ما حكم الحجامة في رمضان

ما حكم الحجامة في رمضان من الأحكام الشرعية التي تهم المسلمين خلال شهر رمضان المبارك، حيث إنّ المسلم معنيٌّ باتّباع سنة النبي صلى الله عليه وسلم والاهتداء بهديه، فسنته لم تحتوي إلا على كلّ نافعٍ وصالحٍ ومفيد للمسلمين في دنياهم وآخرتهم، فهو لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحيٌ يوحى، وقد شرّع الدين الإسلامي الحجامة لما فيها من فوائد علاجية وطبية كبيرة، لذلك ومن خلال موقع المرجع سيتم بيان حكم الاحتجام للصائم وهل يفسد الصوم بالحجامة.

معنى الحجامة

إنّ الحجامة في اللغة أُخذت من  المص، فيقال حجم أي مص، والمحجم هو آلة الحجامة التي يتم فيها جمع الدم، والحجامة في الاصطلاح الشرعي هي إخراج الدم من القفا بواسطة المص بعد الشرط بالحجم، وذكر بعضهم أنها لا تختص بالقفا بل تعم سائر الجسد، وخلاصة القول أنّ الحجامة هي عملية استخراج الدم من الجسد بامتصاصه بأداة وآلة مناسبة.[1]

شاهد أيضًا: حكم الاحتلام في نهار رمضان

ما حكم الحجامة في رمضان

اختلف أهل العلم في حكم الحجامة في رمضان للمسلم وهو صائم، وذلك عى قولين منهم فذهب الجمهور من العلماء أنّ الصوم لا يفسد بالحجامة، وقال فريقٌ من أهل العلم أنّ الصوم يفسد بالحجامة، أمّا القول الأول وهو قول الجمهور من العلماء من الأحناف والمالكية والشافعية، الذين استدلوا بالأدلة الشرعية الكثيرة الواردة في هذا الخصوص، منها ما رواه عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أنّه قال: “أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ احْتَجَمَ وهو مُحْرِمٌ، واحْتَجَمَ وهو صَائِمٌ”.[2] كذلك ورد عن رجلٍ من الصحابة أنه قال: “أنَّ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ نَهَى عنِ الحجامةِ والمواصلةِ ولم يحرِّمْهما إبقاءً علَى أصحابِهِ فقيلَ لَه يا رسولَ اللَّهِ إنَّكَ تواصلُ إلى السَّحرِ فقالَ إنِّي أواصلُ إلى السَّحرِ وربِّي يُطعمُني ويَسقيني”.[3] واستدلالهم أنّ الصوم مما دخل من الجسم وليس مما خرج منه.

أما أصحاب القول الثاني بأن من احتجم وهو صائم فقد فسد صومه، وهو قولٌ للحنابلة اختاره ابن تيمية وابن باز وابن عثيمين، واستدلوا بحديث شداد بن أوس رضي الله عنه أنه قال: “أنَّ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ أتَى علَى رجلٍ بالبقيعِ وَهوَ يحتجمُ وَهوَ آخذٌ بيدي لثمانِ عشرةَ خلَت مِن رمضانَ فقالَ أفطرَ الحاجمُ والمحجومُ”.[4] والله ورسوله أعلم.[5]

شاهد أيضًا: حكم الافطار في رمضان متعمدا

هل يفسد الصوم بالحجامة والقىء

إن الراجح في حكم الحجامة والقيء أنّهما لا يفسدان الصوم للمسلم، وقد تمّ الجمع بينهما لأنهما من باب الإخراج من الجسد وليس الإدخال، والإخراج عند معظم أهل العلم لا يقتضي الإفطار، فالراجح كما تم بيانه في مسألة الحجامة أنها لا تفطر وجائزة في رمضان، أما القيء فقد ذهب الجمهور من أهل العلم إلى من سبقه فلا يفطر به، ومن تعمده فيفطر به، حيث إنّ من قاء متعمدًا أفسد صومه، ووردت بعض الروايات عن السلف أنّه لا يفطر مطلقًا، ومن تقيّأ عمدًا ومن احتجم فلا كفارة عليه، واستدل أهل العلم بذلك فقالوا لو وجب عليه القضاء لوجبت الكفارة، ولو وجبت الكفارة لوجب القضاء، والأحوط للمسلم أن يترك الحجامة في رمضان وأن لا يتقيّأ متعمدًا حتى يخرج من الشبهة والخلاف والمحظور والله ورسوله أعلم.[6]

شاهد أيضًا: هل الحجامة تنقض الوضوء

حكم الاحتجام للصائم ابن باز

بعد المرور على ما حكم الحجامة في رمضان، وبيان معناها وتعريفها، فإنّ الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى تمّ سؤاله عن الحجامة هل تفسد الصوم وتبطله، فأجاب بقوله:[7]

“هذا فيه خلاف بين أهل العلم، منهم من رآها تبطل الصوم لحديث أفطر الحاجم والمحجوم، ومنهم من رآها لا تفطر لحديث أنس وغيره أنه كانوا لا يكرهونها إلا من أجل الضعف، وقد اختلف العلماء في ذلك، والمشهور أنها تفطر الصوم، وأن آخر الأمرين من النبي ﷺ أنها تفطر الصائم، ولكن الخلاف قائم فيها، والحجة من الجانبين قوية؛ فالأولى من المؤمن أن يتباعد عنها أثناء الصيام، يحتاط لدينه، ولا يحتجم إلا في الليل”.

شاهد أيضًا: هل نزيف الانف يبطل الصيام

ما حكم الحجامة في رمضان ابن عثيمين

ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أفطر الحاجم والمحجوم، ولكن ورد بعدها أنه رخّص للصائم الحجامة، ولمّا سُئل الشيخ ابن عثيمين برأيه عن الحجامة للصائم، أجاب بقوله:[8]

” نرى أن الحجامة تفطر، إذا ظهر؛ لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: أفطر الحاجم والمحجوم، والقول إن الحجامة مفطرة للناس للحكمة؛ لأن المحجوم يظهر منه دمٌ كثير يلحقه الضعف، والعجز، والتعب، فصار من حكمة الله أن الصائم، إذا احتجم قلنا له: أفطرت فكل واشرب، ولكننا لا نقول له: إن الحجامة جائزة في الصوم؛ بل نقول: إن الحجامة محرمة في الصوم الواجب؛ ولكن إذا اضطر الإنسان إليها بأن هاج به الدم حتى خاف على نفسه الهلاك أو الضرر، فإنه في هذه الحال يحتجم ويفطر فيأكل ويشرب، وهذا من الحكمة لا شك فيه وعلى هذا نقول: إذا كان الصوم نفلاً، فلا حرج على الإنسان الصائم أن يحتجم ولا إثم عليه؛ لأنه يجوز للصائم نفلاً أن يقطع صومه، لكنه يكره لغير غرضٍ صحيح، وأما إذا كان الصوم واجباً؛ كصوم رمضان، وقضاء رمضان، وصوم النذر، فإنه لا يجوز أن يحتجم، وهو صائم؛ لأن الواجب لا يجوز الخروج منه إلا لضرورة، فإذا اضطر إلى ذلك، واحتجم صار بذلك مفطراً، وجاز له أن يأكل ويشرب”.

شاهد أيضًا: متى تظهر فائدة الحجامة

مشروعية الحجامة في الإسلام

إنّ الحجامة أمرٌ مشروع في الإسلام ولا خلاف على ذلك لكن أهل العلم اختلفوا في حكم الحجامة، فقال فريقٌ منهم أنّها سنّة مستحبة ومندوبة، وقال آخرون أنها من المباحات العلاجية فحسب وليست من المستحبات الشرعية ذات الأجر والثواب الخاصين، وقد ورد عن ابن مفلح رحمه الله أنه قال: “أما الحجامة : ففيها أخبار كثيرة مشهورة، في فعلها، وفضلها، ووقتها، وفيها ؛ فعلا منه صلى الله عليه وسلم وقولا سبع عشرة أو إحدى وعشرين” ولا يعلم من السنة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحتجم في وقت عدم احتياجه إليها ، وإنما كان يحتجم صلى الله عليه وسلم إذا أصابه مرض ، كصداع أو نحوه ، مما يدل على أن الحجامة إنما يفعلها من احتاج إليها والله أعلم.[9]

بهذا نختتم هذا المقال الذي من خلاله تم معرفة ما حكم الحجامة في رمضان، حيث اختلف أهل العلم في حكمها بين مبيحٍ لها وبين محرمٍ، وبين من قال أنها تفسد الصوم، وبين من قال أنها لا تفسده.

المراجع

  1. islamqa.info , الحجامة فضلها وفوائدها , 11/03/2024
  2. صحيح البخاري , البخاري/ عبد الله بن عباس/ 1938/صحيح
  3. صحيح أبي داود , الألباني/ رجل من الصحابة/2374/صحيح
  4. صحيح أبي داود , الألباني/ شداد بن أوس/ 2369/صحيح
  5. dorar.net , المبحث العاشر: حكمُ الحِجامةِ والفَصدِ للصَّائِمِ , 11/03/2024
  6. islamweb.net , باب الحجامة والقيء للصائم , 11/03/2024
  7. binbaz.org.sa , حكم الاحتجام للصائم , 11/03/2024
  8. binothaimeen.net , رأي الشيخ في الحجامة للصائم , 11/03/2024
  9. islamqa.info , هل الحجامة سنة أم من المباحات؟ , 11/03/2024

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *