الفرق بين صلاة التراويح والتهجد

الفرق بين صلاة التراويح والتهجد، شهرُ رمضانَ شهرُ الخيّر والبركات،شهر التوبةِ والمغفرة والرجوع إلى الله سُبحانّه، فيّهِ تفتحُ أبواب الجنّة، وتُوصدُ أبواب النار، وتُصفدُ الشيّاطينَ، وفيّهِ يتقرب المُسلم إلى ربّه بأداء العبادات والأعمالِ الصالحة والصلوات على الوجهِ الأتّم، وفي أداء صلاة التراويحِ في رمضان قد يتساءلُ البعضَ عن الفرقِ بينّها وبينَ صلاة التهجدِ وهل صلاة التراويح تغني عن قيام الليل، خاصةّ وأن صلاة التراويح نافلة أيضًا، ومن خلالِ موقع المرجع سنوضح تلكَ الفروقاتِ.

الفرق بين صلاة التراويح والتهجد

يُوجدُّ عدّة فروقات ما بينَ صلاةِ التراويِح وصلاة التهجد يُمكنُ تلخيصَها في النقاط الآتيّة:

الفرق بينَ صلاة التراويح وصلاة التهجد من حيثُ المعنى

لكلٍّ من صلاة التهجُّد، وصلاة التراويح معنى مُستقِلّ بذاته، وفيما يأتي بيان ذلك:

  • صلاة التراويح:

التراويّحُ لفظةٌ مُفردَها ترويحة، وتُعنّي استراحةُ النفسِ، تُؤدى في شهرِ رمضانَ في أولِ الليلِ بعد صلاةِ العشّاء، وقدْ سميّت بهذا الاسمِ، لأنّ المُصليّن كانوا يرتاحونَ فيّها بعدَ كُلِ أربع ركعّات، وصلاةُ التراويحِ من النوافلِ التي تُسّن لها الجماعة، وهِي سُنّةٌ مؤكدة عن نبيّ الله مُحمد -صلى الله عليّه وسلم-، وقد صلّاها في الصحابة عددًا من الليالي، ثمّ انقطع عنهم بعدها، لأنّه خَشِي أن تُفرَض عليهم، واستمرّ عليها الصحابة بعد وفاة النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-، وحافظ المسلمون عليها إلى الوقت الحاضر.

  • صلاة التهجد:

التهجدُّ فعل خماسيْ للمصدر هَجدَ، وهو بمعنّى السهرِ، ويُطلقُ أيضًا على الصلاةِ في الليلِ صلاة التَهجدّ، أمَا في الاصطلاح الشرعيّ فإنّ التهجدّ يعبرُ عن صلاة التطوع أو صلاة النافلة التي تُؤدى في الليلِ بعدَ النومِ، والتهجدُّ مسنون في الشرعِ، وقد واظب عليه النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-، وكان يَعدُّه فريضة أخرى غير الفرائض الخمس، فقال -عليه الصلاة السلام-: (أَفْضَلُ الصَّلاةِ، بَعْدَ الفَرِيضَةِ، صَلاةُ اللَّيْلِ)[1]، أيْ التَهجّد.

شاهد أيضًا: كم عدد ركعات صلاة التراويح وكيف تصلى

الفرق بين صلاة التراويح وصلاة التهجد من حيثُ عدد الركعات

فيّما يأتِي بيانٌ لعدد ركعاتِ صلاة التراويّح وصلاة التهجد، على النحو الآتّي:

  • صلاة التراويح:

اختلفت آراء المذاهب الفقهيّة في بيان عدد ركعات صلاة التراويح، وبيان رأي كلٍّ منها فيما يأتي:

  • القولُ الأول: ذهبتَ الحنفيّة، والشافعيّة، والحنابلة إلى أنّ صلاةِ التراويحِ تُؤدى عشريّن ركعّة، حيثُ أنّها تُؤدى عشرينَ ركعة بعشر تسليمات، أي التسليّم بعدَ كُلِّ ركعتيّنَ، وذلكَ في كُل ليلة من ليالي رمضان، وبعضهمَ استدلَّ بمَا ورد عن ابن عبّاس -رضي الله عنهما- من أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- كان يُصلّي عشرين ركعةً وحده في شهر رمضان، ثمّ يُصلّي الوتْر.
  • القولُ الثاني: ذهبتَ المالكيّة بالقولِ إلى أنّ صلاة التراويحِ تُؤدى ست وثلاثونَ ركعةً منْ غيرِ الشفعَ والوُترَ، وقد استدلوا بأنّ المُسلمينّ كانوا يُؤدّونها في مكّة عشرين ركعة مُقسَّمة إلى خمس ترويحات، وكلّ ترويحة أربع ركعات، وكان أهل مكّة يطوفون بين كلّ ترويحتَين سبعة أشواط، ويُصلّون ركعتَي الطواف، فسعى أهل المدينة إلى مساواتهم بالفَضْل، فاستبدلوا كلّ طواف بترويحة، وبهذا أضافوا أربع ترويحات، أي ستّ عشرة ركعة، ليُصبح المجموع تسع ترويحات بست وثلاثين ركعة.
  • صلاة التهجد: 

اتّفق العلماء على أنّ أقلّ عدد ركعات صلاة التهجُّد ركعتَان خفيفتان، لمَا جاء عن رسولِ الله مُحمد -صلى الله عليّه وسلم-: (إذا قامَ أحَدُكُمْ مِنَ اللَّيْلِ، فَلْيَفْتَتِحْ صَلاتَهُ برَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ)[2]، إلا أنَهم اختلفوا فيْ أكثرِ عدد الركعات، وبيّانَ خلافهم فيمّا يأتي:

  • الشافعية والحنابلة: لم يحصروا عدد ركعات صلاة التهجد بعدد مُعيّن، استدلالاً بقولهِ -صلى الله عليّه وسلم-: (خيرُ مَوضوعٍ، مَن شاءَ أقَلَّ، ومَن شاءَ أكثَرَ).
  • الحنفية: ذهبت الحنفيّة إلى أن الحد الأعلى لعدد ركعات صلاة التهجدِ هوَ ثمانيّةُ ركعاتْ.
  • المالكيّة: ذهبت المالكيّة إلى أن الحد الأعلى لعدد ركعات صلاة التهجد هوَ  عشر ركعاتٍ، أو اثنتا عشرة ركعةً، استدلالاً بما وُرد عن السيدة عائشة أم المؤمنينَ -رضي الله عنّها-: (أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، كانَ يُصَلِّي باللَّيْلِ إحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً، يُوتِرُ منها بوَاحِدَةٍ).[3]

شاهد أيضًا: ماذا يقرأ في صلاة التراويح

الفرق بين صلاة التراويح وصلاة التهجد من حيث الوقت

فيّما يأتي بيانُ لاختلافِ وقت صلاة التراويحِ وصلاة التهجد على النحوِ الآتّي:

  • صلاة التراويح:

تؤدي صلاة التراويحِ في أول الليلِ بعد صلاةِ العشاء، وقد اتفقَ الفقهاءُ في المذهبِ الشافعي، والمالكيْ، والحنفيْ، بأنّ صلاة التراويحِ تبدأ بعد الانتهاءَ من صلاةِ العشاء، وأفضلُ وقت لتأديتها بعدَ سُنّةِ العشاء، ويستمرُ وقتها إلى ما قبلَ صلاة الفجرْ، فإذا طلعَ الفجرُ انتهى وقتَها، وذهب الحنفية، والحنابلة إلى جواز أداء صلاة التراويح قبل الوتر، أو بعده، بينما ذهب المالكيّة إلى كراهة تأخيرها بعد الوتر.

  • صلاة التهجد:

التهجّد هو صلاة الليل، ويكون وقت صلاة التهجُّد بعد القيام من النوم، وقد ورد التهجُّد في قوله -تعالى-: (وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا)[5]، وأفضل وقت للتهجُّد هو ثُلُث الليل الأخير الذي يكون بعد أن يَمضي نصف الليل، وقد ورد ذلك في حديث الرسول -صلّى الله عليه وسلّم-، فقد قال: (أَحَبُّ الصَّلَاةِ إلى اللَّهِ صَلَاةُ دَاوُدَ عليه السَّلَامُ، وأَحَبُّ الصِّيَامِ إلى اللَّهِ صِيَامُ دَاوُدَ، وكانَ يَنَامُ نِصْفَ اللَّيْلِ ويقومُ ثُلُثَهُ، ويَنَامُ سُدُسَهُ، ويَصُومُ يَوْمًا، ويُفْطِرُ يَوْمًا).

شاهد أيضًا: متى تنتهي صلاة التراويح في الحرم

سنة إحياء الليل

إحياءَ الليلَ بمعنّى إمضاءَ الليل في سائر العبادات التي تَغفرُ الذنوب، وتزيدُ الحسنَات، وتُقرّبُ المُسلمَ من اللهِ -سبحانهُ وتعالى-، وتدخلّهُ الجنّة، منْ الذكر، والتسبيحَ، والتهليلَ، وقراءةِ القرآن الكريم، والصلاة، ومن الجديرِ بالذكر أنّ إحياءَ الليل يأتي بصفة أعم من التَهجدّ، حيثُ أنّ التهجد يختصُّ بالصلاة فقطْ دونًا عنْ غيرها من العبادات المشروعة، وقد أجمع أهل العلم على استحباب إحياء الليل في مختلفِ الليالي، وممّا يدلّ على استحباب الذِّكْر، والدعاء، والاستغفار في الليل، وخاصّة في النصف الأخير منه ما رواه جابر بن عبدالله -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: (إنَّ في اللَّيْلِ لَسَاعَةً لا يُوَافِقُهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ، يَسْأَلُ اللَّهَ خَيْرًا مِن أَمْرِ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، إلَّا أَعْطَاهُ إيَّاهُ، وَذلكَ كُلَّ لَيْلَةٍ).[6]

هدي النبي في قيام الليل

ضرّب رسول الله مُحمد -صلى الله عليّه وسلم- أحسنَ الأمثلة في حب الله -سبحانهُ وتعالى-، والتضرّع، والإخلاصَ له وحدهُ سُبحانَهُ، فعلىْ الرغمِ من أن الله غفر لنبيّه ما تقدمَ وما تأخر من ذنبهِ إلا أنّه كانَ يقوم الليل حتى تتفطّر قدماه من كثرة الوقوف، لِقَوْل أبي هريرة -رضي الله عنه-: (كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم يقومُ حتى تَرِمَ قَدَمَاهُ)، فقد كان النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-، والصحابة -رضي الله عنهم-، يقومون ثُلثَي الليل في بعض الليالي تقريباً، ونِصفه، أو ثُلثَه في ليالٍ أخرى، أمّا صلاة رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- في الليل، فقد كان يُطيل فيها القراءة، والقيام، والركوع، والسجود.

شاهد أيضًا: كم عدد ركعات صلاة التهجد في العشر الأواخر

فضل صلاتي التراويح والتهجد

يُعدّ قيامَ الليلِ ومنّهُ صلاةُ التراويحَ في شهرِ رمضان المُبارك منْ أفضلِ العباداتِ والأعمال التي تُقرّب المُسلمَ من الله -سبحانهُ وتعالى-، فقد وعدهم الله سُبحانهُ بعظيمِ الأجر وجزيل الثواب، كما حثّ رسول الله مُحمد -صلى الله عليّه وسلم- الصحابةَ -رضوان الله عليّهم- على التهجد، وبيانِ فضلها على الناسِ، ومن الجدير بالذِّكر أنّ لقيام الليل فضائل عظيمة؛ إذ بيَّنَ الله -تعالى- أنّ قيام الليل أحد أسباب دخول العباد المُتّقين إلى جنّات الخُلد، وتمتُّعهم بالنعيم المُقيم، لقَوْل الله -تعالى-: (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ*آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ*كَانُوا قَلِيلًا مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ*وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ).[7]

ايهما أفضل قيام الليل أم التهجد

التهجدُّ يختصُّ بالصلاةِ فقطْ، وقد حصرّهُ بعد الفقهاءِ بالقيام للصلاة بعد النوم، وقال أكثر الفقهاء أنّ التهجُّد يكون بعد صلاةِ العشاءِ عامَة، وبالمعنْى الأخيرِ فهوَ مُرادفٌ لصلاةِ قيام الليلِ، أما بالمعنى الأولَ فإنّه مُرادفُ لصلاةِ القيّام، فيصبحَ التهجدَّ بمعناهُ الأولَ أفضل من قيّام الليلِ، لقول عمر رضي الله عنه: – وقد رأى اجتماع الصحابة في صلاة التراويح – “والتي ينامون عنها أفضل من التي يقومون” يريد آخر الليل.[8]

اقرأ أيضًا: كم عدد ركعات صلاة التراويح مع الوتر

هل صلاة التهجد تغني عن صلاة التراويح

صلاةُ التراويحَ هي صلاة القيّام في شهرِ رمضانَ المُبارك، وتُؤدىْ بعد صلاةِ العشاء وسنتها وقبلَ الوِتر، أما صلاةُ التهجد فقدْ حصرَ بعضُ العلماءِ معناها في الصلاةِ بعد النَوم، والتَهجد مسنونْ في الشرع، وقد قال جمهور آخر بأنّ التهجد يكونُ بعد صلاة العشاء، فلا فرقَ بينَ صلاتي التهجد والتراويح، فالتراويحُ هيّ القيامُ، والتهجد هو القيّام، ووقته من صلاة العشاء، وحتى طلوع الفجر، ولا حرج في أنّ يؤخّر المسلم الصلاة إلى آخر الليل كأن يريد مثلًا أن يكتسب فضل قيام الثلث الأخير من الليل، لكنّ الحنابلة على أنّ صلاة التراويح في أوّل الليل أفضل؛ لفعل المسلمين على زمن عمر بن الخطّاب.

إلى هُنا نكون قد وصلنا إلى نهايةِ مقالنا الفرق بين صلاة التراويح والتهجد، حيثُ أدرجنَا الفروقاتِ المُختلفة بينَ صلاتي التراويح والتَهجد، من حيثُ المعنى والوقتِ وعدد الركعات.

المراجع

  1. الإلزامات والتتبع , الوادعي ، أبو هريرة ، 151 ، لا يضره إرسال شعبة لأن أبا عوانة ثقة
  2. مختصر الشمائل , الألباني ، أبو هريرة ، 227 ، ضعيف
  3. صحيح مسلم , مسلم ، عبدالله بن عباس ، 764 ، صحيح
  4. سورة الإسراء , الآية 79
  5. صحيح مسلم , مسلم ، جابر بن عبدالله ، 757 ، صحيح
  6. سورة الأحقاف , من الآية 15 - الآية 19
  7. islamweb.net , كيفية قيام الليل وصلاة التهجد؟ , 14/03/2024

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *