ما حكم القنوط واليأس من رحمة الله

ما حكم القنوط واليأس من رحمة الله؟ حيث يعتبر أحد الأحكام الشرعية التي ينبغي على المسلم معرفتها، فاليأسَ والقنوطَ مِن رحمة الله -تمتعالى- تعتبر مِن صفات الكافرين، كما أنّ اليأس والقنوط مِن رحمة الله تعالى قد يكون كفرًا يخرج مِن مِلَّة الإسلام، ومن هذه المعطيات سوف نسلط لكم الضوء من خلال سطورنا التالية في موقع المرجع على مفهوم اليأس والقنوط، وبيان إجابة السؤال المطروح، بالإضافة إلى معرفة كيفية علاج القنوط من رحمة الله.

ما حكم القنوط واليأس من رحمة الله

أجمع العلماء أنّ حكم اليأس والقنوط من رحمة الله حرام، حيث يُعدّ من الكبائر، فقد ورد في حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- أن رجلا قال: يا رسول الله ما الكبائر؟ قال: (الْإِشْرَاكُ بِاللَّهِ، وَالْإِيَاسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ، وَالْقُنُوطُ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ)[1]، كما أنّ اليأس والقنوط يجعل المسلم يخرج من الملة، ولكن منهم لا يخرج منها، فهو أشد تحريمًا من الكبائر الظاهرة، حيث أنّ القُرطبي جعلها من حيث الترتيب في الكبائر بعد الشرك، كما قال الله -تعالى-: (إنَّه لا ييأس مِن روح الله إلا القومُ الكافِرون)[2]، حيث دلَّت هذه الآيةُ الكريمةُ على أنَّ اليأسَ والقنوطَ مِن رحمة الله تعالى مِن صفات القوم الكافرين.[3]

الفرق بين القنوط واليأس

اختلف العلماء في تحديد الفرق بين اليأس والقنوط، حيث أنّ اليأس هو انقطاع الطمع من الشيء واستبعاد زوال المكروه، أمّا القنوط فهو أشدُّ اليأس ويستبعد فيها الفرد رحمه الله -سبحانه وتعالى-، حيث كانت الفروقات على النحو الاتي:[4]

القول الأول لا فرق بينهما، حيث وُصِفَ أهلُ اليأس بالكفر، وأهل القنوط بالظلال، لأن كل من الضّلال والكفر يجتمعان، حيث أنّ الكفر يسمى ضلالاً، فقد قال الله -تعالى-: (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ)[5].
القول الثاني أوضح القرآن الكريم بأن اليأس اشد من القنوط، حيث أن حكم أهل اليأس الكفر فقد قال -تعالى-:( إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ)[2]، أما حكم أهل القنوط كان بالضلال، فقد يكون الظلال بالكفر وقد يكون دون الكفر، كما قال تعالى: (وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلا الضَّالُّونَ)[6].
القول الثالث الفرق بينهما من خلال بعض الصفات لا بأصل المعنى، حيث أنّ القنوط من الرحمة واليأس من الرَّوْح فهما بمعنى واحد، ولكن يختلف في ،ساس كل منهما فالقنوط من رحمة الله عام لأن الرحمة أعم من الرَّوْح فهي التي تجلب النعم وتدفع النقم.
القول الرابع إنّ الياس هو انعدام الأمل في القلب والوصول إلى هذه الدرجة ينعكس على الإنسان ويصبح قنوطُا فهي صفة للقلب، وما يظهر على الصورة من التضاؤل والانكسار فهو القنوط.

شاهد أيضًا: ما حكم إعاذة المستعيذ بالله؟

حديث عن القنوط من رحمة الله

يعتبر القنوط من صفات الضال، حيث هناك العديد من الأحاديث التي تدل على ذمَّ القنوط من رحمة الله، وهي على النحو الآتي:

  • فقد ورد عن أبو هريرة -رضي الله عنه- عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قال: “إنَّ اللهَ خَلَقَ الرَّحْمَةَ يَومَ خَلَقَها مِائَةَ رَحْمَةٍ، فأمْسَكَ عِنْدَهُ تِسْعًا وتِسْعِينَ رَحْمَةً، وأَرْسَلَ في خَلْقِهِ كُلِّهِمْ رَحْمَةً واحِدَةً، فلوْ يَعْلَمُ الكافِرُ بكُلِّ الذي عِنْدَ اللهِ مِنَ الرَّحْمَةِ، لَمْ يَيْئَسْ مِنَ الجَنَّةِ، ولو يَعْلَمُ المُؤْمِنُ بكُلِّ الذي عِنْدَ اللهِ مِنَ العَذابِ، لَمْ يَأْمَن مِنَ النَّارِ”[7].
  • فقد ورد عن أبو هريرة -رضي الله عنه- عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قال: “لَوْ يَعْلَمُ المُؤْمِنُ ما عِنْدَ اللهِ مِنَ العُقُوبَةِ، ما طَمِعَ بِجَنَّتِهِ أَحَدٌ، ولو يَعْلَمُ الكَافِرُ ما عِنْدَ اللهِ مِنَ الرَّحْمَةِ، ما قَنَطَ مِن جَنَّتِهِ أَحَدٌ”[8].

هل القنوط من رحمة الله كفر

يعتبر القنوط من رحمة الله كفرًا إذا انعدم معه الرَّجاء في رحمة الله -سبحانه وتعالى- وفرجه وعفوه سواء له أو للناس، بحيث كان إنكارًا واستبعادًا لرحمه الله ومغفرته وعفوه، فهو يتضمن تكذيب النصوص القطعيَّة والقرآن وإساءة الظن برب العالمين فقد قال -تعالى-: (وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ)[9]، أمّا إذا كان القنوط بسبب استعظام الذُّنوب واستبعاد مغفرتها والعفو عنها، أو اليأس في الرّزق والولد مع عدم انعدام الرَّجاء فهو يعتبر كبيرة من الكبائر ولا يكون كفر حيث قال -تعالى-: (ومَن يقنَط مِن رحمة ربِّه إلا الضَّالُّون)[6][10]

شاهد أيضًا: ما حكم قول ماشاء الله وشئت والحكمة منها

علاج القنوط من رحمة الله

هناك العديد من الطرق التي تساعد المسلم في علاج القنوط واليأس من رحمة الله، حيث تتمثل بمعرفة عدد من الوسائل المهمة والتي تتمثل على النحو الآتي:[11]

  • الإيمان بالقضاء والقدر: ينبغي على المسلم أن يرضا بقضاء الله وقدره، ويعرف أنّ كل ما يحصل معه هو تقدير من الله ولا ييأس من فوات شي أو تأخيره، فقد قال -تعالى-: (مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)[12].
  • تعلق القلب بالله والثقة به: ينبغي على كل مسلم أن يُعلّق قلبه بالله، حيث لا ييأس من روح الله ولا يقنط من رحمة الله، ولا يكون نظره محدودًا بالأمور المادية.
  • الإيمان بأسماء الله وصفاته: حيث أنّ العِلم بأسماء الله وصفاته التي تدل على الجود والكرم والرحمة تجعل المسلم لا ييأس من رحمة الله.

شاهد أيضًا: ما الفرق بين الرحمن والرحيم

وإلى هنا نكون قد وصلنا إلى ختام مقالنا الذي حمل التساؤل عن ما حكم القنوط واليأس من رحمة الله؟، حيث أجبنا عن هذه السؤال وقد ظهر أنه حرام، كما تم بيان الفرق بين اليأس والقنوط، بالإضافة إلى معرفة إذا كان القنوط كفرًا، والتطرق إلى علاج القنوط من رحمة الله.

المراجع

  1. تفسير القرآن , ابن كثير، عامر بن واثلة أبو الطفيل، 2/243 ، صحيح
  2. سورة يوسف , الآية 87
  3. dorar.net , حُكم اليأْس والقنوط , 05/06/2022
  4. islamqa.info , الفرق بين اليأس والقنوط . , 05/06/2022
  5. سورة الفاتحة , الآية 7
  6. سورة الحجر , الآية 56
  7. صحيح البخاري , البخاري، أبو هريرة، 6469 ، صحيح.
  8. صحيح مسلم , مسلم، أبو هريرة، 2755 ،صحيح.
  9. سورة الأعراف , الآية 156
  10. ar.islamway.net , اليأس والقنوط - (8) الوسائل المعينة على التخلص من اليأس والقنوط , 05/06/2022
  11. سورة الحديد , الآية 22

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *