حكم الشرك في الالوهيه

حكم الشرك في الالوهيه، حكمٌ من أبرز وأهمّ الأحكام الشّرعية التي ينبغي للمسلمين معرفتها، وهو ما سيتمّ التّعرّف عليه في هذا المقال، فالتّوحيد هو أساس العقيدة الإسلامية ولا يكون الإنسان مؤمنًا إذا لم يكن موحّدًا لله، وإنّ توحيد الألوهية واحدٌ من عدّة أقسام للتّوحيد التي فصّلها أهل العلم والفقه، وهذا النوع من بين الأنواع به جاءت كلّ الدّعوات السماوية التي جاء بها رسل الله وأنبيائه -صلوات الله عليهم- فمن آمن به كان مؤمنًا بالله ومن لم يؤمن به أشرك، وفي هذا المقال يبيّن لنا موقع المرجع ما يترتب على الإنسان إذا أشرك في الألوهية وما حكمه.

معنى التوحيد

لمعرفة حكم الشرك في الألوهية من الضروري معرفة معنى التوحيد بشكلٍ عام في بداية الأمر، والتّوحيد هو مصدر الفعل وحّد في اللغة العربية، ويُقال إنّ هذا الرجل موحّد في حال قام بنسب صفة الوحدانيّة لله -سبحانه وتعالى- وأفرده بكلّ صفاته وأسمائه، واعتقد أنّه متفرّدٌ عن الأنداد والأشكال والصّفات التي في خلقه في كلّ أحوالهم وحالاتهم، وأن يكون العبد عارفًا بالله الواحد الأحد الذي لا شريك له في الملك، ويعرّف أهل العلم التّوحيد اصطلاحًا بأنّه إفراد الله بما يختصّ من الألوهية والربوبية ولأسماء والصفات وهو لبّ العقيدة الإسلامية وأساس الإيمان بالله.[1]

أقسام التوحيد

بمعرفة معنى التوحيد وقبل الانتقال لبيان حكم الشرك في الألوهية، فإنّه من الضّروري بيان أقسام وأنواع التوحيد، والتي قام أهل العلم ببيانها وتقسيم التّوحيد إليها، وقد تمّ الاختلاف بينهم في التّقسيم الظّاهري للتوحيد مع المحافظة على المضمون العام لمعنى التّوحيد في التّقسيمات كلّها، فالتّوحيد كما تمّ بيانه أنّه أساس العقيدة وجوهر الإيمان، وقد قال تعالى في كتابه العزيز: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلا إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}.[2] وأقسام التوحيد هي:

توحيد الربوبية

القسم الأول من أقسام التوحيد هو توحيد الربوبية، والذي يعني اعتقاد العبد بجزم أنّ الله وحده ربّ كلّ شيْ وخالقه ومليكه، وأنّ الله المتصرّف بكلّ خلقه، وهو الرّزاق لعباده والمدبّر لهم وهو مسيّر الكون بأكمله، وكذلك بيده الحياة والموت، ومن ضمن هذا التّوحيد الإيمان بالقضاء والقدر، ويعدّ هذا النوع من التوحيد مرتبطًا بالفطرة الإنسانية السليمة، حيث إنّ كفار قريش والمشركين كانوا غير مخالفين لهذا التوحيد، فهم يعتقدون أنّ الله هو الخالق ولكنّهم لا يعبدونه.[3]

توحيد الألوهية

النّوع والقسم الثاني من أنواع التوحيد وأقسامها، هو توحيد الألوهية، وهو أن يتمّ إفراد الله عزّ وجلّ بالعبادة كلّها، بأفعالها وأقوالها وحركاتها وسكونها، وحتّى اعتقاداتها، ويُطلق عليه توحيد العبادة، ففيه ينبغي للعبد أن يؤمن أن الله هو المعبود الأوحد ولا أحد سواه، وكلّ ما قام على غير ذلك فهو باطل، وهذا التوحيد الذي دعت إليه كلّ الأنبياء والرسل -صلوات الله عليهم- وهو ما يبدأ به الدّين وينتهي به، وكذلك ما يظهر منه وما يبطن، وتوحيد الألوهية هو الحد الفاصل بين الإيمان والكفر.[4]

