حكم النقاب ابن باز وحكم النقاب على المذاهب الأربعة

حكم النقاب ابن باز هو واحد من أهم الأحكام الإسلامية التي يجب على المرأة المسلمة أن تكون على دراية بها حتَّى تُحسن ستر نفسها وفق ما قضى الشرع الإسلامي، وحتَّى لا تقع في الإثم والذنب جهلًا منها بالأحكام الإسلامية، لذا فإننا في هذا المقال سوف نقدِّم من خلال موقع المرجع تعريف النقاب، وحكمه عند الشيخ ابن باز وفي المذاهب الإسلامية الأربعة، كما سنتحدَّث عن النقاب في الإحرام وفي الصلاة.

ما هو النقاب

يُعرَّف النقاب على أنَّه قماشة سوداء أو قطعة من القماش الأسود توضع على الوجه حتَّى تغطيه وتمنع نظر الآخرين إليه، ويرتدي النقاب النساء في عدد من الأديان من باب الستر، ويكون النقاب مرتبطًا بعباءة سوداء ترتديها المرأة حتَّى تمنع ظهور أي جزء من أجزاء جسدها للغرباء، ويختلف عن الحجاب في الإسلام بأنَّ الحجاب هو ما تلبسه المرأة لتغطي به رأسها، أمَّا النقاب فهو ما تلبسه المرأة لتغطي وجهها، قال تعالى في سورة النور: {وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ۖ وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ}[1] والله تعالى أعلم.[2]

حكم النقاب ابن باز

رأى الشيخ ابن باز -رحمه الله- أنَّ النقاب واجب في حق المرأة، وذلك لأنَّ المرأة في الإسلام عورة ويجب عليها ستر نفسها، وذكر أنَّه في أول عهد الإسلام كان يجوز للمرأة أن تكشف وجهها أمام الأجانب ثمّ حرَّم الله تعالى على النساء أن تخالطن الرجال وتكشفن عن وجوههن أمامهم، قال تعالى في سورة الأحزاب: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ ۚ ذَٰلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ}[3] وقال تتعالى في سورة الأحزاب أيضًا: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ۚ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا}[4] فعلى المرأة المسلمة أن تحرص على أن تغطي وجهها أمام الرجال الأجانب، وقد استدلَّ الشيخ ابن باز على وجوب ستر الوجه بالنقاب للمسلمة، بحديث ورته السيدة عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- قالت فيه: “كان الركبانُ يمرُّون بنا ونحن مع رسولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- محرماتٌ، فإذا حاذوْا بنا سدَلَتْ إحدانا جلبابَها من رأسِها على وجهِها فإذا جاوزُونا كشفناه”، والله تعالى أعلم.[5]

قد يهمك أيضًا: الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات شرحه وحكمه وفضله

حكم النقاب على المذاهب الأربعة

يختلف رأي المذاهب الإسلامية الأربعة في حكم النقاب، فيما يأتي سوف نوضِّح رأي كل مذهب من المذاهب الأربعة: المالكي والشافعي والحنفي والحنبلي:[6]

المذهب المالكي

يرى أتباع المذهب المالكي أنَّ النقاب واجب على المرأة وذلك لأنَّ جسد المرأة كله عور، قال ابن تيمية رحمه الله: “ظاهر مذهب أحمد قال: كل شيء منها عورة حتى ظفرها؛ وهو قول مالك”، وقال الشوكاني في كتابه النيل ناقلًا عن ابن أرسلان: ” اتفاق المسلمين على مَنع النساء أن يخرجنَ سافرات الوجوه، لا سيما عند كثرة الفسَّاق”، وقال القاضي ابن العرب: “والمرأة كلها عورة؛ بدنها وصوتها، فلا يجوز كَشف ذلك إلا لضرورة”.

المذهب الشافعي

أمَّا المذهب الشافعي فيرى علماؤه أن بدن الحرة كله عورة، ومن الواجب عليها ستر الوجه والرأس، ومن أقوال أئمة الشافعية في هذه المسألة الفقهية:

  • قال البيضاوي: “فإن كل بدَن الحرَّة عورة، لا يحلُّ لغير الزوج والمَحرَم النَّظرُ إلى شيء منها إلا لضرورة”.
  • قال السيوطي: “هذه آية الحجاب في حقِّ سائر المسلمات؛ ففيها وجوب ستر الرأس والوجه عليهن”، والله تعالى أعلم.

المذهب الحنبلي

إنَّ كلَّ شيء عورة في المرأة عند المذهب الحنبلي حتَّى ظفرها، فعليه أن تغطي وجهها ورأسها وسائر جسدها أمام الأجانب، قال الإمام ابن القيم رحمه الله: “فالحرَّة لها أن تصلِّي مكشوفة الوجه والكفين، وليس لها أن تَخرج في الأسواق ومجامع الناس كذلك، والله أعلم”.

المذهب الحنفي

يرى الحنفية أنَّه لا يجوز للمرأة أن تكشف وجهها لأجنبي إلَّا بضرورة، وفيما يأتي نذكر أقوال أئمة الحنفية في هذا الموضوع:

  • قال ابن نجيم وهو عالم من علماء المذهب الحنفي: “وفي فتاوى قاضيخان: “ودلَّت المسألة على أنها لا تَكشف وجهها للأجانب من غير ضرورة، وهو يدلُّ على أن هذا الإرخاء عند الإمكان ووجود الأجانب واجب عليها”.
  • جاء في كتاب المنتقى: “تُمنع الشابَّة من كشف وجهها؛ لئلَّا يؤدي إلى الفتنة”.
  • جاء في كتاب الهدية العلائية: “وينظر من الأجنبية -ولو كافرة- إلى وجهها وكفَّيها للضرورة، وتُمنع الشابَّة من كشف وجهها خوف الفتنة”، والله تعالى أعلم.

شاهد أيضًا: هل الاستحمام يغني عن الوضوء

حكم كشف الوجه ابن عثيمين

رأى ابن عثيمين -رحمه الله- أنَّ واجب على المرأة أن تستر وجهها أمام كل رجل أجنبي، فالمرأة كلها عورة وإظهار أي جزء من جسدها قد يكون سببًا في إحداث الفتنة؛ لذا فإنَّه لا يجوز لها أن تكشف وجهها، وقد استدلَّ ابن عثيمين في هذه المسألة على قول الله تعالى في سورة النور: {وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ۖ وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ ۖ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَىٰ عَوْرَاتِ النِّسَاءِ ۖ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ ۚ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}[1].

والدليل من السنة ما جاء عن أم عطية نسيبة بنت كعب وهو: “عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ، قالَتْ: أَمَرَنَا رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، أَنْ نُخْرِجَهُنَّ في الفِطْرِ وَالأضْحَى، العَوَاتِقَ، وَالْحُيَّضَ، وَذَوَاتِ الخُدُورِ، فأمَّا الحُيَّضُ فَيَعْتَزِلْنَ الصَّلَاةَ، وَيَشْهَدْنَ الخَيْرَ، وَدَعْوَةَ المُسْلِمِينَ، قُلتُ: يا رَسولَ اللهِ، إحْدَانَا لا يَكونُ لَهَا جِلْبَابٌ، قالَ: لِتُلْبِسْهَا أُخْتُهَا مِن جِلْبَابِهَا”[7]والله تعالى أعلم.

النقاب في الإحرام والصلاة

إنَّ النقاب في الإحرام مُحرَّم على المرأة المسلمة، سواء أحرمت للحج أو للعمرة، والدليل على تحريم النقاب للمُحرمة للحج أو العمرة ما جاء عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: “قامَ رَجُلٌ فقالَ: يا رَسولَ اللَّهِ، ماذَا تَأْمُرُنَا أنْ نَلْبَسَ مِنَ الثِّيَابِ في الإحْرَامِ؟ فَقالَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: لا تَلْبَسُوا القَمِيصَ، ولَا السَّرَاوِيلَاتِ، ولَا العَمَائِمَ، ولَا البَرَانِسَ، إلَّا أنْ يَكونَ أحَدٌ ليسَتْ له نَعْلَانِ، فَلْيَلْبَسِ الخُفَّيْنِ، ولْيَقْطَعْ أسْفَلَ مِنَ الكَعْبَيْنِ، ولَا تَلْبَسُوا شيئًا مَسَّهُ زَعْفَرَانٌ، ولَا الوَرْسُ، ولَا تَنْتَقِبِ المَرْأَةُ المُحْرِمَةُ، ولَا تَلْبَسِ القُفَّازَيْنِ”[8] ويُكره للمسلمة أيضًا أن تلبس النقاب في الصلاة، حيث رأى أهل العلم أن لبس النقاب في الصلاة فيه تشبه بصلاة المجوس، لذا فإن الأولى أن تبتعد المرأة المسلمة عنه، والله أعلم.

اقرأ أيضًا: هل يصلى على المنتحر

الأدلة على ستر الوجه من القرآن والسنة

توجد الكثير من الأدلة في القرآن الكريم وفي السنة النبوية التي تدل على وجوب لبس النقاب أو وجوب ستر الوجه بالنسبة للمرأة المسلمة، وفيما يأتي نذكر من القرآن الكريم دليلين من السنة دليلين:[9]

  • قال تعالى في سورة النور: {وَالْقَوَاعِدُ مِنْ النِّسَاءِ اللاتِي لا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}[10].
  • قال تعالى في سورة الأحزاب: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا}[4].
  • عن عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- قالت: “كُنَّ نِسَاءُ المُؤْمِنَاتِ يَشْهَدْنَ مع رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ صَلَاةَ الفَجْرِ مُتَلَفِّعَاتٍ بمُرُوطِهِنَّ، ثُمَّ يَنْقَلِبْنَ إلى بُيُوتِهِنَّ حِينَ يَقْضِينَ الصَّلَاةَ، لا يَعْرِفُهُنَّ أَحَدٌ مِنَ الغَلَسِ”[11].
  • روى عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- ما يأتي: “مَن جرَّ ثوبَهُ خيلاءَ لم ينظُرِ اللَّهُ إليهِ يومَ القيامةِ، فقالَت أمُّ سَلمةَ: فَكَيفَ يصنَعُ النِّساءُ بذيولِهِنَّ؟ قالَ: يُرخينَ شبرًا، فقالت: إذًا تنكشفَ أقدامُهُنَّ، قالَفيُرخينَهُ ذراعًا، لا يزِدنَ علَيهِ”[12] وهو دليل على ضرورة أن تستر المرأة كامل جسدها حتَّى وجهها، والله تعالى أعلم.

إلى هنا نصل إلى ختام هذا المقال الذي سلَّطنا فيه الضوء على تعريف النقاب في الإسلام وعلى حكم النقاب ابن باز ثمَّ تحدَّثنا فيه بالتفصيل عن رأي المذاهب الفقهية الأربعة في مسألة النقاب، وتحدثنا عن حكم كشف الوجه ابن عثيمين ووضعنا الأدلة الشرعية على وجوب ستر الوجه من القرآن والسنة.

المراجع

  1. سورة النور , الآية 31.
  2. wikiwand.com , النقاب في الإسلام , 28/07/2021
  3. سورة الأحزاب , الآية 53.
  4. سورة الأحزاب , الآية 59.
  5. binbaz.org.sa , حكم النقاب للمرأة , 28/07/2021
  6. alukah.net , من أقوال المذاهب الفقهية في الحجاب والنقاب , 28/07/2021
  7. صحيح مسلم , مسلم، أم عطية نسيبة بنت كعب، 883، صحيح.
  8. صحيح البخاري , البخاري، عبد الله بن عمر، 1838، صحيح.
  9. islamqa.info , حكم تغطية الوجه بالأدلة التفصيلية , 28/07/2021
  10. سورة النور , الآية 60.
  11. صحيح البخاري , البخاري، عائشة أم المؤمنين، 578، صحيح.
  12. صحيح الترمذي , الألباني، عبد الله بن عمر، 1731، صحيح.

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *