ما هو القانون الجنائي

ما هو القانون الجنائي، حيث إنَّ القانون الجنائي هو فرع من فروع القانون العام، يتضمن في طياته الجريمة والعقاب، فهو يهدف أساسًا إلى تطبيق العقوبة المُقررة على مُرتكبي الجرائم، وقد خصص موقع المرجع المقال لبيان تعريف القانون الجنائي، وتاريخ القانون الجنائي، بالإضافة إلى مصادره، وأساليبه، وأقسامه، وبعض التشريعات الجنائية المُختارة.

ما هو القانون الجنائي

يُعرف القانون الجنائي (بالإنجليزية: criminal law) بأنه: “مجموعة من القواعد القانونية التي تحدد الجرائم الجنائية، وينظم القبض على الأشخاص المشتبه بهم واتهامهم ومحاكمتهم، كما يُحدد العقوبات وأنماط المعاملة المطبقة على الجناة المُدانين“، وبعد توضيح ما هو القانون الجنائي يتم استنتاج أنّه قانون أحد أهم الوسائل التي تحمي بها المجتمعات المنظمة أمن المصالح الفردية وتضمن بقاء الجماعة.[1]

بالإضافة إلى معايير السلوك التي غرستها الأسرة والمدرسة والدين، ففي حال أقدم أحد الأشخاص على ارتكاب جريمةٍ ما داخل الدولة، ستُطبق عليه العقوبة المُقررة للجريمة المُرتكبة، وبالتالي إن القانون الجنائي هو قانون رادع، بحيث يُعرف الأشخاص مدى خطورة أفعالهم ومدى جسامة العقوبات التي ستُطبق عليهم في حال ارتكابها، لذلك من الممكن أن يتنحى الأشخاص عن ارتكاب الجريمة.[1]

تاريخ القانون الجنائي

في أوروبا ظهرت بعض الوثائق القديمة التي تسلط الضوء على القانون الجنائي بعد عام 1066 عندما غزا ويليام الفاتح دوق نورماندي، إنجلترا، وبحلول القرن الثامن عشر بدأ القانون الأوروبي في معالجة النشاط الإجرامي على وجه التحديد، وبدأ بمحاكمة المجرمين في قاعة المحكمة، كما أنشأت الحكومة الإنجليزية نظامًا يُعرف باسم القانون العام، وهو العملية التي تحدد القواعد التي تحكم مجموعة من الأشخاص، إذ يحكم القانون العام المسائل المدنية والجنائية على حد سواء، ويعمل من خلال إنشاء القوانين ومراجعتها بشكل مستمر وتوسيع نطاقها من قبل القضاة أثناء قيامهم بإصدار الأحكام في المسائل القانونية، حيث تصبح تلك الأحكام عبارة عن سوابق قضائية للمساعدة في تحديد نتائج القضايا المستقبلية.[2]

اقرأ أيضًا: ما هو القانون العام

أساليب تطبيق القانون الجنائي

القانون الجنائي يختلف بطبيعته عن باقي القوانين الوضعيَّة، إذ أنّه يُرتب عقوبات متراوحة الجسامة تُطبق على المُجرم في حال ارتكابه جريمة مُعينة، وقد تصل هذه العقوبات إلى الإعدام، وهُناك خمسة أساليب لتطبيق القانون الجنائي:[3]

  • القصاص: وهو من أشد الأساليب التي تُطبق على المُجرمين، وهو تطبيق ذات الأفعال على الجاني التي أقدم على ارتكابها، ليُدرك نتيجة أفعاله التي أقدم عليها.
  • الردع: وهو أسلوب يهدف بشكلٍ أساسي إلى ردع الشخص عن ارتكاب الجريمة، بالإضافة إلى تثبيط عزيمته، بعد معرفته بجسامة العقوبة التي ستُطبق عليه عند ارتكابه للجريمة.
  • التعجيز: والذي يتمثل في حبس حرية المُجرمين ووضعهم في أماكن خاصّة نتيجة للأفعال التي ارتكبوها، كونهم يُعدون خطرًا على سلامة المُجتمع واستقرارهم، ومن الممكن أن يتم وضعهم في السجون مدى الحياة.
  • إعادة التأهيل: تحسين سلوك الجاني وتقويمه، للتقليل من عدد الجرائم التي يتم ارتكابها في المُجتمع، ومعرفة أسبابها، وكيفية علاجها.
  • التعويض: وهي التعويض عن الأضرار التي لحقت بالمجني عليهم جرّاء ارتكاب الجريمة، سواء أكان الضرر أدبي أم مادي، ويخضع التعويض للسلطة التقديرية لقاضي الموضوع.