توحيد الأسماء والصفات

وهو ما سنتعرّف عليه قبل الانتقال لبيان حكم الشرك في الألوهية، وهو أن يعتقد العبد بأنّ الله له الصّفات والأسماء الحسنى، وهو مُتّصفٌ بصفات الكمال، ومتنزّهٌ عن كلّ صفات النّقص وصفات الخلق، وإنّ العبد المسلم يعرف صفات الله وأسمائه ممّا ذُكر في القرآن الكريم أو في السّنة النّبوية الشّريفة، ولا يجوز للمسلم أن يصف الله بغير ما وصف هو به نفسه، ولا يجوز تفسيرها وتأويلها بغير علم، وهي تكون كما ذُكرت.[5]

شاهد أيضًا: كم عدد انواع التوحيد

حكم الشرك في الالوهيه

إنّ حكم الشرك في الألوهية أنّه من الأمور التي تُخرج صاحبها من الإسلام وهو من الشّرك الأكبر، فشرك الألوهية هو الشّرك في عبادة الواحد الأحد، حتّى لو كان من يفعل ذلك مؤمن بأنّ الله لا شريك له في ذاته وصفاته وأفعاله، فتوحيد الربوبية لا كفي العبد من أنواع التّوحيد الباقية، ولا يصحّ إيمان العبد به وحده دون توحيد الألوهية، وإنّ بعثة الرّسل -عليهم الصلاة والسلام- لم تكن غايتها توحيد الربوبية بل توحيد الألوهية، وعلى العبد لينجو من عذاب الله يوم القيامة أن يأتي بتوحيد الألوهية وإلا فإنّه سيناله غضب الله وعقابه، وقد قال تعالى في محكم تنزيله في سورة يوسف: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ}.[6] وتعني الآية أنّ أكثر النّاس يقرّون بالله ربًّا خالقًا ورازقًا ولكنّهم يشركون في عبادته الأوثان والأصنام وغيرها ممّا لا يضرّهم ولا ينفعهم، فإقرار النّاس بربوبيّة الله لا يُدخلهم الإسلام لوحده بل لا بدّ من إيمانهم وإتيانهم بتوحيد الألوهية، فالدّين يجب أن يكون خالصًا لله وحده لا شريك له، وخلاصة القول إنّ شرك الألوهية يُذهب نفع توحيد الربوبية والله ورسوله أعلم.[7]

شاهد أيضًا: من أول ملك فرعوني آمن بالتوحيد

أهمية توحيد الألوهية

ببيان حكم الشرك في الألوهية يُدرك المسلم أهمية توحيد الألوهية، فهو إفراد الله -عزّ وجلّ- بالعبادة بأنواعها جميعًا، وهو أن يتمّ تحقيق كلمة لا إله إلا الله محمّدًا رسول الله، وقد جاءت دعوات الرّسل أجمعين متضمّنةً عبادة الله الواحد الأحد وإفراده بالعبودية له والإخلاص في ذلك، وهذا لبّ الأساس لتوحيد الألوهية، وقد كان أصل البشر منذ أن خلق الله -سبحانه وتعالى- آدم -عليه السلام- وأنزله على الأرض هو التوحيد بكافّة أقسامه وأنواعه، حتى انتشر بين بنو آدم شرك الألوهية بتضليل الشيطان لهم، فعلى المسلم أن يعلم أن الإيمان والإسلام لا يتحقق ولا يكتمل إلا باكتمال توحيد الألوهية مع باقي أقسام التوحيد.[8]

أنواع الشرك في الألوهية

بعد الاطّلاع على حكم شرك الألوهية فإنّ أنواع هذا الشرك متعددة، وقد يغفل المسلم عنها ويقع فيها دون قصد لذلك من واجب المسلمين الاطّلاع على هذه الأنواع الثّلاثة، وهي كما سيتمّ بيانها وتوضيحها فيما يأتي:

الاعتقاد بوجود شريك لله في الألوهية

كلّ إنسانٍ يعتقد بوجود غير الله يستحقّ العبادة، أو يستحق أن يُصرف له ولو جزءٌ بسيطٌ من العبادة فقد أشرك بالله شرك الألوهية، وكمثال على ذلك أن يسمّي الرّجل ابنه باسمٍ يدلّ على التّعبد لغير الله، فكلّ من فعل ذلك تعظيمًا لمن سمّى اسم ابنه عليه فإنّه أشرك بالله تعالى.[9]

العبادة المحضة لغير الله سبحانه

يندرج ضمن هذا النوع من شرك الألوهية كلّ العبادات القلبية والقولية والعملية، والتي كلّها حقٌّ لله -سبحانه وتعالى- ولا يجوز لأحد غير الله أن ينال منها أبدًا، ولهذا الأمر الكثير من الصّور ويمكن تلخيصها فيما يأتي:[9]

  • الشرك في دعاء المسألة: وهو أن يقوم العبد بالاستعانة والمناجاة والطّلب من المخلوقات ما لا يقدر عليه إلا الخالق، كأن يستعين بنبي أو يناجي صالحًا ميّتًا، أو أن يستغيث بأحد الغائبين، وهو يعتقد أنّه يسمع كلامه أو قادر على إجابته فقد أشرك بالله، ولو اتّخذ المسلم وسطاء بالدّعاء بينه وبين الله فهذا الأمر أصل شرك العرب الذين كانوا يعتقدون أن الأصنام صلتهم بربّهم.
  • الشرك في دعاء العبادة: وهو يكون في الكثير من الأمور، كشرك النّية والإرادة والقصد وهذه من صفات المنافقين الذين يُظهرون الإسلام ويُخفون غير ذلك، وكذلك الشرك في الخوف وهو أن يخاف العبد من مخلوق خوفا مُقترنًا بالتّعظيم والخضوع والمحبة وهذا النّوع من الخوف ينبغي ألّا يُصرف إلا لله، ومن الشّرك في دعاء العبادة الشّرك في المحبة، وهو أن يُحب المرء مخلوقًا محبّةً مقترنة بالتّعظيم والخضوع وهي محبّة عبودية ولا يجوز صرفها لغير الله، ومن صوره الكثيرة الشرك في الرجاء والصلاة والسجود والركوع والنذر والصلاة وغيرها.

الشرك في الحكم والطاعة

في هذا النّوع من أنواع الشرك في الألوهية يعتقد المرء أنّ حكماً غير الله أفضل من حكم الله أو يُعادله والعياذ بالله، وهو من الشرك المُخرج من الإسلام ففيه تكذيبٌ لما جاء به كتاب الله، وكذلك أن يقوم الإنسان بالاعتقاد بجواز وإباحة الحكم بغير ما أنزل الله وهذا من الشّرك الأكبر، الأخذ بقوانين أو تشريعات تخالف ما جاء به كتاب الله وسنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أو أن يدعو للحكم بمثل هذه القوانين والتشريعات.[9]

شاهد أيضًا: لماذا كان التوحيد سببا للتمكين في الأرض

وهنا نكون قد وصلنا لنهاية مقال حكم الشرك في الالوهيه الذي قام ببيان معنى التوحيد، ثمّ تطرّق لأقسام التوحيد وأنواعه قبل أن يوضّح حكم الشرك في الالوهيه، وبيّن أهميّة توحيد الألوهية، ثمّ وضّح وذكر أنواع الشّرك في الألوهية وفصّل في أقسامها.

المراجع

  1. islamqa.info , معنى التوحيد ، وأقسامه , 29/10/2021
  2. سورة المائدة , الآية 73.
  3. dorar.net , توحيد الربوبية , 29/10/2021
  4. dorar.net , توحيد الألوهية , 29/10/2021
  5. dorar.net , توحيد الأسماء والصفات , 29/10/2021
  6. سورة يوسف , الآية 106
  7. dorar.net , عدم كفاية الإقرار بالربوبية للبراءة من الشرك , 29/10/2021
  8. dorar.net , منزلة توحيد الألوهية , 29/10/2021
  9. saaid.net , ما هو الشرك الذي يخرج صاحبه من الملة ؟ , 29/10/2021

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *