طريقة صلاة الوتر الصحيحة

طريقة صلاة الوتر الصحيحة هو ما سيتناوله موضوع هذا المقال، حيث يحرص المسلمون والمسلمات على تمام صلاة الوتر بطريقة كاملة وصحيحة، حيث إنّ صلاة الشفع والوتر من النوافل التي قد سنّها النبيّ -عليه أفضل الصلاة وأتمّ التسليم- للمسلمين في كلّ يومٍ وليلة، ويهتمّ موقع المرجع بذكر الطريقـة الصحيحـة لصلاة الوتر بعد التعريف بها، وذكر جملة من الأحكام المتعلّقة بهذه الصلاة كما أخبر بها النبيّ صلّى الله عليه وسلّم.

ما هي صلاة الشفع والوتر

قبل كل شيء وقبل ذكر طريقة صلاة الوتر الصحيحة لا بدّ من التعريف بماهيّة صـلاة الشفع والوتـر، فقد ذكر أهل العلم والاختصاص أنّ صلاة الشفع هي ما كان من صلاة آخر الليل بعد العشاء، وهي صلاةٌ تقام بركعتين ركعتين وللمسلم فيها أن يصلّي ما يشاء، اثنتين أو أربعة أو ستة أو ثمانية، أمّا الوتر فهو ما تلا صلاة الشفع من ركعة واحدة أو ثلاثة أو خمسة أو سبعة أو ثمانية أو أكثر من ذلك، وهو ما ورد ذكره في الحديث الذي روي عن السيدة عائشة رضي الله عنها: “سئلَتْ عائشةُ رضيَ اللهُ عنها: بكم كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يوترُ؟ فقالتْ: كان يوترُ بأربعٍ وثلاثٍ، وستٍّ وثلاثٍ، وعشرٍ وثلاثٍ، ولم يكنْ يوترُ بأنقصَ من سبعٍ, ولا بأكثرَ من ثلاثِ عشرةَ”.[1] حيث إنّ للمسلم أن يقيم ما يشاء في صلاتي الشفع والوتر، ولكنّ الأفضل لكلّ مسلمٍ أن يصلّي ما صلّى به رسول الله عليه الصلاة والسلام، والله ورسوله أعلم.[2]

شاهد أيضًا: كيفية صلاة الوتر ثلاث ركعات

طريقة صلاة الوتر الصحيحة

وردت في طريقة صلاة الوتر الصحيحة العديد من الكيفيات والصور في سنّة الحبيب المصطفى صلّى الله عليه وسلّم، ونذكر من هذه الكيفيات ما يأتي:[3]

• الطريقة الأولى: أن يصلي المرء ركعةً واحـدة بعدا انتهائه من قيام الليل، والتي تصلّى ركعتين ركعتين، فيصلّي المسلم مثلًا ركعتين ثمّ واحدة، أو أربع ركعات ثمّ واحدة، أو ستّ ركعات ثمّ واحدة، هكذا حتّى يبلغ العشر ركعات ثمّ يصلّي واحدة.
• الطريقة الثانية: أن يقتصر المسلم في صلاة الوتر على أداء الركعة الواحدة بعد صلاة العشاء مباشرةً، تشمل الركعة على أركانها كاملة من تكبيرة الإحرام إلى تلاوة الفاتحة وما تيسر من القرآن فالركوع والاعتدال ثمّ السجود، والجلسة بين السجدتين والجلسة للتشهّد، فالتشهّد والصلوات الإبراهيميّة، ثمّ التسليم، فلا يصلّي المرء قبلها شيئًا، وهو أقلّ الصور المجزئة عن صلاة الوتر، والله ورسوله أعلم.
• الطريقة الثالثة: أن يصلّيها المرء ثلاث ركعاتٍ دفعةً واحدة، كما في صلاة المغرب تمامًا، وهي الطريقة التي اتبعها المذهب الحنفي.
• الطريقة الرابعة: أن يصلّيها المرء بشكلٍ متواصلٍ، ثلاث ركعات أو أخمسة أو سبعة أو تسعة أو إحدى عشرة ركعة، ولا يتشهّد المرء فيها إلّا في آخرها، أو أن يتشهد بتشهدين في آخر ركعتين فقط.

شاهد أيضًا: هل يجوز قراءة أي سورة في الشفع والوتر

عدد ركعات صلاة الوتر

كذلك الخوض في بيان طريقة صلاة الوتر الصحيحة يدفعنا إلى ذكر عدد ركعات صلاة الوتر كما ورد في شريعة الإسلام، وقد بيّن أهل العلم أنّ أكثر الوتر هو إحدى عشـرة ركعـة، وأمّا عن أقلّ الوتر فهو ركعةٌ واحـدة فقط، وأشار أهل العلم إلى أنّ أدنى ما يكون من الكمال في صلاة الوتر هو ثلاث ركعات، والله ورسوله أعلم.

اقرأ أيضًا: صحة حديث يأتي زمان على أمتي تمات فيه الصلوات

حكم صلاة الشفع والوتر

أمّا عن حكم صلاة الشفع والوتر فهو سنّة مؤكدة عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- بإجماع أغلب أهل العلم، وقد قال بعض الفقهاء أنّها واجبة على المسلمين، وكان دليلهم على ذلك ما ورد في الصحيح من الحديث عن طلحة بن عبيد الله -رضي الله عنه- أنّه قال: “نَّ أعْرَابِيًّا جَاءَ إلى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ثَائِرَ الرَّأْسِ، فَقالَ: يا رَسولَ اللَّهِ، أخْبِرْنِي مَاذَا فَرَضَ اللَّهُ عَلَيَّ مِنَ الصَّلَاةِ؟ فَقالَ: الصَّلَوَاتِ الخَمْسَ إلَّا أنْ تَطَوَّعَ شيئًا فَقالَ: أخْبِرْنِي بما فَرَضَ اللَّهُ عَلَيَّ مِنَ الصِّيَامِ؟ قالَ: شَهْرَ رَمَضَانَ إلَّا أنْ تَطَوَّعَ شيئًا قالَ: أخْبِرْنِي بما فَرَضَ اللَّهُ عَلَيَّ مِنَ الزَّكَاةِ؟ قالَ: فأخْبَرَهُ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ شَرَائِعَ الإسْلَامِ. قالَ: والذي أكْرَمَكَ، لا أتَطَوَّعُ شيئًا، ولَا أنْقُصُ ممَّا فَرَضَ اللَّهُ عَلَيَّ شيئًا. فَقالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أفْلَحَ إنْ صَدَقَ، أوْ: دَخَلَ الجَنَّةَ إنْ صَدَقَ”.[4] وقد قال الإمام ابن قدامة -رحمه الله- في حكم صلاة الشفع والوتر:

الوتر غير واجب وبهذا قال مالك والشافعي. وقال أبو حنيفة: هو واجب، وقال أحمد: من ترك الوتر عمدا فهو رجل سوء، ولا ينبغي أن تقبل له شهادة، وأراد المبالغة في تأكيده لما قد ورد فيه من الأحاديث في الأمر به، والحث عليه.

شاهد أيضًا: ما صحة حديث الله اكبر كبيرا عدد الشفع والوتر

وقت صلاة الوتر

إنّ وقت صلاة الوتر هو ما بين صلاة العشاء إلى طلوع الفجر، وأفضل الوقت لصلاة الوتر كما أخبر أهل العلم والاختصاص هو أن يكون في آخر الليل، وقد استدلّ العلماء بذلك على الحديث الصحيح عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قال: “ينزلُ ربُّنا كلَّ ليلةٍ إلى السَّماءِ الدُّنيا حين يبقَى ثلثُ اللَّيلِ الآخرِ فيقولُ مَن يَدعوني فأستجيبَ له ومَن يسألُني فأعطيَه ومَن يستغفرُني فأغفرَ له“.[5] وبناءً على ذلك وجد أهل العلم أنّ خير الأوقات التي يصلّى بها الوتر هو الثلث الأخير من الليل.[6]

شاهد أيضًا: كم عدد ركعات صلاة التهجد في العشر الأواخر من رمضان

صلاة الوتر تكون سرا أم جهرا

كذلك الخوض في طريقة صلاة الوتر الصحيحة لا بدّ من بيان السنّة في قيام الليل والوتر فيما إذا كان سرًّا أم جهرًا، والسنّة أن يقرأ المرء تارةً بالجهر وتارةً بالسرّ، فقد ورد عن عبد الله بن أبي قيس -رضي الله عنه- في الصحيح من الحديث: “سألْتُ عائشةَ كيفَ كانَتْ قراءةُ النبيِّ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ بالليلِ أكانَ يسرُّ بالقراءةِ أم يجهرُ فقالَتْ: كلُّ ذلك قد كان يفعلُ، ربَّما أسرَّ بالقراءةِ، وربُّما جهرَ فقلْتُ: الحمدُ للهِ الذي جعلَ في الأمرِ سعةً“.[7] ولعلّ الأفضل أن تكون نافلة النهار سرًّا ونافلة الليل جهرًا، الله ورسوله أعلم.[8]

شاهد أيضًا: ماذا يقرأ في صلاة الضحى

حكم قضاء صلاة الوتر

وقد يتساءل البعض فيما إذا نام عن صلاة الوتر ولم يؤدها في الليل، فهل يصحّ قضاؤها في غير وقت؟ والإجابة أنّه يسنّ قضاؤها في وقت الضحى بعد ارتفاع الشمس وقبل وقوفها، ويكون القضاء بالشفع لا الوتر، فإن كان يصلّي المرء ثلاثًا في وتره صلّى قضاءها أربعًا مع تسليمتين، وإن كان يصلّي خمسًا، صلّى قضاءها ستًّا في ثلاثة تسليمات، وهكذا، وقد استند أهل العلم بحكم ذلك على ما روي في الصحيح من حديث عائشة أمّ المؤمنين -رضي الله عنها- حينما قالت: “كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ إذَا عَمِلَ عَمَلًا أَثْبَتَهُ، وَكانَ إذَا نَامَ مِنَ اللَّيْلِ، أَوْ مَرِضَ، صَلَّى مِنَ النَّهَارِ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً. قالَتْ: وَما رَأَيْتُ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ قَامَ لَيْلَةً حتَّى الصَّبَاحِ، وَما صَامَ شَهْرًا مُتَتَابِعًا إلَّا رَمَضَانَ.“،[9] والله ورسوله أعلم.[10]

شاهد أيضًا: بحث كامل عن الصلاة وأهميتها مع المقدمة والخاتمة

فضل صلاة الوتر

كذلك الخوض في بيان طريقة صلاة الوتر الصحيحة يقتضي الخوض في بيان فضل صلاة الوتر، فهي من صلاة الليل، وإنّ فضل صلاة الليل عظيمٌ عند ربّ العالمين، وقد ورد في الحديث حسن الإسناد عن بريدة بن الحصيب الأسلمي -رضي الله عنه- أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قال: “الوِترُ حَقٌّ، فمن لم يوتِرْ فليس مني، الوتر حقٌّ فمن لم يوتِرْ فليس منِّي، الوتر حقٌّ فمن لم يوتر فليس مني“.[11] وتأكيدًا على أهميّة صلاة الوتر ذهب أهل العلم إلى وجوبها ومنهم من أكّد أنّها من السنن المؤكدة، وقد قال الإمام أحمد رحمه الله:[12]

من ترك الوتر عمدا فهو رجل سوء لا ينبغي أن تقبل له شهادة.

شاهد أيضًا: متى ينتهي وقت صلاة الضحى

السور التي تقرأ في صلاة الشفع والوتر

استكمالًا لطريقة صلاة الوتر الصحيح لا بدّ من بيان ما هي السور التي تقرأ في صلاة الشفع والوتر كما ورد في السنّة النبويّة الشريفة، فقد ثبت أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- كان يقرأ في هذه الصلاة سورة الأعلى والكافرون والإخلاص، وقد ورد في ذلك حديث أبي بن كعب -رضي الله عنه- حينما قال: “كان رسولُ اللهِ يقرأُ في الركعةِ الأولَى مِن الوِترِ ب سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأعْلَى وفي الثَّانيةِ ب قُلْ يَا أيُّهَا الْكَافِرُونَ وفي الثَّالثةِ ب قُلْ هُوَ اللَّهُ أحَدٌ“.[13] ولا حرج على المسلم أن يقرأ ما تيسر من القرآن الكريم في صلاة الشفع والوتر، كذلك قال تعالى في سورة المزمل: {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ}.[14] والله ورسوله أعلم.[15]

شاهد أيضًا: كم عدد ركعات صلاة الضحى

دعاء القنوت في صلاة الوتر

كما قد شرع الدين الإسلاميّ للمسلمين القنوت في دعاء الوتر، وذلك ما ورد في الحديث الصحيح عن الحسن بن علي -رضي الله عنهما- أنّه قال: “حفِظْتُ مِنْ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كلماتٍ علمنيهنَّ أقولُهُنَّ عندَ القنوتِ. علَّمَني رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كلِماتٍ أقولُهُنَّ في قنوتِ الوِتْرِ: اللهم اهدني فيمَنْ هَدَيْتَ، وعافِني فيمَنْ عافَيْتَ، وتولَّنِي فِيمَنْ تَوَلَّيْتَ، وبارِكْ لي فيما أَعْطَيْتَ، وقِنِي شرَّ ما قضَيْتَ فإِنَّكَ تَقْضِي ولَا يُقْضَى علَيْكَ، وإِنَّهُ لا يَذِلُّ مَنْ واليْتَ، تباركْتَ ربنا وتعالَيْتَ”.[16]

شاهد أيضًا: دعاء القنوت الصحيح كامل مكتوب

أدعية صلاة الشفع والوتر

كما يسنّ للمسلم أن يدعو بما شاء من الدعاء في صلاة الوتر عسى أن تصيب دعوته أبواب السماء المفتوحة في ثلث الليل الأخير، ولعلّ أفضل ما يدعو به المسلم في صلاة الشفع والوتر ما ورد في الأثر عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، كأن يدعو المؤمن مثلاً:[17]

• اللهم لك الحمد أنت نور السماوات والأرض ومن فيهن ولك الحمد، أنت قيوم السماوات والأرض ومن فيهن ولك الحمد، أنت الحق، ووعدك الحق، ولقاؤك حق، والجنة حق، والنار حق، والنبيون حق، والساعة حق، ومحمد حق، اللهم لك أسلمت، وبك آمنت، وعليك توكلت، وإليك أنبت، وبك خاصمت، وإليك حاكمت، فاغفر لى ما قدمت وما أخرت، وما أسررت وما أعلنت، أنت إلهي لا إله إلا أنت.
• اللهم إني أسألك الثبات في الأمر، والعزيمة على الرشد، وأسألك موجبات رحمتك، وعزائم مغفرتك، وأسألك شكر نعمتك، وحسن عبادتك، وأسألك قلبا سليما، ولسانا صادقا، وأسألك من خير ما تعلم، وأعوذ بك من شر ما تعلم، وأستغفرك لما تعلم، إنك أنت علام الغيوب.
• اللهم رب السموات ورب الأرض، ورب العرش العظيم، ربنا ورب كل شيء، فالق الحب والنوى، ومنزل التوراة والإنجيل والفرقان، أعوذ بك من شر كل شيء أنت آخذ بناصيته، اللهم أنت الأول فليس قبلك شيء، وأنت الآخر فليس بعدك شيء، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء، وأنت الباطن فليس دونك شيء، اقض عنا الدين وأغننا من الفقر.
• اللهم إني أعوذ بك من العجز، والكسل، والجبن، والبخل، والهرم، والقسوة، والغفلة، والعيلة، والذلة، والمسكنة، وأعوذ بك من الفقر، والكفر، والفسوق، والشقاق، والنفاق، والسمعة، والرياء، وأعوذ بك من الصمم، والبكم، والجنون، والجذام، والبرص، وسيئ الأسقام.
• اللهم اقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معاصيك، ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك، ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا، اللهم متعنا بأسماعنا، وأبصارنا، وقواتنا ما أحييتنا، واجعله الوارث منا، واجعل ثأرنا على من ظلمنا، وانصرنا على من عادانا، ولا تجعل مصيبتنا في ديننا، ولا تجعل الدنيا أكبر همنا، ولا مبلغ علمنا، ولا تسلط علينا من لا يرحمنا.

شاهد أيضًا: دعاء اخر الليل قصير مكتوب

طريقة صلاة الوتر الصحيحة مقالٌ فيه تمّ التعريف بماهيّة صلاة الوتر، وبيان ما ورد في صحيح الطرق لصلاة الوتر، إضافةً إلى ذكر نبذة من الأحكام المتعلّقة بصلاة الشفع والوتر وفضائلها، لنختم بذكر دعاء القنوت في صلاة والوتر، وما ورد من الأثر في دعاء الرسول صلّى الله عليه وسلّم.