ما هو الذهب الأزرق

ما هو الذهب الأزرق وعلى ماذا يُطلق، وفي الآونة الآخيرة كثُر على ألسنة النَّاس استخدام كلمة الذَّهب وإضافتها إلى كلِّ ما هو غالٍ ونفيس، فيُقال الذَّهب الأسود إشارةً إلى النِّفط ومشتقاته، ويُقال الذَّهب الأبيض نسبةً إلى القطن، وسيكون عنوان البحث في هذا المقال ما هو الذهب الأسود.

ما هو الذهب الأزرق

من المتعارف عليه عند النَّاس أنَّ الذَّهب يُطلق على ذاك المعدن النَّفيس الأصفر واللامع، أو على كلِّ ما غلا ثمنه وارتفعت قيمته وازداد الطَّلب عليه، والذَّهب هنا في هذا المقال يحمل مدلولًا جديدًا بعيدًا عن ذاك المعدن فهو هنا يدلُّ على نعمة الماء، فالذَّهب الأزرق هو تلك الموار المائيَّة التي تعدُّ الشِّريان الهام للحياة، ولكنَّ الإنسان قد أساء استخدام هذه النِّعمة ولم يقدِّرها كما يجب، بل إنَّه زهد بهذه النِّعمة على الكرة الأرضيَّة، وبدأ بالتَّنقيب والبحث عنها على كةكب المريخ.[1]

الماء في القرآن الكريم والسنة النبوية

لقد ذُكر الماء في العديد من الآيات القرآنيّة وأنَّه أصل الحياة وشريانها، كما أنَّ النَّبي -عليه الصَّلاة والسَّلام- قد أدرك أهمِّيَّة الماء، فذكر العديد من الأحاديث التي تحضُّ على الحفاظ على العماء وكيفيَّة التَّعامل معه من غير إسراف، وسيرد فيما يأتي بعضًا من تلك الآيات القرآنيَّة:[2]

• قال تعالى في سورة الأعراف: {وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَاباً ثِقَالاً سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَنْزَلْنَا بِهِ الْمَاءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتَى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ. وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لا يَخْرُجُ إِلا نَكِداً كَذَلِكَ نُصَرِّفُ الآياتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ}.[3]
• قال تعالى في سورة طه: {الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ مَهْداً وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلاً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِنْ نَبَاتٍ شَتَّى، كُلُوا وَارْعَوْا أَنْعَامَكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآياتٍ لأُولِي النُّهَى، مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى}.[4]
• قال تعالى في سورة المؤمنون: {وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الأَرْضِ وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ، فَأَنْشَأْنَا لَكُمْ بِهِ جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ لَكُمْ فِيهَا فَوَاكِهُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ، وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْنَاءَ تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِلآكِلِينَ}.[5]

أمَّا الأحاديث التي ذُكرت في تثمين المياه والحفاظ عليه من التَّلوث والهدر فهي كثيرة، وسيرد فيما يأتي بعضًا منها:[6]

• قال جابر بن عبد الله: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “غَطُّوا الإناءَ، وأَوْكُوا السِّقاءَ، فإنَّ في السَّنَةِ لَيْلَةً يَنْزِلُ فيها وباءٌ، لا يَمُرُّ بإناءٍ ليسَ عليه غِطاءٌ، أوْ سِقاءٍ ليسَ عليه وِكاءٌ، إلَّا نَزَلَ فيه مِن ذلكَ الوَباءِ. وفي روايةٍ : فإنَّ في السَّنَةِ يَوْمًا يَنْزِلُ فيه وباءٌ”.[7]
• روى أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: “ [لَا يَبُولَنَّ أحدُكُمْ فِي الماءِ] الدائمِ أوِ الرَّاكِدِ”.[8]
• روى أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: “لا يَبُولَنَّ أحَدُكُمْ في المَاءِ الدَّائِمِ الذي لا يَجْرِي، ثُمَّ يَغْتَسِلُ فِيهِ”.[9]

أهمية الماء

إنَّ الماء مهمٌ جدًا لجميع الكائنات الحيَّة من إنسانٍ ونباتس وحيوانٍ، فهو يدخل في تركيب جميع خلايا الجسم، وقد أثبت الطِّبُ أنَّ كميَّة الماء في جسم أيِّ إنسانٍ تتراوح مابين 45% إلى نسبة 75%، ولهذا للماء أهمِّيَّة كبرى وذلك يعود للأسباب الآتية:[10]

• يشكل الماء اللبنة الأساسيَّة لبنية الخلايا المختلفة في جسم الإنسان.
• يعمل الماء على تنظيم درجة حرارة الإنسان، فهو أقرب إلى مادة عازلة للحرارة الدَّاخليَّة للإنسان، وينظم حرارة الإنسان عن طريق التَّعرق.
• يعدُّ الماء هو المكون الأساسي للعاب في فم الإنسان، فهو يساعد الإنسان على هضم الكربوهيدرات الموجود في الغذاء.
• يعمل الماء في جسم الإنسان كممتص للصَّدمات، فهو يحمي دماغ الإنسان والجنين والحبل الشَّوكي من الصَّدمات.
• يعمل الماء كعازل ومشحم للمفاصل في جسم الإنسان فهو يمنه احتكاكها.
• يساعد الماء على طرد الفضلات والسُّموم من جسم الإنسان وذلك عن طريق البول.
• يساعد الماء كمادة رئيسيَّة وهامَّة من أجل إذابة الفيتامينات والمعادن الموجودة في الأغذية.
• يمدُّ الماء خلايا الجسم بالأكسجين اللازم.

مشكلة نقص الماء

تعدُّ مشكلة نقص الماء من المشاكل المغيَّب عنها إعلاميًّا فترى وسائل الإعلام تضجُّ بالحديث عن نقص موارد الطَّاقة وغيرها، في حين لا تلقي الضَّوء كما يجب على مشكلة نقص الماء مع العلم أنَّها من المشاكل الهامَّة والخطيرة بآنس واحد، فقد أشارت تقارير وكالة حماية البيئة الأمريكيَّة إلى أنَّ نسبةً ضئيلةً من النَّاس والتي قد لا تتجاوز 1% تستفيد من الماء العذب والصِّحيِّ، على الرُّغم من أنَّه يغطي قشرة الأرض بنسبة 70%، وسيرد فيما يأتي بعض الحقائق المرعبة التي تشير إلى نقص الماء:[11]

• يفتقر نسبة كبيرة من النَّاس والتي تصل إلى 2.5 مليار نسمة إلى المرافق الصّحيَّة، وذلك حسب تقرير أعدَّته منظمة Food & Water Watch، والذي سيكون سببًا بإصابة العديد منهم بالأمراض الخطيرة.
• يموت كل يوم ما يقارب 3900 طفل في العالم وذلك نتيجة استخدامهم الماء الملوث، وكانت هذه النَّتيجة مدروسة من قبل المجلس العالمي للماء.
• يعيش قرابة 783 مليون نسمة محرومين من نعمة الماء النَّظيف والصِّحيِّ، وقد قامت بهذه الدِّراسة منظمة الأمم المتَّحدة للتربية والعلوم والثَّقافة.
• أقرَّت منظمة The Water Project أنَّ الملايين من النَّاس القاطنين في جنوب إفريقيا يسيرون مئات الأميال يوميًّا، وذلك من أجل الحصول على بعض الموارد المائيَّة والتي قد تكون غير صالحة للاستعمال من أصلها، وهذا يعدُّ مضيعة للوقت والجهد والقوَّة من غير طائل.
• يموت كل سنة قرابة 500000 شخص نتيجة إصابتهم بالإسهال؛ وذلك بسبب استخدامهم لمصادر المياه الملوثة بالبراز، والتي تكون في كثيرٍ من الأحيان سببًا لإصابتهم بأمراض التفوئيد والكوليرا.

الحلول المقترحة لمشكلة نقص الماء

وفي الحديث عن ما هو الذهب الأزرق والتَّعريف به، كان لا بدَّ من الإشارة إلى بعض  الحلول التي يمكن العمل على نشرها من أجل الحفاظ على الماء أو ما يعرف باسم الذَّهب الأزرق، ومن تلك الحلول ما يأتي:

• العمل على نشر الوعي بين النَّاس والشَّركات بإلقاء الضَّوء على أهمِّيَّة الماء وطرق الحفاظ عليه وترشيده والعمل على الحدَِّ من هدره وإسرافه.
• ابتكار طرق وتقنيات حديثة من أجل الحفاظ على المياه السَّطحيَّة والجوفيَّة وخاصَّة في المناطق التي تندر بها الأمطار.
• تنظيف مياه الصَّرف الصّحي والعمل على تدويره مرَّةً ثانية؛ وذلك من أجل استخدامه لأغراض أخرى كالسِّقاية والرَّي.
• إيجاد طرق مبتكرة تستخدم في ريِّ المزروعات، وذلك لأنَّ نسبة كبيرة من المياه الصَّالحة للشُّرب تهدر في سبيل الزِّراعة، وقد قدِّرت المياه المهدورة بنسبة 70% من المياه الصًّالحة للشُّرب.
• بناء أماكن ومعامل لتحلية الماء، وهذا ما يمكن للشَّرق الأوسط الاستفادة منه.
• تتًّسم بعض البلدان بتغير الطَّقس والمناخ وعدم القدرة بالتَّنبؤ بالأمطار، فيمكن بهذه الحالة العمل على تجميع المياه في أماكن مخصَّصة لها، وذلك لحمايتها من الهدر والتَّلوث.

مصطلحات أخرى لكلمة الذهب

إنَّ كلمة الذَّهب من الكلمات النَّفيسة والتي تدلُّ على الشَّيء الثَّمين والذي لا يقدر بثمن، ولكن في بعض الأحيان تُضاف كلمة الذَّهب لبعض الأشياء والتي تصبح مصطلحات تدلُّ على أهميّضة هذا الأمر، ومن تلك المصطلحات ما يأتي:

• الذَّهب الأسود: وهو مصطلح يُطلق على البترول والنَّفط وذلك نابع من أهميته لحياة الإنسان واحتياجاته المختلفة.
• الذَّهب الأحمر: وهو مصطلح يُطلق على عشبة الزَّعفران وذلك لأهميتها وارتفاع ثمنها.
• الذَّهب الأخضر: وهو مصطلح أُريد به نبتة الجوجوبا الصَّحراويَّة وذلك لدخولها في صناعة الكثير من الأدويَّة الطِّبيَّة، وهناك من يُطلق مصطلح الذَّهب الأخضر على زيتون فلسطين.
• الذَّهب الأبيض: وهو مصطلح يُطلق على البلاتين وهو نوع من المعادن النَّفيسة التي تستخرج من باطن الأرض، وهناك من يُطلق على القطن اسم الذَّهب الأبيض.
• الذَّهب الأصفر: وهو ذاك المعدن المشهور بلمعانه وشدَّة اصفراره، ومعروفٌ بارتفاع ثمنه.

لقد تمَّ الحديث عن مقال ما هو الذهب الأزرق، وذلك بالتَّعريف به بأنَّه النَّعمة الكبيرة التي أنعم الله بها على أهل الأرض، ولفت الانتباه إلى أهميته ودخوله بتركيبة جسم الكائنات الحيَّة عامَّة والإنسان بشكل خاص،بالإضافة إلى قرع جرس الإنذار من خطورة مسألة نقصانه وعدم الاهتمام الكافي لهذه المسألة