حكم تعبيد الأسماء لغير الله
جدول المحتويات
حكم تعبيد الأسماء لغير الله كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يولي اهتماماً بالغاً حول تسمية الأشخاص، وذلك لأن الاسم له ارتباط وثيق بالمعنى، وله ارتباط وثيق بصاحبه، بحيث يعكس صورة عن معناه وعن صاحبه إما إيجابية وإما سلبية، لذلك يهتم موقع المرجع في الحديث عن حكم تعبيد الأسماء لغير الله، وعن كتابة ومناداة من سمي باسم غير شرعي، وعن حكم التسمية بملك الملوك، وحكم التسمية بأسماء مضافة للدين، وحكم التسمية بالأسماء القبيحة، وحكم التسمية بما فيه تزكية، وعن التسمية بالأسماء المضافة إلى الله عز وج، وعن يوم تسمية المولود.
حكم تعبيد الأسماء لغير الله
يحرم من الأسماء ما يعبد لغير الله، كعبد الكعبة، أو عبد النبي، أو عبد الرسول، أو عبد الحسين، وقد نقل الإجماع على ذلك: ابن حزم، حيث اتفق العلماء على أنه لا يجوز التعبيد لغير الله سبحانه وتعالى، فلا يجوز للمسلم أن يعبد لغير الله، فلا يقول: عبد الكعبة، ولا عبد النبي، ولا عبد الرسول، ولا عبد الحسين، ولا عبد الحسن، ولا غير ذلك، وقد ذكر بعض العلماء أن التسمية بالأسماء المعبدة لغير الله سبحانه من شرك الألفاظ، وهو من الشرك الأصغر، وليس من الشرك الأكبر المخرج من الملة، قال ابن عثيمين: التسمي بعبد الحارث فيه نسبة العبودية لغير الله، فإن الحارث هو الإنسان؛ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: “كلكم حارث وكلكم همام”، فإذا أضاف الإنسان العبودية إلى المخلوق كان هذا نوعًا من الشرك، لكنه لا يصل إلى درجة الشرك الأكبر.[1]
كتابة ومناداة من سمي باسم غير شرعي
فإن الإخبار كتابةً أو لفظًا عمن سمي باسم غير شرعي، جائز، ولا إثم فيه، ففي الصحيحين من حديث البراء بن عازب -رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوم حنين: “أنا النبيُّ لا كَذِبْ، أنا ابنُ عبدِ المُطَّلِبْ”،[2] قال ابن القيم: “فإن قيل: كيف يتفقون على تحريم الاسم المعبد لغير الله، وقد صح عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: أنا النبي لا كذب، أنا ابن عبد المطلب، فالجواب: أما قوله: أنا ابن عبد المطلب، فهذا ليس من باب إنشاء التسمية بذلك، وإنما هو باب الإخبار بالاسم الذي عرف به المسمى دون غيره، والإخبار بمثل ذلك على وجه تعريف المسمى، لا يحرم”، وقد كان الصحابة يسمون بني عبد شمس، وبني عبد الدار بأسمائهم، ولا ينكر عليهم النبي صلى الله عليه وسلم، فباب الإخبار أوسع من باب الإنشاء، فيجوز فيه ما لا يجوز في الإنشاء.[3]
حكم التسمية بأسماء الملائكة والأنبياء
يكره التسمي بأسماء الملائكة، وهو قول مالك ورجحه ابن القيم، قال ابن القيم في تحفة المودود: “ومن الأسماء المكروهة: أسماء الملائكة كجبرائيل وميكائيل وإسرافيل فإنه يكره تسمية الآدميين بها”، وأما التسمي بأسماء الأنبياء فهو جائز بلا كراهة عند أكثر أهل العلم، وقد سمى النبي صلى الله عليه وسلم ابنه إبراهيم، قال المناوي في فيض القدير: “وإنما سمى ابنه إبراهيم لبيان جواز التسمي بأسماء الأنبياء”، وقال ابن القيم في تحفة المودود بأحكام المولود: “واختلف في كراهة التسمي بأسماء الأنبياء على قولين: أحدهما: أنه لا يكره. وهذا قول الأكثرين وهو الصواب. والثاني: يكره”.
حكم التسمية بملك الملوك
تحرم التسمية بملك الملوك، وسلطان السلاطين، وشاهنشاه، وهذا باتفاق المذاهب الفقهية الأربعة: الحنفية، والمالكية، والشافعية، والحنابلة، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “أَخْنَعُ اسْمٍ عِنْدَ اللَّهِ [وفي رواية]: أخْنَعُ الأسْمَاءِ عِنْدَ اللَّهِ– رَجُلٌ تَسَمَّى بمَلِكِ الأمْلَاكِ. قالَ سُفْيَانُ: يقولُ غَيْرُهُ: تَفْسِيرُهُ شَاهَانْ شَاهْ”،[4] فالكبرياء والعظمة والملك المطلق لله تعالى وحده؛ فلذلك عامل الله تعالى من تكبر وسمى نفسه بملك الأملاك بأن يكون يوم القيامة في «أخنع»، أي: أوضع وأذل وأصغر حال يوم القيامة. وقيل: «أخنع» بمعنى أقتل، وهذا فيمن تسمى فقط، ولو كان بلغة العجم كقولهم: «شاهان شاه»، أي: ملك الملوك.[5]
حكم التسمية بأسماء مضافة للدين
نص بعض أهل العلم على كراهية التسمية بكل اسم مضاف إلى لفظ الدين أو الإسلام؛ مثل ضياء الدين، أو عز الدين، أو نور الإسلام، ونحو ذلك، قال السخاوي في المنهل العذب الروي في ترجمة الإمام النووي: قال اللخمي: وصح عنه (أي الإمام النووي) أنه قال: “لا أجعل في حل من لقبني محيي الدين”، وعليه؛ فإن التسمية بأسماء مضافة للدين مكروهة كراهة تنزيهية لا تحريمية، ولكن الأفضل أن يسمى باسم معبد لله؛ كعبد الله، وعبد الرحمن، وعبدالكريم، وعبدالملك، ونحو ذلك، واسم محمد، وأحمد، أو باسم من الأسماء الإسلامية المشهورة: كعمر، وعلي، وخالد، ونحوها.[6]
حكم التسمية بالأسماء القبيحة
تكره التسمية بكل اسم قبيح، وهذا باتفاق المذاهب الفقهية الأربعة: الحنفية، والمالكية، والشافعية، والحنابلة، فعن ابن عمر رضي الله عنهما: “أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ غَيَّرَ اسْمَ عَاصِيَةَ وَقالَ: أَنْتِ جَمِيلَةُ”،[7] وعن المسيب بن حزن، أن أباه جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: “أنَّ أبَاهُ جَاءَ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فَقالَ: ما اسْمُكَ؟ قالَ: حَزْنٌ، قالَ: أنْتَ سَهْلٌ. قالَ: لا أُغَيِّرُ اسْمًا سَمَّانِيهِ أبِي. قالَ ابنُ المُسَيِّبِ: فَما زَالَتِ الحُزُونَةُ فِينَا بَعْدُ!”.[8] فالنبي صلى الله عليه وسلم كان يعجبه تغيير الاسم القبيح إلى الاسم الحسن على وجه التفاؤل والتيمن.[9]
حكم التسمية بما فيه تزكية
تكره التسمية بما فيه تزكية، وهذا باتفاق المذاهب الفقهية الأربعة: الحنفية، والمالكية، والشافعية، والحنابلة، فعن أبي هريرة رضي الله عنه، “أنَّ زَيْنَبَ كانَ اسْمُهَا بَرَّةَ، فقِيلَ: تُزَكِّي نَفْسَهَا، فَسَمَّاهَا رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ زَيْنَبَ”.[10] فلا يحسن بالإنسان أن يسمي نفسه أو ولده بما يزكيها به، نحو: التقي، والزكي، والأشرف، والأفضل.[11]
التسمية بالأسماء المضافة إلى الله عز وجل
يستحسن أن يسمى المولود بالأسماء المضافة إلى الله عز وجل، كعبد الله وعبد الرحمن وما أشبه، عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إنَّ أحَبَّ أسْمائِكُمْ إلى اللهِ عبدُ اللهِ وعَبْدُ الرَّحْمَنِ”،[12] لأن لفظ الله اسم الذات، وقيل: إنه اسمه الأعظم، والرحمن أهم صفة بين العبد وبين الله تعالى، فصارت نسبة العبد إلى هذين اللفظين أحب من غيرهما.[13]
يوم تسمية المولود
يستحب تسمية المولود في يوم السابع من ولادته، ويجوز قبل ذلك، وهو مذهب الجمهور: المالكية، والشافعية، والحنابلة، فعن سمرة بن جندب رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “كلُّ غلامٍ رَهينةٌ بعقيقتِهِ تُذبَحُ عنهُ يومَ سابعِهِ ويُحلَقُ ويُسَمَّى”،[14] وعن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “وُلِدَ لي اللَّيْلَةَ غُلَامٌ، فَسَمَّيْتُهُ باسْمِ أَبِي إِبْرَاهِيمَ”،[15] ويستحب تسمية السقط إذا نفخ فيه الروح، وهذا مذهب الشافعية، والحنابلة، وهو قول محمد بن الحسن من الحنفية، وبه قال ابن باز، وابن عثيمين؛ لأنه قد نفخت فيه الروح، ويستحب كذلك تسمية المولود إذا ولد حيًا ثم مات بعد الولادة، وهذا باتفاق المذاهب الفقهية الأربعة: الحنفية، والمالكية، والشافعية، والحنابلة.[16]
وهكذا نكون قد وصلنا إلى نهاية مقالنا، الذي تحدثنا فيه عن حكم تعبيد الأسماء لغير الله، وعن كتابة ومناداة من سمي باسم غير شرعي، وعن حكم التسمية بملك الملوك، وحكم التسمية بأسماء مضافة للدين، وحكم التسمية بالأسماء القبيحة، وحكم التسمية بما فيه تزكية، وعن التسمية بالأسماء المضافة إلى الله عز وج، وعن يوم تسمية المولود.
المراجع
- dorar.net , التَّسميةُ بما عُبِّدَ لغيرِ اللهِ , 11/09/2021
- صحيح البخاري , البخاري، البراء بن عازب، 4316، صحيح.
- islamweb.net , كتابة ومناداة من سُمِّي باسم غير شرعي , 11/09/2021
- صحيح البخاري , البخاري، أبو هريرة، 6206، صحيح.
- dorar.net , الفرع الثَّاني: التَّسميةُ بملِكِ المُلوكِ، وسُلطانِ السَّلاطينِ، وشاهِنْشاه , 11/09/2021
- islamweb.net , القول الراجح في الأسماء المضافة للدين , 11/09/2021
- صحيح مسلم , مسلم، عبد الله بن عمر 2139، صحيح.
- صحيح البخاري , البخاري، المسيب بن حزن، 6190، صحيح.
- dorar.net , التَّسميةُ بالأسماءِ القبيحةِ , 11/09/2021
- صحيح البخاري , البخاري، أبو هريرة، 6192، صحيح.
- dorar.net , التَّسميةُ بما فيه تزكيةٌ , 11/09/2021
- صحيح مسلم , مسلم، عبد الله بن عمر 2132، صحيح.
- dorar.net , التَّسميةُ بالأسماءِ المضافةِ إلى اللهِ عزَّ وجلَّ , 11/09/2021
- صحيح أبي داود , الألباني، سمرة بن جندب، 2838، صحيح.
- صحيح مسلم , مسلم، أنس بن مالك، 2315، صحيح.
- dorar.net , يومُ تسميةِ المولودِ , 11/09/2021
التعليقات