان في أيّام العشر من ذي الحجة، ولا حرج عليه في ذلك، بل إن أهل العلم قد ذكروا أن ذلك أرجى أن يتضاعف أجره، لأنّ صيامه وقع في الأيّام الفاضلة، وقد وقع السلف -رحمهم الله- في خلاف حول كراهة الصوم للقضاء في العشر الأوائل من ذي الحجة، وقد ذكر الخلاف الشيخ ابن رجب الحنبلي في كتاب لطائف المعارف فقال: “اختلف عمر وعلي -رضي الله عنهما- في قضاء رمضان في عشر ذي الحجة، فكان عمر يحتسبه أفضل أيامه، فيكون قضاء رمضان فيه أفضل من غيره، وهذا يدل على مضاعفة الفرض فيه على النقل، وكان علي ينهى عنه” إلا أن كثيراً من أهل العلم رجّحوا عدم الكراهة والله أعلم^[1]

اقرأ أيضًا: صيام ذي الحجة كم يوم

هل يجوز الجمع بين العشر من ذي الحجة وقضاء أيام رمضان

إنّ صيام أيام العشر من ذي الحجة بنيّة القضاء مباح، أما أن يجمع بين نية القضاء ونية صيام التطوع في العشر الأوائل، فهذا لا يجوز مطلقًا، وهذا يسمى عند أهل العلم التشريك بالعبادة، وهو الجمع بين عبادتين بنية واحدة، وفيه لو كانت كلّ عبادةٍ مقصودة لذاتها لا يصح، صيام القضاء صومٌ واجب، وصيام عشر ذي الحجة صيام نفل، وكلّ عبادةٍ منهما مقصودة لذاتها لذلك لا يجوز الجمع بين نيتيهما، ولا يجوز صيامهما بنية واحدة، أما صيام القضاء في عشر ذي الحجة جائز وقد ورد عن الشيخ ابن عثيمين قال: “من صام يوم عرفة، أو يوم عاشوراء وعليه قضاء من رمضان فصيامه صحيح، لكن لو نوى أن يصوم هذا اليوم عن قضاء رمضان حصل له الأجران: أجر يوم عرفة، وأجر يوم عاشوراء مع أجر القضاء، هذا بالنسبة لصوم التطوع المطلق الذي لا يرتبط برمضان”.^[2]

اقرأ أيضًا: موعد صيام العشر من ذي الحجة

مذاهب العلماء في قضاء رمضان في عشر ذي الحجة

إن كان على المسلم قضاء رمضان، وأراد أن يقضي في عشر ذي الحجة، فقد اختلف أهل العلم في هذه المسألة، بين سنيّة ذلك وبين كراهته، وقد ذكر هذا الخلاف ابن قدامة في المغني: فروي أنّه لا يكره ذلك وهو قول سعيد بن المسيب والشافعي وإسحاق وروي عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أنه كان يستحب قضاء رمضان في العشر الأوائل، وذلك لأنه أيّام عبادة، أما القول الثاني فهو الكراهة، وقد اختاره الحسن والزهري، ورواه علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- لأنه استحب إخلاء هذه الأيام بالتطوع، وورد عن الشيخ ابن عثيمين في هذه المسألة قوله: ” لو مر عليه عشر ذي الحجة أو يوم عرفة، فإننا نقول: صم القضاء في هذه الأيام، وربما تدرك أجر القضاء، وأجر صيام هذه الأيام، وعلى فرض أنه لا يحصل أجر صيام هذه الأيام مع القضاء، فإن القضاء أفضل من تقديم النفل”.^[3]

هل يجوز صيام عشر ذي الحجة قبل قضاء رمضان

تعرف هذه المسألة أنّها صيام النافلة قبل القضاء، وفيها وقع خلافٌ بين أهل العلم، فمن العلماء قال إنه يحرم صوم عشر ذي الحجة أو غيرها من النوافل قبل أن يقضي المسلم ما عليه من رمضان، لأنّ الفرض آكد من النافلة، وأولى أن يقضى، وبعض أهل العلم قالوا يجوز ذلك ما دام يوجد سعة من الوقت، فالمشروع والمعقول أن يبدأ الإنسان بصيام الفريضة، فالفريضة دينٌ عليه، والنافلة إن تيسرت وإلا فلا حرج، فلو تطوع المسلم قبل أن يقضي جاز ذلك ما دام هنالك سعة من الوقت، جاز ذلك وصح صيامه والله ورسوله أعلم.^[4]

اقرأ أيضًا: هل صيام العشر من ذي الحجة سنة مؤكدة

فضل صوم العشر الأوائل من ذي الحجة

إن صيام العشر الأوائل من شهر ذي الحجة من الأمور المستحبة والمسنونة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقد وردت الكثير من الأحاديث التي تبيّن فضل الصوم، وفي هذه الأيّام وفضل العمل الصالح فيها، ومما ورد ما يأتي:

• عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: “ما من أيامٍ أحبُّ إلى اللهِ أن يُتعبَّد له فيها من عشرِ ذي الحِجَّةِ يعدلُ صيامُ كلِّ يومٍ منها بصيامِ سنةٍ وقيامُ كلِّ ليلةٍ منها بقيامِ ليلةِ القدرِ”. ^[5]
• عن أم المؤمنين حفصة -رضي الله عنها- أنّها قالت: “أربعٌ لم يكُنْ يدَعُهنَّ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : صيامَ يومِ عاشوراءَ والعَشْرَ وثلاثةَ أيَّامٍ مِن كلِّ شهرٍ والركعتان قبْلَ الغَداةِ”. ^[6]

بهذا نختتم مقال حكم قضاء رمضان في عشر ذي الحجة، والذي تم من خلاله بيان حكم الجمع بين العشر من ذي الحجة وقضاء أيام رمضان، وبيان مذاهب أهل العلم في صيام القضاء في عشر ذي الحجة وعديد الأحكام الأخرى.