مصادر القانون الجنائي

لا يُمكن أن يتم حصر مصادر القَانون الجِنائي في مراجعٍ مُحددة، حيث أنَّ مصادره تختلف من دولة إلى أخرى، لكن يُمكن تلخيص مصار القَانون الجِنائي بما يأتي:[4]

  • القوانين الجزائية: التي يتم سنّها من قبل السلطة التشريعية في الدولة، وهي عبارة عن قواعد عامة ومُجردة، يثوم المشرع بتحديد الأفعال التي تُشكل جرمًا، ويُرتب لكل فعل من هذه الأفعال عقوبة مُعينة.
  • الأنظمة الإدارية الجزائية: صحيح أنَّ السلطة التشريعية هي المخولة بإصدار القوانين، لكن من الممكن أيضًا تكليف بعض الوزارات أو الحكام بإصدار قرارات مُلزمة تستوجب عقابًا في حال مُخالفتها.
  • العرف: وهي مجموعة من الأفعال اعتاد الأشخاص على القيام بها حتّى أصبحت مُلزمة، ويُعد العرف من المصادر الغير مُباشرة القَانون الجِنائي.
  • القانون الدولي العام: يعتمد القَانون الجِنائي على بعض قواعد القانون الدولي العام، كالجرائم المُرتكبة من قبل الأجانب، وتسليم المُجرمين، بالإضافة إلى تحديد الأقاليم البرية والبحرية في الدولة.
  • الشريعة الإسلامية: تعتمد بعض الدول في تطبيق العقاب على مُرتكبي الجرائم، على أحكام الشريعة الإسلامية المُنبثقة من القرآن الكريم والسنة النبوية، كحد السرقة، وحد الزنا.

اقرأ أيضًا: عقوبة القتل الخطأ في السعودية

أقسام القانون الجنائي

ينقسم القَانون الجِنائي إلى قسمين:[5]

  • قانون العقوبات: وهو القانون الذي يُحدد جميع الأفعال التي تُعد جريمة قائمة بحد ذاتها، سواء أكانت جنحة أو جناية أو مخالفة، ويُرتب مُقابل كل فعل عقوبة مُعينة، كما يُحدد أسباب التبرير، وموانع العقاب، وأفعال الإباحة، وبالتالي هو قانون موضوعي.
  • قانون أصول المحاكمات الجزائية: وهو مجموعة من القواعد والإجراءات التي يتم اتباعها منذ لحظة تقديم الشكوى لدى القضاء المُختص، إلى حين الفصل فيها، ويوضح طرق الطعن، ومدد الطعن، وإن كان الحكم يجوز الطعن به أم لا، وبالتالي هو قانون إجرائي.

اقرأ أيضًا: نسبة القبول في تخصص القانون في الجامعات السعودية 1442

مبادئ القانون الجنائي

كان النهج التقليدي للقَانون الجِنائي هو أن الجريمة هي مُجرد فعل خاطئ من الناحية الأخلاقية، إذ كان الغرض من العقوبات الجنائية هو ردع الجاني عن الجريمة التي ارتكبها والتكفير عن ذنبه الأخلاقي؛ وبالتالي كان يتعين توقيع العقوبة بما يتناسب مع ذنب المتهم، لكن في العصر الحديث سادت وجهات نظر أكثر عقلانية وواقعية.[1]

اعتبر فون فيورباخ في ألمانيا أن الهدف الرئيسي للقَانون الجِنائي هو منع الجريمة، ومع تطور العلوم الاجتماعية ظهرت مفاهيم جديدة؛ مثل مفاهيم حماية الأشخاص وإصلاح الجاني، ويمكن رؤية مثل هذا الغرض في القَانون الجِنائي الألماني لعام 1998 والذي حذر المحاكم من أن الآثار التي يتوقع أن تتركها العقوبة على حياة الجاني في المجتمع في المستقبل يجب أن تؤخذ في الاعتبار أيضًا.[1]

أما في الولايات المتحدة ينص قانون العقوبات النموذجي الذي اقترحه معهد القانون الأمريكي في عام 1962 على أن هدف القَانون الجِنائي يجب أن يتمثل بإعطاء تحذير عادل لطبيعة السلوك المعلن أنه يشكل جريمة، بالإضافة إلى إعادة تأهيل سلوك الجناة، ومنذ ذلك الوقت تجدد الاهتمام بمفهوم المنع العام، بما في ذلك ردع الجناة واستقرار الأعراف الاجتماعية وتعزيزها.[1]

بعض القوانين الجنائية المختارة

فيما يأتي توضيح لبعض القوانين الجنائية المُختارة والهدف الأساسي منها:[3]

الفعل المذنب “آكتيس ريوس”

آكتيس ريوس كلمة لاتينية تعني الفعل المذنب، وهي مُختصة بالعنصر المادي للجريمة، كما يمكن أن يتحقق هذا الفعل حتى ولو تم التهديد بإنزال الفعل أو في حالات التقصير في أداء واجب مُعين، ففي حالة التقصير في أداء الواجب، يجب أن يكون هذا الواجب بالأصل مُلزم، سواء بالاتفاق أو نتيجة عقد مكتوب، أو قرابة الدم الذي تربط بين الجاني والضحية، وإما أحياناً بسبب المنصب الذي يشغله الجاني.

العقل المذنب “مينس ريا”

تختص بالقصد الجرمي لارتكاب الجريمة، فالقصد الجرمي للمجرم هي النية وراء ارتكاب الجريمة، ولا تندرج النية في القانون الجنائي تحت دافع الإنسان لارتكاب الجريمة، فعندما يُدرك المتهم خطورة سلوكه الإجرامي، ولكنه يستمر في ارتكاب الجريمة، فإنه سيتحمل المسؤولية التي تترتب على فعله، كما تأخذ المحاكم بعين الاعتبار ما إذا كان المجرم واعياً بالخطورة الناجمة عن فعله، حتى ولو لم تكن النية مطلب أساسي في ارتكاب الجريمة.

تحمل المسؤولية الصارمة

وهي المسؤولية الجنائية أو المدنية، إذ أنَّ هناك بعضاً من الجرائم لا تشترط نية محددة لارتكابها، فمن الكافي تقديم بينة على أن المتهم مقصر في تصرفه بدلاً من إثبات قصده الجرمي، وفي الأفعال الجنائية الأخرى، لا بد من إثبات القصد الجرمي، والذي يُعد عنصر من عناصر الجريمة.

جرائم القتل

جريمة القتل من الجنايات في غاية الخطورة، وقد خصص القانون الجنائي قواعد خاصة لجرائم القتل، وفي جميع التشريعات الجنائية، تم تقسيم جرائم القتل إلى: جرائم القتل المقصودة، وجرائم القتل الغير مقصودة “القتل الخطأ“، ويُستنتج ممّا سبق أن جريمة القتل المقصودة أي القتل العمد تستلزم وجود القصد الجرمي للقتل، بينما القتل الغير مقصود لا تستلزم توافر هذه النية، وتكون العقوبة لهذه الأخيرة أقل جسامةً من الأولى.

جرائم الاعتداء

من المعروف أن الهدف الأسمى للقوانين الجنائية هي حماية الإنسان، إلا أنَّ هناك بعض الأفعال والتي تُشكل اعتداءً غير قانوني على سلامة جسده، هذه الأفعال تُشكل جريمة تستوجب عقابًا، ومن الأمثلة عليها، جرائم الإيذاء المقصود، وجرائم الاغتصاب، وجرائم هتك العرض.

التعدي على الممتلكات

حماية الممتلكات هي من الأولويات التي يهدُف القانون الجنائي إلى حمايتها، حيث يعد الاعتداء على الممتلكات من الجرائم التي تستوجب عقابًا، سواء أكانت هذه الممتلكات مُلكًا للدولة، أو ملكًا للأشخاص العاديين، ومن الجرائم التي تُشكل اعتداءً على الممتلكات: جرائم السرقة والنهب والاختلاس.

المشاركة في أداء الجريمة

لا يُعاقب الجاني وهو الفاعل الأصلي على ارتكاب الجريمة فقط، بل أيضًا يُعاقب كل من المشاركين فيها، سواء أكان مُحرضًا على ارتكاب الجريمة، أو مُساهمًا فيها، أو متدخلًا، أو يُساعد على ارتكاب الجريمة بإرشاداته ونصائحه، أو يُخفي الأشخاص فاعلوا الجرم.

ينمو القانون الجنائي باستمرار، وغالبًا ما يخضع للتغيير بناءً على أخلاق وقيم العصر، وبعد توضيح ما هو القانون الجنائي، يتضح أن القانون الجنائي يهدُف إلى تحقيق العدالة لأولئك الذين تسببوا عمدًا في إلحاق الأذى بالآخرين، وحماية مواطني الدولة من أي اعتداء.

المراجع

  1. britannica.com , criminal law , 16/10/2021
  2. crimemuseum.org , HISTORY OF CRIMINAL LAW , 16/10/2021
  3. wikiwand.com , Criminal law , 16/10/2021
  4. رحماني، منصور، 2006 , الوجيز في القانون الجنائي العام،
  5. نمور، محمد سعيد، 2019 , قانون أصول المحاكمات الجزائية

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *